تعاني الفتيات والطفلات الفلسطينيات في مخيمات اللجوء في لبنان العديد من المشاكل التي يمكن اختصارها في النقاط التالية:
 
أولاً: جودة التعليم المتوفرة في المخيمات
 
- المدارس مكتظة ونوعية التعليم ضعيفة بسبب نقص الموارد، حيث أنّ أعداد التلاميذ تتخطى الخمسين طفلة وطفلاً في الكثير من مدارس الأنروا.
 
- بعض العائلات تُخرج الطفلات من المدرسة لأسباب اقتصادية، فالوضع الاقتصادي له أثره على معظم العائلات الموجودة داخل المخيمات، وهذا بسبب الأزمة المالية، الكورونا، والحرب على لبنان، هذا بالإضافة إلى وضع غير مستقر عبر السنوات.
ثانيًا: الفقر وسوء التغذية
- كثير من الطفلات يعشن في ظروف فقر شديد، ما يؤثر على التغذية والصحة بشكل عام، فنوعية الطعام والتغذية غير صحية وهذا يعود إلى ضعف القدرة الشرائية للكثير من العائلات التي تفتقد وجود مُعيل.
- غياب الطعام الصحي يؤثر على النمو والتركيز والقدرة على التعلم. وإقبال الأطفال على المواد غير الصحيّة (مشتريات من الدكاكين غير صحية، مليئة بالألوان الصناعية، والمواد الحافظة، مواد ملوّنة مسرطنة في غياب رقابة وزارة الصحة اللبنانية).
ثالثًا: العنف الجسدي والنفسي والإهمال
- تتعرض بعض الطفلات للعنف الجسدي أو النفسي داخل المنزل أو المدرسة، وتسجيل الحالات ضعيف يعود إلى عدم التبليغ بسبب الخوف من المجتمع، وصمة العار، قلّة الوعي لدى الفتيات.
- ضعف الحماية القانونية وقلّة مراكز تأهيل للأطفال المعنّفين، وحتى إن وجدت المراكز فهي مكتظة.
رابعًا: التمييز القائم على النوع الاجتماعي
- منذ الصغر، تُربّى الطفلات على الخضوع للأدوار التقليدية والقوالب الاجتماعية، مع تفضيل الذكور في بعض العائلات، هذا الأمر يحصر دور الفتيات في وظائف معينة لأنها فتاة مثل ممرضة، معلمة، إلخ…
- يُتوقع من الفتيات المساعدة في الأعمال المنزلية على حساب وقت اللعب أو الدراسة، بسبب مقولة "البنت آخرتها المطبخ"، وهذا يُقيّد الفتيات وأحلامهن ويكسر أمانيهن. وقد كسرت العديد من الفتيات هذه القوالب الاجتماعية وتفوقنَ في مجالات كانت حكراً على الرجال.
خامسًا: التزويج المبكر
- بعض العائلات تُجبر بناتها على الزواج في سن صغيرة كوسيلة لـ”الحماية” أو بسبب الفقر. هذا يعرّض الطفلة لمخاطر صحية ونفسية، ويمنعها من إكمال تعليمها أو عيش طفولتها. سؤالي البسيط، كيف لطفلة أن تربّي طفلة؟ كيف لهذه الطفلة التي لم تعش طفولتها أن تتحمّل مسؤوليات زوج وبيت وأطفال.
سادسًا: انعدام المساحات الآمنة
- لا توجد مساحات كافية آمنة للعب أو التعبير أو الترفيه داخل المخيمات خاصة للفتيات. ولكن توفّر مراكز مؤسسات المجتمع المدني مساحات آمنة للطفلات والفتيات، هذه المراكز ليست مساحات خضراء بالشكل ولكن مساحات آمنة تقدّم خدمات ترفيهية، تربوية وتوعوية.
سابعًا: الضغط النفسي والخوف
- تعيش الطفلات في بيئة مشحونة بالخوف من الفقر، المرض، العنف، أو فقدان أحد أفراد العائلة.
- فتيات كثيرات يعانين من اضطرابات نفسية دون تشخيص أو دعم متخصص ويجدْنَ صعوبة في الإفصاح أو اللجوء لمراكز تقدّم خدمات نفسية.
إنّ مؤسسات المجتمع المدني المتواجدة في كلّ المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان تساهم بشكل كبير في حضن الفتيات والطفلات وتقديم ورشات رفع الوعي حول مواضيع تربوية وثقافية واجتماعية، بل وتساعد في تقديم الدعم النفسي والجلسات الفردية والجماعية النفسية وخفض نسبة التوتر والضغط النفسي والاضطرابات النفسية عبّر اخصائيين وأخصائيات نفسيات ذوي خبرة في العمل.
لنأخذ مثالاً التزويج المبكر، فالعديد من القصص التي نسمعها أو نعيشها تحدث قريباً منّا، قصص فتيات بعمر الزهور يتمّ تزويجهن بهدف "السترة" والخوف من الفقر، ولكن تعود بعد عامٍ أو عامين طفلة وعلى يديها طفل.
زهرة ابنة الخمسة عشر ربيعاً التي كانت تحلم بأن تصبح طبيبة، تمّ تزويجها لشاب مغترب، ثمّ ساءت الأحوال ليعود ويبقى دون عمل، ثمّ تنجب طفلاً، غير مدركة بما يحدث لجسدها من تغييرات، غير قادرة على الاهتمام بالطفل.
نرجس ابنة الأربعة عشر عاماً التي تمّ تزويجها وهي ذات جسم نحيل، خلال الحمل أصابها نزيف لأنّ الجنين حجمه كبير على حوضها، ولم يكن رحمها جاهزاً للحمل بسبب عدم اكتمال نمو جسدها.
وردة ابنة الخمسة عشر عاماً التي تطلقت بعد سنة زواج لأنه لم ينسجم معها، فعادت إلى منزل والديها وعلى يدها طفلة وتقول:" لقد خسرت دراستي، وابنتي أنا غير قادرة على تربيتها وحدي."
توليب تمّ تزويجها بعمر الثلاثة عشر عاماً، لتكون أمّاً لخمسة أطفال في سن العشرين. خلافات زوجية ومشاكل عائلية جعلتها تطلب الطلاق لتعود وتسكن عند والديها دون أطفالها. أكثر الأمور بشاعة أن يكبر أطفالك بعيداً عنك.
قصص كثيرة تشعر وكأنّ الكون ضاق بهؤلاء الفتيات، فتيات طفلات فقدْنَ الأمل بعيش طفولتهن وحُرِمنَ من أحلام وردية أو حتى رمادية ولكن كانت ستكون باختيارهن وإرادتهن، وقرار الزواج كان سيتمّ بعد تخرّجهن من الجامعة، بعد أن شبعنَ من طفولتهن ولعبنَ بألعابهنَ واخترنَ شريك الحياة وفقاً لمواصفات وضعْنَها ومعايير تناسبهن.
نحن لا نقول بأنّ هناك حلول سحرية لحلّ كلّ هذه المشاكل، ولكن علينا كأفراد أن نقوم بدورنا المتواضع في صنع التغيير بدءاً بعائلتنا الصغيرة. التغيير يبدأ بنا وبمحيط عائلتنا الصغيرة ليمتدّ لمجتمعنا.
نحن في النهاية بشر، مشاعرنا مختلطة، ممزوجة بكافة أطياف الأحاسيس، تبني شخصيتنا التجارب، وتصقلها الحياة بالشكل الذي نتقولب فيه، نسعى دوماً لتغيير الواقع إلى واقع نحلم به، إلى عالم مثالي.