الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 29/4/2025 العدد 1295

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
يديعوت 29/4/2025
فـرصـة لا يـجـوز تـفـويـتـهـا
بقلم: أورن ساتر
هل يعيد الضغط العسكري الأسرى؟ بعد عام ونصف العام على اندلاع حرب «السيوف الحديدية» وبدء المفاوضات بشأن إطلاق سراح الأسرى، أصبح من الممكن تقديم إجابة مبنية على أسس لهذه المسألة. وفي الخلاصة: إن الضغط العسكري ضروري لاستعادة الأسرى، لكنه محدود التأثير، ويجب استغلاله في توقيت مناسب، وهو ينطوي على العديد من المخاطر. طوال الحرب خلق الضغط العسكري عدداً من الفرص للتوصل إلى اتفاق، وللأسف تم تفويت بعضها. والعملية العسكرية الحالية تخلق نافذة فرصة إضافية، والنجاح، أو الفشل في التوصل إلى اتفاق ضمن هذه النافذة، يقع على عاتق المستوى السياسي وفريق التفاوض.
كيف يؤثر الضغط العسكري في تحرير الأسرى؟ من جهة، هو ضروري لاستعادة الأسرى، لأن «حماس» لا تُبدي مرونة إزاء مطالبها «المتطرفة»، إلّا تحت الضغط العسكري، فكلما ازداد الضغط وامتد زمنياً ازدادت أيضاً استعدادات «حماس» للاستجابة لمطالب إسرائيل. ومن جهة أُخرى، هناك حدود لتأثير الضغط العسكري، لأن «حماس، كمنظمة «إرهابية متطرفة»، مستعدة أيضاً للإصرار، لفترة طويلة، على مطالب تراها حيوية بالنسبة إليها.
بالإضافة إلى ذلك، تبيّن أن الشعور بالضغط داخل «حماس» يظهر بشكل موجات، ولذلك من الضروري استغلال الضغط العسكري للتوصل إلى اتفاق في توقيت مناسب. فمنذ اللحظة التي تبدأ فيها مرحلة قتال مكثفة يستغرق الأمر أسابيع حتى يتحول الضغط العسكري إلى شعور بالضغط داخل الحركة، وإلى مرونة في مواقفها، وكلما استمرت المعارك ازداد الضغط، حتى يصل إلى مرحلة معينة، عندها يبدأ بالانخفاض، فتعود إلى تشديد مواقفها من جديد.
ينجم انخفاض الشعور بالضغط عن مزيج من استنفاد الزخم العملياتي لتلك المرحلة القتالية، وتكيُّف التنظيم مع خصائص العملية وإيجاد حلول بديلة. من الناحية النظرية، يمكن مطالبة الجيش الإسرائيلي بتنفيذ سلسلة متواصلة من العمليات التي تؤدي إلى تصاعُد مستمر في الشعور بالضغط، لكن عاماً ونصف العام من القتال يثبتان أن ذلك غير عملي.
لذلك، المطلوب السعي للتوصل إلى اتفاق عندما يكون الشعور بالضغط داخل «حماس» في ذروته، وقبل أن يبدأ بالانخفاض. في هذه اللحظة الزمنية، يجب أن يكون أمام «حماس» مسودة اتفاق تستغل حدود مرونتها من دون تجاوُزها. إذا كان تقدُّم المفاوضات خلال نافذة الفرصة بطيئاً للغاية، ولا يفضي إلى عرض قد توافق عليه «حماس» أيضاً، فلن يتم التوصل إلى اتفاق، وسينخفض الضغط، وستعود إلى تشديد مواقفها، وستُغلق نافذة الفرصة شهوراً طويلة.
مثال على ذلك يمكن رؤيته عند استئناف القتال، بعد انهيار الاتفاق الأول. في كانون الأول 2023، رفضت «حماس» التفاوض تحت النيران، وطالبت بوقف إطلاق النار، كشرط مسبق لأيّ حوار بشأن صفقة إضافية، لكن العملية العسكرية في خان يونس، والتي بدأت في تلك الفترة، أدت خلال بضعة أسابيع إلى مرونة أكثر في موقف «حماس». في نهاية كانون الأول وافقت «حماس» على الدخول في مفاوضات، لكن بشرط أن تؤدي إلى إنهاء الحرب، وفي نهاية كانون الثاني كانت قيادة الحركة وافقت على قبول صيغة المراحل الثلاث، والتي تسمح بوقف إطلاق نار مؤقت، فقط في المرحلة الأولى، كذلك، أدى استمرار القتال، خلال شباط وآذار، إلى مزيد من المرونة، مثل الاستعداد للإفراج عن المراقبات الخمس في المرحلة الأولى، وتقليص «مفاتيح» تبادُل الأسرى والمخطوفين إلى أعداد أقل.
ومع ذلك، كان هناك حدود لمرونة «حماس»، إذ أصرّت قيادتها، طوال هذه الأشهر، على مطلب عودة السكان إلى شمال غزة في المرحلة الأولى، وكان هذا المطلب حيوياً بالنسبة إليها، حتى إن شهوراً من الضغط العسكري لم تدفعها إلى تقديم تنازُل جوهري، وفي تلك المرحلة من المفاوضات أصرّت إسرائيل أيضاً على عدم الانسحاب من محور نتساريم، ولم يتم التوصل إلى الاقتراب من اتفاق، ومع بداية نيسان بدأت موجة الضغط بالانخفاض.
وهكذا، في الأسبوع الأول من نيسان وقعت حادثة عملياتية قُتل فيها موظفو منظمة «المطبخ المركزي العالمي» الإنسانية، بالتزامن مع جدل علني مع الإدارة الأميركية بشأن تقدُّم العملية في رفح. وفي 7 نيسان أعلن الجيش الإسرائيلي انسحاب قواته من خان يونس، وخلال أيام قليلة، أظهرت «حماس» تصلباً من جديد، وعادت إلى الإصرار على إنهاء القتال، كشرط أساسي لأيّ اتفاق، وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت في تلك المرحلة موافِقة على انسحاب جزئي من محور نتساريم، فإن نافذة الفرصة أُغلقت، وتم تفويتها.
جرى تفويت نافذة فرصة إضافية في الصيف الماضي، بالتزامن مع عملية رفح، وتأجل التوصل إلى اتفاق حتى نافذة الفرصة التالية، في كانون الثاني 2025، بالتزامن مع العملية في شمال غزة، وكان مفتاح النجاح في نافذة فرصة كانون الثاني أنه في موازاة ازدياد مرونة «حماس»، أبدت إسرائيل أيضاً المرونة المطلوبة، نتيجة الضغط الذي مارسه ترامب عليها. وهكذا، تبلورت عملية التفاوض ضمن نافذة الفرصة، وتم التوصل إلى اتفاق، وعاد 33 أسيراً إلى ديارهم، أو إلى مثواهم الأخير في البلد.
في هذه الأيام، نجد أنفسنا أمام نافذة فرصة مجدداً، وهذا يعني أنه يجب طرح عرض ملائم على الطاولة، يتيح التوصل إلى اتفاق، وإلّا، حتى لو كانت «حماس» هي التي ترفض، فإن الفشل سيكون من نصيب إسرائيل. وإذا أُغلقت النافذة من دون اتفاق، فقد تكون فترة انتظار نافذة الفرصة التالية طويلة، وثمنها باهظ للغاية.
يوجد في كلّ عملية تفاوُض ثمن للوقت الذي يمر، لكن في الوضع الراهن، حين تُدار المفاوضات أثناء القتال، ومع بقاء الأسرى في قبضة «حماس»، فإن ثمن الوقت يُقاس بأرواح البشر، وهكذا، في 30 آب، عدنا من جولة المفاوضات في الدوحة، حيث وصلت المحادثات إلى طريق مسدود، بعد شهرين متتاليَين ومكثفَين، وفي صباح اليوم التالي مباشرةً، تلقينا الثمن الباهظ للوقت عندما علمنا باغتيال ستة من الأسرى في تل السلطان.
حتى الآن، وبمرور كل يوم، تستمر معاناة الأسرى الأحياء، ويزداد الخطر على حياتهم بشكل كبير. ينبع هذا الخطر من استمرار بقائهم في ظروف قاسية في الأسر، لكن للأسف، في بعض الأحيان تكون أيضاً نتيجة مباشرة، أو غير مباشرة، للعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي، على الرغم من الجهد الكبير المبذول في الجيش، وفي مقر شؤون الأسرى والمفقودين، لتقليل هذا الخطر إلى أدنى حد ممكن، بالإضافة إلى ذلك، ينعكس مرور الوقت أيضاً على الخطر المحدق بحياة الجنود، وهو ثمن باهظ لهذه الحرب، ويؤكد أهمية الاستغلال الأمثل والمدروس للضغط العسكري من أجل التوصل إلى صفقة، وتفويت الحاجة إلى انتظار فرصة أُخرى.
-------------------------------------------
هآرتس 29/4/2025
رئيس منقطع عن الواقع
بقلم: أسرة التحرير
تصريحات الرئيس إسحق هرتسوغ في مقابلة العيد التي تنشر اليوم في "هآرتس"، والتي سبق ان نشر قسم منها هنا أمس تعكس انقطاعا خطيرا لرئيس دولة إسرائيل عما يجري فيها هذه الأيام.
يشخص هرتسوغ التوتر السياسي الذي يهدد بالاشتعال الى حرب أهلية عامة ويحاول تهدئتها. لكن الطريق الذي يتخذه لا يساهم الا بالتدهور. في إسرائيل "لا توجد دولة عميقة مثلما أقول انه لا توجد دكتاتورية"، اقوال الرئيس. ان المحاولة لخلق تماثل بين "الروايتين" خطيرة، إذ إن هرتسوغ يتجاهل حقيقة أن رواية "الدولة العميقة" هي مؤامرة بلا أساس، يغذيها جهاز دعاية وتحريض غايته الحفاظ على حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
بالمقابل، فإن المعسكر الذي يحذر من الدكتاتورية يفعل هذا ردا على محاولة مكشوفة من الحكومة، من خلال وزير عدلها للدفع قدما بانقلاب نظامي هدفه إضعاف جهاز القضاء ومنح الحكومة قوة غير ملجومة. بخطر "اصلاح" يريف لفين حذر رؤساء المحكمة العليا، قضاة، مستشارون قانونيون للحكومة، قانونيون (من اليمين أيضا)، وزراء عدل، رؤساء وزراء وخبراء دوليون كثيرون. ليست هذه معارضة سياسية – حزبية بل دعوة تحذير حقيقية ضد إجراءات معلنة وعلنية تهدد شخصية الديمقراطية، كما أنها تحركها اعتبارات تنطوي على تضارب مصالح خطير. رئيس الوزراء، المتهم بالجنائي، يحاول فرض سيطرة حكومية على تعيين القضاة.
عندما يشير هرتسوغ الى المؤامرة والاحتجاج ضد "الإصلاح" في نفس واحد فإنه يجافي الحقيقة ويشرعن خطوات الحكم ضد حراس العتبة. لو انه على الأقل يصدق الكذبة التي ينشرها، لقلنا حسنا. لكن يخيل انه يكذب عن وعي، في محاولة للتسوية بين المعسكرين وكأنهما طفلان يتنازعان على الدور في المرجيحة في الساحة وهو المربية.
لو أراد هرتسوغ حقا ان يساعد المجتمع الإسرائيلي للخروج من الحفرة التي يغرق فيها لكان عليه أن يضع مرآة امام الحكومة ونتنياهو على رأسها، ويقول الحقيقة. نعم، آلة السم كانت ستهاجمه على الفور ومكانته كانت ستهتز، مثلما يحصل لكل حارس عتبة يرفض الانحناء – لكن هذا هو الامر الصائب عمله. فضلا عن ذلك، يعترف هرتسوغ انه عمل على الغاء محاكمة نتنياهو بدلا من أن يدافع عن القانون وعن قيمة المساواة امام القانون، المبادئ التي يفترض بالمواطن رقم 1 ان يمثلها. وكل هذا في ظل علاقاته المشكوك بها مع نتنياهو، مثلما وجدت تعبيرها في لقائه الغريب مع هداس كلاين شاهدة الادعاء المركزية في ملف 1000 - لقاء كشفت "هآرتس" النقاب عنه.
ان انبطاح هرتسوغ هو جزء من مسيرة تعفن تتميز بها المجتمعات التي تبتعد عن القيم الديمقراطية وتفقد حصانتها امام الفساد الجنائي والأخلاقي. وبذلك يجعل هرتسوغ نفسه دليلا حيا على افول دولة إسرائيل واحد المسؤولين المركزيين عنه.
-------------------------------------------
يديعوت 29/4/2025
رونين بار اتخذ قرار يبرز اخفاق نتنياهو الذي لن ينجح في عدم دفع المسؤولية
بقلم: افي يسخاروف
قبل بضعة أسابيع، في اليوم الذي بحثت فيه حكومة إسرائيل في اقالة رونين بار، نلت شرف الحضور في احتفال تبديل منصب القيادة في أحد اقسام الشباك، في ضوء معرفتي من عهد الخدمة النظامية لواحد من القادة. في مرحلة ما صعد للحديث رئيس الشباك رونين بار. وكان كل الحاضرين تقريبا من رجال “المستوى المقاتل” في الجهاز ممن شاركوا في عمليات تقشعر لها الابدان ما كان لاي كاتب سيناريو أن يخلقها، بما في ذلك عمليات لإنقاذ رهائن في غزة. أناس كلمة واحدة فقط يمكنها أن تصفهم بامانة: أبطال. بالنسبة له، رونين بار كان قائد هؤلاء المقاتلين، وهو نفسه كان واحدا منهم. ثمة من سيقول ان هذا كان جمهورا “معروفا” ولا يزال. عندما صعد رونين بار لالقاء كلمته كان صعبا الا نلاحظ اعجاب هؤلاء الأشخاص بقائدهم. فقد استقبلوه بتصفيق حاد وهو تحدث عن ان كل مقاتل في هذا القسم شهد الفشل، الإخفاق، لكن يجب معرفة كيف يأخذ المرء عن ذلك المسؤولية ويصلح خطأه. بالفعل، هذه هي الثقافة التنظيمية للشباك على مدى سنوات غير قليلة (باستثناء حالات قليلة مثلما في خط 300) وقد أبدى رونين بار هذا امس.
يمكن التخمين بان تقاليد اخذ المسؤولية وقول الحقيقة تلقاها رونين بار منذ خدمته النظامية في وحدة سييرت متال. لكن عندما ننظر الى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتاريخه في عدم قول الحقيقة، يصعب قليلا التصديق بان الاثنين، بار ونتنياهو، خدما في الوحدة العسكرية ذاتها. وحدة ليس فيها فقط قوة الإرادة والمثابرة ضرورة لكل من يريد أن يكون مقاتلا فيها بل وأيضا المصداقية وقول الحقيقة للقادة وللمرؤوسين. كل من خدم في وحدات من هذا النوع يعرف الاحتفال الدائم الذي يفترض بك فيه اذا ما فشلت ان تبلغ بفشلك. أن تأخذ المسؤولية. في التدريبات وفي العمليات، من الصغير وحتى الكبير، والتي بعدها يجرى تحقيق دقيق يشرح فيه القادة والمقاتلون اين اخطأوا وأين فشلوا وأين نجحوا أيضا. اما نتنياهو، وربما بسبب تعليمه في الولايات المتحدة فقد تمكن من أن ينسى هذه التقاليد، اما رونين بار فلا.
بخلاف ادعاء رجال نتنياهو وابواقه، لم يتمسك بار بقرون المذبح ولم يحاول خوض أي صراح خاص بل قاتل من اجل الجهاز ومن اجل دولتنا جميعا. من اجل الا تصبح دولة إسرائيل دكتاتورية، من اجل الا يكون الزعيم فوق القانون بل ان يطيعه. بار، الذي خاض غير قليل من المعارك مع اخطر أعداء إسرائيل، الذي شارك كمقاتل في عشرات ان لم يكن في مئات العمليات في ظل خطر دائم على الحياة، يقاتل في الأسابيع الأخيرة في معركة لم يعتد عليها، امام آلة سم منفلتة العقال وعديمة اللجام اباحت دمه. اما جيش من الابواق كل مهمتهم إبقاء بنيامين نتنياهو في منصبه، وهم سيفعلون كل شيء كي يتأكدوا من هذا. هم جعلوا بار البطل الحقيقي لكل مقياس، أسوأ أعداء إسرائيل.
غير أن فعل بار الان يبرز أكثر فأكثر فشل بنيامين “لم اسمع، لم أرَ، لم يوقظوني” نتنياهو. الرجل يظهر للجميع كيف لا يعمل الزعيم. كيف يهرب من أخذ المسؤولية. في نهاية معركة فاشلة، دارج ان يأخذ القائد المسؤولية ويقول: “أخفقت” – كي يغطي على جنوده. اما نتنياهو فيشير الى كل “جنوده” يقول: هم اخفقوا، فهم لم يوقظوني على الاطلاق”. هذه ليست زعامة، هذا عار. لكن الان بالذات، حين لم يتبقَ في المحيط قادة او مسؤولون كانوا جزء من 7 أكتوبر، فان الإخفاق المدوي لنتنياهو سيبرز اكثر من كل شيء آخر. القرار بتمويل منظمة إرهاب بمال دولة داعمة للارهاب، تجاهل تحذيرات قادة جهاز الامن، تجاهل طلب تصفية رؤساء المنظمة وبالطبع حقيقة أنه سمح لقطر – الدولة الداعمة للاخوان المسلمين – بقبضة في مكتبه. في نهاية الامر، حتى نتنياهو “الساحر” لن ينجح في تفادي دفع الثمن على كل هذا وعلى كل الاخفاء الافظع الذي شهدته دولة إسرائيل منذ قيامها.
-------------------------------------------
هآرتس 29/4/2025
ترامب يحدد الاتجاه نحو صفقة مع ايران وإسرائيل تبقى خارج الصورة
بقلم: حاييم لفنسون
في ظل ضجة شهادة رئيس الشباك رونين بار وشهادة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خرجت من النقاشات في اسرائيل خطة ترامب للشرق الاوسط. ليس خطة نقل سكان غزة الى دول اخرى، بل خطة سلام الصفقات في الشرق الاوسط وجائزة نوبل: ايران في البداية، غزة بعد ذلك، والاموال السعودية الطائلة للولايات المتحدة في النهاية.
المؤتمر الصحفي الذي اجراه مساء أمس في الطائرة الرئاسية اثناء عودته من المشاركة في جنازة البابا، قال ترامب إنه “ستكون صفقة قريبة مع ايران”. كما هي الحال دائما يجب اخذ تصريحات الرئيس الامريكي ليس حرفيا، بل كمؤشر على الاتجاه. معروف أن المبالغة غير غريبة على ترامب. ولا يجب الفهم من ذلك بأن الاتفاق مع ايران اصبح وشيكا، بل هذه هي رغبة الرئيس الامريكي وما يسعى اليه. في اسرائيل ايضا تتراكم المؤشرات على أن جولات المفاوضات مع ايران تحرز التقدم.
يوجد بين الطرفين نقاط خلاف، ولكنها قابلة للحل بصيغة معينة. الاولى هي مطالبة الولايات المتحدة بأن لا تقوم ايران بتخصيب اليورانيوم بمستوى اعلى من المستوى المطلوب لتشغيل المفاعلات النووية لانتاج الكهرباء، 3.67 في المئة. في ايران يريدون الحفاظ على التخصيب بمستوى 20 في المئة، بذريعة الحاجة الى تصدير اليورانيوم الى دول اخرى. ولكن في الغرب يقدرون أنه نهاية المطاف سيتم التوصل الى صيغة الرقابة التي ستسمح بالتوصل الى تفاهمات حول ذلك. نقطة الخلاف الثانية تتعلق ببرنامج الصواريخ، في ايران غير مستعدين لمناقشة ذلك بذريعة أنه لا صلة له بالموضوع النووي، وهو الموقف غير المقبول على الولايات المتحدة، بسبب امكانية وضع رؤوس نووية على هذه الصواريخ. حتى الآن هذا الموضوع معقد، لكن الاجواء في المحادثات جيدة والحوار مثمر.
اسرائيل لا تشارك في المفاوضات في هذا الشأن. في الادارة الامريكية القواعد مختلفة. البيبيون السعداء والذين يهتفون لطريقة حكم الرئيس الامريكي، سيكتشفون أن سحق الكونغرس وتحويل مجلس الشيوخ الى مجموعة مشجعين، يضرهم أيضا. ان المناورات التي اجريت في عهد اوباما، محاولة تجاوز الرئيس من قبل المسؤولين المنتخبين، لن تنجح في ادارة ترامب. ولكن نتنياهو لا يملك القدرة السياسية على تجاوز ترامب من اليمين، وهو سيضطر الى تمجيد كل ما يقرره الرئيس، باعتباره اعظم انجاز في التاريخ.
سياسة الخارجية الانعزالية التي ينتهجها نتنياهو من خلال وزير خارجيته الحقيقي، رون ديرمر (جدعون ساعر لا صلة له بالموضوع)، تعطي نتائج ضعيفة من حيث الانجازات. دبلوماسي غربي مطلع على تفاصيل المفاوضات قال بسخرية: “ديرمر لديه اسلوب دبلوماسي فريد ومبتكر. ليس ممارسة الدبلوماسية ولا انشاء تحالفات مع الدول التي تؤيدك، بل القاء المحاضرات على الامريكيين حول ما يجب عليهم فعله والاعتقاد بأنهم يعملون في خدمة اسرائيل. نحن سننتظر ونرى مستوى نجاح هذا الامر مع ايران”.
مقاربة ديرمر تطبق ايضا في المفاوضات على تحرير المخطوفين في غزة. المفاوضات التي في افضل الحالات لا تهم الحكومة، وفي اسوأ الحالات اجزاء في الحكومة تتوقع فشلها، الامر الذي سيمكن الجيش من تعميق العملية العسكرية في غزة. صحيح أنه حتى صباح يوم أمس لا يوجد أي جديد في المفاوضات، هي عالقة في نفس النقطة منذ شهرين. في حماس يطالبون بضمانات دولية بأن تتفاوض اسرائيل بجدية على انهاء الحرب، وأن لا تخدع وتضلل كما فعلت في الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في 17 كانون الثاني.
اسرائيل ترفض تقديم هذه الضمانات. والامريكيون يعرضون التعهد بأن اسرائيل ستكون جدية في هذه المرة. والمصريون يقدمون كل انواع الصيغ التي من المفروض أن تساعد على جسر ازمة الضمانات. اسرائيل لا تبادر الى أي شيء وتترك العمل لمصر، حيث كانت معظم ردود ديرمر “لا”. في هذه الاثناء تدخل المنافسة القطرية – المصرية الى حيز التنفيذ. حيث تتهم اسرائيل قطر بتعزيز مواقف حماس من اجل الاساءة لمصر.
نحن لا نعرف كم من الحقيقة يوجد في ادعاء اسرائيل. فهي لا توجد لديها أي فكرة عما يجب فعله بقضية قطر، سواء قبل التحقيق في العلاقة بين مكتب رئيس الحكومة وقطر أو بعده. قطر تبادر واسرائيل سلبية. لا يوجد لاسرائيل أي خطة حول ماذا يجب فعله مع حماس الخارج، وكيفية تقليص تأثير قطر أو ايجاد حلفاء جدد وناجعين في المنطقة. في قطر، كالعادة، يعملون بشكل منهجي وناجع. أمس في الدوحة تم عقد القمة الثانية للعلاقات الاستراتيجية بين رئيس الحكومة القطرية ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي. الاثنان قاما بمدح بعضهما. وحتى أن رئيس حكومة قطر محمد آل ثاني اشار الى أن قطر تستثمر 40 مليار جنيه استرليني في بريطانيا. قبل فترة غير بعيدة كانت قطر مستعمرة بريطانية قليلة الموارد، وبعد قليل ستصبح بريطانيا مستعمرة قطرية.
المخطوفون سيواصلون التعفن في الانفاق. واسرائيل كالعادة ليس لديها خطة. يتدحرجون من شعار الى آخر، من التشاجر مع هرتسي هليفي الى التشاجر مع ايال زمير. شعار نتنياهو في جلسات الكابنت هو “فقط الضغط العسكري سيجعل حماس تستسلم”. سموتريتش، الشخص القوي في حكومة نتنياهو والذي يفعل كل ما في استطاعته لارضائه، مسرور بالفعل. حسب رأيه الرهائن في غزة سيموتون واسرائيل ستمضي الى احتلال القطاع، الامر الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى اعادة بناء غوش قطيف وتنفيذ خطة ترامب.
بعد مرور سنة ونصف على الحرب لم يعد أي أحد يهتم بالتظاهر. وسموتريتش قال بصورة صريحة إن اعادة المخطوفين هي هدف ثانوي بالنسبة له. واذا ماتوا في غزة فان هذا سيكون راحة له وليس كارثة. الشخص الوحيد الذي يمكنه فعل شيء هو ستيف ويتكوف، ولكنه الآن ينشغل بايران.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 29/4/2025
محادثات النووي تعرض إسرائيل للخطر
بقلم: عوديد عيلام
درج آيات الله خامينئي على القول ان “المفاوضات مع الشيطان ليست ضعفا بل سبيل آخر للنصر”. تعبر هذه الجملة بدقة عن مباديء خوض المفاوضات لدى النظام الإيراني. تنديد المحادثات حتى اقصى حدود الصبر لاستنزاف الخصم وانتزاع التنازلات منه والخروج واليد تكون هي العليا – في الساحة الدبلوماسية وفي ساحة الوعي أيضا.
المثال الفارسي العتيق، “اذا كنت تريد أن تهزم عدوك اغرقه في حديث”، يصبح ذا صلة اكثر من أي وقت مضى على خلفية جولة المحادثات المتجددة بين الولايات المتحدة وايران. فمنذ المرحلة الأولية يخيل أن واشنطن تسارع الى الإعلان عن رغبتها الشديدة في الاتفاق. المطالب السابقة، التفكيك التام لتخصيب اليورانيوم، تفكيك المنظومة الباليستية، وقف الدعم للارهاب ووكلاؤه، وإزالة تهديد الإبادة عن إسرائيل – دحرت الى الزاوية. تحت العناوين الغامضة المتمثلة بـ “التقدم الإيجابي” يلوح استعداد امريكي للعودة الى الاتفاق النووي من العام 2015 الذي انسحب منه ترامب باحتقار.
الوفد الأمريكي برئاسة روبرت ويتكوف لا يعمل انطلاقا من منحى مرتب. ويتكوف عديم التجربة الحقيقية في مجال النووي يعمل بلا قيادة مرتبة وبلا فهم عميق لميزان القوى الإقليمي او تداعيات كل بند في الوثيقة. كل هذه تلعب في صالح الإيرانيين الذين يفهمون بان الحديث يدور عن سائح غربي علق في بازار وملزم بان يشتري بساط من صناعة يدوية. فرصة للمساومة، وهو المجال الذي يتميزون به.
عندما يكون اتخاذ القرارات في الجانب الأمريكي يستند الى الإحساس الداخلي لدى الرئيس وليس بالضرورة الى عمل مدروس أو فتوى امنية معللة، فان من شأن إسرائيل أن تجد نفسها وحدها في المعركة. ترامب، الذي يتمتع بطاعة مطلقة في داخل حزبه، كفيل بان يسعى الى اتفاق جديد – اتفاق يعرض كانجاز لكنه سيتضمن عمليا تنازلات بعيدة الأثر.
توجد غير قليل من الفجوات واختلافات الرأي غير قابلة للجسر ظاهرا، ومن السابق لاوانه التقدير اذا كانت المحادثات ستولد اتفاقا حقا لكن ترامب أثبت منذ الان: لا توجد مسلمة لا يمكن الخروج عنها ولا يوجد قرار لا يمكن التنكر له، اذا كان هذا يدفع قدما بالصفقة التالية. رؤيته ليست بالضرورة سياسية واخلاقية – هي عقارية. ما يتفق عليه اليوم يمكن تحسينه غدا.
الخطر يتجاوز النووي بكثير
اذا تنازلت الإدارة الامريكية بالفعل عن المباديء الأساسية، فهذا سيكون بالنسبة لإسرائيل تغييرا دراماتيكيا سيئا في الميزان الاستراتيجي – في خمسة مستويات.
مواصلة تطوير النووي: اتفاق هزيل او العودة الى الاتفاق القديم معناه إعطاء شرعية للتقدم التقدريجي لتخصيب 3.2 في المئة لأغراض مدنية. كل المعرفة، البنية التحتية الهندسية، مثلما هو أيضا 270 كيلو غرام يورانيوم مخصب الى مستوى 60 في المئة لدى الإيرانيين ويكفي اسبوعان فقط بالبنية القائمة لاجل تحويلها الى مستوى تخصيب لاربعة رؤوس متفجرة نووية.
تعزيز المحور الراديكالي: صفقة كهذه سترفع العقوبات وتضخ أموال هائلة للنظام الإيراني، ستتجه بشكل شبه فوري الى إعادة بناء ودعم حزب الله، حماس، الجهاد الإسلامي والحوثيين.
انهيار الردع الإسرائيلي: في نحو سنة ونصف من القتال اكتسبت إسرائيل قوة وثقة من الدول العربية المعتدلة. صفقة هينة مع ايران ستضعضع هذا المحور المعتدل، وتضعف التعاون الاستراتيجي مع الدول السنية – التي سترى في إسرائيل لاعبا ضعيفا لا ينجح في التأثير حتى على حليفته الكبرى.
عزلة سياسية محتملة: اذا عملت إسرائيل عسكريا أو سياسيا بدون اسناد امريكي من شأنها أن تجد نفسها منعزلة امام أسرة دولية تقف من خلف “الاتفاق الجيد المتحقق”. قدرة المناورة ستتقلص، واعمال إسرائيلية ستلقى معارضة سياسية علنية.
بقاء النظام الإيراني: الخطر الأكبر في المدى البعيد هو تجديد شرعية نظام آيات الله. كل اتفاق – حتى وان كان سيئا، سيستخدمه خامينئي وخلفاءه كدليل على أن “الثورة محقة” وانه في الإصرار على المباديء يمكن اخضاع الغرب. هذا اكسجين سياسي لنظام يعاني من عزلة داخلية عميقة.
لحظة اختبار لرئيس الوزراء
هذه لحظة اختبار نادرة لرئيس الورزاء نتنياهو، المطالب بان يستخدم كل كفاءاته في التوجيه السياسي. مطلوب تفكر بارد، تخطيط دقيق، استخدام التحالفات، عمل عميق مع أصحاب القرار في واشنطن، واساسا التخلي عن الضجيج بخلفية الاحابيل والتصريحات الكبرى.
السؤال هو هل سينجح رئيس الوزراء في أن يعيد تصميم الاتفاق الجاري نسجه وان يدخل اليه آليات رقابة متشددة وحدود واضحة. الجمهور الإسرائيلي لا يبحث الان عن عدل تاريخي بل عن زعامة لا تنسى ماذا يوجد في كفة الميزان.
في واقع تعرف فيه ايران بالضبط ماذا تريد، لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها الا تعرف ما الذي هي مستعدة لان تضحي به – وباي قدر مسموح لها أن تغامر.
-------------------------------------------
هآرتس 29/4/2025
المحاضر تثبت: تصريح نتنياهو زور وعرض صورة مغرضة
بقلم: ميخال هاوزر طووف
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قدم أول أمس تصريح مشفوع بالقسم للمحكمة العليا في اطار الالتماسات ضد اقالة رئيس الشباك رونين بار، عرض فيه ادعاءات كثيرة ضد رئيس الشباك استنادا الى بروتوكولات سرية لمحادثات جرت بينهما.
المحاضر استغلها نتنياهو لنفي الادعاءات التي عرضها بار في تصريحه العلني حول توجيهات غير قانونية وغير اخلاقية لرئيس الحكومة. ولكن المحاضر الكاملة وتوثيق المحادثات التي وصلت الى “هآرتس”، والغير مشمولة في تصريح رئيس الحكومة العلني، تظهر أن نتنياهو اقتبس المحاضر بشكل مشوه وعرض على القضاة صورة مغرضة.
معظم مقاطع المحاضر في تصريح نتنياهو تعزز الادعاء بأن بار كذب عندما صرح بشأن تحذيره من تقوي حماس في الاشهر التي سبقت الحرب. في أحد مقاطع النقاشات التي اقتبسها نتنياهو في تصريحه، من جلسة في كانون الثاني 2023، يظهر أن نتنياهو اراد اغتيال قائد كبير في حماس، صالح العاروري، ولكن بار عارض ذلك. نتنياهو نشر مقطع صغير من النقاش الذي قال فيه “كنت اضع مع ذلك صليب على هذا الشاب، العاروري (كما جاء في المصدر)، الذي هو العقل المدبر ومن يدفع والمنظم”. بار حسب التصريح اجاب: “يبدو لي أن هذا يعني أخذ الشباك الى مكان معقد. لا أعتقد أن ذلك أمر صحيح”.
المحضر الكامل للجلسة يظهر صورة معقدة اكثر. ففي الجلسة عرض على رئيس الحكومة استعراض، وبار قال خلالها بأن هناك فرق بين مقاربة العاروري للعمليات الارهابية وبين مقاربة يحيى السنوار، الذي كان في حينه رئيس حماس في القطاع. بار أكد على أن العاروري يفضل التركيز على الضفة الغربية وليس غزة، لذلك فقد قدر أن اغتياله سيكون اقل نجاعة لاجتثاث الارهاب. اضافة الى ذلك اغتيال العاروري الذي لم يكن يعيش في غزة، بل في قطر، تمت مناقشته في سياق التوتر الامني في الضفة وليس في سياق الوضع الامني في قطاع غزة.
بعد اسبوعين تقريبا على ذلك، في 19 كانون الثاني 2023، عرض بار على نتنياهو صورة الوضع لعملية اغتيال للسنوار ومحمد ضيف، قائد الذراع العسكري في حماس. في تلك الفترة دفع بار تنفيذ العملية المشتركة لقتل القائدين، التي بدأ العمل عليها في حكومة بينيت. في المقابل، نتنياهو لم يدفع قدما بالعملية، لذلك هي لم تخرج الى حيز التنفيذ. الاثنان قتلا بشكل منفصل اثناء الحرب بعد سنة تقريبا. نتنياهو لم يقتبس أي شيء من هذه النقاشات في تصريحه الذي قدمه أول أمس.
في نهاية الوثيقة نشر نتنياهو اقتباس قصير آخر من محضر جلسة الكابنت السياسي – الامني في 28 كانون الثاني 2023، التي قال فيها بار إن “قطاع غزة مقيد ومنضبط. الى جانب ذلك هناك ازدياد في محاور الردع في مناطق مختلفة… نحن مستعدون امامهم”. من هذا الاقتباس يتبين أن بار قاد هذا التقدير الامني، لكن عمليا كانت كل اجهزة الامن مشاركة فيه. في نفس النقاش قال رئيس قسم الاستخبارات في الجيش في حينه، الجنرال اهارون حليفه “قطاع غزة منضبط ومقيد في هذه الاثناء”. رئيس قسم الابحاث في الجيش، عميت ساعر، انضم الى هذا التقدير وقال إن سياسة وزير الامن القومي، ايتمار بن غفير، فيما يتعلق بالحرم هي التي تشجع على العمليات في الضفة. نتنياهو ايضا تجاهل هذه الاقتباسات في تصريحه.
اقتباس آخر من 2 تموز 2023، في جلسة الكابنت حول حكم حماس في غزة. في الاقتباس الذي يظهر اكثر ضبابية من سابقه في التصريح، تم توثيق بار وهو يقول “يجب النظر الى منطقة يهودا والسامرة بدون احباط مشروع غزة”. كما يبدو يتبين من تصريح نتنياهو أن بار ينظر بشكل ايجابي لقيادة حماس. ولكن هذا الاقتباس غاب منه السياق الاوسع الذي اعطي في النقاش، وهو يعرض اقوال رئيس الشباك في ضوء جديد.
في الجلسة اوضح كبار قادة جهاز الامن بأن حماس لا تحارب ضد اسرائيل رغم عملية “الدرع والسهم” قبل شهرين، وعمليات اخرى للجيش في القطاع. رئيس قسم العمليات، عوديد باسيوك، قال إن “حماس لا ترد رغم مهاجمتنا مرتين للجهاد الاسلامي. لماذا؟ من اجل الهدوء الامني والاستقرار لصالح الجمهور”. اليعيزر توليدانو، الذي كان في حينه رئيس القسم الاستراتيجي في الجيش قال إن “جوهر نظام الامن امام قطاع غزة يعمل. توجد فرصة لتمديد الاستقرار”. هذه الاقتباسات التي لم يشملها نتنياهو في تصريحه تدل على أن بار لم يكن ينوي الثناء على قيادة حماس، بل اراد الحفاظ على الوضع الذي فيه هذه المنظمة الارهابية لا تشارك في القتال ضد اسرائيل.
باستثناء قرار نتنياهو اقتباس مقاطع قصيرة من محاضر جلسات مطولة، واخراج الامور عن سياقها، فان قراءة الوثائق تظهر أن رئيس الحكومة كشف فقط المحاضر التي تخدم ادعاءاته. مع ذلك، محاضر اخرى، التي تم نشرها، تثبت أن نتنياهو يعرض صورة مغرضة على القضاة. وضمن امور اخرى، كتب نتنياهو في تصريحه: “بار يريد خلق عرض لا اساس له، بحسبه أنه حذر في تقديرات استخبارية قبل اشهر من اندلاع الحرب، بما في ذلك اثناء فترة الاحتجاج، أن نوايا حماس في غزة هي شن حرب ضد دولة اسرائيل. الدلائل تثبت العكس”.
في الشهر الماضي كشفت “هآرتس” محضر من جلسة للحكومة في 21 أيار 2023، التي فيها حذر نتنياهو من معركة مستقبلية في قطاع غزة، قبل هجوم 7 اكتوبر بخمسة اشهر. في لقاء بين الاثنين بعد عملية “الدرع والسهم” التي هاجم فيها الجيش الاسرائيلي اهداف للجهاد الاسلامي في قطاع غزة، قال بار “هذه جولة اولية امام المحور الشيعي. الردع سيتم فحصه مع الوقت. يجب الاستعداد لضربة استباقية وجولة احباط. حماس هي التحدي القادم الذي نواجهه. لن يكون مناص من معركة في غزة”. في المقابل، نتنياهو اعتقد أن حماس مردوعة. وقد رد على بار وقال: “يوجد في هذه الاثناء ميزان رعب قوي امام حماس”.
من مكتب نتنياهو لم يأت أي رد.
-------------------------------------------
هآرتس 29/4/2025
في ضوء العداء، العنف ومشاعر الثأر، في احتفال الذكرى المشترك يسيرون ضد التيار
بقلم: نير حسون
دوائر الثكل الاسرائيلية والفلسطينية هي دوائر منفصلة، تقريبا لا تلتقي. كل مجتمع غارق في الألم ويريد أن يسجل حصريا على اسمه، ويتهم المجتمع الآخر بكارثته. في السنة والنصف الاخيرة توسع الدوائر بشكل كبير وانضم اليها عشرات آلاف القتلى الفلسطينيين والاسرائيليين. العداء المتبادل، العنف ومشاعر الثأر، توسعت مع دوائر الثكل وسيطرت على قلوب الجميع – من النهر وحتى البحر.
منظمة منتدى العائلات الثكلى الاسرائيلية – الفلسطينية ومنظمة محاربون من اجل السلام، تحاول السير ضد التيار وتصمم على التقاء الضحايا من الطرفين. مساء اليوم سيعقد اللقاء العشرين لمنتدى محاربون من اجل السلام. مكان الحدث بقي سريا لمنع التنكيل. رغم العنف المتصاعد وربما بسببه فان عشرات الاسرائيليين والفلسطينيين قرروا الانضمام بالذات في هذه السنة الى منتدى العائلات الثكلى. البعض منهم ثكالى جدد، من 7 اكتوبر فصاعدا، ومنهم من فقدوا العشرات من ابناء عائلاتهم في غزة، آباء جنود قتلوا أو عائلات اشخاص قتلوا. آخرون هم ثكالى قدامى، الذين ازاء الواقع الدموي قرروا السير ضد التيار والانضمام الى المنتدى.
ف.، وهي من مواليد غزة وتعيش في الضفة، انضمت لحركة المحاربين من اجل السلام قبل الحرب بسنوات. والدتها أيدت قرارها. وقد قالت لي “هذه هي الطريقة الصحيحة، في هذه الاثناء فقط قلائل يؤمنون بطريق السلام، لكن بعد بضع سنوات سيعرفون أنني محقة”. عند اندلاع الحرب اضطرت والدتها الى ترك بيتها والانتقال الى مخيم مهجرين في مدرسة. في محادثة قالت لي: قولي للاسرائيليين بأن يوقفوا القصف، وأن يطلقوا النار علينا ولينته الامر، لأنه في القصف يصبح الناس اشلاء وجثث ممزقة”، قالت. في تشرين الاول الماضي تحدثت مع والدتها للمرة الاخيرة. “قالت إنها تعبت من الوضع ومن الهجرة وعدم الخصوصية ونقص الغذاء والمياه. بكت كثيرا في هذه المحادثة، الامر الذي اغضبني جدا. هي كانت تتألم نفسيا وعانت بسبب الموت الموجود حولها. وقد قالت لي ببساطة” أريد أن ينتهي ذلك. بعد بضع ساعات اطلقت النار عليها على يد قناص وتوفيت عندما خرجت من محيط المدرسة”.
رغم الالم، وربما بسببه، ف. لم تتوقف عن نشاطها في حركة السلام. “الفلسطينيون والاسرائيليون سيعيشون معا”، قالت واضافت. “لا احد منهم سيختفي. هذا يجب استيعابه وفهم، وتعلم العيش معا. كل ما نطلبه هو حقوقنا كفلسطينيين، وحرية العيش بدون حواجز وخوف. من ناحيتي المحاربون من اجل السلام هو بيتي الثاني، مثل والدي. حضوري مهم، بالتحديد بسبب الحرب. هذه هي منصتي للتحدث عن معاناة الفلسطينيين في غزة. الناس الاعزاء علي، اولاد اخوتي واخواتي، جميعهم في غزة، وأنا اخاف أن يحدث لهم أي شيء. أنا اتحدث واعمل من اجلهم. هذا وضع معقد. والدتي قتلها الاسرائيليون، ومن يقومون بتعزيتي بموتها هم ايضا الاسرائيليون الذين اعتذروا عن ذلك. هذا يظهر أنه ليس الجميع نفس الشيء، وليس الجميع يؤيدون القتل والحرب”.
ليئورا ايالون، من سكان كيبوتس كفار عزة، ثكلت في 7 اكتوبر ابنها طال، قائد سرية الطواريء في الكيبوتس. هي وأبناء عائلتها الآخرين تمكنوا من النجاة بعد 35 ساعة من تواجدهم في الغرفة الآمنة. “أنا كنت ناشطة سلام قبل 7 اكتوبر وما زلت حتى الآن”، قالت. بعد وفاة ابنها انضمت لمنتدى العائلات الثكلى بدون أي تردد، ومنذ ذلك الحين شعرت على جلدها عداء الحكومة للمنتدى.
أنا جئت للتحدث مع طلاب في القدس. في اوساط الجمهور جلس مراقبان من وزارة التعليم وسجلا كل اقوالي، من اجل الاثبات بأننا جمعية مناوئة لاسرائيل. ابني قتل في معركة الدفاع عن كفار عزة، نحن بقينا 35 ساعة في الغرفة الآمنة، وهم يسجلون كل كلمة نقولها كي يثبتوا أنني مناوئة لاسرائيل. شعرت بالملاحقة. الطلاب سألوا وأنا شعرت بأنني أزن اقوالي لأن المراقبين قاما بتسجيل كل كلمة”. قالت ايالون. اثناء خروجها من المحاضرة تقدم منها اعضاء وزارة التعليم وطلبوا رقم بطاقة هويتها. هي رفضت. بعد اسبوع مرة اخرى ظهروا في محاضرتها في مدرسة في تل ابيب.
في السنة الاخيرة عملت وزارة التعليم بكل الطرق لمنع نشاطات المنتدى في المدارس. “المنتدى يناقض الافتراض بأنه لا يوجد مع من نتحدث. هاكم، يوجد مع من نتحدث. وهذا يخيف ويثير صعوبة كبيرة جدا”، قالت ايالون. “كلمة سلام اصبحت غير شرعية في جهاز التعليم. أنا اعترف بأنني استغل امتيازاتي كأم ثكلى كي اقول امور لا يتجرأون على قولها”.
خلود، من سكان جنين، انضمت الى المنتدى قبل ثلاث سنوات، بعد بضعة اشهر على قتل ابنها بنار جنود الجيش الاسرائيلي. “في محيطي تفاجأوا من هذه الخطوة”، قالت. “تم سؤالي لماذا فعلت ذلك، وكيف توجد لي الجرأة. ليس الجميع يوافقون على انضمامي بتفهم. أنا كأم لابن تم قتله فانني ارى أن هذا هو الامر الصحيح الذي يجب فعله. ايضا في المرة الاولى التي التقيت فيها مع اسرائيليين وفلسطينيين تكلمت بصوت عال عن ألمي وقلت: في اسرائيل يوجد للكلب حرية حركة وهو يعيش افضل منا. كان لي اربعة اولاد، الآن لدي اثنان، واحد قتل والآخر معتقل. ولكن رغم كل ذلك فأنا ضد الحرب وضد القتل، وأرى أن الطريق الصحيحة هي الحوار والتفاهم مع الاسرائيليين. لا توجد طريق اخرى”، قالت بصوت مخنوق بالبكاء.
هؤلاء ليسوا ارقام فقط
منذ اطلاقه كان الاحتفال بيوم الذكرى للمنتدى ولمحاربين من اجل السلام يشكل بؤرة تهديد، وحتى لعنف نشطاء اليمين. في يوم الذكرى في 2023، قبل الحرب، وصل الاحتفال الى الذروة، 15 ألف شخص شاركوا فيه، واعتبر في حينه تعبير آخر عن الاحتجاج ضد الحكومة. في هذا الاحتفال شارك ايضا 200 فلسطيني، الذين جاءوا اليه فقط بعد أن اجبرت المحكمة العليا الدولة على السماح بدخولهم الى اسرائيل. ومنذ ذلك الحين التهمت الحرب الاوراق، وعاد المجتمعان للتقوقع في الألم والغضب. في السنة الماضية، بعد الحرب، جرى الاحتفال بدون مشاركين فلسطينيين لأنه لم يسمح بدخولهم الى اسرائيل، وقد تم تصويره مسبقا خوفا من التنكيل بالمشاركين. في هذه السنة سيعود الاحتفال الى صيغته المباشرة الحية، لكن المنظمين قرروا عدم نشر مكانه لمنع نشطاء اليمين من ازعاج المشاركين. ايضا سيقام احتفال في نفس الوقت في بيت جالا في الضفة الغربية من اجل المشاركين الفلسطينيين، وسيتم بثه ببث حي في عشرات المواقع في البلاد.
سيشارك في الاحتفال طارق (29 سنة) من أريحا، وهو ناشط في محاربين من اجل السلام، الذي عمته وعائلتها يعيشون في قطاع غزة. “دائما تألمت لأنهم يتعاملون مع القتلى في غزة كارقام فقط. وكانت لدي اسئلة كثيرة مثل من الذي يقوم بتأبينهم؟ هل هناك ما يكفي من الاماكن لدفنهم جميعا؟ كيف يمكن مواصلة القتل بدون أن يقول أي أحد شيء؟”، قال طارق. “عمتي وعائلتها الموسعة، الاولاد، البنات والاحفاد، يعيشون في نفس البيت. وقد قالوا بأنهم يفضلون أن يكونوا معا، بسبب أنه حتى لو تم قصف المنطقة التي يوجدون فيها فهم سيموتون معا كي لا يعيشوا ألم الفقدان. من يبقى على قيد الحياة الامر سيكون صعب جدا عليه، لأنه طوال حياته سيبقى يعاني من الموت. هذا هو الحل لديهم”.
في الطرفين توجد معارضة لمقارنة الثكل، لأنهم غير مستعدين للاعتراف بالفقدان في الطرف الآخر”، قالت المديرة العامة للمنتدى اييلت هرئيل، التي شقيقها يوفال قتل في حرب لبنان الاولى وتم تخليده بقصيدة “حلف الدم” التي تناولت موته وموت يوفال هرئيل الذي مات بعده بيومين. “المعارضة الاخرى هي سؤال لماذا نحن نفعل ذلك في يوم الذكرى الرسمي في اسرائيل. نحن نعتقد أن هذا اليوم هو اليوم الذي يجب فيه العمل على وقف الدائرة الدموية، وأن اقوالنا ستكون مهمة في هذا اليوم”.
بالذات في هذه السنة القاسية، حيث تثقل الحرب وسفك الدماء على حياتنا، يتعزز الادراك الى أي درجة مهم أن نواصل”، قالت استر كورني، المديرة العامة لمحاربين من اجل السلام. “في اللحظة التي يسهل فيها الانجرار الى اليأس والكراهية، نحن اخترنا التصديق”.
يجب الاستماع للطرف الآخر
أنا انضممت لأنه لا توجد حاجة للقتل أو الحروب. نحن نقتل ونُقتل منذ العام 1948. وقد حان الوقت للتوقف”، قال م. وهو احد سكان بيت لحم، الذي فقد في احداث غزة 20 شخص من ابناء عائلتها. وبعد موتهم انضم لمنتدى العائلات الثكلى. “لقد قتلوا في جباليا، البيت تم تدميره، وانتقلوا الى النصيرات ولكن الحياة هناك صعبة جدا، لا يوجد غذاء ولا مياه ولا كهرباء. لي ابن عم قتل هو واولاده الثلاثة”.
خلود قالت بأنها دفنت ابنها قرب بيتها. أنا أفتح النافذة واشاهد قبر ابني. يوجد لي اولاد آخرين، لذلك يجب الاستمرار من اجلهم”، قالت وهي تبكي. “انضمامي للمنتدى يساعدني على مواجهة الألم. أنا أنتظر اللقاء كي يسمع الطرف الآخر، الاسرائيلي، ما الذي نمر به. في اللقاء الاخير انضم لي ابني الصغير (16 سنة). منذ قتل شقيقه هو في حالة اكتئاب، غاضب ولا يخرج من البيت. أنا اتألم من رؤيته هكذا. العلاقة بينه وبين شقيقه كانت خاصة جدا. مهم لي أن يفتح قلبه ويتحدث عن ألمه الشخصي امام الجميع، وأن يرى أنه في الطرف الاسرائيلي هناك اشخاص يعارضون القتل والظروف التي نعيش فيها”.
-------------------------------------------
هآرتس 29/4/2025
في ظل عدم وجود حدود واضحة، اسرائيل ستكون في حالة خوف وجودي دائم
بقلم: ديمتري شومسكي
هل فكرة الدولة المستقلة، كبيرة على الشعب اليهودي؟”، هكذا تساءل قبل شهرين البروفيسور آسا كيشر في مقابلة اجرتها معه غيلي ايزكوفيتش (“هآرتس”، 20/2). “هل نحن مرة اخرى نسير في طريق المتعصبين، ومرة اخرى سيتم نفينا من بلادنا؟”، تساءل بخوف عنوان المقال اللاذع للبروفيسورة انيتا شبيرا في ملحق “هآرتس” في صيف 2023 (14/7/2023).
كيشر طرح التساؤل على خلفية الازمة الاخلاقية التي وجدت اسرائيل نفسها فيها في اعقاب كارثة 7 اكتوبر. ومقال شبيرا كتب في ذروة ازمة الانقلاب النظامي، التي اثارها كارهو اسرائيل المسيحانيين. ولكن عدم اليقين فيما يتعلق باستمرار وجود دولة اليهود يؤثر على الوعي الاسرائيلي، ليس فقط في وقت الازمات. ففي الواقع هذا نوع من القلق الوجودي المتواصل الذي يعشعش في العقل الباطن الاسرائيلي كنوع من الروتين الوطني الطاريء.
الطريقة السهلة والبسيطة لتفسير هذا الخوف هي تعليقه على تهديدات عسكرية وجودية، حقيقية ووهمية، التي تقف دولة اسرائيل امامها في حي الشرق الاوسط المعادي. بنيامين نتنياهو صنع حياة سياسية مجيدة من خلال العزف على وتر هذا الخوف – يكفي تذكر كيف تحدث بانفعال عن هذه المسألة في دورة تعلم التوراة التي استضافها في منزله في تشرين الاول 2017. في حينه قال مدمر أمن دولة اسرائيل، والشخص الاساسي المسؤول عن اكبر كارثة للشعب اليهودي بعد الهولوكوست، بأن مملكة الحشمونائيين لم تكن إلا مدة 80 سنة تقريبا. بينما هو يعمل على ضمان بقاء دولة اسرائيل، التي تتعرض للتهديد الوجودي، على قيد الحياة وأن تصل الى عامها المئة.
لكن الحقيقة هي أن الاسرائيليين لا يشككون وبحق، سواء بالقوة العسكرية لدولة اسرائيل أو القوة الداخلية للشعب الاسرائيلي. الشكوك بشأن الوجود السياسي لاسرائيل في المستقبل تنبع من سبب اعمق بكثير، اساسه حقيقة أن مجرد الوجود السياسي في الحاضر هو مشكوك فيه. اسرائيل هي دولة في حالة نهوض مستمرة، ليس بالمعنى الاجتماعي العادي، أي ليست مجتمع في حالة تشكل، الذي يميز دول شابة كثيرة، بل بالمعنى المادي – الجغرافي الملموس. اسرائيل ليس لها حدود سياسية ثابتة بشكل كبير.
حدود اسرائيل الشرقية تعتبر في الوعي الوطني للمجتمع الاسرائيلي كحدود مؤقتة، ازاء الفجوة الجغرافية بين خارطة الوطن القومي الاسطورية وخارطة الدولة القومية الحقيقية. الامر لا يتعلق فقط بالمستوطنين والمسيحانيين والمؤمنين الايديولوجيين بأرض اسرائيل الكاملة. المستوطنون والمسيحانيون والمؤمنون بارض اسرائيل الكاملة يرفعون علنا وبتفاخر العلم الوطني الاقليمي، الشرعي الوحيد الموجود في الخطاب الوطني الاسرائيلي، في حين أن معظم انصار التسوية الاقليمية ينظرون بحرج الى هذا العلم ويعترفون في اعماقهم بأنه لا يوجد لهم علم آخر. مصطلح الاحتلال لا يزعج أذنهم اقل من ازعاج اذن اليمين الايديولوجي. فهو بمثابة لدغة في قلب “الأنا الوطنية” اليهودية الاسرائيلية. لو أن الحدود الدولية المعترف بها والشرعية لدولة اسرائيل كانت تتمتع بالاعتراف والشرعية في الروح الوطنية الاسرائيلية ايضا لكان قد تم انشاء “معسكر وطني” كبير هنا منذ زمن، يطالب بتقسيم البلاد، ليس باسم “التسوية الاقليمية” – المفهوم غير الجذاب بشكل واضح في الخطاب الوطني – بل باسم التطلع الى العقلانية الوطنية والوضع الطبيعي الوطني، وبالتالي، السلام الوطني الدافيء الذي لم يوجد أبدا في هذه الدولة.
النتيجة هي وضع فكري غير مستقر من عدم سلامة المشروع الوطني الصهيوني، وضع يميز حركات قومية اكثر من دول قومية. ايضا الآن اسرائيل تعتبر نفسها حركة قومية استيطانية، أو اذا شئتم “دولة في الطريق”، وهي تتصرف وفقا لذلك. من هنا يأتي التمسك الذي لا ينقطع بمفهوم “صهيونية”، الذي يعني حركة قومية، والصعوبة الكبيرة للخطاب الاسرائيلي في التخلص منه (لذلك، مفهوم “ما بعد الصهيونية” هو بعيد جدا ومقطوع عن الواقع وعن الوعي في اسرائيل). وقد احسن وصف ذلك صديقي رجل القانون والفيلسوف السياسي الدكتور رئيف زريق عندما قال: “الاسرائيليون يقاتلون على السيادة في دولتهم. ومن الواضح أن اعضاء الحركة الوطنية التي تناضل على سيادتها ولا تعرف ما الذي سينتج عن ذلك، هم اقل يقينا بشأن مستقبلهم من مواطني الدولة القومية العادية، وبالتالي فهم يعانون من قلق وجودي مستمر.
هناك طريقتان لانهاء هذا الوضع السياسي الشاذ. الاولى هي ضم مناطق ارض اسرائيل التي توجد خارج الحدود “المؤقتة” للدولة، وخلال ذلك فرض السيادة الكاملة عليها وعلى سكانها، بحكم القانون وليس فقط بحكم الامر الواقع. النتيجة ستكون حرب اهلية، يهودية – عربية، دموية، التي في نهايتها سيتم طرد ملايين الفلسطينيين من وطنهم بمباركة دونالد ترامب، وبعد ذلك ستوجه الآلية العرقية، القومية – المتطرفة، العنصرية واليهودية، الى الداخل، الى داخل المجتمع الاسرائيلي، بحثا عن الابادة التي لا تتوقف لـ “الاعداء في الداخل”. هذه الطريقة ستؤدي بالتأكيد الى تصفية دولة اليهود.
الطريقة الثانية هي النهضة الوطنية الحقيقية، تقسيم الفضاء بين النهر والبحر الى دولتين قوميتين، على اساس مبدأ الحرية والمساواة بين الشعوب. لقد حان الوقت لتبني هذه الطريقة. وحان الوقت لاقامة الدولة.
------------------------------------------
لماذا يلمح الشرع إلى علاقات مع "إسرائيل"؟
موقع "المونيتور" 29/4/2025
العضو في الكونغرس الأميركي مارلين ستوتزمان، الذي التقى مؤخّراً الرئيس السوري أحمد الشرع في دمشق، يقول إنّ الزعيم السوري أبلغه أنه سيكون "منفتحاً تماماً" على التطبيع مع "إسرائيل" إذا تمّ استيفاء الشروط.
لم يستبعد الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع الذي كان منتمياً في السابق إلى أحد فروع تنظيم "القاعدة"، أن تطبّع سوريا علاقاتها مع "إسرائيل". وقال الشرع للنائب "الجمهوري" عن ولاية إنديانا مارلين ستوتزمان خلال لقائهما، إنّه منفتح على الانضمام إلى اتّفاقيات "أبراهام" في ظلّ ظروف مناسبة. وقال ستوتزمان في مقابلة صحافية: "سألت الشرع هل أنت منفتح على اتفاقيات أبراهام، فقال، بالتأكيد، ولكن بشروط معيّنة".
ولم يحدّد الشرع تلك الشروط أو الظروف، لكنّ ستوتزمان قال إنّ الرئيس الشرع أعرب عن قلقه إزاء تعدّي "إسرائيل" على الأراضي السورية وسعيها الرامي إلى "تقسيم" البلاد، بعد أن دفعت باتجاه إقامة منطقة حكم ذاتي يسيطر عليها الدروز على طول الحدود الإسرائيلية.
وكان ستوتزمان والنائب "الجمهوري" عن ولاية فلوريدا كوري ميلز قد زارا سوريا على نحو غير رسمي في الأسبوع الماضي، ليصبحا أوّل عضوين في الكونغرس الأميركي يلتقيان الشرع منذ أن قاد التمرّد الخاطف الذي أطاح بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في أوائل كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وقال ستوتزمان إنّه "من المهمّ أن نتحدّث مع الحكومة الجديدة لمعرفة دوافعها ونيّاتها. لا نريد ديكتاتوراً آخر في سوريا. ونريد، أن يكون لإسرائيل حليف وصديق في الشرق الأوسط".
مع ذلك، تستمرّ إدارة ترامب في عزل الحكومة السورية الجديدة، ممّا يفضي إلى شروط بشأن تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد خلال سنوات الحرب الأهلية.
وفيما اعتبر أميركياً بادرة حسن نية، اعتقلت السلطات السورية هذا الأسبوع عضوين بارزين في "الجهاد الإسلامي"، وهو فصيل فلسطيني مدعوم من إيران، وينشط في سوريا. ويعدّ قمع النشطاء الفلسطينيين من بين شروط الإدارة الأميركية لرفع العقوبات، علماً بأنّ هذه الشروط لا تفرض الالتزام بالحوار أو العلاقات مع "إسرائيل".
الباحث ومدير مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط، تشارلز ليستر، قال إنّ الحكومة الجديدة في دمشق منفتحة على اتفاقيات أبراهام "في ظلّ ظروف غير موجودة اليوم ببساطة". وحتى ذلك الحين، يبقى من مصلحة الشرع أن يشير على الأقل إلى استعداده للتطبيع وإجراء محادثات، بحسب ليستر، الذي أضاف أنّ الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، "يلعبان هنا بهدوء، من خلال قول أقصى ما يمكنهما قوله لإرضاء جمهورهما من دون المبالغة في الأمر والإيحاء بأنّهما على وشك القيام بشيء وهما لم يقوما فيه بعد".
يُذكر أنّه لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بين سوريا و"إسرائيل" في ظلّ نظام الأسد السابق. بل إنّ الدولتين في حالة حرب منذ تأسيس "إسرائيل" في العام 1948. ولذلك، إنّ أيّ تحرّك من جانب الشرع نحو التعامل مع "إسرائيل" سوف يثير جدلاً واسعاً داخل سوريا، خاصة وأنّ "الجيش" الإسرائيلي يقوم بغارات جوية متكرّرة على مواقع عسكرية تابعة للنظام السابق بعد سقوطه، بحجة ضرورة منع الأسلحة من الوقوع في الأيدي الخطأ.
كذلك، كان قد دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الشهر الماضي إلى "نزع السلاح بالكامل" في جنوب سوريا، بينما أكّد الشرع التزامه باتّفاقية وقف إطلاق النّار المبرمة عام 1974 مع "إسرائيل".
لا شكّ في أنّ التحدّي الرئيسي الذي سيواجه أيّ حكومة سوريّة انتقالية، يتركّز في السير على خط رفيع بين الدفاع عن سيادتها باستخدام القنوات السياسية والدبلوماسية المشروعة، وتجنّب الوقوع في فخ "إسرائيل"، والردّ على أيّ من أعمالها العدوانية. كذلك، لا يزال الرئيس ترامب يتطلّع إلى توسيع نطاق اتّفاقيات "أبراهام"، الإنجاز الأبرز في السياسة الخارجية خلال ولايته الأولى، والتي بموجبها طبّعت "إسرائيل" علاقاتها مع 4 دول عربية. كما صرّح ترامب للصحافيين مؤخراً، بأنّ إدارته "ستوسّع اتّفاقيات أبراهام".
إنّ إشراك السعودية في هذه المفاوضات سيكون الجائزة الكبرى، ويمهّد الطريق أمام دول أخرى لتحذو حذوها. لكنّ إدارة ترامب تنظر أيضاً إلى دول أخرى في العالمين العربي والإسلامي كأهداف محتملة للتطبيع.
كما أنّ مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف أشار، إلى أنّ سوريا ولبنان خاضتا حروباً متعدّدة مع "إسرائيل"، قد تنضمّان يوماً ما إلى اتّفاقيات "أبراهام". وفي كلمة له خلال فعّالية للجنة اليهودية الأميركية في الشهر الماضي قال ويتكوف إنّ "التغييرات الجذرية في المنطقة، ولا سيّما الانتكاسات التي تواجهها القوات الحليفة لإيران في تلك الدول، قد تساهم في الوصول إلى هذا". مع ذلك رفض رئيس الوزراء اللبناني نوّاف سلام، هذه الفكرة.
يقول الباحث توم واريك إنّ "الشرع أنّ يعلم أنّ التطبيع المحتمل مع إسرائيل هو إحدى الطرق لجذب انتباه ترامب"، وتحقيق أهداف اقتصاده من خلال ذلك.
-------------------------------------------
أرقام صادمة.. الكشف عن خسائر الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة..
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن حصيلة جديدة توثق الخسائر البشرية التي تكبدها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الحرب على غزة، مشيرة إلى أرقام صادمة وغير مسبوقة منذ عقود.
وبحسب التقرير، تصدّر لواء جولاني قائمة أكثر الألوية تضررًا، حيث خسر 109 من جنوده وضباطه، منهم 70 قتلوا خلال هجوم “طوفان الأقصى” في الـ 7 أكتوبر 2023، بينما سقط الباقون خلال المعارك البرية داخل قطاع غزة.
وجاءت الألوية الأخرى على النحو التالي:
- لواء ناحال: 63 قتيلًا
- لواء المظليين: 46 قتيلًا
- قوات الكوماندوز: 43 قتيلًا
- اللواء 401: 39 قتيلًا
- وحدة يهلوم الهندسية: 37 قتيلًا
- اللواء السابع: 29 قتيلًا
- لواء كفير: 24 قتيلًا
في المجمل، بلغ عدد قتلى جيش الاحتلال منذ بدء الحرب 850 جنديًا، منهم:
- 816 على جبهة غزة (بينهم 410 منذ بدء العمليات البرية).
- 87 على الجبهة الشمالية (منهم 60 خلال العمليات البرية).
- 29 قتلوا في هجمات بالضفة الغربية والقدس وداخل الأراضي المحتلة عام 1948.
أما من حيث الرتب العسكرية، فقد قتل:
-191 ضابطًا، بينهم 6 برتبة عميد، و10 برتبة مقدم، و77 برتبة رائد، و98 برتبة نقيب.
بالإضافة إلى 257 من الضباط برتب ميدانية (رقيب أول إلى عريف)، أبرزهم 241 برتبة رقيب أول و129 برتبة رقيب و16 عريفًا.
وكشفت المعطيات أن 42% من قتلى جيش الاحتلال منذ بدء العمليات البرية هم من جنود الاحتياط، في حين أن 64% من إجمالي القتلى هم شباب دون سن 25 عامًا.
كما أشارت الإحصاءات إلى أن واحدة من كل أربع مجندات سقطن خلال الحرب، وهي النسبة الأعلى منذ إعلان “قيام إسرائيل”.
وبلغ عدد القتلى من النساء في صفوف القوات الأمنية (الجيش والشرطة) 66 إسرائيلية، فيما سجل مقتل 13 جنديًا من الطائفة الدرزية و10 جنود من الطائفة البدوية.
أما من حيث المناطق الجغرافية:
- قتل 68 إسرائيليًا من سكان القدس.
-25 من تل أبيب.
-24 من منطقة السبع.
-22 من حيفا.
-------------------------------------------
ديرمر: هذا هو التاريخ الذي أقدر أن تنتهي الحرب فيه
القناة 12- الهدهد
قال وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر اليوم (الاثنين) إنه يقدر أن الحرب ستنتهي خلال عام من الآن، وأن هذا سيحدث بالتزامن مع اتفاقيات السلام التي سيتم توقيعها. وقال هذه الأشياء في المؤتمر الدولي الأول للسياسة JNS.
وفي كلمته، تناول مجموعة متنوعة من القضايا المدرجة على جدول الأعمال: المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، والقتال في قطاع غزة، والرهائن، والساحة الشمالية.
وقال ديرمر هذا ردا على سؤال: “ماذا سيحدث بعد عام من الآن؟” وأكد الوزير أن مفتاح اتفاقيات السلام هو الانتصار في الحرب.
وأضاف ديرمر إن الشعور السائد في الإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن كان: إما رفح أو الرياض. وزعم أن العكس هو الصحيح في رأيه: الطريق إلى الرياض يمر عبر رفح، والنصر في الحرب على وجه التحديد هو الذي سيدفع الدول إلى الرغبة في اتفاقية سلام مع إسرائيل. “هكذا هي الحال في الشرق الأوسط”، كما ادعى.
وأشار ديرمر، الذي يتصرف نيابة عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قضية إيران، إلى محادثات الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة: “لدي ثقة كاملة في أن ترامب لن يتجه إلى اتفاق سيئ، كما انسحب من الاتفاق النووي السابق”.
وزعم الوزير أنه حتى لو كانت هناك خلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن إيران، فإنهم يحاولون التقليل من شأنها علناً ويتحدثون “بنبرة واحدة” – ما لم يكن هناك خلاف جوهري بين الطرفين.
وتحدث رئيس الوزراء نتنياهو أيضًا في الحدث أمس، مدعيًا أن الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في السنوات الأخيرة ضد البرنامج النووي الإيراني أرجعتها عشر سنوات إلى الوراء. وكرر ديرمر نفس الكلمات قائلاً: “لو لم يكن نتنياهو، لكانت إيران تمتلك بالفعل أسلحة نووية”. وقال إن كلمات رئيس الوزراء كانت “في ذهنه”، وفي لقائهما الأول قبل 25 عاما، طلب منه العمل معه بالتعاون لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.
وفي كلمته، جدد الوزير التأكيد على هدفي الحرب اللذين حددتهما الحكومة في البداية، وقال: “سنحققهما”. وقال إن مناقشات بدأت خلف الكواليس بشأن “اليوم التالي” في قطاع غزة، لكنه لا ينوي الكشف عن التفاصيل.
وفي كلمته، نفى ديرمر الاتهامات الموجهة إليه بأنه أخبر ترامب بأن معظم الرهائن ماتوا: “العكس هو الصحيح، كان الرئيس يعتقد أن معظمهم ماتوا وقد قمت بتصحيحه”.
وأشار ديرمر أيضاً إلى المفاجأة التي أصابت “إسرائيل” بسقوط نظام الأسد: “لم نكن نعرف أن هذا سيحدث، ولا أعتقد أن الأتراك كانوا يعرفون أيضاً”. وبحسب قوله فإن الضربة القاتلة التي وجهتها إسرائيل لمنظمة حزب الله خلال عملية “السهم الشمالي” أدت إلى تقويض نظام الأسد وفي نهاية المطاف إلى سقوطه.
هذا وشنت قوات الجيش الإسرائيلية، أمس، هجوما غير عادي على مبنى في الضاحية الجنوبية في بيروت، حيث يتم تخزين أسلحة استراتيجية لحزب الله.
وأشار ديرمر إلى الهجمات العديدة التي شنتها قوات الجيش الإسرائيلي في لبنان منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ: “سنواصل تطبيق القرار. حزب الله لن يتعافى ويتسلح مرة أخرى”. وزعم أن حزب الله بدون نصر الله لم يعد نفس المنظمة التي كان عليها، وقارنها بالضربة القاسية التي تلقتها إيران باغتيال قاسم سليماني: “لست متأكداً من أنهم تعافوا من ذلك”.
-----------------انتهت النشرة-----------------