الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 4/5/2025 العدد 1298

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
يديعوت احرونوت 4/5/2025
معركة بلا غاية
بقلم: أفرايم سنيه
محظور ارسال جيش الى حرب ليس لها هدف قابل للتحقق. هذه الفريضة نسيتها حكومة نتنياهو عندما قررت في نهاية الأسبوع توسيع المعركة في غزة. الأجهزة الثابتة، مصانع السلاح، الأطر العسكرية لحماس ومعظم قياداتها، دمرت في اثناء 19 شهرا من القتال. ومع أنه بقيت مئات الكيلومترات من الانفاق والاف المجندين الجدد من حملة السلاح الخفيف والمفعمين برغبة الثأر، لكن هؤلاء وأولئك سيستغرق سنوات لتصفيتهم. ابادتهم المطلقة – ليست هدفا قابلا للتحقق. لن تكفي أيضا السنة التي خصصها ديرمر لانهاء المهمة. سيطرة حماس او ما تبقى منها لا تتاح الا بفضل رفض نتنياهو كل خطة تعطي السيطرة في غزة لجهة عربية أو فلسطينية ليست حماس. جهد عسكري مكرس لتدمير المباني في غزة، والتسوية بالأرض لاجزاء واسعة فيها. اكثر من 40 في المئة من مساحة غزة مدمرة، وهذه الأجزاء يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. وكلما كان لمليوني فلسطيني يعيشون في غزة مساحة اقل للعيش عليها، وحين لا يكون لهم مصدر رزق، فان الوضع الإنساني في القطاع يحتدم.
حتى من ليس فيه رحمة لسكان القطاع يعرف ان هذه قنبلة موقوتة. في النهاية الحساب – وليس فقط المالي – سيقدم لنا. الخطة المصرية التي تدمج اعمار القطاع وازاحة حماس، رفضتها الحكومة. فهي تفضل الخطة الهاذية التي ترامب نفسه تراجع عنها حتى الان – لاخلاء السكان الغزيين، والتي ستعتبر جريمة حرب – حتى لو سميت “اخلاء طوعي”. “مديرية الهجرة الطوعية” التي تستقر في وزارة الدفاع لن تغير الوضع في القطاع لكنها ستلقي بمشاكل على المشاركين فيها وعلى الدولة كلها.
كل من قاتل الإرهاب يعرف ان هناك حاجة لخلق فصل بين منظمات الإرهاب وبين السكان الذين ترغب في الانغماس بينهم، ولخلق حوافز مادية إيجابية لتشجيع هذا الفصل. حتى عندما تكون مؤشرات أولية للتمرد على حكم حماس واضح ان في الحكومة لا يعملون بموجب هذا المنطق العملياتي.
للحرب في غزة – على الأقل كما تدار هذه اللحظة – لا يبدو أنه ستكون نهاية لانه ليس لها غاية استراتيجية. لكن توجد لها غاية سياسية: قبل كل شيء تعزيز الائتلاف. ان استمرار الحرب هو شرط لعضوية أحزاب اليمين المتطرف في الحكومة. تسوية غزة بالأرض والأحاديث عن “اخلاء طوعي” لسكانها تبث أملا لدى سموتريتش ورجاله في أن لاستيطان متجدد في غزة توجد احتمالية عملية وهذا افق يستحق من اجله البقاء في الحكومة.
والتبرير الذي لا يقل أهمية، هو ان استمرار الحرب يبعد خطر لجنة تحقيق رسمية، ويساعد نتنياهو على أن يبني الأهم له من كل شيء آخر – إرث تشرتشلي، مثلما تتطلع روحه. صحيح حتى اليوم هو سيسجل في كتب التاريخ بسبب 7 أكتوبر، التخلي عن المخطوفين، قضية الغواصات وقضقية قطر غيت. وهذه يريد أن يستبدلها بإرث قتال متواصل لاعداد إسرائيل، وكلما طال هذا يكون أفضل.
الأسوأ من كل شيء هو أن القتال المتواصل يحكم على المخطوفين بحكم الإعدام، وليس صفقة تبادل. القول ان توسيع القتال يؤدي الى تحرير مخطوفين هو كذب.
وعليه، عندما توجه الي مرؤوسين لي سابقا من وحدة 669 للانضمام الى عريضتهم التي تؤدي عريضة الطيارين فعلت هذا على الفور وبروح تواقة. ربينا مقاتلي الوحدة على التفاني بالروح لاجل انقاذ وإعادة الطيارين، المقاتلين والمدنيين من كل مكان في الشرق الأوسط وفي كل الظروف. هذه القيمة ليست من نصيب الحكومة الحالية وهذا سبب آخر لاستبدالها وبسرعة.
د. افرايم سنيه: عميد احتياط، وزير في حكومات إسرائيل، قائد منطقة جنوب لبنان ورئيس الإدارة المدنية في الضفة، عضو إدارة حركة قادة من اجل أمن إسرائيل
-------------------------------------------
هآرتس 4/5/2025
المساعدة للدروز رافعة لسيطرة إسرائيل في جنوب سوريا
بقلم: تسفي برئيل
“السويداء كانت وستبقى جزء لا يتجزأ من سوريا الموحدة، والانتماء للوطن هو كرامة وامتياز”، هذا ما جاء في الإعلان المشترك الذي نشره في يوم الجمعة زعماء الطائفة الدرزية في محافظة السويداء. في هذا الإعلان رفض الموقعون عليه فكرة “التقسيم” أو “الانفصال عن الدولة، وهي المفاهيم التي تعكس التطلع الى إقامة ولاية درزية مستقلة. ويطالبون الحكومة بفرض الامن والنظام في كل ارجاء الدولة.
هذا الاعلا نشر بعد اتفاق منفصل وقع بين زعماء مدينة جرمانا على مدخل دمشق وبين السلطات. وقد أنهى هذا الإعلان أسبوع صعب من المواجهات القاسية التي جرت في الأسبوع الماضي بين القوات الدرزية وبين من يعتبرون من قبل الحكومة بأنهم “قوات مخالفة للقانون”، التي قتل فيها 102 شخص وأصيب العشرات. يبدو أنه هذه التفاهمات، التي في اعقابها انتشرت قوات الجيش والشرطة في السويداء وفي جرمانا وحصنايا قرب دمشق، نجحت في هذه الاثناء في تهدئة النفوس قليلا، ووضعت الأساس لتعاون هش بين الدروز والنظام. ولكن خلافا لمواجهات سابقة بين الدروز ونظام الأسد، وبعد ذلك في بداية فترة ولاية الشرع كرئيس بعد اسقاط نظام الأسد في كانون الأول، فان هذه المواجهة تضع في امتحان شرعية نظام الشرع ومكانته في الساحة الدولية والساحة العربية.
هذا امتحان سيطرة بدأ في شهر آذار، اثناء المواجهة الدموية التي تطورت بين المليشيات وقوات النظام وبين أبناء الطائفة العلوية في اللاذقية، التي قتل فيها 1700 شخص في هجمات ممنهجة ضد الأقلية الدينية التي كانت متماهية اكثر مع نظام الأسد. خلافا للمذبحة ضد العلويين التي حصلت على تنديد شديد من المجتمع الدولي بدون القيام بعملية حقيقية لمنعها، فان المواجهة مع الدروز تحولت على الفور الى قضية دولية مشتعلة، بالأساس بسبب التدخل العسكري الفوري لإسرائيل. فهي لم تكتفي بمهاجمة المليشيات التي تصادمت مع الدروز، بل قامت بقصف اهداف قرب القصر الرئاسي في دمشق.
التهديد الموجه جيدا للرئيس الشرع استند الى تفسير وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي بحسبه “واجبنا هو الدفاع عن الدروز في سوريا من اجل اخوتنا الدروز في إسرائيل، بسبب اخلاصهم للدولة واسهامهم الكبير في أمن إسرائيل. ولكن هناك شك اذا كان هذا النوع من العمليات هو ما قصده الدروز في إسرائيل أو قيادة الدروز في سوريا.
الزعيم الروحي الكبير للدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهاجري، طالب المجتمع الدولي بالتدخل في المواجهة، وأوضح بأنه “أنا لا اثق بالسلطة التي تتفاخر بأنها ستكون حكومة، لأن الحكومة لا تقتل المواطنين بواسطة المليشيات المتطرفة وبعد ذلك الادعاء أنها جهات خارجة على القانون”. ولكن الهجري نفسه كان مشاركا في اللقاء في شهر آذار مع الشرع، الذي اعلن فيه بأنه لا يؤيد إقامة كانتون مستقل للدروز، وأنهم جزء لا يتجزأ من الدولة.
هذا اللقاء هدف الى الدفع قدما ببرنامج الشرع لتاسيس جيش سوري وطني تندمج فيه كل المليشيات المسلحة، بما في ذلك المليشيات الكردية والدرزية. في حين ان الاكراد عبروا عن الموافقة المبدئية على نزع سلاحهم وأن يكونوا جزء من الجيش الوطني شريطة أن يحصلوا على مكانة منفصلة في داخل الجيش، فان الهاجري أوضح بأن الدروز سيوافقون على نزع السلاح فقط بعد ترميم الجيش الوطني السوري وصياغة قانون يضمن حقوق الدروز.
هذا المبدأ يوجه أيضا التفاهمات التي تم التوصل اليها بعد المواجهات الأخيرة، التي بحسبها النظام سيكون هو المسؤول الأعلى عن الامن في المحافظة، لكن بواسطة جنود ورجال شرطة دروز. الفهم بأن منظومة الدفاع عن الدروز تكون في اطار التعاون بين النظام والقوات الدرزية، تم التأكيد عليه أيضا في اقوال قائد المليشيا الدرزية الكبيرة “رجال الكرامة”، ليث بلعوص، الذي قال في يوم الجمعة بأنه يوجد تنسيق بين الدولة وسكان السويداء بهدف انهاء محاولة ضعضعة الوضع الأمني بواسطة العصابات. يبدو أن بلعوص لا يشارك، على الأقل علنيا، الهاجري في شكوكه، التي بحسبها نفس هذه العصابات يتم تشغيلها من قبل النظام. في كل الحالات هو مستعد الآن لاعطاء فرصة للنظام ومحاولة إيجاد حل متفق عليه لقضية حماية الطائفة الدرزية.
المعنى العملي هو أن الدروز يطمحون الى التوصل الى اتفاق يشبه الاتفاق الذي كان في فترة الأسد، وترسيخ مكانتهم كمسؤولين حصريين عن الامن في المحافظة وفي المدن التي تعيش فيها اغلبية درزية. على هذه الخلفية فان تدخل إسرائيل، الذي حسب تقارير في المواقع السورية يشمل أيضا تزويد القوات الدرزية بالسلاح، وليس فقط المساعدات الإنسانية أو نقل مصابين للعلاج في إسرائيل، هو في الواقع رافعة في المفاوضات التي تجري بين الدروز والنظام. وفي نفس الوقت يعرضهم كامتداد لإسرائيل في داخل سوريا، مع كل التداعيات السياسية والاجتماعية، ويمكن أن يكون ذريعة للمواجهات في المستقبل.
في هذا السياق مهم التذكير بموقف بلعوص. في آذار، بعد المواجهات السابقة في جرمانا والتي في اعقابها اعطى كاتس ونتنياهو التعليمات للجيش الإسرائيلي بالاستعداد للدفاع عن المدينة، أوضح بلعوص بأنه “نحن نرفض أي محاولة لقوات خارجية بفرض أجندتها علينا. نحن أبناء الجنوب (السوري) كنا وما زلنا جزء من النسيج الوطني السوري، وحماية مجتمعنا وارضها هي مسؤوليتنا الوطنية. لن نوافق على أي تهديد من الخارج بأي ذريعة كانت”.
“هذه هي المعضلة الثابتة للطائفة التي ينتشر ابناءها في عدة دول”، قال للصحيفة ناشط درزي يعيش في هضبة الجولان. “نحن نقلق جدا على مصير اخوتنا في سوريا، ويوجد منا من يريدون حمل السلاح والذهاب للدفاع عنهم، لكن في نفس الوقت نحن نسعى الى الحفاظ على المبدأ الأساسي الذي يقول بأن كل مجتمع درزي سيدير شبكة علاقاته المستقلة مع سلطة الدولة التي يعيش فيها. إسرائيل يجب عليها احترام هذا المبدأ، ويجب عليها معرفة الفرق بين مطالبتنا بحماية أبناء الطائفة في سوريا وبين استخدام هذه الحماية كذريعة لتغيير الخارطة السياسية في سوريا”.
أيضا الشيخ موفق طريق، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، يناور بين قرني هذه المعضلة. وقد أوضح في مقابلة مع قناة “العربية” بأنه “يحق لنا طلب الحماية من أي جهة، بما في ذلك دولة إسرائيل”. وعندما سئل ما اذا كان هذا لن يمس بسيادة سوريا أجاب: “أنا متأكد من أن القيادة السورية ستعطي أبناء الطائفة الدرزية حقوقهم بالكامل. أي أن الحماية الجسدية شيء والوضع السياسي للدروز في سوريا شيء آخر، هذا شأن داخلي خاص بهم، وسيتحدد في المفاوضات بينهم وبين النظام”.
الحكومة في إسرائيل تتجاهل هذا التشخيص وتتطلع الى استغلال الدفاع عن الدروز في سوريا، “من اجل اخوتنا الدروز في إسرائيل”، كمبرر لمواصلة تواجد قوات الجيش الإسرائيلي في أراضي تحت السيادة السورية، وحتى ربما احياء حلم يغئال الون، إقامة دولة درزية فاصلة في جنوب سوريا. في نفس الوقت إسرائيل تدير بواسطة الدروز في سوريا منافسة لي الاذرع ضد سيطرة تركيا على سوريا، وفي الطريق هي تعمل على افشال جهود الشرع، الذي يعتبر في نظرها تنظيم جهادي خطير، لاقامة دولة موحدة يديرها نظام واحد. هذا رغم أن الشرع حصل حتى الآن على اعتراف عربي وتعاون من قبل الدول الأوروبية والإدارة الامريكية.
هذه العملية تذكر بدرجة كبيرة بتبني الطائفة المسيحية في لبنان كامتداد لإسرائيل في حرب لبنان الأولى، أو الأقلية الكردية في العراق كقاعدة عمل ضد نظام صدام حسين وايران. نية إسرائيل هذه غير مخفية عن الدروز الذين فقط بدأوا بنسج علاقاتهم مع النظام السوري. الى جانب شكوكهم وتخوفاتهم من أن هذا النظام لا يمكنه الوفاء بتعهده الدفاع عنهم، فهم يخشون بدرجة لا تقل عن ذلك من أن يصبحوا أداة لعب في استراتيجية إسرائيل.
-------------------------------------------
هآرتس 4/5/2025
في سوريا وفي غزة، إسرائيل تسير نحو التصعيد
بقلم: عاموس هرئيلِ
في وسائل الاعلام العالمية وفي اعقابها ايضا وسائل الاعلام في البلاد، فانه تظهر كل بضعة أيام تقارير عن اعدادات لمهاجمة عسكرية إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية. وطالما أن المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران تتقدم اكثر فانه تسمع تهديدات مشفرة تقول بأن إسرائيل ستهاجم، حتى بدون ضوء اخضر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
لكن عمليا، رغم الاستعدادات العملياتية إلا أن احتمالية هجوم إسرائيلي مستقل الآن تبدو متدنية جدا. ترامب يهتم باظهار كل أسبوع بشكل علني تحفظاته من الحرب، وأمله بأن المفاوضات الجديدة مع ايران، بوساطة عُمان، ستؤدي الى التوقيع على اتفاق نووي جديد. ورغم أنه يبدو في هذه الاثناء بأن هذا الاتفاق يمكن أن يكون يشبه جدا الاتفاق الذي وقع عليه الرئيس براك أوباما في 2015 (الذي انسحب منه ترامب في ولايته الأولى بعد ثلاث سنوات)، فان ترامب يقنع نفسه بأنه لا يوجد أي مجال للمقارنة بينهما.
في الفترة الأخيرة دخلت الى حيز التنفيذ تغييرات أولية في قيادة الإدارة الامريكية، وعلى رأسها نقل مايكل وولتس من منصب مستشار الامن القومي الى منصب السفير الأمريكي في الأمم المتحدة. الإقالة مرتبطة بخطأ لوولتس وهو قضية تسرب النقاشات السرية قبيل قصف الحوثيين في اليمن – لكنه يرجح كفة الميزان الداخلي حول ترامب لصالح المعسكر الانفصالي الذي يتحفظ من توسيع النشاطات العسكرية الامريكية في كل الجبهات. “واشنطن بوست” نشرت أمس أن ترامب نقل وولتس من منصبه أيضا بسبب أنه كشف بأن الأخير ادار بالسر محادثات مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تناولت إمكانية مهاجمة ايران.
نتنياهو يلوح براية النضال ضد النووي الإيراني منذ ثلاثين سنة. تجاه الخارج هو لن يطويها حتى لو كان موقف ترامب الحالي يرفض الهجوم الإسرائيلي. ولكن إزاء الأداء الفاشل للحكومة وعدم شعبيتها في أوساط الجمهور فان نتنياهو بحاجة الى الحفاظ على أجواء الحرب في اكبر قدر من الجبهات. الى جانب التحريض المستمر على معارضيه (وجهات رفيعة في جهاز الامن)، فانه يؤجج الآن تهديد التصعيد في ساحتين رئيسيتين وهما قطاع غزة وسوريا.
في القطاع الحكومة تشدد خطابها بخصوص حماس. في مشاورة جرت أول أمس تم الاتفاق على الاستعداد لتجنيد عشرات آلاف رجال الاحتياط في فترة قصيرة من اجل أن لا يتمكنوا من السيطرة على قطاعات أخرى في الشمال وفي الضفة الغربية وتحويل من هناك قوات نظامية لتعميق الهجوم البري في قطاع غزة. الحكومة تدفع قدما بهذه التحركات في الوقت الذي يزداد فيه الجدال العام حول اهداف الحرب، وفي أوساط جنود الاحتياط تحفظ كبير من أوامر استدعاء أخرى على خلفية العبء الملقى عليهم منذ المذبحة في 7 أكتوبر، قبل 19 شهر تقريبا
نتنياهو قال في خطاباته في احتفالات الذكرى والاستقلال بأن هدف تصفية حماس في القطاع يسبق هدف إعادة المخطوفين. في المقابل، رئيس الأركان ايال زمير أكد (مثلما في تصريحات سلفه هرتسي هليفي) على أن الهدف الأول هو إعادة الـ 59 مخطوف، الاحياء والاموات. الى جانب تسريع الاستعداد لعملية برية أخرى، التي لن تشمل احتلال كل القطاع، الجيش الإسرائيلي يستعد لاستئناف ادخال المساعدات الإنسانية الى القطاع بعد توقف استمر لشهرين تقريبا. في هذه المرة القصد هو نقل المساعدات بواسطة شركات أمريكية. موقف زمير من المخطوفين، ورفضه القاء مسؤولية توزيع المساعدات على الجيش الإسرائيلي، حولته الى هدف لهجمات مسممة من قبل مؤيدي نتنياهو في وسائل الاعلام وفي الشبكات الاجتماعية.
في موضوع واحد فان الحكومة والجيش يتحدثون بصوت واحد – الادعاء بأن زيادة الضغط العسكري ستخدم إعادة المخطوفين. ولكن عمليا، مرت مدة 70 يوم منذ تمت إعادة مخطوفين الى إسرائيل، ومر تقريبا 50 يوم منذ خرقت إسرائيل وقف اطلاق النار في القطاع واستأنفت القتال، ولكن لم يتم اطلاق سراح أي مخطوف آخر، بالقوة أو بالاتفاق. حماس ما زالت تعارض صفقة جزئية لتحرير المخطوفين وتطالب بصفقة شاملة، تشمل انهاء الحرب والانسحاب الكامل لقوات الجيش من القطاع. الوسطاء المصريون يعبرون عن خيبة الامل من معاملة إسرائيل، في هذه الاثناء بدعم امريكي، مع مفاوضات حول صفقة، ويحذرون من تدهور آخر للحرب في القطاع.
تحدٍ مستقبلي
سوريا تحظى في هذه الاثناء باهتمام ضئيل نسبيا، لكن المهم هو عدم تفويت ما يحدث هناك. الهجوم على أبناء الطائفة الدرزية من قبل منظمات سنية – جهادية، المقربة من النظام الجديد في دمشق، فاقم التوتر في الدولة في الأسابيع الأخيرة. نتنياهو ووزير الدفاع هددا الرئيس السوري الجديد احمد الشرع وطلبا منه وقف الهجمات. من اجل توضيح الرسالة فان سلاح الجو هاجم اهداف تتماهى مع النظام والجيش السوري. قوات من المليشيات السنية، وفي فجر يوم الجمعة قام بقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق.
نتنياهو نشر صورة (قديمة) له مع الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، ووعد بالوقوف الى جانب الدروز في سوريا. أفلام الفيديو التي صورت في سوريا ووثقت عمليات قتل واهانة للدروز على خلفية دينية اثارت قلق الدروز في إسرائيل. عشرات الشباب الدروز اخترقوا الحدود في هضبة الجولان لمساعدة اخوتهم في سوريا. في الأشهر الأخيرة تم توطيد العلاقات بين الدروز في إسرائيل وفي سوريا في اعقاب سقوط نظام الأسد وسيطرة الجيش الإسرائيلي على مناطق في جبل الشيخ في هضبة الجولان السوري. في الشهر الماضي استضافت قيادة الطائفة 600 رجل دين درزي في سوريا، الذين جاءوا للمشاركة في احتفالات أجريت في البلاد.
في أوساط الدروز في إسرائيل هناك خلاف بخصوص الخط الذي يقوده طريف. يوجد في الطائفة من يعتقدون أن الزعامة الروحية في إسرائيل ذهبت خطوة أبعد في الخطوت العلنية تجاه الدروز في سوريا، وأن نظام الشرع الجديد نظر الى ذلك كتحد، لذلك لم يمنع نشر افتراءات كاذبة تشجع على ارتكاب المذابح من قبل التنظيمات الجهادية. بشكل عام يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تواجه أيضا صعوبة في صياغة سياسة مدروسة بشأن سوريا، نظرا للوضع الجديد الذي نشأ هناك. في الوقت الذي يتفاخر فيه نتنياهو بأن الهزيمة التي الحقتها إسرائيل بحزب الله في لبنان أدت الى تسريع انهيار نظام الأسد في سوريا فان كثيرين في المؤسسة الأمنية يخشون من أن الشرع ليس إلا جهادي متخفي، وأن منظومة القوات التي يبلورها حوله في سوريا ستشكل تحديا اكثر تهديدا لإسرائيل في السنوات القادمة.
رئيس الحكومة عقد مؤخرا عدة مشاورات حول التطورات في سوريا وفي قطاع غزة. في هيئة الأركان تم التعبير عن القلق المتزايد من خطوات نتنياهو في الساحة السورية، من خلال الخوف من أن هذه الخطوات ستورط إسرائيل في مواجهة أخرى وستفاقم اكثر العلاقات المشحونة مع تركيا، وهي المؤيدة الرئيسية للشرع. في إسرائيل يقلقون من إمكانية أن تساعد تركيا من وراء الكواليس التنظيمات الجهادية. وقد تم نقل الى المستشفيات في شمال البلاد اكثر من عشرة دروز من سوريا الذين أصيبوا في الاحداث، بعضهم أصيبوا كما يبدو باصابات مسيرات، التي من المرجح أنه تم تزويدها للمنظمات من قبل تركيا.
في الجيش يقلقون من أن طلبات الحكومة ستجبره على نقل قوات بصورة ضئيلة جدا، مع المطالبة بمواجهة معقدة في عدد كبير من الجبهات. في حين أنه في الطائفة الدرزية يشتكون من المعاملة الفوضوية والبطيئة من الحكومة ومن جهاز الامن مع التطورات في سوريا، حيث تفاقم التصعيد في الأسبوع الماضي خلال بضع ساعات، قبل فترة طويلة على بدء إسرائيل في الرد. في الوقت الحالي يتعامل مع الساحة السورية عدد كبير من الأجهزة مثل الاستخبارات العسكرية، قيادة المنطقة الشمالية، مقر الإدارة العسكرية، الذي يخضع لقيادة المنطقة الشمالية ولكنه يحصل أيضا على تعليمات مهنية من جهاز تنسيق العمليات في المناطق، الموساد والشباك. الدروز في إسرائيل توجهوا بدعوة مستعجلة للحكومة، وبعد ذلك اتخذوا خطوات احتجاج شملت اغلاق الشوارع في الشمال، الى أن أمر نتنياهو الجيش بالرد.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 4/5/2025
نبحر في المتاهة السورية
بقلم: رون بن يشاي
لهجمات سلاح الجو في الأراضي السورية في نهاية الاسبوع كان هدفان. الأول هو تدمير منظومات سلاح استراتيجي تبقت من جيش بشار الأسد وقد تستخدم ضد إسرائيل، والثاني هو اطلاق رسالة لحاكم سوريا الجديد احمد الشرع (أبو محمد الجولاني) ورجاله، تحذرهم من مواصلة المواجهات الاجرامية التي يبادرون اليها حيال الدروز.
ان الحاجة لضرب منظومات سلاح استراتيجية سورية، كالمدافع، مخازن السلاح واساسا منظومات الدفاع الجوي، تنبع من التخوف من ان يبدأ الشرع في ان يجند لصفوف الجيش الجديد الذي يقيمه في سوريا رجال من جيش الأسد، يمكنهم أن يستخدموا منظومات سلاح كانوا مسؤولين عنها في الماضي، ضمن أمور أخرى ضد إسرائيل أيضا.
بالمقابل، ليس لإسرائيل مصلحة للعمل بتواصل في الأراضي السورية كي لا تتهمها الاسرة الدولية بتخريب فرص إعادة البناء تحت الحكام الجدد. وعليه ففي هيئة الأركان يفضلون جمع كمية من الأهداف ومهاجمتها دفعة واحدة حين تنشـأ ظروف تبرر هذا، كالهجمات الحالية على الدروز.
ان جذر المواجهات بين الجهاديين السُنة الذين يحكمون اليوم في سوريا وبين الدروز هو ديني ويعود الى الوراء الى القرن الـ 11 الميلادي. في نظر الجهاديين السُنة فان الدروز ومباديء الدين التي يبقون على سريتها بتزمت، هم كفار من الواجب اعادتهم الى الطريق المستقيم – واذا ما رفضوا فيجب ازالتهم عن وجه البسيطة، تماما مثل العلويين الذين يعيشون في سوريا في منطقة الشاطيء في اللاذقية وفي طرطوس، والذين كانوا أساس قوة نظام عائلة الأسد.
في مقابلة مع شبكة “الجزيرة” قال في الماضي الجولاني انه يسره أن يعيد الدروز الى “الطريق الصحيح”، فيما يقصد التيار الصحيح في الإسلام. من يعرض الدروز للخطر الان هم ليسوا فقط الميليشيات السُنية الجهادية التي تعمل في هذه اللحظة في منطقة دمشق وتنتمي الى هيئة تحرير الشام بل وأيضا منظمات جهادية تنتمي لداعش وتعمل في منطقة مدينة درعا في جنوب الجولان السوري قرب الحدود مع الأردن ومع إسرائيل.
سبب آخر للهجمات على الدروز في سوريا الان هو حقيقة أنه يوجد لهم حكم مستقل، مثابة حكم ذاتي مسلح، في منطقة السويداء. يحاول الشرع الان بسط حكمه على كل سوريا، بما في ذلك على مناطق الاكراد في الشمال الشرقي وعلى مناطق العلويين في غرب سوريا كونه عمليا هو ورجاله بالكاد يسيطرون على 60 – 70 في المئة من أراضي الدولة. لاجل بسط حكمه، يطلب من الدروز ان يدير رجال من جهته الحكم المدنية في الإقليم بدلا من وجهاء الطائفة الدرزية واساسا ان ينزعوا سلاحهم. وافق الدروز في السويداء على الطلب الأول لكنهم لا يوافقون على الطلب الثاني لنزع سلاحهم، لانهم يقدرون وعن حق بانهم اذا فعلوا ذلك فانهم سيبقون بلا حماية امام الجهاديين السُنة ممن سيهاجمونهم أساسا من منقطة درعا.
ان الإعلانات المتواترة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتب والتي بموجبها إسرائيل ستأتي لمساعدة الدروز ولن تسمح بالمس بهم – والتي دوافعها سياسية داخلية في إسرائيل – تستخدم كذخيرة دعائية ناجعة للغاية من معارضي الدروز ومعارضي النظام الجديد في سوريا كي يوجهوا إسرائيل والدروز ضد نظام الشرع وبذلك يتسببون بمواجهة عنيفة قد تتطور حتى الى حرب – وتسقط نظام الشرع.
في هذه الاثناء تتصاعد في إسرائيل الأصوات من خارج جهاز الامن والتي تدعي بان التدخل في هامش القوى المعقد، التي تتصادم الواحدة بالاخرى في سوريا تعرض للخطر دون حاجة مقاتلي الجيش الإسرائيلي – ويجرنا باسم الولاء العاطفي الى مواجهة قد تصبح حربا علنية مع حاكم سوريا الحالي.
في جهاز الامن يدعون بالمقابل بان لاسرائيل توجد سياسة واضحة صاغها رئيس الوزراء حين قال ان إسرائيل لن تسمح بمحافل إسلامية مسلحة التموضع في المنطقة جنوب دمشق وغير طريق درعا – دمشق، على مسافة نحو 85 كيلو متر عن الجولان الإسرائيلي، في ظل ادراج الضغوط الدبلوماسية.
في جبهة أخرى، اطلق الحوثيون امس صاروخا باليستيا آخر نحو إسرائيل، وتم تفعيل الصافرات في عشرات البلدات في منطقة القدس، بيت شيمش، الخليل، عراد والبحر الميت. بعد ذلك تم أيضا اعتراض مُسيرة في منطقة الحدود المصرية. قبل هذا اطلق صاروخان آخران نحو الشمال في يوم الجمعة وكذا مُسيرة اطلقت نحو إسرائيل.
في القدس يقدرون بان الارتفاع في وتيرة اطلاق الحوثيين للصواريخ على خلفية الحملة الامريكية في اليمن ينبع من خليط من الضربات المركزة لمخازن السلاح الى جانب احباط تهريب المُسيرات والصواريخ من ايران الى اليمن. كنتيجة لهذين السببين، يسارع الحوثيون لان يطلقوا الصواريخ والمُسيرات قبل ان تهاجم. وهم يفعلون هذا في ساعات النهار، حين تكون الشمس مشرقة، لانه في الليل يسهل على الولايات المتحدة تشخيص نقطة انطلاق الصاروخ ولهيبه وعندها ضربة بدقة عالية.
في إسرائيل شرحوا في الأسبوع الماضي بان القرار بعدم الرد على الحوثيين ينبع من أن الولايات المتحدة هي التي تعمل ضدهم. “حملة الأمريكيين ناجعة جدا”، كما تقول مصادر امنية إسرائيلية “لا تزال للحوثيين قدرة على اطلاق الصواريخ لكنهم لا ينجحون في اطلاقها بكميات. معظمها يعترض او يسقط في الطريق. من ناحية إسرائيل التهديد الحوثي هو كالذبابة اللجوجة أساسا”.
-------------------------------------------
معاريف 4/5/2025
الساعة تدق ضد قواتنا
بقلم: افي اشكنازي
اليوم، وربما غدا، يتلقى عشرات الاف جنود الاحتياط أوامر 8. الالوية الأولى التي تلقت الأوامر هي تلك التي ستصعد شمالا كي تحل محل قوات النظامي في حدود لبنان وسوريا. الجيش الإسرائيلي يخطط لان تكون الكتلة الكبرى التي تناور في قطاع غزة من قوات النظامي لفرقة 36 التي تناور منذ الان الى جانب الفرقة 164 التي تحل حول القطاع وبعض من وحداتها تعمل منذ الان داخل غزة، وكذا قوات فرقة 98. وتنبغي الإشارة الى أن في غزة تناور منذ الان فرقة 252 وفرقة غزة أيضا.
ينبغي وضع الأمور على الطاولة: إسرائيل توجد في نقطة غير جيدة في غزة. حملة “بأس وسيف” التي بدأت قبل شهر ونصف لم توفر البضاعة. فهي لم تخلق الضغط الذي يؤدي الى تحرير المخطوفين بحيث أن التفكير السياسي والتنفيذ العسكري لم ينجحا على ما يبدو في الميدان. والان يقولون في إسرائيل ان احد أسباب الخلل هو حكومة قطر، بعد أن تبينت قبل أسبوعين بوادر المرونة.
بالمقابل فان المصريين بالذات هم الذين يمارسون على مدى كل الطريق ضغطا على حماس. هم والاردنيون أيضا يريدون أن يروا المنظمة مضروبة ومنزوعة السلاح والسيطرة في غزة. في هذا الامر كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو محقا عندما قال أنه يجب العمل وتفكيك حماس – عسكريا وحكما، لكن رئيس الوزراء أخطأ بالطريقة. وليس عبثا ان في الجيش يقولون بصوت عال ومدوٍ بانه لاجل الوصول الى حسم مع حماس هناك حاجة قبل كل شيء لتحرير الـ 59 مخطوفا. فهذا ليس فقط موضوعا عسكريا، هذا موضوع أخلاقي. فعدم إعادة كل المخطوفين ستكون هزيمة للجيش الإسرائيلي في المعركة ضد حماس. نقطة علامة تعجب. في مثل هذه الحالة، حماس والاخوان المسلمون سيرون من ناحيتهم نصرا على إسرائيل، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من معنى في كل الشرق الأوسط.
الضغط العسكري على حماس يبدأ في أن يكون محدودا بالزمن. ففي غضون أسبوعين وربما ثلاثة أسابيع إسرائيل ستكون مطالبة بان تدخل مساعدات إنسانية الى غزة وعندها سيرفع الضغط عن حماس وينتقل الى إسرائيل. بالتوازي، فان ادخال قوات الى داخل قطاع غزة هو في هذه اللحظة موضوع مركب. فاذا كانوا يرغبون في تطويق جباليا، خانيونس، أجزاء من مدينة غزة ومخيمات الوسط هناك حاجة لاستخدام الكثير من النار الكفيلة بان تمس بالمخطوفين.
مقاتلون وقادة يروون عن مئات وربما الاف فوهات الانفاق، وبخاصة في شمال القطاع وبالتأكيد في داخل مخيمات الوسط بعضها مفخخ وفي بعضها يجلس مخربو حماس بانتظار مناورة الجيش الإسرائيلي. فقد بنت المنظمة لنفسها في الأسابيع الأخيرة تكتيكا: الامتناع عن القتال مع الجيش الإسرائيلي، بخاصة في محور موراغ، رفح وشمال القطاع، وحفظ قواتها للمعركة الكبرى. هذه السياسة تظهر أن حماس تفهم قيود القوة لدى الجيش الإسرائيلي في المناورة الكبرى – المخطوفين، استئناف المساعدات الإنسانية، قيد الزمن لابقاء قوات الاحتياط وتآكل مقاتلي النظامي.
في هذا الموضوع يوجد المزيد فالمزيد من الشهادات التي تدل على ان تآكل الجيش الإسرائيلي هو ليس فقط في القوة المقاتلة بل وأيضا في وسائل القتال: مركبات، دبابات، مجنزرات ونمور غير سليمة تقاتل في غزة في ساعات أخرى. في الجيش يحاولون إخفاء هذه الصورة عن الجمهور.
في الأسبوع الماضي قال بنزاهة كبيرة، احد قادة الالوية المناورة انه يضطر لان يدير “اقتصاد دبابات”. وذلك لان الجيش الإسرائيلي بنى نفسه بحروب قصيرة مع حسم سريع وليس لحرب سنة ونصف، سنتين وربما حتى اكثر.
هذا المساء يفترض بالكابنت الأمني أن يتخذ القرارات بالنسبة للجدول الزمني، نطاق وقوة المعركة العسكرية في قطاع غزة. أعضاء الكابنت سيتخذون قرارا بسيطا: “ما لا ينفع بالقوة، ينقع بمزيد من القوة”. السؤال الذي يبقى مفتوحا هو الثمن الذي سندفعه على هذا المزيد من القوة.
-------------------------------------------
هآرتس 4/5/2025
جدعون ساعر يتحدث عن نظام قمع وعصابات إرهاب؟ يجب عليه التحدث أولا عن بلاده
بقلم: جدعون ليفي
أحيانا العيون ترفض تصديق الحروف التي تلمع امامها. وزير الخارجية جدعون ساعر يطالب المجتمع بـ “القيام بدوره في الدفاع عن الأقليات في سوريا، وبالتحديد الدروز، من النظام وعصاباته الإرهابية، وأن لا يتجاهل الاحداث القاسية”. وقاحة إسرائيل كانت لها شهرة كبيرة منذ زمن. ولكن يبدو أن جرأة إسرائيل لم تصل أبدا الى هذا المستوى. وزير الخارجية يطالب العالم بالتدخل من اجل اقلية يقمعها النظام في دولة أخرى، وفي نفس الوقت رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الأركان يعملون منذ فترة: يعطي يصدر تعليمات، ايال زمير أمر بالضرب وإسرائيل كاتس هدد بأن إسرائيل سترد “بشدة”، وأن الجيش الإسرائيلي قصف في السابق، جيش الخلاص للدفاع عن المضطهدين الدروز.
لا يوجد لوزير خارجية إسرائيل أي حق أخلاقي في أن ينبس ببنت شفة وأن يُسمع كلمة واحدة عن قمع شعب أو أقلية، وبالتأكيد عدم دعوة العالم لأن يهب لحمايتهم. إسرائيل، التي تغض النظر عن أوكرانيا، والتي غضت النظر عن الحرب الاهلية في سوريا، ليس لها حق في دعوة العالم لعدم غض النظر. انعدام الوعي الذاتي لدى القيادة الإسرائيلية يحطم كل الأرقام القياسية. عندما يتحدث جدعون ساعر عن نظام قمع وعن عصابات إرهاب، يجب عليه التحدث في المقام الأول عن بلاده. لا يوجد في العالم دول كثيرة التي نظام القمع وعصابات الإرهاب تزدهر فيها مثلما في إسرائيل. نظام الاحتلال السائد هنا هو من أكثر الأنظمة وحشية في العالم، وعصابات الإرهاب، “المستوطنون”، تنكل بأبناء شعب آخر. كيف ترد إسرائيل على الدعوات التي تطالب العالم بأن يهب للدفاع عن الشعب المضطهد هنا؟ هي تصرخ وتقول هذه لاسامية.
كيف تقبل إسرائيل تدخل عسكري لدولة أو أي جسم آخر يهب للدفاع عن الشعب المضطهد؟ هكذا بالضبط ما قالته الدول العربية في السابق، وما يقوله حزب الله والحوثيين الآن، انهم يتدخلون ضد إسرائيل لحماية الفلسطينيين. مثلما يطلب الدروز الآن أن تأتي إسرائيل للدفاع عن إخوانهم، فان الرأي العام في الدول العربية يطالب الحكومات بالتدخل لصالح إخوانهم الذين يقعون تحت نير الاحتلال الإسرائيلي. وماذا عن الاخوة العرب في إسرائيل، الذين قتلوا في غزة وسوريا ولبنان؟ هل إسرائيل فكرت في أي يوم في الدفاع عن نفسها؟ وفي لبنان حرضت الكتائب. عندما طلب الرسام من حيفا، عبد عابدي، انقاذ شقيقته التي ولدت في البلاد من مخيم اليرموك في سوريا، إسرائيل رفضت ذلك. ولكن من اجل “حماية الدروز” هي مستعدة للقصف.
تخيلوا فرنسا تقوم بقصف المستوطنات لأنها تعتبرها اوكار إرهاب يخرج منها المخربون للمس بالفلسطينيين. أي صراخ سيكون هنا؟ وفوق كل ذلك يحلق التهكم. حيث أن إسرائيل لا تهتم حقا بمصير الدروز في سوريا، بالضبط مثلما لا تهتم بمصير ضحايا النظام السابق في سوريا، وبعد سن قانون القومية فانه من الواضح أن الحكومة لا تبالي حتى بحقوق الدروز في إسرائيل. ان التجند من اجل دروز سوريا ليس إلا استخدام ساخر من اجل مهاجمة سوريا في ضعفها، وربما أيضا هو غمز للاعضاء الدروز في الليكود. بدلا من منح فرصة للنظام الجديد فان إسرائيل تدق ضده طبول الحرب. هذه هي اللغة الوحيدة التي تتحدثها في السنوات الأخيرة، الضرب والقصف والتفجير والقتل والتدمير بقدر الإمكان وفي كل مكان.
اذا كانت إسرائيل تريد الدفع قدما بالعدالة في أي مكان في العالم فمن الأفضل لها أن تبدأ ببيتها، حيث المظالم الصادمة والجرائم ضد الإنسانية آخذة في الازدياد. حتى طلبها للمساعدة الدولية اثناء الحريق في القدس في الأسبوع الماضي، في الوقت الذي تمنع فيه ادخال المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة منذ شهرين تقريبا، هو طلب وقح. العالم لم يكن يجب عليه الاستجابة لها. فالدولة التي تقوم بتجويع 2 مليون شخص لا يحق لها الحصول على المساعدة من المجتمع الدولي، حتى عندما تكون حرائق الغابات تهدد بلداتها.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 4/5/2025
واشنطن زاوية الرياض
بقلم: آفي كالو
مئة اليوم الأولى لولايات ترامب الثانية ليست وقتا للاجمال، لكنها بالتأكيد تشكل قراءة للاتجاه الذي تسير فيه. السنوات الأربعة القريبة القادمة ستتميز بانعدام اليقين، التحلل من أنماط السلوك، هزة اقتصادية وتوسيع النزعة القتالية، فيما تتراجع التحالفات التقليدية امام النزعة القومية. وهذه تحقق منذ الان كما يبدو ولاية فوضوية لزعيم العالم الحر الذي يسعى الى تخريب “النظام القديم”.
مثال أول على ذلك يكمن في سياسة الجمارك التي تضعضع المفاهيم الأساسية للتجارة العالمية. فعقب فكره الذي يربط النفوذ والمال معا، فان العالم السُني في الشرق الأوسط يحتل مكانا مركزيا في اجندة ترامب. فزيارته الأولى الى المنطقة بعد نحو أسبوعين ستتركز في السعودية واتحاد الامارات، الحليفين الغنيين للولايات المتحدة. وبينما لدى الاماراتيين سيتجه الاهتمام الى توسيع التعاون الاقتصادي، فان الزيارة الرئاسية الى الرياض ستكون هي الأهم. وعلى الأقل في هذا السياق بقي ترامب ثابتا – في ولايته الأولى ايضا، كانت زيارته الأولى الى الخارج في المملكة. الاستعراض الذي خط في الذاكرة كنجاح مدوٍ من ناحيته، مع صفقات سلاح بقيمة مليارات الدولارات.
ظاهرا، زيارة الرئيس الأمريكي القريبة الى الرياض تلوح كقصة نجاح أخرى. في اطارها من المتوقع الإعلان عن مشتريات سعودية للسلاح الأمريكي بقيمة نحو تريليون دولار – ما يشكل تحديا للتفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة. لكن فضلا عن ذلك، فان الدراما الحقيقية هي استعداد البيت الأبيض السماح للسعودية تطوير قدرات نووية مدنية على أراضيها. تفاهمات كهذه ستزيد الامكانية الكامنة لسباق تسلح نووي في الشرق الأوسط. الخوف في أروقة الكونغرس (اتفاق نووي مدني يستوجب مصادقة مجلس الشيوخ) هو أن في المستقبل ستستغل الرياض البرنامج النووي لتطوير قدرات نووية عسكرية.
وسيسأل سائل أين إسرائيل؟ وبالفعل يخيل ان محور واشنطن زاوية الراض يعمل من فوق رأس القدس. وبينما كان الموقف الأمريكي التقليدي (بما في ذلك موقف إدارة ترامب الأولى) هو أن التقدم في عالم النووي المدني في المملكة يرتبط بالتطبيع مع إسرائيل لكن الان، ترامب – من مكان الدافع لانجازات فورية الى جانب التشكيك في نية إسرائيل لانهاء الحرب – يسعى الى الالتفاف على إسرائيل، بشكل كفيل بان يمس بالمصالح الإسرائيلية بعيدة المدى وبجهود التطبيع (هذا رغم ان الزيارة كفيلة بان تدفع قدما مرة أخرى بالمفاوضات لصفقة المخطوفين).
لا توجد أي مساحة طيبة في مجال العلاقات الخارجية لدولة إسرائيل لم تتضرر بالشلل الاستراتيجي العضال الذي تعاني منه حكومة نتنياهو السادسة. هذا الشلل ينبع من المحاكمة الجنائية الطويلة طول المنفى لرئيس الوزراء واحتياجات البقاء لائتلافه، والمتعلق في ايدي متطرفين ومسيحانيين على حد سواء.
ان انعدام القدرة والأهلية للحكومة لان تتعاطى وان كان بشكل محدود مع الطلب السعودي بافق ما للموضوع الفلسطيني، يشهد مرة أخرى كم هي إسرائيل تصبح في نظر الكثيرين في العالم مصدر تـأخير. في نظرهم فقدت القدس كل أساس للسياسة الفهيمة، المسؤولة والمتوازنة – الأمور التي كانت من ميزاتها. وحيال اضرار الحكومة في مجال العلاقات الخارجية، وحيال التحديات الإقليمية ثقيلة الوزن التي تقف امامها إسرائيل في العقد القادم – على الجمهور ان يسأل نفسه هل هذه هي القيادة التي صلى لها: ها نحن قادمون؟
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 4/5/2025
استمرار القتال في غزة لم يعد يخدم أي مصلحة إسرائيلية
بقلم: ايال زيسر
بعد 20 شهرا من الحرب في غزة حانت اللحظة للتوقف، للإعلان عن النصر، للعمل على تحرير مخطوفينا ولمحاولة انهاء المهمة التي لا تزال تتبقى لنا بطريقة سياسية، مثلما فعلنا تقريبا في كل حروب إسرائيل في الماضي. معظم الأهداف التي وضعتها إسرائيل لنفسها في بداية الحرب تحققت منذ زمن بعيد. جيش حماس – قوة عسكرية نظامية، مسلحة ومدربة، وفيها ألوية وكتائب ووحدات للنخبة، والتي تحت تصرفها قرابة 20 الف صاروخ تغطي أجزاء واسعة من إسرائيل – هذه القوة حسمت وأبيدت في غالبيتها الساحقة، وما تبقى منها هو مخربون أو خلايا إرهاب قليلة تحاول ملاحقة قواتنا العاملة في القطاع.
حماس ومنظومة خدمات الحكم والرفاه التي فعلتها انهارت تماما، وقطاع غزة الذي سيطرت عليه المنظمة تبقت أساسا الأنقاض وأصبح غير ملائم لسكن الانسان. إسرائيل، التي تسيطر اليوم عمليا على عموم أراضي القطاع، فلا أحد يخرج ولا احد يأتي دون إذن ورقابة منها وتوجد لها حرية عمل مطلقة تجاه كل تهديد تشخصه.
في وضع كهذا واضح للجميع بان استمرار القتال في القطاع لم يعد يخدم أي مصلحة إسرائيلية. فمن الصعب الافتراض بان ما لم نحققه في 20 شهرا من القتال سنحققه ببضعة أيام أو أسابيع أخرى، وفي هذه الاثناء المخطوفون لا يزالون يذوون في انفاق الإرهاب والجيش الإسرائيلي لا يزال يدفع ثمنا باهظا بحياة مقاتلينا كل أسبوع تقريبا. كما ينبغي أن نأخذ بالحسبان بان نافذة الفرص التي كانت تحت تصرفنا للعمل بشكل حر ولا قيد تقريبا في غزة، والتي كانت غير مسبوقة في تاريخ حروب إسرائيل، هذه النافذة توشك على الانغلاق. تلميح بذلك يوجد منذ الان في تصريحات الرئيس ترامب في الأيام الأخيرة وبموجبها يتوقع من نتنياهو أن يخفف الضغط عن غزة ويسمح بإدخال المساعدات والغذاء لسكانها ولأنه يأمل في أن يصل بالحرب الى منتهاها، ربما قبيل زيارته المتوقعة الأسبوع القادم الى السعودية، قطر واتحاد الامارات التي اختارها كهدف أول لرحلاته في العالم وفي الشرق الأوسط.
ولما كان “النصر المطلق” لن يكون وعمليا لم يكن ابدا، هدفا عمليا يمكن تحقيقه، فان على إسرائيل أن تتطلع الى صفقة سياسية، تشبه تلك التي وافقت عليها في لبنان وبتطلع – لان تكون افضل منها. على هذه ان تتضمن بادىء ذي بدء عودة عموم المحتجزين لدى حماس. محظور الاستخفاف بهذه المسألة التي هي ذات أهمية هائلة ليست فقط للحاضر بل وأيضا لمستقبلنا كشعب وكمجتمع في دولتنا. هكذا سيحاكمنا وسيتذكرنا التاريخ وهذا ما سيتبقى للأجيال القادمة من هذه الحرب – تحرير المخطوفين وليس بالضرورة تصفية خلية إرهاب أخرى أو نفق إرهاب آخر في القطاع.
صفقة كهذه ينبغي ان تهتم أيضا باليوم التالي للقطاع، المسألة التي تخشى الحكومة البحث فيها كما تخشى النار. لكن على أي حال فان التفاصيل ستمليها واشنطن وبالتالي يجدر بنا ان نستعد وان ندفع قدما بخطوة نكون نحن فيها المبادرون وليس المجرورين. الى جانب تحرير كل المخطوفين، فان الصفقة لانهاء الحرب يجب أن تتضمن ثلاثة عناصر أساسية: الأول، حرية عمل مطلقة لإسرائيل في معالجة كل تهديد تشخصه في القطاع بالضبط مثلما في لبنان. حرية عمل كذه ستمنع نشوء تهديد مشابه لذاك الذي شكلته لنا حماس عشية 7 أكتوبر.
الثاني، إدارة مدنية تدير شؤون القطاع باشراف إسرائيلي، عربي ودولي. وأخيرا – إزالة كل التواجد العسكري لحماس في القطاع. لا يدور الحديث عن “ضربة واحدة وانتهينا” وعن هدف يمكن تحقيقه في غضون يوم. فبعد كل شيء، فان هذه الأهداف لم نحققها في عشرين شهرا من القتال القوي، وعلى ما يبدو أيضا لن تتحقق اذا ما واصلنا القتال في غزة لاشهر عديدة أخرى. وعليه فان صفقة كهذه هي “العرض الأفضل والوحيد في المدينة” التي ستعيد لنا المخطوفين تنقذ حياة كم يدري من الجنود وتمنح إسرائيل مرابح هائلة في الساحة الدولية. وكل هذا دون تعريض أمننا ومستقبلنا للخطر.
وعليه، فيجب الإعلان اننا انتصرنا، ليس نصرا مطلقا لكن نصرا ذا مغزى، والانتقال الى الامام الى التحديات التالية التي بانتظارنا، واولا وقبل كل شيء الموضوع الإيراني والى جانبه التقدم في اتفاقات إبراهيم بحيث تشمل العالم العربي كله.
-----------------انتهت النشرة-----------------