الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 4/12/2025 العدد 1477

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

يديعوت أحرونوت 4/12/2025

 

 

ستكلفك الميزانية الجديدة ما معدله 1000 شيكل شهريًا

 

 

بقلم: جاد ليؤر

 

بعد تأخير دام أربعة أشهر، ستناقش الحكومة اليوم جميع بنود ميزانية الدولة وقانون التسويات لعام 2026، وبسبب التأخير الطويل في إعدادها – ويعود ذلك أساسًا إلى عدم إلحاح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – ستبدأ سنة الميزانية للمرة الرابعة على التوالي. في كانون الثاني مع استمرار الميزانية.

يعني هذا التأخير الكبير أن الوزارات الحكومية ستتمكن شهريًا من إنفاق 1/12 فقط من ميزانية الدولة للعام 2025، وهو أمر غير ذي صلة حاليًا. ووفقًا لخطة وزارة المالية، فإن الميزانية، بعد إقرارها على الأرجح غدًا بعد الظهر في الحكومة، ستُعرض على الكنيست للموافقة عليها في منتصف كانون الثاني، وللموافقة النهائية عليها، بعد إعداد دفاتر الميزانية الـ 35، في قراءة ثالثة في الكنيست فقط في نهاية آذار 2026.

 

 تأثير ميزانية الدفاع

 

ستصل ميزانية الدولة إلى حوالي 622 مليار شيكل. وقد حدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش عجزًا مستهدفًا بنسبة 3.2 في المئة، وهو عجز من المرجح ألا يتحقق نظرًا للزيادة الكبيرة في ميزانية الدفاع. وسيصل معدل النمو إلى 4-5 في المئة في أحسن الأحوال. وستبلغ الإيرادات المتوقعة للحكومة، ومعظمها من الضرائب، حوالي 557 مليار شيكل.

وعلى النقيض تمامًا من تصريحات رئيس الوزراء ووزير المالية بعدم تأييدهما لزيادة الضرائب، ستمتلئ ميزانية 2026 بالضرائب الجديدة، بالإضافة إلى الضرائب التي فُرضت على الجمهور بسبب الحرب، والتي لن تُلغى في العام 2026 أيضًا. على سبيل المثال، سيستمر تجميد شرائح ضريبة الدخل وقيمة نقاط الاستحقاق، كما سترتفع أسعار اشتراكات التأمين الوطني. ويعني كل هذا، بمتوسط ​​حسابي تقريبي للأسرة الواحدة، خسارة قدرها حوالي 1000 شيكل شهريًا، أي حوالي 12000 شيكل سنويًا.

أعدت وزارة المالية قانون التسويات، وهو محدود النطاق نسبيا هذه المرة بسبب الإطار الزمني القصير، ولكن على الرغم من ذلك، فإنه يتضمن ما لا يقل عن 38 إصلاحا وتغييرا هيكليا وسبعة فصول أخرى من التغييرات الضريبية المخطط لها في بداية العام 2026.

في الاجتماع الحكومي الخاص لإقرار الميزانية وقانون التسويات، والذي سيبدأ اليوم، ولكنه سينتهي على الأرجح يوم الجمعة قبل بدء السبت، من المتوقع أن تواجه بعض الإجراءات التي خططت لها وزارة المالية صعوبات. وقد قُدّمت بعض الإصلاحات إلى الحكومة والكنيست سابقًا، لكنها لم تُقرّ في نهاية اليوم الحاسم. في عام انتخابي، يبدو أنه سيكون من الصعب إقرار بعض الاجراءات في الحكومة، وبالتأكيد في الكنيست.

وبما أننا في عام انتخابي، فإليكم بعض المزايا التي سيسعد الجمهور بتلقيها في العام 2026، لكن بعضها مشروط بإقرار الاجراءات. ومن بينها توسيع شرائح ضريبة الدخل لمن يتقاضون دخلًا إجماليًا يتراوح بين 16 ألف و25 ألف شيكل، مما سيزيد أجور عمال الطبقة المتوسطة بشكل رئيسي ببضع مئات من الشواكل الصافية شهريًا، ويعتمد ذلك بالطبع على ما إذا كان دخل الموظف الإجمالي يصل إلى 19 ألف شيكل أو 25 ألف شيكل شهريًا. من المتوقع أن يأتي التمويل من فرض ضريبة عقارية جديدة على الأراضي، رغم معارضة المقاولين العنيدة.

كما يُطرح اقتراحٌ شعبويٌّ من وزير المالية برفع قيمة إعفاء ضريبة القيمة المضافة على المشتريات عبر المواقع الإلكترونية في الخارج من 75 دولارًا إلى 150 دولارًا لكل رزمة. ومن المفترض أن يُموّل هذا الإجراء بإلغاء إعفاء ضريبة القيمة المضافة على الخدمات السياحية، في حال إقراره رغم معارضة وزير السياحة حاييم كاتس ومسؤولي القطاع.

 

 القضايا التي ستُحسم في النقاش

 

هذه هي الخطوات والإصلاحات الرئيسية التي سيُطلب من أعضاء الحكومة إقرارها اليوم:

زيادة ضريبة الأملاك: يهدف هذا الإجراء إلى تمويل خفض ضريبة الدخل للطبقة المتوسطة، وقد يواجه صعوباتٍ في الحكومة. سيؤدي فرض ضريبة أملاك بنسبة 1.5 في المئة على الأراضي غير الزراعية الشاغرة إلى ارتفاع أسعار الشقق، ومن المشكوك فيه جدًا إقرار هذا الاجراء.

بالإضافة إلى المعارضة الشديدة من جانب المقاولين والاقتصاديين لإعادة فرض الضريبة التي أُلغيت قبل 25 عامًا، يصعب تصديق وجود أغلبية مؤيدة لمثل هذا القرار في عام انتخابي.

فرض ضريبة إضافية جديدة: طُرح في الماضي اقتراح فرض ضريبة إضافية بنسبة 2 في المئة على مستثمري العقارات الذين يبيعون شققًا غير سكنية، بالإضافة إلى ضريبة أرباح رأس المال العادية، وقد أوقفها رئيس لجنة المالية آنذاك، عضو الكنيست موشيه غفني. ومن المتوقع ظهور معارضة للضريبة الجديدة في الحكومة.

تخفيض ضريبة الدخل: تُبادر وزارة المالية بتوسيع شرائح ضريبة الدخل، بدءًا من الشريحة الثالثة. سيدفع العمال الذين يتقاضون رواتب تتراوح بين 16 و19 ألف شيكل ضرائب أقل. أما الضريبة المفروضة على من يزيد دخلهم عن 16 ألف شيكل سنويًا، أي حوالي 194 ألف شيكل سنويًا، فسيتم تخفيضها في هذه الشريحة من 31 في المئة إلى 20 في المئة، وهو تخفيض كبير لأصحاب الدخل المتوسط. تقترح وزارة المالية أن يدفع العامل الذي يتراوح دخله بين 10,061 و19 ألف شيكل ضريبة دخل بنسبة ثابتة قدرها 20 في المئة، بدلاً من 31 في المئة ابتداءً من 16 ألف شيكل. ومن المتوقع تخفيض ضريبي آخر في الشريحة التالية. يُدفع حاليًا 35 في المئة من دخل قدره 22.441 شيكل، ولكن في العام 2026، سيدفع فقط من يكسبون 25.101 شيكل النسبة المرتفعة البالغة 35 في المئة. تقدير: ستوافق الحكومة على تخفيض ضريبة الدخل قبل عام الانتخابات.

مكافحة الأموال غير المشروعة: سيتم فرض حد على خصم الشيكات. سينطبق قانون تخفيض النقد للمعاملات التي تصل إلى 6.000 شيكل أيضًا على الشيكات النقدية، بما في ذلك الشيكات الصادرة عن محلات الصرافة. كما سيُحظر الاحتفاظ بالنقد بمبلغ يتجاوز 200.000 شيكل. خلال العامين الماضيين، رُفضت هذه المقترحات في لجنة المالية بسبب معارضة أعضاء الكنيست الحريديم. هذه المرة، الوزراء الحريديم ليسوا أعضاءً في الحكومة، ومن المرجح أن يُقرّ القانون.

الإبلاغ الإلزامي عن كل شقة مؤجرة: بهدف مكافحة المتهربين من الضرائب في مجال دفع الإيجار، تقترح وزارة المالية إلزام من يؤجرون شقة بأقل من المبلغ المطلوب دفعه (5.654 شيكل أو أكثر شهريًا) بالإبلاغ للسلطات الضريبية عن تأجيرهم شقة. ستستخدم مصلحة الضرائب قاعدة بيانات الشقق المستأجرة للمراقبة، ووفقًا لمسؤوليها، سيؤدي ذلك إلى تحصيل 130 مليون شيكل إضافية من الإيجار سنويًا. من المشكوك فيه أن يوافق الوزراء على هذا الإجراء.

تخفيض رسوم ترخيص السيارات: تقترح وزارة المالية إلغاء اختبار السيارة الجديدة بدلاً من ثلاث سنوات بعد استخدامها على الطريق إلى أربع سنوات. بدءًا من السنة الخامسة، سيُجرى الاختبار فقط في السنتين السابعة والتاسعة. بدءًا من السنة العاشرة، سيُجرى الاختبار مرة أخرى كل عام، نظرًا لتقادم السيارة. كما سيتم إلغاء الاختبار الداخلي أثناء دروس القيادة، مما يوفر على طالب القيادة ما يصل إلى 250 شيكل. عارضت منظمات مكافحة حوادث الطرق هذا القرار، لكن من المرجح أن تُقره الحكومة في عام الانتخابات.

قرض رسوم على السياحة: من المتوقع معارضة اقتراح إلغاء إعفاء السياح من ضريبة القيمة المضافة. في وقتٍ تشهد فيه السياحة انخفاضًا حادًا منذ بداية الحرب، قد يُلحق فرض ضريبة جديدة على السياح ضررًا أكبر بالسياحة الوافدة.

ضريبة ستزيد أسعار الرحلات الجوية: تقترح وزارة الخزانة فرض ضريبة على الطائرات بسبب تلوث الهواء. من المتوقع أن تزيد هذه الضريبة إيرادات الدولة بمعدل ملياري شيكل سنويًا. والسبب هو أن الطائرات تُسبب تلوثًا للهواء في جميع أنحاء العالم من خلال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مما يزيد من الاحتباس الحراري. ستتراوح الضريبة الجديدة بين 1200 شيكل للرحلات القصيرة على متن الطائرات الخفيفة وحوالي 100.000 شيكل للطائرات الكبيرة على متن الرحلات الطويلة. ستؤدي الضريبة الجديدة إلى زيادة تكلفة الرحلات الجوية وزيادة تكلفة المعيشة. التقييم: سيكون هناك صراع حول فرض الضريبة الجديدة.

رسوم أمنية: تقترح وزارة الخزانة تقليص أشهر التكيف خلال إجازة التسريح لأفراد الخدمة الدائمة في الجيش الإسرائيلي، والشرطة، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد، ومصلحة السجون. وسيتم تقليص الإجازة تدريجيًا حتى إلغاؤها تمامًا خلال خمس سنوات، أي في العام 2030. كما تقترح وزارة المالية إلغاء الراتب الإضافي الذي تتلقاه قوات الأمن، والمُضاف إلى ضريبة استخدام المركبات الخاصة المستأجرة، اعتبارًا من كانون الثاني 2026. كما سيتم إلغاء استحقاقات الإجازات المستحقة لأفراد قوات الأمن اعتبارًا من 1 كانون الثاني، باستثناء المقاتلين في الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن. ومن المؤكد أن هناك جدلًا حول هذه الاجراءات في الحكومة خلال فترة الحرب.

ضريبة على السجائر الإلكترونية: ستُفرض ضريبة ثابتة قدرها شيكل واحد لكل مليلتر من سائل التبخير في السجائر الإلكترونية، وضريبة ثابتة قدرها 30 شيكلًا على جهاز التبخير الذي هو سيجارة إلكترونية. ستوافق الحكومة على ذلك.

 إنشاء موانئ جديدة: يتمثل المقترح في إنشاء مينائين تجاريين جديدين في الخضيرة وعسقلان، بالاعتماد على البنية التحتية القائمة ومناطق شركة الكهرباء. وسيتم تشغيل المينائين من قِبل القطاع الخاص بعد طرح عطاءات من قِبل شركة موانئ إسرائيل.

الإعفاء الضريبي للمهاجرين الجدد: الهدف هو إعفاء المهاجرين من الضرائب في السنوات الأولى من إقامتهم في إسرائيل، وليس فقط على الدخل من الخارج، وهو وضع قائم بالفعل. والحجة هي أن الإعفاء سيفيد بشكل رئيسي أصحاب الدخل المرتفع، وليس المهاجرين الذين لن يتمكنوا من العمل في إسرائيل في البداية.

 ------------------------------------------

 

هآرتس 4/12/2025

 

 

ليس من اجل الردع يؤيد زيني عقوبة الاعدام، بل من اجل التصعيد

 

 

بقلم: ديمتري شومسكي

 

لا شك في انه عندما يقرر مخرب فلسطيني، يعمل من قبل منظمة ارهابية اسلامية، تنفيذ عملية قاتلة في قلب السكان المدنيين الاسرائيليين أو جنود الجيش الاسرائيلي، فانه يدرك ان معظم الاحتمالات هي ان الامر يتعلق بمهمة انتحارية. في الواقع اذا كان حظه جيد ونجح في النجاة من التصفية فانه يتوقع بصورة بديهية أن يتمسك بالحياة ويحاول النجاة بنفسه، ولكن من المعروف ان دوافعه الاولية الواعية هي الشهادة. وهذا بالتحديد هو الهدف الديني “السامي” للقتل القومي الاسلامي، الذي يفترض ان يكون كل مخرب مستعد له بدافع داخلي ديني. بسبب ذلك فانه من الواضح ان استخدام عقوبة الاعدام للمخربين لن تردع المخربين الاسلاميين – فعليا لا يوجد الآن مخربين غير اسلاميين – عن تنفيذ العمليات الارهابية. بالعكس، التاثير الملموس لقانون عقوبة الاعدام على المقاومة الارهابية الفلسطينية يمكن ان يتمثل بالتحديد في تشجيع الارهاب، لان هذا القانون سيضمن مسبقا التاكد من قتل الاستشهادي، وهكذا يلمح للمخرب بان الطريق الى الجنة ممهدة ومضمونة.

يصعب التصديق بان رئيس الشباك دافيد زيني لا يعرف ذلك، سواء كان الامر يتعلق بتحليل ساذج جدا، وربما يكون اجراه كبار اعضاء الجهاز مرات كثيرة في السابق عندما اعرب الجهاز عن تحفظه من قانون عقوبة الاعدام، او بسبب ان زيني نفسه مسيحاني، مثلما قال نتنياهو في الفترة التي عارض فيها ترقيته وجعله سكرتيره العسكري.

بصفته قومي متطرف ومتعصب متدين فان زيني يمكن ان يشعر ويعرف كيف يفهم النفسية المتعصبة لتقديس الله لدى العدو. ربما هذا هو السبب الخفي وراء دعمه لقانون اعدام الارهابيين. وبصفته مسيحاني فان زيني يعمل على اشعال حرب دينية واسعة في المنطقة بين البحر والنهر، وربما حتى ابعد من ذلك. والتعصب الديني والكراهية في الطرف الفلسطيني، التي ستزداد قوة عند أي اعدام لشهيد فلسطيني، ستخدم هذه الرؤية الكابوسية تماما.

يبدو ان حسابات زيني التي تنذر بالكارثة بسيطة جدا: دافع الاستشهاد، الذي سيزداد بشكل كبير مع الدفع قدما بالقانون، سيسبب زيادة كبيرة في الارهاب القومي – الديني في اوساط الفلسطينيين. ستطلق الحكومة المسيحانية اليهودية عملية تطلق عليها مثلا، “عملية يهوشع بن نون” لتطهير الارض من الذين عرفهم عوفر فنتر، الاخ الروحي لزيني، بأنهم “العدو الذي يحتقر ويشتم اله معارك اسرائيل”. من هنا فانه ستفتح الطريق امام حرب ياجوج وماجوج التي طار انتظارها، وبالطبع “الخلاص” نفسه.

من المعروف ان زيني لم يعرض هذه الرؤية بصراحة عندما ساله الوزراء في نقاشات وزارية حول موقفه المهني من القانون، مع انه من الواضح ان بعض وزراء الحكومة يتفقون معه في نفس الرؤية على الارجح. في نهاية المطاف اغلبية الشعب في اسرائيل، بمن فيهم الكثير من انصار اليمين، ادخال البلاد الى حرب دينية لاسباب لاهوتية.

لو ان زيني اعلن في الكابنت بان قانون عقوبة الاعدام للمخربين هو جزء من الخطة الالهية الشاملة لتصعيد الصراع بين الاديان الذي سينتهي بقدوم المسيح، لاثار الذعر حتى في اوساط البيبيين. لذلك فان افضل طريقة لبيع الجمهور هذه الرؤية المسيحانية هي اخفاءها تحت غطاء امني. هكذا فان زيني يكذب بوقاحة عندما يقول ان هذه الخطوة، التي تعني تشجيع ظاهرة الاستشهاد بين الفلسطينيين، تهدف في الواقع الى الاسهام في ترسانة ادوات منع الارهاب.

من غير المستبعد ان يكون زيني بتقديمه وسيلة غير عقلانية لتاجيج العداء الديني، كما لو كانت وسيلة عقلانية لتعزيز الامن القومي، قد اسس نمط عمل جديد لجهاز الشباك في عهد المسيحانية، في كل ما يتعلق بالدفع قدما بحبل الخلاص. على سبيل المثال، يمكن وصف مذابح المستوطنين في الضفة الغربية من قبل جهاز الشباك التابع لزيني بانها التزام مدني – امني، بالتعاون مع الجيش الاسرائيلي، بهدف بث الرعب في بؤر الارهاب التي تعشعش، كما يقولون، خلف كل شجرة زيتون يتم اقتلاعها.

لن يكون بعيد اليوم الذي سيوصي فيه زيني بفحص السيطرة العسكرية في المسجد الاقصى وفرض السيادة اليهودية الكاملة عليه بذريعة انه رمز للمقاومة الفلسطينية، وان القضاء عليه سيوجه ضربة قاسية لمعنويات الفلسطينيين والارهاب الفلسطيني ايضا.

البعض قد يعزون انفسهم بان رئيس الشباك المسيحاني اضطر الى اخفاء رؤيته الانتحارية المتعصبة بدوافع امنية عقلانية – أي ان المسيحانية السياسية والدينية لم تصبح بعد ايديولوجيا رسمية علنية في اسرائيل. مع ذلك فانه طالما انه لم يرفع أي احد في هذه المنظمة صوت احتجاج على استيلاء اجندة نهاية العالم على التفكير الاستراتيجي للشباك تحت غطاء خطاب امني عقلاني – فانه ليس في ذلك أي عزاء على الاطلاق. نحن نامل سماع هذه الاصوات قريبا قبل احتراق كل المنطقة بلهيب المسيح.

------------------------------------------

 

هآرتس 4/12/2025

 

 

إسرائيل تتوجه الى مفاوضات مع لبنان وتنتظر مقابلا على ذلك

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

بعد التحذير التوبيخي الذي نقله دونالد ترامب لبنيامين نتنياهو ردا على العملية العسكرية التي تعقدت في بلدة بيت جن في هضبة الجولان السورية، وتعليماته بأنه “من المهم ان تجري اسرائيل حوار حقيقي مع سوريا، وان لا يحدث امر من شانه ان يشوش على تطورها الى دولة مزدهرة”، جاء امس ايضا استعراض عضلات الولايات المتحدة في الجبهة اللبنانية. تعيين ممثل هيئة الامن القومي اوري ريزنك ليقف على راس البعثة الاسرائيلية في لجنة الاشراف على تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار، في نفس الوقت مع تعيين الدبلوماسي اللبناني المخضرم سيمون كرم لقيادة البعثة اللبنانية، تشير الى اختراقة دبلوماسية من شانها ان تبطيء، وربما تجمد، السباق الى مواجهة عسكرية بين الدولتين.

من ناحية لبنان الحديث يدور عن عملية سياسية مهمة، حيث انه حتى الان رفضت قيادة الدولة، وعلى رأسها الرئيس جوزيف عون، اعطاء للجنة الاشراف “الالية”، وحتى أي مظهر شكلي لاطار ادارة مفاوضات سياسية يمكن ان تفسر كبداية حملة قبيل التطبيع مع اسرائيل. في الواقع في الاسابيع الاخيرة تحدث عون كثيرا عن الحاجة الى مفاوضات مع اسرائيل، حيث ان الامر يتعلق بمسار لترتيبات امنية، لكنه تجنب قول حتى مصطلح “مفاوضات مباشرة”. ايضا الان بعد تعيين كرم، حرص رئيس الحكومة نواف سلام على التاكيد بان “الحديث لا يدور عن محادثات سلام. أي تطبيع سيكون مرتبط بعملية سلام شاملة، وهي ما زالت بعيدة عن التحقق”. مع ذلك قال “يوجد استعداد للمفاوضات العسكرية باعلى المستويات”.

سلام لم يفصل اذا كان لبنان سيكون مستعد لمفاوضات سياسية محدودة، أو اتفاقات اقتصادية، مثلما المح نتنياهو. ولكن من المهم التدقيق في هذا السياق في الاقوال التي قالها سيمون كرم في شهر تموز. في اجتماع عقد في جامعة القديس اتهم الدبلوماسي ابن الـ 75 سنة، والذي هو من اشد معارضي حزب الله، بان “من وافقوا على اتفاق وقف النار مع اسرائيل (أي حزب الله)، يطلقون الان النار السياسية والامنية الكثيفة على الساحة الداخلية اللبنانية. هم يهاجمون الدولة لانها تبنت الخيار الدبلوماسي، الذي هو الخيار الوحيد المحتمل بعد الكارثة (النكبة). لقد هاجموا الجيش لانه غير قادر على الدفاع عن الدولة ومواطنيها، وهاجموا القوة الدولية فقط لانها تسعى الى تطبيق قرار الامم المتحدة. كل هؤلاء هم خونة ومتآمرون… الخيار الدبلوماسي يعني قبول المفاوضات في ظل ميزان القوة الحالي، وهو الطريق المحتملة الوحيدة امام الدولة”.

موافقة لبنان على اجراء مفاوضات تحمل خصائص سياسية وليس عسكرية فقط، اتخذت بعد ان تم الادراك بان التهديد بتوسيع الحرب اصبح ملموس وفوري، واضيف اليه ضغط سياسي ثقيل من قبل الولايات المتحدة على لبنان. في المقابل، استخدمت الدول العربية، لا سيما السعودية ومصر وقطر، الضغط على واشنطن من اجل تهدئة اسرائيل. ضغط واشنطن بدأ قبل بضعة اسابيع عندما اوضح المبعوث السابق توم باراك لقيادة لبنان بان “الولايات المتحدة لن تتدخل بعد الان في وضع فيه تنظيم ارهابي اجنبي (حزب الله) يسيطر، والدولة تفشل (لبنان) وتملي الوتيرة وتطالب بالمزيد من الموارد، الاموال والمساعدات”. هذا التصريح تم تفسيره وكانه يعطي يد حرة لاسرائيل للعمل العسكري حسب ما تراه مناسبا. واضيف الى ذلك تصريح السفير الامريكي في لبنان ميشيل عيسى، الذي في مقابلة مع ليزا روزوفسكي (“هآرتس”، 29/11)، قال: “ان اسرائيل ليست بحاجة الى مصادقة الولايات المتحدة من اجل الدفاع عن نفسها”.

لكن كان لباراك، الذي يصعب اتهام تصريحاته بانها متساوقة اكثر من اللازم، ملاحظة اخرى، بحسبها “اذا كان لبنان يريد اجراء مفاوضات (مباشرة) مع اسرائيل فنحن سنساعده. سنضغط على اسرائيل كي تكون منطقية”. الان ربما ياتي التفسير الامريكي لمفهوم “منطقية”، الذي بحسبه ربما تطالب اسرائيل بوقف النار طالما ان المفاوضات مستمرة، وان تناقش بجدية مراحل الانسحاب من المواقع الخمسة التي سيطرت عليها في لبنان، وحول ترسيم الحدود البرية. هذه العملية ستحتاج الى مفاوضات موازية مع سوريا، التي تدعي ملكيتها لمزارع شبعا، وهي نقطة الخلاف الاكثر تفجرا في قضية ترسيم الحدود. سلوك اسرائيل في الايام القريبة القادمة سيبين اذا كانت وافقت على التراجع عن مبدأ ان المفاوضات ستكون فقط تحت النار، وانه يجب على لبنان اظهار على الارض التصميم والقدرة على تطهير جنوب لبنان من السلاح ومن منشآت حزب الله. بخصوص نزع السلاح في شمال الدولة هذه العملية كما يبدو ستحظى بتمديد اضافي، فيها سيحاول الرئيس عون ورئيس الحكومة سلام  التوصل الى تفاهمات مع حزب الله.

في هذا السياق يعتبر تصريح سلام، “المفاوضات غير المباشرة (مع اسرائيل) تجري تحت مظلة وطنية واضحة. هذه الخطوة محصنة سياسية وتحصل على توافق داخلي”. صحيح ان الخطاب العام والسياسي والاعلامي في لبنان يدعم بدرجة كبيرة الخطوة التي قررتها الحكومة، الا انه كان من المهم لسلام ان يعلن ذلك بصوت مرتفع، يسمع ليس فقط في الضاحية، بل في طهران ايضا. حزب الله الذي يتشبث بموقف عدم نزع سلاحه، ترك مسالة المفاوضات في حالة غامضة. الامين العام للحزب، نعيم قاسم، لم يتطرق اليها على الاطلاق في رسالته العلنية في الشهر الماضي الى القادة الثلاثة، عون وسلام ورئيس مجلس النواب، رئيس حركة أمل، نبيه بري – التي شرح فيها سياسة الحزب.

لكن اختبار سلوك حزب الله، الذي وافق في السابق على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، لن يكون حول موافقته أو معارضته لاجراء مفاوضات فعلية، بل سياتي عندما يبدأ الجيش اللبناني نشاط منهجي لجمع سلاحه في شمال لبنان وفي البقاع اللبناني. في هذه المرحلة يتوقع ان تسعى الولايات المتحدة الى تزويد حكومة لبنان بذخيرة دبلوماسية وسياسية تسهل عليها التوصل الى تفاهمات مع حزب الله، أو تجنيد شرعية شعبية اذا اضطرت الى مواجهته.

هنا ايضا يتوقع ان يطلب من اسرائيل تقديم انجازات سياسية للبنان، مثل الانسحاب من المواقع الخمسة واعادة المعتقلين اللبنانيين والسماح بعودة آلاف اللبنانيين، الذين في معظمهم من الشيعة، الذين هربوا من القرى في جنوب لبنان ولم يعودوا حتى الآن الى بيوتهم. هذه الخطوة تعتبر اساسية ايضا من اجل تمكين الجيش اللبناني من الانتشار على طول الحدود، وفقا لما يقتضيه اتفاق وقف اطلاق النار، وبالتالي، استكمال بسط سيادة الحكومة على المنطقة التي بقيت لعقود خارج نطاق سيطرتها. هذا الامر له اهمية اضافية ايضا. فهو يتعلق بالنضال السياسي والاقتصادي لاعادة اعمال لبنان.

حزب الله تعهد بتعويض سكان الجنوب والضاحية الجنوبية عن الاضرار التي لحقت بهم، بل حول خلال الحرب مبالغ لبعض النازحين من اجل دفع الايجار وشراء الاثاث والمعدات الاساسية. وهي اموال بعضها جاء من ايران ايضا. مع تقدم المفاوضات بين اسرائيل ولبنان واستقرار اتفاق وقف اطلاق النار فانه يتوقع تطور حملة اعادة اعمار لبنان الى صراع سياسي قادم بين حزب الله والحكومة اللبنانية، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية بعد ستة اشهر. من المتوقع ان تكون هذه الانتخابات، الاولى بعد الحرب، حاسمة في موقف حزب الله الشعبي والسياسي، سواء في مواجهة خصومه السياسيين أو في مواجهة شريكه نبيه بري الذي ينافسه على تمثيل الطائفة الشيعية. من هنا تاتي اهمية سيطرة الحكومة على مشروع اعادة الاعمار، الامر الذي يحرم حزب الله من نفوذه على سكان الجنوب، وبعد ذلك على كل الساحة السياسية في لبنان.

بالتحديد لان اسرائيل تقلق من نشاطات حزب الله، وتحتج وبحق على عجز حكومة لبنان، فان عليها ان تفحص الصراعات السياسية في لبنان في اطار نهجها تجاه لبنان، وعلى خلفية ذلك يجب عليها النظر الى فائدتها من استمرار السيطرة على المواقع الخمسة في لبنان مقارنة مع الضرر الذي يلحقه هذا التمسك بقدرة حكومة لبنان على استغلال اعادة اعمار الجنوب كوسيلة لتقويض نفوذ حزب الله هناك.

 ------------------------------------------

 

معاريف 4/12/2025

 

 

إذا لم تتدخل تركيا، فقد نرى أردوغان إلى جانب ترامب في البيت الأبيض

 

 

بقلم: يئير مرتون

 

المعركة في سوريا في السنوات الأخيرة ليست صراعا آخر على حكم محلي – فقد اصبح اختبارا للمنطقة. اسرائيل والغرب ضربا البنى التحتية لنفوذ ايران وحزب الله في سوريا واضعفا تواصل المحور الشيعي. وتشير بحوث غربية الى ضرر بنيوي ذي مغزى لهذا المحور منذ 7 أكتوبر، ولكن ليس الى انهيار تام.

تركيا تتموضع في شمال سوريا كعامل أساسي. مصلحتها واضحة: منع إقامة كيان كردي قوي على حدودها، تثبيت مناطق نفوذ في الشمال والحفاظ على قنوات النفوذ على دمشق. ان تمديد التخويل من البرلمان التركي للاعمال العسكرية في سوريا يبث التزاما بعيد المدى. هدفه ليس المس بإسرائيل بل الرفع الى الحد الأقصى مصالح أنقرة، لكن كل تدخل عسكري يخلق خطرا للتدخل.

بالتوازي فان الولايات المتحدة تحاول العمل على استقرار إقليمي. يسعى ترامب للترويج الى الحوارات، بما في ذلك مبادرة لرأب القطيعة بين القدس ودمشق على أساس مصالح امنية واقتصادية. فكرة اتفاق عدم قتال كفيلة بان تخلق ثقة، ولاحقا تسمح لسوريا بالانضمام الى اطار أوسع من اتفاقات إبراهيم. يجدر بالذكر ان إسرائيل قدمت عمليا “معروفا” للسُنة حين ضربت المحور الشيعي في سوريا وفي لبنان واضعفت ايران.

مع ذلك، في البيت الأبيض لا يخفون انعدام راحتهم. ثمة من يدعون بان هجمات إسرائيلية تمس بالاستقرار وتتجاوز آليات التنسيق. تؤيد الولايات المتحدة الحوار الاستراتيجي، لكنها تسعى للفصل بين مسيرة سياسية وبين اعمال عسكرية من شأنها أن تخرب على توافقات مستقبلية. مصلحة ترامب واضحة: اتفاقات سلام أخرى، تطبيع وسعي الى إرث رئاسي من “قائد اتفاقات السلام”. تتمتع إسرائيل بمرونة استراتيجية، لكن نافذة الفرص محدودة ومن شأنها أن تضيق.

هل سوريا كفيلة بان تنضم الى اتفاقات إبراهيم أو توقع على اتفاق عدم قتال؟ الاحتمالات متدنية. ولا يزال، في نظرة استراتيجية، اذا عرضت مصالح اقتصادية وضمانات أمريكية بان سوريا كفيلة بان تفاجيء بخطوة دراماتيكية.

تسير إسرائيل على خط رقيق: من جهة استمرار الضرب للقدرات المعادية – ارساليات إيرانية، بنى تحتية لحزب الله. من جهة أخرى، تنسيق دبلوماسي مع واشنطن ودول عربية تفضل الاستقرار. النهج المظفر سيكون خليط من القوة العسكرية المركزة والناجعة مع قناة سياسية مفتوحة. عمليا، إسرائيل توجد مرة أخرى بين الحاجة للدفاع عن امنها وبين الفرصة بمسيرة سياسية تاريخية. اذا نجحت الخطوة، فانها كفيلة بان تغير مفهوم الامن الإسرائيلي والإقليمي لعدة أجيال. الفرصة قائمة – السؤال هو هل ستستغلها الأطراف.

سوريا، إسرائيل والولايات المتحدة تشكل مثلث مسؤولية: كل واحدة يمكنها أن تتسبب بالتصعيد لكن أن تقود الى التطبيع أيضا. اذا لم تعرقل تركيا او حتى تنخرط كمحرك اتفاق، يحتمل ان نرى اردوغان الى جانب ترامب في ساحة البيت الأبيض في احتفال توقيع تاريخي. هذا سيناريو يخدم مصالح كثيرة ولهذا السبب فهو ليس خياليا.

*مستشار الاستراتيجي ومدير أزمات

-------------------------------------------

 

هآرتس 4/12/2025

 

 

دولة واحدة من البحر الى النهر برعاية الجيش الاسرائيلي

 

 

بقلم: حنين مجادلة

 

مؤخرا نشر اعلان للجيش الاسرائيلي في الشبكة يطالب الجنود والمدنيين بزيارة المواقع الاثرية والبؤر الاستيطانية، التي بعضها يوجد في المناطق التي تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية. الجندي الذي يقدم الاعلان يخاطب المشاهد ويساله: ألم تتقدم لخطبة حبيبتك بعد؟ نحن وجدنا لكما عدة اماكن في “القطاع”، يمكنك اخذ حبيبتك اليها لموعد غرامي، ويمكنك التقدم للزواج اذا كنتما جاهزين لذلك. ما هذه الرومانسية؟ توصيات سياحية احتلالية الى جانب دعاية سياسية ودينية.

هدف هذه الافلام هو تعزيز الصلة بين الاسرائيليين وبين اجزاء مختلفة في اسرائيل. الجيش الاسرائيلي يدفع قدما بدولة واحدة اسمها اسرائيل، من البحر وحتى النهر. لا توجد حدود 1967 أو خط اخضر، لا توجد مناطق محتلة أو حدود. بل يوجد “فضاء واحد” – اسرائيل. الجيش الاسرائيلي توقف عن اخفاء ما كان يدفع به قدما منذ سنوات: نظام واحد، سيادة واحدة، نظام مدني لليهود ونظام عسكري للفلسطينيين.

لكن الحقيقة القاسية هي ان الحملة لا تكشف أي شيء عن الجيش الاسرائيلي. لقد كشف هنا الوسط الليبرالي في اسرائيل مرة تلو الاخرى. نفس المعسكر الذي يتمتم بـ “دولتين” كشعار فارغ، فقط للعيش بسلام في ظل رفاه الاحتلال. الذين يكررون “حل سياسي” في الصباح، وفي المساء يسلمون ابناءهم لحراسة البؤر الاستيطانية، يعتبرون رومانسية المستوطنات وتحويل الفصل العنصري الى عامل جذب، ولكن لا شيء يحركهم ولن يحركهم.

في الوسط الليبرالي الاسرائيلي ما زالوا يميلون الى التمسك بمعتقدات متناقضة، لكنها تعطيهم الطمأنينة، ان اسرائيل يهودية وديمقراطية، وأن “اصلاح” الاحتلال هو خيار سياسي وليس أمر جوهري. بالنسبة لهم كان احتلال 1967 انحراف مؤقت عن المسار، وليس عنصر مؤسس للمشروع الصهيوني، لذلك فانه دائما يمكن العودة الى الصواب والتخلي عن الاراضي، والعودة الى الدولة الصغيرة والطبيعية التي تكافح من اجل البقاء في شرق اوسط معادي.

بعد سنتين من الابادة الجماعية لم يتصدع هذا التمسك بالخيال، بل على العكس، لقد اصبح آلية للدفاع. حتى الآن، في حين يصرح الجيش نفسه وبصوت عال بما يردده الفلسطينيون منذ عقود، فانهم ما زالوا يتمسكون بخيالهم الاخلاقي. أمس، في الجمعية العمومية للامم المتحدة، اتخذت الامم المتحدة قرارين يطالبان بانهاء احتلال الضفة الغربية وهضبة الجولان. اسرائيل الرسمية ردا على ذلك قالت: الجمعية العمومية مقطوعة عن الواقع. اسرائيل لن تعود الى حدود 1967 ولن تتنازل عن هضبة الجولان، سواء الآن أو في أي يوم من الايام. وماذا عن الوسط الليبرالي؟ هو يعتقد انه عند استبدال بنيامين نتنياهو الامور ستتغير.

سألت ذات مرة شخص: ما هي المرحلة التي ستبدأون فيها في رؤية الواقع كما هو وليس كما تصممون على تخيله؟ تبين ان السيناريو الذي يخيف المعسكر الليبرالي اكثر من غيره ليس الاحتلال، بل الاحتمالية المعاكسة: دولة و حدة متساوية، يعيش فيها الفلسطينيون واليهود الاسرائيليون في ظل نظام ديمقراطي واحد، بدون تفوق عرقي أو امتياز يهودي. ان فكرة التصحيح والاعتراف التاريخيين والديمقراطية التي لا تخضع للتعريف اليهودي، هي التي تجمد الدماء في شرايينهم. الآن حيث اصبح الجيش الاسرائيلي يدفع قدما بالفعل بالدولة الواحدة، فقط دولة تقوم على الابرتهايد وليس على المساواة على شاكلة جنوب افريقيا، فانه سيكون اسهل على المعسكر الليبرالي قبول الواقع الذي يخشى منه بشدة. ربما هذه الخطوة تجبره على النظر في المرآة ورؤية من هو حقا، وليس من يحب ان يتظاهر بأنه هو في الواقع.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

هآرتس 4/12/2025

 

 

الجيش الاسرائيلي يغسل ادمغة المتجندين الجدد لتبرير تواجدهم هناك باساطير خرافية

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

 في حين يقاتل المعسكر الليبرالي حتى اخر قطرة دم لتجنيد الحريديين في الجيش الاسرائيلي، اصبح الجيش بالفعل جيش الله، حتى بدون تجنيدهم. وبينما يعلن الجيش الاسرائيلي عن اغلاق محطة “صوت الجيش” فانه ينشيء لنفسه وكالة سفر ايمانية باسم “آي.دي.اف تورز”، التي تقدم مجموعة مختارة من الرحلات الى الله والارض الموعودة.

هل كان “صوت الجيش” استثناء؟ انتظروا حتى تسمعوا عن وكالة الرحلات التي قام بفتحها الجيش، مع اطلاق حملة “من اجل يهودا”، التي يتم تشغيلها على يد لواء “يهودا”. لم يعد هناك  شك: الرد استكمل، الجيش الاسرائيلي ليس مجرد جيش الشعب. من الان فصاعدا هو ايضا جيش الله. من لله سواه ومن ليس له علاقة بالله؟ هل سيجبر هو الاخر على الانضمام الى جيش الله؟ ما الذي سيفعله شاب علماني لا يؤمن بالخرافات الدينية؟ كيف سيخدم هذا الشاب في الضفة الغربية المحتلة؟.

 هذه الامور تظهر ازاء كشف نوعا شبيغل ونير حسون عن حملة السياحة الجديدة التي يقوم بشنها الجيش الاسرائيلي (“هآرتس”، 2/12). هذه الحملة لا تقتصر على دعوة الجنود والمدنيين للسفر الى الضفة الغربية، الارض المحتلة والمسلوبة، بل هي تتجاهل بشكل صارخ معظم سكانها الذين ينتمون اليها، بل هي تختلق ايضا سلسلة قيم واسباب لوجود الجيش في الارض المحتلة، التي لا يمكن ان يقبلها الا من يمشي اثناء نومه أو شخص مسيحاني.

 في المرة القادمة عندما ستكون هناك مذبحة في الضفة الغربية، يشارك فيها الجنود، ستعرفون أنه تم غسل ادمغة الجنود بهذه الحملة، وحملات مشابهة، ليس نشطاء المستوطنين وحدهم هم الذين يغسلون ادمغتهم، هذه المرة ايضا قادتهم وقادة الويتهم ونوابهم.

 “هدف هذا الامر هو الاجابة على سؤال واحد وكأنه سهل جدا ومهم جدا، وهو لماذا نحن هنا؟”، هذا ما يكرره كفتى يحتفل بسن البلوغ العقيد شاحر بركاي، قائد لواء يهودا. “لماذا نحن هنا في السامرة”، يتساءل ايضا اريئيل غونين، قائد لواء السامرة.

هذا المشروع يعمل والادمغة تُغسل. “بعد الجولات انا ارى كيف ان هذه الرابطة تتوطد، والقدرة على تنفيذ المهمة من خلال فهم واسع لما يعنيه هذا المكان”، هذا ما قالته الملازم ثاني افيساغ يونا، قائدة وحدة الدعاية في يهودا والسامرة. وحسب رأيها فانه في اعقاب الحملة اصبح الجنود اكثر مهارة في التنكيل في الحواجز، واكثر براعة في اختطاف الاشخاص من الاسرة امام عيون اولادهم، واكثر قسوة تجاه السكان. هذه هي مهمتهم في نهاية المطاف.

هذه النصوص تظهر وكأنها كتبت للضباط من قبل نشطاء المستوطنين، ربما هذا صحيح والحقيقة التي تنبع منها واضحة، اذا صدق الجنود القصص الخيالية المعروضة هنا فان الوغد كرميلي قد وضع قدميه في مياه نبع الكرمل الجميل في القرية الفلسطينية كرمل. لذلك، هذا النبع لنا. وأن قصة المعجزة عن أبونا ابراهيم، الذي جاء لاكمال النصاب في الصلاة في كنيس يهودي في قلب الخليل قبل مئات السنين، صحيحة – هم سيكونون جنود افضل، بل هناك توصية باماكن للمواعيد. ما رأيكم بواحد من الينابيع الفلسطينية الـ 56 التي سيطر عليها المستوطنون بالقوة.

الرسالة بسيطة: جنود الجيش الاسرائيلي موجودون لان الوغد الكرملي كان هناك. جنود الجيش الاسرائيلي يُقتلون لان ابونا ابراهيم كان موجود هناك. ربما هذا لا يؤثر على معظم الجمهور، لكن جيش الشعب الذي اصبح جيش الله لا يهتم بالاكثرية والاقلية، أو الحق والباطل. ادمغة الشباب المتجندين سيتم غسلها.

لا توجد أي كلمة في الحملة عن الفلسطينيين ابناء البلاد. بالنسبة للجيش الاسرائيلي، هذه المرة بشكل رسمي، فانهم غير موجودين. هم مجرد هواء. لذلك فانه مسموح الاساءة اليهم وطردهم وقتلهم.

 هكذا فان جيل تلو جيل من الاسرائيليين يرسلون ابناءهم كي يقتلون ويُقتلون في قطاع غزة، ويتم غسل ادمغتهم في الضفة. قائد اللواء بركاي، هل تريد معرفة لماذا نحن هناك؟ لاننا قمنا باحتلال هذا المكان بالقوة، وكنا متعطشين للاراضي وللانتقام من الفلسطينيين، ونؤمن بالهراءات عن الحملة التي قمت باطلاقها. هذا هو سبب وجودنا هناك.

-------------------------------------------

 

معاريف 4/12/2025

 

 

التوقيع على الاتفاق البحري بين لبنان وقبرص خطوة هامة للتعاون الإقليمي

 

 

بقلم: ميخائيل هراري

 

 

الاتفاق لترسيم حدود المياه الاقتصادية بين لبنان وقبرص الذي وقع في 26 تشرين الثاني أفلت قليلا من تحت الرادار السياسي رغم أهميته العظيمة للدولتين وللتعاون الإقليمي. لقد سبق أن تحقق اتفاق في 2007 لكنه لم يقر من البرلمان اللبناني. اما الصيغة الرسمية الجديدة فلم تنشر بعد وليس واضحا اذا كانت أدخلت تعديلات على الاتفاق لكن يبدو أن الرئيس اللبناني لا يعتزم بالضرورة ان يطرحه لاقرار البرلمان كي يمتنع عن جعله بؤرة خلاف سياسي.   

تجدر بنا الإشارة الى بضع نقاط هامة في موضوع الاتفاق. يمكن للبنان في اعقابه أن يواصل العمل على مخططاته لتحقيق إمكانيات الطاقة الكامنة في مياهه الاقتصادية. قبرص تحصل على تعزيز إضافي لمكانتها السياسية في المنطقة. واتفقت الدولتان على فحص مشروع لتمديد كابل كهرباء تحت بحري بينهما، يشبه ما يخطط له بين اليونان وقبرص (ويوجد في مراحل متقدمة) وبين قبرص وإسرائيل (ويوجد منذ سنين في مرحلة تصريحية). لسوريا، يفتح الاتفاق الباب لترسيم مياهها الاقتصادية مع لبنان. استغلال إمكانيات الطاقة الكامنة في المياه السورية حيوي لاعادة بناء الدولة.

يخدم الاتفاق اللبناني القبرصي المصلحة الإسرائيلية في أنه يفتح ثغرة لمكتشفات غاز محتملة في لبنان، تساعده على التصدي للوضع الاقتصادي الصعب في الدولة، وربما أيضا للاندماج الإقليمي. توجد أهمية كبيرة للدفع قدما بدعوة لبنان للانضمام الى منتدى الغاز الإقليمي الذي تتصدره مصدر وإسرائيل ويضم سبعة أعضاء بمن فيهم السلطة الفلسطينية.

تشعر تركيا بعدم ارتياح بشأن هذه التطورات التي لا تشارك فيها. شجبت أنقرة في 2007 الاتفاق السابق الذي وقع بين بيروت ونيقوسيا، وهي تفعل هذا الان أيضا. ينبغي الافتراض انها لن تعمل اكثر من ذلك. أساس اهتمامها منصب على الساحة السورية لاستقرار حكم الشرع وضمان مصالحها مع دمشق. ستفتح أنقرة عيونها على خطوات سورية – لبنانية لتحقيق اتفاق بحري بين الدولتين، لكن الاجندة السورية محملة جدا بالاعباء في هذه المرحلة.

اما الولايات المتحدة فلم تشارك بشكل مباشر في المفاوضات حول الاتفاق، لكنه بالتأكيد يخدم مصالحها مع لبنان وقبرص وفي المنطقة بعامة. في نظر أوسع، ينبغي التعاطي مع التطورات الإقليمية مثلما تستقبل في انقرة وفي القدس. تركيا تتابع بقلق متزايد ما تفسره كخطوات إسرائيلية لـ “السيطرة الإقليمية” وثمة حتى من يسمي ذلك تطلع إسرائيلي الى “هيمنة إقليمية”.

هذا الاتفاق، وكذا الهندسة الإقليمية التي تبلورت في العقد الأخير وإمكانية أن ينضم لبنان بل وربما سوريا أيضا اليها تضع إسرائيل وتركيا على مسار من التنافس الإقليمي. وهذا يستوجب حوارا تركيا إسرائيليا مباشرا، وعلى ما يبدو سريا في هذه المرحلة، لاجل التأكد من أن الدولتين “تفهمان بشكل افضل الواحدة الأخرى”.

 ------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 4/12/2025

 

 

يجب تحرير البرغوثي

 

 

بقلم: آفي شيلون

 

العريضة التي وقّعها هذا الأسبوع 200 فنان وشخصية ثقافية من جميع أنحاء العالم، والتي تُقارن نيلسون مانديلا بمروان البرغوثي، هي عريضة تبسيطية وخاطئة. ببساطة، ناضل مانديلا لتحرير السود من نير نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، الذي كان قائمًا على الفصل العنصري بين السود والبيض. في بداية نضاله، دعا إلى المقاومة السلمية. لم يُغيّر مساره إلا بعد أن لم يجد خيارًا آخر لتصحيح الوضع. ونتيجةً لذلك، سُجن لمدة 27 عامًا لم يتراجع خلالها عن مواقفه المناهضة للفصل العنصري. بعد إطلاق سراحه، تخلى عن الكفاح المسلح وقاد جنوب إفريقيا إلى انتخابات ديمقراطية تساوي فيها البيض والسود في الحقوق. مانديلا بلا شك أحد أعظم قادة القرن العشرين.

 أما البرغوثي، فله قصة مختلفة. في شبابه، كان أحد قادة الانتفاضة الأولى، التي اندلعت على خلفية صراع وطني مستمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وليس ضد سياسات الفصل العنصري العنصرية. بعد اتفاقيات أوسلو، أصبح أحد دعاة السلام مع إسرائيل، واعتُبر بديلاً شاباً لعرفات. ومع ذلك، بعد أن رفض الفلسطينيون اقتراح إيهود باراك بإقامة دولة مستقلة واتفاقية سلام في مؤتمر كامب ديفيد عام 2000، أصبح أحد قادة الانتفاضة الثانية، التي تضمنت تفجيرات انتحارية خطيرة ضد الإسرائيليين. ووفقًا لتقديرات الشاباك آنذاك، لم يكن البرغوثي هو من بدأ الانتفاضة، بل كان أحد مُحركيها بعد اندلاعها. أُلقي القبض عليه خلال عملية السور الواقي وحُكم عليه بالسجن المؤبد عدة مرات لقتله خمسة إسرائيليين وعشرات الجرحى في هجمات الانتفاضة. ولأنه تبنى كلاً من عملية السلام ونهج المقاومة العنيفة، فقد اعتُبر منذ ذلك الحين أحد أبطال الشعب الفلسطيني.

واليوم أيضا، وبعد أكثر من عشرين عامًا في السجن استنفدت قواه، يُعتبر البرغوثي، وفقًا لجميع استطلاعات الرأي، من القلائل القادرين على توحيد المجتمع الفلسطيني بأسره تحت قيادته، سواءً من مؤيدي حماس أو منظمة التحرير الفلسطينية. وهو من القلائل القادرين على توجيه الفلسطينيين لدعم التسوية مع إسرائيل، التي يقول إنه لا يزال يؤمن بها. في الواقع، إذا كنا نبحث عن عنوان يُمكن من خلاله، ولو كأمل، استئناف العملية السياسية، فهو في زنزانة القائد البالغ من العمر 66 عامًا، والذي لم يعد يُشكل تهديدًا أمنيًا. تقول إحدى الكليشيهات الصحيحة إن السلام يُصنع مع الأعداء، وتقول كليشيه أخرى إن اللص يُنزل من المشنقة عند الحاجة. تشرح كلتا الروايتين من زوايا مختلفة لماذا يُعد إطلاق سراحه في مصلحة إسرائيل لكل من يريد لمستقبلنا أن يكون أكثر إشراقًا.

ولما كان أبو مازن لا يحظى بشعبية بين الفلسطينيين، فقد احتلت حماس، لأسف جميع الأطراف المعنية بالصراع ، فراغ غياب البرغوثي عن القيادة. أما اليوم فتتعرض حماس لضربة موجعة. لكن إذا أردنا حقًا التخلص من حماس كعامل مؤثر، إلى جانب المطالبة بنزع سلاحها، فعلينا أيضًا تشجيع بديل سياسي. ولا يمكن أن يكون بديل حماس مُرضيًا لنا تمامًا.

من أدرك هذه الفرصة هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن في مقابلة حديثة مع مجلة “تايم” أنه سيدرس طلب إطلاق سراحه من إسرائيل لتعزيز فرص العملية السياسية. وكما تعلمنا من تطورات الأمور بالنسبة لإسرائيل على جبهات مختلفة، على سبيل المثال في لبنان وسوريا، فإن الحكومة الحالية تبدأ بالإصرار ثم ترضخ في النهاية للمطالب الأمريكية بالتسوية. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا نستبق المتوقع ولو لمرة واحدة؟ لماذا لا نطلق سراح البرغوثي بمبادرة منا، ظانين أننا بذلك سنكسب نقاطًا في الرأي العام العالمي، فنضعف نفوذ حماس، وربما ننجح في إيجاد أساس وعنوان للمفاوضات؟>

------------------------------------------

 

معاريف 4/12/2025

 

 

التقى مندوبو إسرائيل ولبنان امس في الناقورة

 

 

بقلم: أنا برسكي

 

بدأت إسرائيل ولبنان أمس البحث في مسائل عديدة ترتبط بتوسيع آلية وقف النار. ووجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعليماته للقائم باعمال رئيس هيئة الامن القومي غيل رايخ لارسال مندوب عنه للقاء أول، وقع أمس في بلدة الناقورة في جنوب لبنان. ومثل لبنان السفير السابق في الأمم المتحدة المحامي سيمون كرم. هذه هي المرة الأولى منذ عقود يشارك فيها الى جانب المندوبين الأمنيين مندوبون مدنيون من الدولتين أيضا. تعد هذه خطوة شاذة بل وتخلق توترا بين الرئيس اللبناني جوزي عون وحزب الله ورئيس البرلمان نبيه بري، اللذين يريان فيها خطوة تمت دون تنسيق سياسي داخلي.

في لبنان يستعدون لان يعين الرئيس لاحقا مندوبا خاصا لمفاوضات مباشرة مع إسرائيل برعاية أمريكية – بول سالم، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن وذلك على خلفية تصريحات مسؤولي حزب الله بان التنظيم لا يسعى الى الحرب، لكنه “سيقف صامدا اذا ما فرضت عليه”.

وادعت أوساط التنظيم أول أمس بان “المعركة لم تنتهي” وان حزب الله “لن يرفع علما ابيض”.

والى ذلك اقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة ليلة الأربعاء بأغلبية 123 دولة ومعارضة 7 وامتناع 41 قرارا يدعو إسرائيل الى الانسحاب من هضبة الجولان. يدور الحديث عن قرار يطرح للتصويت كل سنة بمبادرة سوريا ودول المحور الإيراني وينال بشكل ثابت اغلبية تلقائية في الجمعية.

هذا وفي مداولات مغلقة للجنة الخارجية والامن عقدت امس في الكنيست كشف وزير الخارجية جدعون ساعر النقاب عن أنه في الأشهر الأخيرة تجري محادثات لفحص إمكانية تسوية أمنية محتملة مع سوريا. وشدد ساعر على أن إسرائيل معنية بالتسوية، شريطة ضمان امنها وقدرتها على العمل على طول الحدود الشمالية.

وقال ساعر انه “تجرى محادثات للوصول الى تسوية امنية مع سوريا بودنا أن نصل الى تسوية معهم – لكن بشروطنا”.

“علينا أن نكون قادرين على مواصلة منع تهديدات قرب الحدود. وعليه فان تواجدنا في نقاط هامة جدا. لن نتنازل عن السيطرة في المناطق المشرفة باتفاق أمني. قمة جبل الشيخ تشرف على سوريا وعلى لبنان أيضا”.

ويفهم من اقوال ساعر انه من ناحية إسرائيل كل مخطط مستقبلي يجب أن يتضمن مواصلة السيطرة في نقاط عالية استراتيجية، وعلى رأسها جبل الشيخ، والتي تعتبر عنصرا مركزيا في قدرة الردع والرد للجيش الإسرائيلي في الشمال.

------------------------------------------

 

المكونات الثلاثة الأساسية لقوة "حزب الله"..

 

 

بقلم: يوسي منشروف

 

تُظهر التوترات الحالية بين إسرائيل و«حزب الله» الحاجة إلى صوغ استراتيجية شاملة تعالج التحدي والتهديد اللذين يشكلهما التنظيم على إسرائيل. إن اغتيال رئيس أركان «حزب الله»، هيثم علي طبطبائي، وردّ الحزب - أياً يكن شكله - سينعكسان في مسار الصراع، لكن القضية أبعد من ذلك كثيراً. فمن أجل بناء استراتيجية فاعلة، يجب فهم ثلاثة مكونات أساسية تشكل الحمض النووي لـ«حزب الله»، ولا تقتصر على السلاح - وهو محور وجوده - بل أيضاً تشمل منظومة الدعوة الواسعة لديه، التي تشمل خدمات الرعاية والصحة والمال والإعلام والتعليم، والتي تبقي الطائفة الشيعية في لبنان معتمدة عليه، فالشيعة هم بالنسبة إلى «حزب الله» بمنزلة الأكسجين للرئتين، إذ يمثلون المخزون البشري للقتال، وقاعدته الانتخابية في السياسة اللبنانية. أمّا المكون الثالث، فهو العلاقة مع النظام الإيراني، الذي يوفر المظلة الاقتصادية والدينية والأيديولوجية والعسكرية التي تُعد رافعة أساسية لقوة «حزب الله».

 

تأهيل الجيل الشيعي الشاب

 

لهذا السبب يركز «حزب الله» على مواصلة تأهيل الجيل الشاب وتعزيز ارتباطه به؛ ففي 12 تشرين الأول نُظم احتفال كبير في المدينة الرياضية في بيروت بمشاركة أعضاء حركة كشافة الإمام المهدي، وهي جزء محوري من منظومة الدعوة التابعة لـ«حزب الله». وقد تأسست هذه الجمعية سنة 1985 بدعم من الحرس الثوري الإيراني، وقد أقيمَ الاحتفال بمناسبة مرور 40 عاماً على تأسيسها، كما خُصصت للاختتام سلسلة فعاليات في ذكرى مرور عام على اغتيال حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين. وحمل الحفل شعار «أجيال السيد»، في إشارة إلى استمرار إرث نصر الله. وبحسب رئيس الجمعية، نزيه فياض، فقد شارك في الفعالية نحو 75,000 عضو، ووُضعت وسط الملعب صورة عملاقة لنصر الله.

ويتربى أفراد كشافة الإمام المهدي منذ سن التاسعة على الولاء لمرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، وعلى قيم «حزب الله»، ويتلقون تدريباً فكرياً وجسدياً، ويشاركون في بعض الأحيان في نشاطات الجناح العسكري منذ سن الخامسة عشرة. وقد أظهرت وثائق استولى عليها الجيش الإسرائيلي في حرب لبنان الثانية (حرب تموز 2006) أن برامج الكشافة تهدف إلى غرس مبادئ الثورة الإسلامية والكراهية ضد إسرائيل في نفوس الأطفال.

 

استراتيجية قصيرة المدى في مقابل استراتيجية طويلة المدى

 

في المقابل، تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل لتحقيق إنجازات ضد «حزب الله» على المدى القصير، وبالتالي، حتى لو تجاوزت إسرائيل التوتر الحالي بعد اغتيال طبطبائي واستأنفت الهجمات اليومية فسيظل تعاملها مع التهديد جزئياً فقط؛ فـ«حزب الله» سيواصل تهريب السلاح من إيران وتعزيز قدراته الإنتاجية المحلية، بينما ستضطر إسرائيل إلى مضاعفة عملياتها لمواكبة تقدم الحزب.

كما سيواصل «حزب الله» الاعتماد على كشافة الإمام المهدي مصدرا أساسيا لتجنيد عناصر، ومع غياب منظومة خدمات بديلة من الدولة اللبنانية، ودعم اقتصادي أميركي ينافس ما يقدمه الحزب، فستبقى الطائفة الشيعية معتمدة عليه بصورة كبيرة. ويبدو أن معارضي الحزب من الشيعة سيواصلون خسارة الانتخابات البرلمانية، بما في ذلك الانتخابات المقبلة في أيار 2026.

 

ما زالت إيران تطمح إلى تدمير إسرائيل

 

تواصل إيران التمسك بهدفها الاستراتيجي: القضاء على إسرائيل، وقد ظهر ذلك في خطابات خامنئي وتصريحات كبار قادة الحرس الثوري، ومنها خطاب في 13 تشرين الثاني للمتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكَرجي. وعلى الرغم من ذلك، فإن التصريحات الإيرانية عقب اغتيال طبطبائي تُظهر أن طهران لا ترى ضرورة لرد فوري من «حزب الله»، وتترك له حرية تحديد التوقيت، كما قال محسن رضائي. وتفهم طهران أن دخول الحزب في مواجهة محدودة قد يعرضه لخسائر كبيرة، ويفوت أهدافه البعيدة المدى، ولهذا تفضّل الاحتفاظ به لمواجهة أكبر.

 

مأزق استراتيجي داخل «حزب الله»

 

يبدو أن «حزب الله» يجد صعوبة في اتخاذ قرار: الامتناع من الرد قد يفسَر ضعفاً ويفتح الباب أمام ضغوط أكبر من إسرائيل ومعارضيه في لبنان، بينما القيام برد محدود سيتيح لإسرائيل تكثيف ضرباتها، وقد يؤدي إلى خسارة المكاسب التي حققها منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024. ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصدر مقرب من الحزب أنه يوجد داخله رأيان: أحدهما يؤيد الرد، والآخر يفضّل الامتناع، مع ميل القيادة إلى الامتناع. وفي الوقت نفسه يعي «حزب الله» ضرورة كشف مصادر الاختراق الاستخباراتي.

 

ضعف الجيش اللبناني

 

كشفت تقارير إسرائيلية حديثة عن صعوبات الدولة اللبنانية في الاستفادة من وضع «حزب الله» الحالي لتعزيز سيادتها، إذ ذكرت أن الجيش اللبناني - الذي يضم عدداً كبيراً من الضباط الشيعة - يرفض طلبات إسرائيل دخول أملاك خاصة في الجنوب التزاماً بتفاهمات مع «حزب الله»، وأن هناك تنسيقاً بين ضباط كبار في الجيش والحزب يشمل إنذارات مسبقة لإخلاء مواقع قبل وصول الجيش. وتكشف هذه المعطيات عمق نفوذ الحزب في مؤسسات الدولة، وهو نفوذ رسخته إيران على مدى أكثر من أربعة عقود.

تتطلب مواجهة «حزب الله» استراتيجية شاملة متعددة الجبهات، لا تكتفي باستهداف قدرته العسكرية، بل أيضاً تعمل على تقويض سيطرته على قاعدته الاجتماعية. الضربات العسكرية وحدها لن تحقق الهدف المرجو.

عن موقع معهد «مسغاف» للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here