بين "وَعْدِ الآخِرَةِ" و"الوَعْدِ الصّادِقِ": شِعاراتٌ كُبرى ونتائجُ مُرَّة!

بين "وَعْدِ الآخِرَةِ" و"الوَعْدِ الصّادِقِ": شِعاراتٌ كُبرى ونتائجُ مُرَّة!
حين اختارت حركة "حماس" أن تطلق على معركتها في السابع من أكتوبر 2023 اسم "وعد الآخرة"، استحضرت مشهداً دينياً ضخماً مستمدًا من الموروث القرآني حول نهاية الوجود الإسرائيلي، في رمزية تهدف إلى منح الفعل العسكري بعداً إلهياً ومصيرياً. بالمقابل، كانت إيران لعقود ترفع شعار "الوعد الصادق"، بوصفه تعبيرًا عن يقينها بزوال إسرائيل بوعد إلهي لن يخلف، تستند إليه في دعمها لحركات المقاومة في فلسطين ولبنان.
لكن ما بين الشعارين، تاهت السياسة وانفصل الواقع عن التوقع.
"وعد الآخرة" لحماس انتهى بحرب إبادة لم يشهد لها القطاع مثيلًا، دمّرت غزة بشراً وحجراً، وانتهت بالحركة من موقع التأثير إلى موقع الاستجداء لوقف إطلاق النار، بعدما تقلّصت أوراق قوتها واهتزّت صورتها أمام شعبها والعالم.
أما "الوعد الصادق" الإيراني، فقد واجه اختبارًا حقيقيًا حين وجدت طهران نفسها أمام ضربة إسرائيلية عسكرية موجعة، استهدفت العمق القيادي والعسكري، وأظهرت هشاشة في منظومتها الدفاعية رغم كل ما قيل عن جهوزيتها.
النتيجة الأهم أن كليهما، حماس وإيران، دخلا المواجهة بشعارات كبرى وانتهيا إلى خسائر ثقيلة، بشرية ومعنوية. لم تنهار البنية فقط، بل بدأ الشرخ يتسع بين الشعار والواقع، بين الشعور الشعبي المتألم من كلفة المواجهات، وبين استمرار الاستثمار الأيديولوجي في خطاب الغيبيات.
لقد أثبتت التجربة أن الرهان على "المطلق الديني" لتبرير خيارات سياسية مكلفة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، فحين لا يتحقق الوعد كما صُوّر، تسقط الهيبة وتُفتح أسئلة كبرى حول صدق الرواية وجدوى الطريق.
بين "وعد الآخرة" و"الوعد الصادق"، لم يتحقق لا هذا ولا ذاك... لكن الحقيقة المؤلمة أن الشعوب دفعت الثمن، وحدها.