مدير مشفى الشفاء يحذّر من تحوّل مستشفيات غزة لمقابر خلال ساعات

غزة: حذّر مدير مستشفى الشفاء في غزة محمد أبو سلمية، الثلاثاء، من أن القطاع الصحي يعيش ساعات حاسمة قد تتحول خلالها المستشفيات إلى مقابر بدلا من أماكن لإنقاذ المرضى، في ظل نقص الوقود الحاد اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء بسبب حصار الاحتلال الإسرائيلي.

وقال أبو سلمية في مقابلة مع الأناضول: “نحن بحاجة إلى ما بين 1500 و1700 لتر وقود يوميا لتشغيل المولدات، بينما المتوفر لدينا لا يتجاوز 1000 لتر، وهو بالكاد يكفي لساعات قليلة”.

وأضاف: “لقد تحدثنا مع منظمة الصحة العالمية، وشرحنا لهم خطورة الوضع الذي قد يؤدي إلى انهيار المستشفيات تماما”.

ساعات حرجة

وأشار أبو سلمية إلى أنهم اضطروا لإطفاء الكهرباء عن قسم غسيل الكلى في المستشفى، “ما ترك أكثر من 350 مريضا يعانون لأننا عاجزون عن إجراء جلسات الغسيل لهم”.

وتابع: “أبقينا فقط على قسم العناية المركزة الذي لا يمكن إيقافه ولو لدقيقة واحدة، وكذلك قسم العمليات الجراحية الذي يعمل بالكاد في حده الأدنى، رغم القصف اليومي الذي نتعرض له”.

وأكد أبو سلمية: “نحن أمام ساعات حرجة، وإن لم يتم تزويدنا بالوقود خلال الساعات القادمة، فسنضطر إلى توقيف أقسام أخرى، ما يعني الحكم بالموت على 13 مريضا في العناية المركزة، وعشرات الجرحى الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية عاجلة، فضلا عن 17 طفلا في حضانة مستشفى الحلو الدولي والذين يواجهون خطر الموت المحقق”.

وأضاف: “بدون كهرباء لن تتمكن المستشفيات من العمل”، مشددا: “اللحظة التي تتوقف فيها المولدات سنكون أمام كارثة حقيقية، وستتحول المستشفيات إلى مقابر بدلا من أن تكون أماكن لإنقاذ الناس”.

وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار بشكل محكم معابر قطاع غزة أمام شاحنات إمدادات ومساعدات مكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.

نقص الأدوية

وتحدث أبو سلمية عن وجود نقص كبير في الأدوية والمستهلكات الطبية ووحدات الدم اللازمة للجرحى، في ظل الارتفاع الكبير في أعداد الشهداء والجرحى جراء المجازر التي ترتكبها إسرائيل في القطاع.

وقال: “لا توجد أي منظومة صحية قادرة على التعامل مع هذه الأعداد الهائلة، فما بالك بمنظومة قطاع غزة وخصوصا مستشفى الشفاء الذي يعمل بـ25 في المئة فقط من قدرته الاستيعابية بسبب الدمار”.

ومنذ فجر الثلاثاء وحتى الساعة 21:19 ت.غ قتلت إسرائيل ما لا يقل عن 80 فلسطينيا، بينهم أطفال ونساء، في غارات وقصف لمناطق متفرقة من قطاع غزة، وفق مصادر طبية.

وفي يونيو/ حزيران، حذّرت وزارة الصحة في غزة مرارا من تعطل تقديم خدماتها الحيوية جراء أزمة الوقود الناجمة عن إغلاق إسرائيل للمعابر ومنع إدخال المساعدات الإغاثية والبضائع.

وفي 25 يونيو/ حزيران الماضي، حذّرت الوزارة من أن المستشفيات تعاني من اكتظاظ شديد يفوق طاقتها الاستيعابية، خاصة في أقسام المبيت والعناية المركزة، وسط تزايد الإصابات الحرجة التي تفوق قدرات أقسام الطوارئ والجراحة.

وذكرت أن 45 غرفة عمليات تعمل فقط من أصل 312 ضمن إمكانيات محدودة، تعجز عن إجراء التدخلات الجراحية الطارئة والمعقدة.

أزمة نقص الدم

كما أوضح أبو سلمية حجم أزمة الدم التي تضاعفت مع تصاعد أعداد الإصابات، وقال: “في الشهر الماضي احتجنا إلى 10 آلاف وحدة دم، وهذا رقم غير مسبوق، ما يدل على حجم الإصابات غير المسبوق”.

وأشار أيضا إلى مشكلة خطيرة تتعلق بعدم قدرة المستشفى على الحصول على وحدات دم من سكان غزة بسبب معاناتهم من فقر الدم الناتج عن الجوع وسوء التغذية.

ولفت إلى أن “9 من كل 10 أشخاص في غزة يعانون من سوء التغذية ولا يستطيعون التبرع بالدم، بينما واحد فقط من أصل عشرة يمكننا أخذ الدم منه”.

وناشد أبو سلمية بوقف الحرب، وقال إنها “ضرورة إنسانية عاجلة”، ودعا إلى فتح المعابر لإدخال المعدات والأدوية “لأن الأمر لا يحتمل التأجيل”.

وسمحت إسرائيل، الأربعاء، بإدخال كميات محدودة جدا من وحدات الدم والبلازما إلى قطاع غزة، بلغت نحو 2900 وحدة، وذلك رغم الضغوط الدولية الكبيرة التي مورست عليها، بحسب ما أفاد محمد صقر، المتحدث باسم مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب القطاع.

وقال صقر إن هذه الكمية لا تكفي سوى لأسبوع واحد فقط لتغطية احتياجات مستشفيات القطاع.

ويبلغ عدد المستشفيات العاملة في غزة 16 مستشفى تعمل جزئيا، بينها 5 حكومية و11 خاصة، من أصل 38 مستشفى، وفق وزارة الصحة في غزة.

كما تعمل في القطاع 8 مستشفيات ميدانية تقدّم خدمات طارئة على وقع الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين منذ أكثر من عام ونصف.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشنّ، بدعم أمريكي إسرائيل حرب إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة نحو 191 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.

 

disqus comments here