انتخابات مبكرة أم جبهة حرب جديدة ومتواصلة

في اللقاء الاخير "الثاني" بين الرئيس "ترامب" ورئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" نوقشت من جديد جميع الملفات، ووفق بعضا من المعلومات التي رشحت على ما يبدو فإن الامور عادت إلى نقطة الصفر وكأن حروب أل "22" شهر ستبدأ من جديد، وهذا مرتبط بطبيعة التطورات التي فرضت ذلك وهي تتلخص بالتالي:
اولا- فشل الإنتصار الظاهري على "إيران" وكشف حقيقة هذا النصر، وردة الفعل "الإيراني" التي ترفض العودة للمفاوضات وتتهم وكالة الطاقة الذرية بانهم جواسيس وأن تقريرها الاخير كان مبررا للعدوان
ثانيا- إستعصاء الملف اللبناني، ورفض "حزب الله" الواضح لنزع سلاحه، مما يعني ان لا إنتصار في "لبنان" وان لا تطبيع ممكن بدونه اي "توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية"
ثالثا- الفشل الذريع في "غزة" رغم الكارثة والضغوط الدولية بسبب الكارثة، مما يتطلب الذهاب إلى صفقة والتفكير بكيفية فرض الإستسلام خلال مفاوضات نهاية الحرب، يسبقها فتح جبهة جديدة ومتوقع ان تكون جبهة الشمال "لبنان"
هناك تماهي وتوافق امريكي إسرائيلي على جميع الملفات، وهناك إتفاق أمريكي إسرائيلي وإقليمي على حسم جميع الملفات وبما يُحقق الرؤيا الإستراتيجية المسماة "الأتفاقيات الإبراهيمية"، وهنا الحديث عن حلف إسرائيلي عربي إقتصادي وعسكري وأمني يساعد الولايات المتحدة في مواجهة الصين اولا وأخيرا عبر إضعاف محور إيران "المقاومة"، وبحيث تشكل الخطط الإقتصادية التي وضعت كأساس للمواجهة مع "الصين" عبر تفعيل "خط الهند" وخطط النفط والغاز لوقف الاعتماد "الاوروبي" على الغاز "الروسي" نهائيا
ركيزة ذلك يكون بفرض "السلام بالقوة" وبنموذج الدولة السنية في "سوريا" التي تستخدم لتهديد "لبنان" حتى في حدوده الجغرافية، ولكن من يعطل ذلك حتى الآن "لبنان" و "غزة" وبعدهم "إيران" وحلفاءها في "اليمن" المؤجلة للنهاية بحيث تبقى وحيدة ومعزولة
واضح ان هناك عقبات كبيرة تعترض الخطة التي وضعها "ترامب-نتنياهو"، والتي تستند لمفهوم القوة وفرض السلام وبحيث تؤدي إلى حسم الملفات في المنطقة كالتالي:
اولا- الملف الفلسطيني إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر التهجير إن امكن او بالحد الأدنى عبر الضم كليا او جزئيا في الضفة الغربية وإخراج القدس واللاجئين من دائرة التفاوض الذي سيقتصر على إيجاد كيانية فلسطينية في "غزة" يتبع لها ما يتبقى من الضفة إداريا وماليا، وذلك لتبرير التطبيع وتحت يافطة إنقاذ القضية الفلسطينية من التصفية الكلية
ثانيا- ملف لبنان- لا يمكن الذهاب إلى خطوة كبيرة إسمها توسيع "الإتفاقيات الإبراهيمية" دون نزع سلاح "حزب الله" وإدخال "لبنان" إلى تلك الإتفاقيات، فلا يعقل ان تذهب زعيمة العالم العربي السني لتلك الإتفاقيات دون إنهاء فكرة المقاومة، خاصة بعد إنتقال "سوريا" للمحور السني المعتدل، لذلك يتم تهديد "لبنان" مرة بِ "إسرائيل" ومرة بِ "سوريا" ومرة بهما معا، لذلك يجب عدم إبقاء الملف اللبناني مفتوحا ويجب حسمه سلما او حربا، ويبدو ان الإسرائيلي يستعد لذلك ولولا "غزة" لتم ذلك، وعليه ينتظرون الذهاب إلى صفقة هناك قبل فتحه على مصراعيه، ومن سيكون مبادراٌ ستكون له الأسبقية في قول كلمته الأخيرة
ثالثا- الملف السوري، وهذا الملف لم يحسم نهائيا ولكن في طريقه للحسم بشكل كلي لصالح الحلف "الأمريكي الإسرائيلي السني"، ومن سمع النهديدات التي خرجت من المبعوث الامريكي "توم باراك" لقوات "قسد" يتأكد من التوجهات التي تم التوافق عليها، وبما يشير إلى عمق الإحتضان الأمريكي للشرع ونظامه، في حين قصة الدروز التي يتبين واقعها الجديد بسماح "إسرائيل" إلى قوات الشرع لدخول السويداء ودرعا ضمن الترتيبات الأمنية الإسرائيلية السورية، وهذا ما حدث فعليا وهو هو المرجح، بالمجمل "سوريا الشرع" أصبحت خنجر مسموم في ظهر المقاومة بكل فصائلها، وبالذات فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية
رابعا- الملف الإيراني...ملف مفتوح ينتظر الحسم إن إستطاعوا لذلك سبيلا، اللقاء الذي تم بين الرئيس "ترامب" ورئيس وزراء إسرائيل "نتنياهو" اتفق على ان يحصل الاخير على ضوء أخضر أمريكي لمهاجمة "إيران" اذا كانت لدى "إسرائيل" مؤشرات على ترميم المنشآت النووية، ويبدو لي ان القصة الإيرانية مسألة إستراتيجية هدفها هو إسقاط النظام، وهذا سيتم عبر التزاوج بين توجيه الضربات وبين الحصار والعقوبات الإقتصادية، خاصة بعد حسم الملفات التي لا زالت تمنع عملية التطبيع وخلق "ناتو" جديد في المنطقة بمسمى "الاتفاقيات الإبراهيمية"
خامسا- الملف العراقي سيكون تحصيل حاصل اذا بقيت "العراق" بعيدة عن الإشتباك القادم وذلك من خلال العبث الداخلي فيها وفرض معادلات جديدة تقترب من مفهوم السلام الإبراهيمي
سادسا- "اليمن" شقيقة "غزة" في الإستعصاء، لذلك يتم ترك ملفها للنهاية لأجل التوصل إلى مقاربات داخلية سلمية تؤدي لإعطاء دور داخلي مهم لانصار الله مقدمة لإحداث تحولات سياسية بعيدة عن محور المقاومة الذي كما يعتقدون سيكون قد إنتهى او وصل لدرجة الضعف التام
المعركة في الإقليم مستمرة وسوف تتصاعد لأن الثنائي "ترامب-نتنياهو" بنرجسيتهما توافقوا على إنقاذ بعضهما البعض وتوافقوا على فرض إرادتهما على منطقة غرب آسيا وساحل البحر الأبيض المتوسط بعد سيطرة الأفاقين على "سوريا" بمسمى اسلامي سلفي- إخواني سني، حيث لعبت الطائفية المفتعلة لمواجهة محور المقاومة ولا زالت دورا اساسيا في قهر الشعوب وحرفها عن صراعها الحقيقي مع الإمبريالية الإستعمارية وربيبتها الصهيونية
المشكلة أن "نتنياهو" وبعد "22" شهر من أطول حرب يعاني من وضع داخلي منقسم وإئتلاف هش، وأصبحت الامور تنحى نحو الانتخابات المبكرة، لأن الإئتلاف الحاكم أصبح عائق أمام تنفيذ الخطط المتفق عليها مع الرئيس "ترامب" خاصة أن قطبي اليمين المتطرف لا يتقنون الخداع بمسمى الدبلوماسية ويخافون من الذهاب نحو توسيع "الإتفاقيات الإبراهيمية"، فهذا يعني إنتهاء حلم عودة الإستيطان إلى "غزة" وحلم "الترانسفير" القسري، في حين "نتنياهو" بحاجة إلى صفقة ليتفرغ لإستكمال حروبه في الجبهات الأخرى، واصبح الداخل الإسرائيلي يضغط عليه وهذا يضعه امام خيارات صعبة، إما إنتخابات مبكرة وإما استكمال حروبه
الايام والأسابيع القادمة تحتاج أكثر مما مضى لتنسيق الجهود والتعامل مع كل الجبهات كونها جبهة واحدة، والعمل بالقانون المحمدي صلوات الله عليه وسلم، قانون الجسد الواحد "إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"