الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 4/8/2025 العدد 1373

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

 

 

هآرتس/ ذي ماركر 4/8/2025

 

 

 

عملية “عربات جدعون” هي فشل كلف خزينة الدولة 25 مليار شيكل

 

 

 

بقلم: سامي بيرتس

 

في الاشهر الاولى للحرب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كرر في عدد من الجلسات قول: “أنا اريد أن تصبح غزة موضوع ممل بالنسبة للعالم”. من غير الواضح كيف كان ينوي فعل ذلك، وربما كانت هناك لحظة حدث فيها ذلك. ولكن في الاسابيع الاخيرة كل شيء انقلب رأسا على عقب: غزة اصبحت الموضوع الاكثر اهمية بالنسبة للعالم.

الصور التي تاتي من غزة لم تبق العالم لامبالي: طائرات من دول كثيرة تنزل بالمظلات المساعدات الانسانية لغزة. اسرائيل تشهد تسونامي سياسي، لم تعرفه ولم تتوقعه، لدول كثيرة تعلن عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية. اكاديميون اسرائيليون يواجهون بالغاء مشاركتهم في مؤتمرات وفي نشاطات بحث في اوروبا. الاحداث تزداد ضد اسرائيلي في ارجاء العالم. غزة لم تختف. وطوال الوقت الذي تاتي فيه من هناك تقارير عن الجوع، لا تبقي العالم لامبالي، وبالتأكيد لا يشعر بالملل.

حتى ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الذي ظهر وكانه يتساوق مع كل هستيريا الحكومة الحالية، وحتى وفر لها حلم الريفييرا المدحوض في غزة، اعترف قبل اسبوع بانه “يوجد جوع حقيقي، ولا يمكن تزييف ذلك”. الصور القاسية للمخطوفين الاسرائيليين افيتار دافيد وروم برسلفسكي، التي نشرتها حماس، استهدفت التأكيد على ذلك.

 

 

الاعتراف بالفشل

 

مصادر سياسية في اسرائيل قالت ان حملة التجويع ادت الى تصلب حماس في مواقفها في المفاوضات. عملية “عربات جدعون” استهدفت الضغط على حماس كي تظهر المرونة. ولكن الازمة الانسانية ادت الى نتيجة معاكسة. لذلك، يتم طرح الان في اسرائيل فكرة جديدة وهي بدلا من صفقة جزئية كما فضل نتنياهو خلال الحرب، يتبلور قرار بالدفع قدما بصفقة شاملة لاطلاق سراح جميع المخطوفين وانهاء الحرب مقابل نزع السلاح في غزة.

هذه فكرة، التي قبل ثلاثة اسابيع رفضها نتنياهو في لقاءاته مع عائلات المخطوفين وقال ان الصفقة الشاملة هي امر غير محتمل. ما الذي يجعلها الآن محتملة؟ نتنياهو لا يقدم أي تفسير للجمهور. مصدر سياسي يعرف بالضبط طريقة عمل نتنياهو قال “هذه فقط محاولة لكسب الوقت وخلق مظهر كاذب لاتخاذ مبادرة”.

ما يظهر في التوجه الجديد هو الاعتراف بفشل عملية “عربات جدعون”، التي عملت فيها خمس فرق في غزة وقتل 40 جندي، وتكلفتها قدرت بـ 25 مليار شيكل، وهي نبعت ضمن امور اخرى، من تجنيد واسع للاحتياط.

ايضا نظام قوات الجيش الاسرائيلي الذي تحدد في ميزانية الدولة الاصلية للعام 2025، ارتكز الى ابقاء 50 الف جندي احتياط بالمتوسط، لكن في اعقاب العملية هذا العدد قفز الى حوالي 100 ألف جندي احتياط.

تكلفة الـ 50 الف جندي احتياط تقدر بـ 2 مليار شيكل في الشهر. لذلك فان التكلفة الزائدة لجنود الاحتياط الذين تم تجنيدهم في اعقاب العملية كانت مضاعفة، وتجاوزت الـ 2 مليار شيكل في الشهر، المبلغ المحدد في عملية غزة، بدون الاخذ في الحسبان تكلفة عملية “شعب كالاسد” في ايران التي كلفت 22 مليار شيكل اضافي.

هذا ليس الضرر الوحيد. التسونامي السياسي الذي جلبته معها حملة حماس يجبي ثمن باهظ آخر وهو المس بالشراكة الاكاديمية والتجارية. وهو يمكن أن يتفاقم ويستمر لفترة طويلة، بالاساس اذا استمر الطريق المسدود بالنسبة لاطلاق سراح المخطوفين وانهاء الحرب وازدادت عمليات الجيش الاسرائيلي العسكرية في غزة.

 

 

اثمان خيالية

 

الاعتبارات الاقتصادية لم تكن قائمة في المرحلة الاولى للحرب، لكن استمرارها الى جانب الافكار التي يحاول وزراء اليمين الدفع بها قدما والتسبب بازمة سياسية شديدة، يقتضي وضع على الطاولة هذه الاعتبارات ايضا.

يتوقع ان الشخص الذي سيضعها على الطاولة هو وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بكونه المسؤول عن خزينة الدولة، ولكنه يوجد بالضبط في الطرف الثاني – يؤيد الاحتلال الكامل لغزة، اقامة المستوطنات وطرد السكان الغزيين، الامر الذي فقط سيفاقم الازمة السياسية.

الحكومة منقسمة حول هذه المعضلة بين صفقة التبادل وانهاء الحرب وبين سيناريو استمرار الحرب الى درجة اقامة حكم عسكري. اذا كان الامر يتعلق بسموتريتش والوزير ستروك فلا توجد معضلة.

في الاسبوع الماضي قال سموتريتش في لقاء لليمين: “الجيش يجب عليه اتخاذ أمر فوري باحتلال كل القطاع دفعة واحدة – مدينة غزة والمخيمات في الوسط، وقتل جميع المخربين وتدمير البنى التحتية الارهابية، فوق وتحت الارض. وفرض حكم عسكري كامل في قطاع غزة، على الفور وبقوة وبدون أي حساب وبدون التوقف للحظة. سيدي رئيس الحكومة، لقد انتهى وقت التردد ويجب التغلب على هذه المعضلة. لم يعد هناك الان هذا وذاك”.

سموتريتش في الحقيقة يحاول الوصول الى نسبة الحسم في معظم الاستطلاعات، لكن قوته في الحكومة كبيرة، وبالتاكيد الآن، لان الحريديين يرفضون الجلوس في الحكومة طالما انهم لا يرتبون للشباب الحريديين قانون الاعفاء من الخدمة.

اقوال سموتريتش تسمع كخطاب انتخابي، ولا يوجد وراءها أي خطة حقيقية لفرض حكم عسكري في غزة. نقاشاته مع موظفي وزارة المالية لا تتناول تخطيط حكم عسكري أو وضع ميزانية لعملية كهذه، لكنها تشمل وضع ميزانية بمئات ملايين الشواقل لنشاطات المساعدات الانسانية في غزة. المبدأ الموجه هو ان اسرائيل لا تشتري الطعام لصالح الغزيين، لكنها توفر الاعمال اللوجستية من اجل تاييد صندوق المساعدة الامريكي.

استمرار الحرب والدفع قدما بحكم عسكري ستجبي من اسرائيل اثمان خيالية. وليس عبثا ان سموتريتش لا يقوم حتى بنقاش مسبق حول ذلك في وزارة المالية. الحكم العسكري هو عملية يمكن ان تستمر لسنوات كثيرة (لا يجب تصديق تفسير ان هذا هو “وضع مؤقت”)، وسيحتاج الى مواد ضخمة من القوة البشرية والميزانيات، وسيجبي اثمان سياسية واقتصادية باهظة، التي جزء منها بدأنا نشعر به الآن.

الاعتماد على الحلول التكنولوجية المتقدمة لسد العجز في الميزانية لن تكون له أي فائدة اذا تفاقم الانهيار السياسي. نهاية الحرب قد تشكل تهديد للحكومة الحالية، لكن حكم عسكري في غزة يهدد اقتصاد اسرائيل وعلاقاتها السياسية لسنوات قادمة – ليس فقط ذلك. فسينهار مستوى المعيشة لسكان اسرائيل، التي ستصبح دولة منبوذة في العالم. يبدو ان حماس نفسها تدرك ذلك،  ولهذا هي لا تبالي بالتهديد بالحكم العسكري.

------------------------------------------

 

 

معاريف 4/8/2025

 

 

 

عن الغباء

 

 

 

بقلم: يورام دوري

 

بعد متابعة وثيقة لمواقف أعضاء حكومة إسرائيل واحاطات “مصدر سياسي كبير”، وجدت نفسي أتوجه الى قاموس عبري – عبري كي أفحص معنى كلمة واحدة طرأت على بالي: غباء. التعريف الذي عثرت عليه هو انعدام الحكمة، الهبل. رويدا رويدا وصلت الى الاستنتاج بان هذا التعريف هو عبارة أقل وصفا لاداء حكومة إسرائيل.

 على مدى اشهر طويلة اعتقدت الحكومة بانه كلما كان القتال في غزة “اقوى” اكثر (أي ان نحتل البيت إياه في خانيونس للمرة الرابعة (هكذا تتزايد روافع الضغط على حماس لنزع سلاحها وإعادة المخطوفين. عمليا تبين انه كلما احتدمت الحرب هكذا ابتعد المخطوفون عن عودتهم واساسا اقتربوا الى موتهم، فيما نجحت حماس في المس بقواتنا.

عندما انكشف هبل هذه الاستراتيجية اخترع نهج جديد، تعطي قتالا حقيقيا للهبل السابق. نهج يروج له كل يوم مبعوثو الحكومة والناطقون غير الرسميين بلسانها – مراسلون في قنوات التلفزيون: اذا ضممنا ارضا في القطاع، وضعنا سيتحسن بان “لا يهم العرب غير الأرض وليس حياة الانسان”. هذا استنتاج غريب للفكر المسيحاني – اليميني عن قيادة حماس. في هذه الرؤيا، الأرض اهم من الحياة، وعليه فمسموح بل ومرغوب فيه التضحية بحياة مدنيين وجنود إسرائيليين لاجل كسب ميلمتر آخر من الأرض.

النتيجة: حملة فرض السيادة على غزة – التي لم تكن ابدا تعود لإسرائيل – مشروع مسيحاني أدى فقط بمزيد فمزيد من دول العالم للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. لا في اطار المفاوضات، لا في التوافق – بل في قرار من طرف واحد يعرض امننا للخطر.

ومن هنا الى قضية الجوع في غزة. خطابات عالية لوزراء دعت، امام كل كاميرا وكل ميكروفون، “لتسوية غزة بالأرض” و “تجويع سكانها”، اقوال قاسية تتناقض تماما والأخلاق اليهودية والاسرائيلية. هذه الاقوال وضعت إسرائيل امام تسونامي سياسي محاولات الدفاع عن النفس ضده، والتي تستند الى الايمان بانه تكفي البيانات للصحف، انهارت عندما وصلت المشاهد القاسية للصراع على ذرة دقيق الى كل بيت في العالم. كان أيضا من اعتقد بان إخفاء المشاهد القاسية عن شاشات التلفزيون في البلاد سيؤثر على المشاهد في بريطانيا او في فرنسا. كل من يتبنى شعار ان المشكلة هي في الاعلام الرسمي (الهسبرا) لا يفهم بان صورة قاسية واحدة تؤثر اكثر من الف كلمة، وحتى كلمات بالانجليزية الفاخرة لديرمر او نتنياهو.

كما أن استخدام السلاح المطلق الذي يؤثر على مواطني إسرائيل اليهود – صراخات في الاستديوهات عن ان هذا “لاسامية” لا يحقق هدفه. وفي النهاية، الإعلانات عن الترحيل (حتى “الطوعي”) لمليوني فلسطيني في غزة لاجل استيطان القطاع بالمستوطنين تؤدي الى تفاقم عزلتنا السياسية وظواهر عنف ضد سياح إسرائيليين في العالم.

صعب علي بعض الشيء ان افهم من أين ولد الهبل الحكومي، كون رئيس الوزراء نتنياهو برأيي بعيد عن ان يكون اهبل. فالرجل ذكي ومجرب. اين فهمه؟ مهما يكن من أمر، حكومته غبية.

-------------------------------------------

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 4/8/2025

 

 

 

حرب لا مفر .. طريق بلا مخرج

 

 

 

بقلم: العميد تسفيكا حايموفيتش

 

منذ ذاك الصباح الأسود لـ 7 أكتوبر مر 22 شهرا من القتال. من ذاك القصور الرهيب لحرب متعددة الجبهات، وعلى الطريق مواجهة مباشرة مع حزب الله. وقبيل تغيير الواقع في الساحة الشمالية – حرب شديدة في ثلاث جولات حيال ايران، آخرها كانت هي الأشد ولعلها أحدثت تغييرا ذا مغزى في فورية التهديد النووي على إسرائيل. في قطاع غزة الحرب استمرت واستمرت مع كثير من الشعارات والتهديدات، وفي هذه الاثناء بلا نصر (مع اننا قبل سنة ونيف كنا على مسافة نحو “خطوة” عنه)، و “بوابات الجحيم” لم تفتح على حماس (رغم أنه منذ شهر اذار يكرر وزير الدفاع التهديد إياه تقريبا في كل اسبوعين).

  منذ بداية الحرب في قطاع غزة وإسرائيل تمتنع عن اتخاذ القرارات وتنجر وراء مبادرات خارجية، وبين الحين والآخر تطلق الى الهواء أفكار محلية معظمها عديمة الجدوى وذات احتمالات محدودة واساسا لا تقدمنا الى الامام في تحقيق اهداف الحرب. في سياق الحرب بدأنا “نقدس” المحاور: بداية كان هذ محور فيلادلفيا الذي سمي (من قبل رئيس الوزراء) “محور الشر” و “تهديد وجودي” على إسرائيل. وقد استبدل بمحور موراغ، ولفترة زمنية قصيرة تسلل الى وعينا محور ماغين عوز (محور يقسم خانيونس). كل واحد من المحاور بدوره كف عن ان يكون ما وصف به وشكل نقاط انسحاب في مفاوضات لم تتقدم الى أي مكان.

والاسوأ من ذلك هو أن قرارات الحكومة تقدس تلك الأفكار التي لا تستند الى سياسة، الى استراتيجية او الى خطة مع منطق مرتب، وفي النهاية الواقع يؤدي الى نتيجة معاكسة بالتأكيد.

في اذار الماضي تبلورت فكرة ترجمت الى تعليمات عسكرية. حظر ادخل مساعدات إنسانية الى القطاع. وزير المالية بتسلئيل سموتريتش شدد حتى على أنه “لن تدخل ولا حتى حبة ارز الى قطاع غزة. لم تمر أربعة اشهر واذا بوقف المساعدات الإنسانية يتحول الى “اغراق” انساني، حين يدعو رئيس الوزراء كل دولة لان تكون شريكا لحملات التموين في الجو وفي البر. وهكذا فقدت إسرائيل احدى الروافع الهامة حيال حماس.

مثال آخر ومقلق بقدر لا يقل، يثير حتى تساؤلات اكثر، هو رفض حكومة إسرائيل من اليوم الأول للحرب البحث في “اليوم التالي” لحماس في القطاع. إسرائيل الرسمية رفضت وردت كل محاولة للبحث في البديل السلطوي والإداري لحماس في قطاع غزة (مبادرة القاهرة، الاقتراح السعودي وغيرها)، وفي الأسبوع الماضي حصلنا على المبادرة الفرنسية للاعتراف بدولة فلسطينية. النتيجة: رفض البحث في بديل سلطوي لحماس سيجلب علينا اعترافا بدولة فلسطينية.

 

 

ماذا حصل بالدفعات

 

  أنهي بمثال يوجد في لباب الحرب – إدارة المفاوضات لتحرير المخطوفين. إسرائيل هي التي بادرت في أيار الماضي بفكرة الاتفاق على دفعات، انطلاقا من الإرادة للامتناع عن انهاء الحرب – موقف كان حجر عثرة امام أي تقدم لتحرير مخطوفين. فجأة، يوم الخميس الماضي، “مصدر سياسي كبير لمكتب رئيس الوزراء” (رئيس الوزراء نفسه؟) اعلن بان هذا هو الوقت لصفقة واحدة لتحرير كل المخطوفين في دفعة واحدة. هل يعرف احد ما او يمكنه أن يشرح ماذا حصل في الأيام الأخيرة ما لم يحصل في الأسابيع والاشهر الأخيرة؟ الامر ونقيضه.

من حرب بدأت من من وضع اللامفر، مع شرعية دولية من الحائط الى الحائط بلا تحفظات ولا تلعثمات، وصلنا الى وقع من طريق بلا مخرج. الإصرار على عدم البحث في “اليوم التالي” وعدم المبادرة الى أوضاع نهاية الحرب أدى بالأفكار المختلفة لان تنقلب علينا، وتجر دولة إسرائيل الى أوضاع تحرف اهداف الحرب الاساسية (هذا لا يقدم في شيء تحرير المخطوفين ولا حسم حماس)، واكثر من ذلك – هذا يصبح تهديدا على الدولة وعلى المجتمع الإسرائيلي كله: وقف الأموال الأوروبية الى الاكاديمية، للبحث والتطوير، تعاظم موجات اللاسامية في العالم، عزلة دولية من شأنها أن تؤدي الى خطوات تقيد الإسرائيلي العادي في كل أنواع الأماكن، حظر ومقاطعات على أنواع مختلفة من السلاح، وغيرها.

هكذا تبدو دولة في ارتباك، وليس دولة توجد على مسافة خطوة عن النصر. مطلوب سياسة واستراتيجية. مطلوب بوصلة توجه كل الاعمال والأفكار، والى أن يحصل هذا سننتظر الفكرة غير الناجحة التالية.

*العميد احتياط  قائد منظومة الدفاع الجوي سابقا ومستشار استراتيجي حاليا

-------------------------------------------

 

 

هآرتس 4/8/2025

 

 

 

حرب غزة تغير السياسة الألمانية التقليدية تجاه إسرائيل

 

 

 

بقلم: ليئام هور

 

 في الوقت الذي عقدت فيه فرنسا والسعودية في الشهر الماضي قمة هامة للامم المتحدة في محاولة لتحريك الدعم الدولي لحل الدولتين، فان موقف المانيا بقي حتى الآن بدون أي تغيير – الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب ان ياتي فقط بعد وليس قبل اتفاق السلام مع اسرائيل.

قبل القمة اعلن الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية في وقت لاحق من هذه السنة. رئيس الحكومة البريطاني كير ستارمر ذهب في اعقابه حتى لو كان وضع عدة شروط خاصة به. في المقابل، المانيا تتبع مقاربة حذرة اكثر، رغم الضغط الداخلي والخارجي المتزايد – من اعضاء برلمان، المجتمع المدني وشركاء آخرين في الاتحاد الاوروبي – الا ان حكومة المستشار فريدريك مارتس ما زالت تتمسك بموقفها التقليدي بشأن اقامة الدولة الفلسطينية.

في يوم الخميس قال وزير الخارجية الالماني، يوهان فادبول، بان الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب ان يكون بعد انتهاء المفاوضات حول حل الدولتين. ولكنه اضاف بان “العملية يجب ان تبدأ الان”. فادبول نشر البيان قبل فترة قصيرة من زيارته في اسرائيل وفي مناطق الضفة الغربية.

رغم ان موقف المانيا ما زال حذرا الا ان هناك دلائل على تغييرات بطيئة ولكنها واضحة في المقاربة الاوسع تجاه القضية. في اليوم الذي افتتحت فيه قمة الامم المتحدة في نيويورك تم عقد الكابنت الامني في المانيا من اجل فحص الازمة الانسانية المتفاقمة في قطاع غزة.

 بعد الجلسة اعلن المستشار مارتس بان المانيا ستشغل بالتنسيق مع الاردن قطار جوي لنقل المساعدات الانسانية الملحة الى القطاع، وهي بادرة حسن نية تعكس القلق وتعطي ايضا اشارات على رغبة المانيا في موازنة خطها الاستراتيجي مع اسرائيل بواسطة المساعدات الانسانية. “نحن نعرف ان هذه ستكون مساعدات صغيرة لسكان غزة”، قال مارتس واضاف “هذا اسهام المانيا مسرورة بتقديمه لأننا نريد انهاء المعاناة الانسانية للسكان في غزة في اسرع وقت. نحن نريد ان يتوقف القتال في غزة على الفور، وفوق كل ذلك نحن نريد ان يحصل اصدقاءها في اسرائيل على السلام والهدوء بعد الاحداث الفظيعة في 7 اكتوبر، وان يتمكنوا من العيش بأمن وسلام”.

 

 

الضغط يزداد، من اليمين ومن اليسار

 

كريستن اوفناس الذي يتراس المنظمة المؤيدة لاسرائيل، شبكة الزعامة الاوروبية “النيت” في برلين، قال انه منذ تسلم مارتس لمنصبه في شهر ايار الماضي هو يواجه “الفترة الاكثر تحديا من ناحية علاقات اوروبا واسرائيل منذ اقامة هذه المنظمة في 2007”. رغم ان ائتلاف مارتس مع الحزب الاشتراكي – الديمقراطي لا يوجد في خطر، الا ان الضغط الذي يستخدم عليه فيما يتعلق بغزة آخذ في الازدياد من جانبي الخارطة السياسية. في اليمين حزب مارتس، وهو الحزب المسيحي الديمقراطي سي.دي.يو، وحليفه الحزب المسيحي الاشتراكي سي.اس.يو، يعارضان أي انتقاد علني لاسرائيل.

في اليسار، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، تسمع اصوات تعتقد ان المانيا كان يجب ان تتخذ موقف متصلب اكثر في مرحلة ابكر، ويطالبون بوقف النار على الفور. وحتى ان بعضهم يدعون الى فرض حظر للسلاح على اسرائيل وتعليق جزئي او كامل للميثاق الذي ينظم العلاقات بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي. مارتس اظهر استعداده لفحص هذه الخطوات.

“العلاقات بين المانيا واسرائيل تتغير، لكن ذلك يحدث بشكل بطيء جدا، والامور لا تتقدم على صورة خط مباشر”، قالت موريال اسبورغ، رئيسة قسم الشرق الاوسط وافريقيا في المعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية في برلين، في مقابل مع “هآرتس”. المحادثة تراوحت بين انتقاد نشاطات اسرائيل في الحرب وغياب مقاربة انسانية وبين تاكيد الموقف الذي يقول ان اسرائيل يمكنها الاعتماد على المانيا. “كل ذلك يحدث في الوقت الذي فيه قوى مختلفة تريد التاثير على العلاقات وعلى الخطاب العام”، قالت.

التوتر بين الموقفين يعكس ليس فقط التعقيد في العلاقات بين المانيا واسرائيل، بل ايضا وضع المستشار مارتس السياسي والتحديات الحكومية التي يواجهها. “دعم مارتس لاسرائيل كان واضح خلال حياته السياسية”، قال اوبنس، الذي شغل منصب الممثل الاقليمي لحزب سي.دي.يو قبل انضمامه الى “النيت”. “الاتفاق الائتلافي ينص بشكل صريح على ان امن اسرائيل هو مبدأ اساسي بالنسبة لحكومة المانيا”، قال واضاف. “في السنة والنصف الاخيرة الوضع اصبح اكثر استقطابا، لا سيما فيما يتعلق بغزة”.

 لويز اسبرغ، عضوة البرلمان من حزب الخضر قالت ان “النقاش الحالي حول اسرائيل وغزة اكثر سخونة، لكنه ايضا اكثر شفافية. هذا مفهوم كليا ازاء المعاناة الشديدة وغير المقبولة على العقل لسكان غزة”. اوبنس واسبرغ يوافقان على ان المانيا امتنعت بشكل تقليدي عن توجيه أي انتقاد علني لاسرائيل. “الحكومة الحالية في المانيا ربما، حتى اكثر من سابقتها، تختار العمل مباشرة مع الحكومة الاسرائيلية من خلال اسماع انتقاد، وبالاساس في الغرف المغلقة”، شرحت اسبرغ. “الحكومة تقول بانه هكذا هي تبني الثقة وتخلق الفرصة لاقناع اسرائيل بدلا من عزلها”.

 

 

رويدا رويدا الانتقاد اصبح علنيا

 

مع ذلك، ازاء تدهور الوضع في غزة وتغير الديناميكية الدولية فان حكومة مارتس بدأت في اسماع انتقادها بشكل علني، حتى لو كان انتقائي. مثلا في 21 حزيران المانيا لم توقع على بيان مشترك لوزراء خارجية 31 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وبولندا. في هذا البيان تمت صياغة طلب لانهار فوري للحرب في غزة، والغاء فوري للقيود على تدفق المساعدات الانسانية، وتطبيق ما يقتضيه القانون الانساني الدولي ووقف البناء في المستوطنات.

بدلا من ذلك في 25 حزيران نشرت المانيا وفرنسا وبريطانيا بيانات منفصلة حتى لو كانت بنفس الصيغة. البيانات طالبت بـ “وضع نهاية للحرب في غزة”، وتوسلت الى اسرائيل من اجل “الغاء على الفور القيود على تدفق المساعدات… والوفاء بواجباتها حسب القانون الانساني الدولي”. في البيانات جاء ايضا ان هذه الدول “تعارض بشدة كل جهود اسرائيل لفرض سيادتها على المناطق الفلسطينية المحتلة”.

رغم ان البيانات متشابهة بشكل كبير، الا ان اسبرغ قالت ان الصيغة التي وقعت عليها المانيا “تمت صياغتها بطريقة مخففة، وهي بناءة اكثر من ناحية توجيه الخطوات القادمة”. وحسب قولها فانه في البيان الاول كانت توجد نقاط ظهرت لالمانيا قاسية جدا، وممثلوها قالوا انه لم يكن هناك وقت كاف لمناقشة صيغة مقاطع معينة في النص.

هذا السلوك الحذر انعكس ايضا على مشروع قرار آخر للاتحاد الاوروبي. في الاسبوع الماضي قامت المانيا وايطاليا بوقف المصادقة على مشروع تم طرحه في الممثلية الاوروبية من اجل تعليق تمويل مشاريع اسرائيلية ناشئة. لو انه تمت المصادقة على الاقتراح لكان ذلك سيتسبب باخراج شركات اسرائيلية من خطوة “هورايزون” المهمة، لا سيما شركات تكنولوجيتها يمكن أن يكون لها استخدام عسكري. المانيا وبريطانيا رفضتا دعم هذا المشروع، وطالبتا بتاجيله من اجل فحص هل الوضع الانساني في غزة يتحسن قبل ان تفحصا التعليق الجزئي للتعاون مع اسرائيل.

مؤتمر الامم المتحدة الذي عقد في الشهر الماضي تم التخطيط لعقده في حزيران، ولكن تم تاجيله بسبب الحرب بين اسرائيل وايران. ثلاثة اعضاء في البرلمان الالماني، من بينهم لويز اسبرغ، اتخذوا خطوة غير مالوفة وقاموا بنشر مقال في صحيفة “فرانكفورتر روندشاو”، توسلوا فيه للحكومة الالمانية من اجل السير في اعقاب فرنسا والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

حزب الخضر لاسبرغ، الذي يوجد الآن في المعارضة، متوحد بالنسبة لدعم حل الدولتين. ولكنه منقسم من الداخل حول قضية الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية. “المقال لم يكن له التاثير المامول”، قال نمرود فلشنبرغ، من “اسرائيليون من اجل السلام”، وهي جمعية يسارية اسرائيلية تعارض الحرب ومقرها في برلين. هذه الجمعية تبادر الى تنظيم مظاهرات دائمة في عاصمة المانيا وتعمل من وراء الكواليس من اجل اقامة علاقات مع اعضاء برلمان في حزب الخضر والحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب اليسار “دي لينكا”.

في الوقت الحالي لم يتغير موقف الحكومة الالمانية. “الاعتراف بالدولة الفلسطينية سياتي فقط بعد انتهاء مفاوضات ناجحة بين اسرائيل والفلسطينيين”، قال المتحدث بلسان وزارة الخارجية الالمانية للصحيفة في الاسبوع الماضي، في استمراراية لموقف وزير الخارجية يوهان فادبول نفسه قبل زيارته في المنطقة.

“هذا هو الموقف التقليدي لالمانيا – الاعتراف يمكن ان ياتي فقط في نهاية العملية السلمية”، قالت اسبرغ لـ “هآرتس”. “لا اعتقد ان تبرير الموقف مقنع بشكل خاص. الاعتراف بالدولة الفلسطينية يتفق جدا مع دعم حول الدولتين وسيوضح الخطوط الاساسية للحدود بينهما”. اوبنس لا يوافق على ذلك، وقد قال “أنا عتقد ان الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيكون رمزيا فقط، وهو لن يحسن وضع أي أحد في المنطقة”.

“حسب ما اسمعه من الناس في اسرائيل فان المانيا هي الشريكة الاستراتيجية المهمة والاكثر صلة باسرائيل في اوروبا، والثانية من حيث الاهمية بعد الولايات المتحدة”، قال اوبنس. المانيا الان هي الشريكة التجارية الاكبر لاسرائيل في اوروبا، ومزودة السلاح الاكبر لها بعد امريكا. “بين الاصدقاء يمكن التحدث بحرية، لكن الامور يوجد لها تاثير اكبر اذا قيلت في الغرف المغلقة”، اضاف اوبنس.

في هذه السنة ستكتمل ستين سنة على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين المانيا واسرائيل، لكن الشعور في اوساط الجمهور الالماني يعكس تغير في الرؤية. في استطلاع اجراه في شهر ايار صندوق برتلسمان المستقل اجاب 36 في المئة فقط من المستطلعين بان لهم موقف ايجابي من اسرائيل، مقابل 38 في المئة لهم موقف سلبي. تغير واضح عن الاستطلاع السابق الذي اجري في 2021، الذي اجاب فيه 46 في المئة بان لهم موقف ايجابي من اسرائيل.

“في كل ما يتعلق بالقوى الناعمة والتاثير الاقتصادي فان المانيا هي الدولة الاكثر اهمية بالنسبة لاسرائيل في اوروبا”، قال فلشنبرغ. وحسب قوله فان مارتس الذي يتبع سياسية ترتكز الى الدبلوماسية من وراء الكواليس “لا يمكنه عرض أي نتائج ايجابية”. فلشنبرغ قال ايضا بان “الاعتراف بفلسطين سيكون خطوة مهمة لها نتائج ايجابية على المدى البعيد، لكن التاثير لن يكون فوري. فقط نشاطات مثل تعليق اتفاق الشراكة بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي او فرض حظر سلاح متشدد ستخلق تاثير فوري”.

 “المانيا هي مركز القوة في اوروبا”، قال فلشنبرغ. “اذا اتخذت المانيا خطوات عملية اكثر فان هذا الامر سيمكن الاتحاد الاوروبي من استخدام ضغط حقيقي ومؤثر على اسرائيل”.

-------------------------------------------

 

 

معاريف 4/8/2025  

 

 

طبق الفضة

 

 

 

بقلم: ليلاخ سيغان

 

مَن مِن الإسرائيليين تمكن من أن ينام ليلا؟ الأشرطة الصادمة لروم برسلفسكي وافيتار دافيد هزت حياتنا ونزعتنا دفعة واحدة من أخيلتنا في أنهم بشكل ما على ما يرام. لكن القسم الصادم اكثر كان الفجوة.

نحن، عالمنا يتأرجح من أشرطة الرعب التي اخرجها رجال حماس، صوروها ونشروها، فيما أن العالم يقف جانبا وهو غارق بعمق في سردية أخرى. صندوق العطف الإسرائيلي صرخ بألم، فيما انه في وسائل الاعلام الأجنبية نشرت الأمور في هوامش الاخبار بلا صورة أو لم تنشر على الاطلاق.

التاسع من آب هو الوقت لحساب النفس. وقت للنظر ليس بما فعله اعداؤنا لنا بل ما فعلناه بأنفسنا. الشعب اليهودي تعذب دوما حين رفض الاعتراف بالاخطاء. يتبين أنه توجد مشاكل لا تحلها القوة ولا حتى التهديدات ببوابات الجحيم. توجد أوضاع ينبغي مسبقا عمل كل شيء كي لا ندخل اليها. وها نحن وصلنا الى مثل هذا الوضع. كيف حصل هذا؟ لم ننجح في تشخيص الوقت المناسب لعقد صفقة لاعادة كل المخطوفين، وان كان انطلاقا من الفهم بانه بخلاف ذلك لن نتمكن من مواصلة القتال ببأس او التصدي في ساحة الوعي.

لا يوجد افضل من التاسع من آب كي نفهم بانه عندما نسمح للتزمت ان يقود – نكون نحن الخاسرين. قبل الفي سنة والان أيضا. إسرائيل تنتصر عندما تعمل بمنطق وبعقل سليم – هذا ما انتصر دوما على الأصولية العربية. لكن عندما يقودنا المسيحانيون، الجهاديون سيسيرون دوما الى أماكن من الفوضى لا يمكننا أن نتصدى لها، ولا يهم كم نتطرف. وعليه، نحن ملزمون بان نبقى في ملعب سواء العقل والمنطق.

السياسة “المتصلبة” لبتسلئيل سموتريتش أقتادتنا الى وقف نار بلا مقابل من حماس. متداعين حتى أعماق روحنا من أفلام الرعب التي رأيناها في السبت ومن عدم اكتراث العالم. خطاب “ولا حتى ذرة مساعدات ستدخل الى غزة” انتهت بعقاب رهيب لإسرائيل وبجائزة لحماس. سموتريتش اثبت بانه حتى لو بدت افكاره جيدة على الورق، فانها لا تصمد في اختبار النتيجة. الان هو المهدد بالضم، انطلاقا من نقص الفهم إياه للاهداف الواقعية التي يمكن تحقيقها.

ينبغي الاعتراف، علقنا في معضلة يكاد لا يكون لها حل بسبب سياسة مغلوطة على نحو مخيف في غزة. اذا ما دخلنا الان الى مناطق مأهولة – ستحتدم الكارثة الإنسانية. والانهيار السياسي سيعرض امن إسرائيل للخطر. اذا مات مخطوفون فان الزئير الداخلي سيقفزم ذاك الذي كان بعد قتل ستة المخطولفين قبل سنة. التداعيات على الصحة النفسية للجنود المنهكين، على معدلات الامتثال للخدمة في ضوء تملص الحريديم من الخدمة، كل هذه من شأنها ان تقتادنا الى وضع خطير اكثر باضعاف مما قبل 7 أكتوبر.

في لبنان وفي ايران انتصرنا بضربة سيف لان منطقنا لم يقوضه متزمتون سياسيون حلموا بالاستيطان هناك. حان الوقت للتفكير من خارج الصندوق المسيحاني لاجل حل الفوضى التي الحكومة بتشكيلتها الحالية ببساطة ليست مبنية لحلها.

ان الاقوال المتطرفة من الحكومة تعظم السردية المناهضة لإسرائيل في الاعلام الدولي. هذه السردية تؤثر أيضا على المجتمع الإسرائيلي، والشرخ في داخلنا يتسع فقط. ولا يهم اذا كان هذا يحصل عن حق ام عن غير حق – هذا ببساطة يحصل. هذا هو الواقع وهو محمل بالكارثة.

ان التزمت هو طبق الفضة الذي عليه ستعطى دولة فلسطين. هذه ليست دعوة للتهجم على المتزمتين بل دعوة لفهم الوضع. شبعنا شقاقات داخلية، حتى لو كانت الأكثر عدالة في العالم. إسرائيل هي دولة حرة ومسموح ان يكون فيها متزمتون. ينبغي السماح بوجود الآراء المسيحانية في هوامش المجتمع، احترامها لكن ابدا لا ينبغي السماح لها بان تقودنا.

------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يديعوت احرونوت 4/8/2025

 

 

 

يعذبهم مواتون، يتركهم لمصيرهم ظالمون

 

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

مقاتلو حماس الذي يجوعون مخطوفين في غزة هم في نظري مواتون: الرضى الذي يستمدونه من التنكيل باسرائيليين عديمي الوسيلة ومن توثيق ونشر التنكيل في الشبكة اهم لهم من الأهداف التي يحتجزون له المخطوفين.  تحتجز حماس 20 ذخرا حيا في غزة. هذا ما تبقى لها. بدلا من الحفاظ عليهم من كل ضر يجوعهم حتى الموت. لو كان الامر جرى في ذروة محادثات، بهدف تليين موقف حكومة إسرائيل، لكان في هذا المشهد السادي ذرة منطق. لكن حماس تعذب وبالتوازي تقاطع. هي لا تحقق شيئا باستثناء تعميق المقت الذي يشعر به نحوها كل انسان قلبه في المكان الصحيح.

هم، حماس، مواتون، وناسنا ظالمون. نتنياهو وابواقه يكثرون من الشكوى في كل مرة يوجه الغضب على وضع المخطوفين نحوه ونحو حكومته. هم كانوا يريدون الا نتهم الا حماس، الا نتظاهر الا ضد حماس، الا نكافح الا ضد حماس. لكن اباءنا اقاموا هنا دولة كي تكون هنا حكومة، جيش، جهاز قضاء يكونون مسؤولين عن مصيرهم، مصيرنا. هذه هي عقيدة الصهيونية كلها. منهم، وليس من الأجانب، نطلب حلا. نتنياهو احبط ثلاث مرات، وثمة من يقول أربع مرات الاحتمال بإعادة المخطوفين كلهم الى الديار. ودرء لسوء الفهم: هو أراد عودة المخطوفين بقدر لا يقل عن الاخرين، لكن بخلاف الاخرين هو لم يكن مستعدا لان يدفع الثمن.

لو كان يقول للاسرائيليين الحقيقة: هذا هو الثمن وانا لست مستعدا لان ادفعه، لكان ممكنا الاختلاف معه لكن تقدير صدقه. لكنه فضل تضليلهم: المخطوفون عنده فوق كل شيء. في اليوم وفي الليل؛ كل جهد؛ بلا كلل او ملل؛ انا وعقليتي. امس، في اعقاب الصدمة التي تعرض لها الجمهور لمشاهدة الأشرطة التي كشفت حالة افيتار دافيد وروم برسلفسكي، اصدر بيانا بشر به زوجته “مكسورة القلب من الأشرطة القاسية على الاحتمال”. نتنياهو يعرف عن التردي في حالة المخطوفين منذ اشهر. لا شيء مما رأيناه ينبغي أن يفاجئه. على الرغم من ذلك ترك المفاوضات تتجرجر وتتفجر. رئيس الوزراء أعرب عن صدمة عميقة من التوثيقات”، قيل في بيان مكتبه أمس. نعم، التوثيقات. قبل سنوات طويلة صنعوا في هوليوود فيلما يسمى “التناخ” (العهد القديم). النكتبة التي كانت في حينه بدأت بسؤال: هل قرأت التناخ؟ لا كان الجواب. لم اقرأ. لكن شاهدت الفيلم.

حماس ارادت منذ البداية اتفاقا شاملا، إعادة كل المخطوفين، تحرير سجناء ووقف الحرب. نتنياهو لم يكن يريد اتفاقا شاملا: التزام بوقف الحرب كان سيعرض للخطر استقرار حكومته. في ماذا تهمك حماس، قالوا له. تعهد بالتوقف وبعد ذلك استأنف الحرب. لكن ليست مصداقيته في نظر حماس اقلقته بل شريكاه سموتريتش وبن غفير والرئيس الحساس جدا لكرامته في واشنطن. هم من خاف ان يكذب عليهم. وهكذا ولد “منحى ويتكوف” – من كل ناحية عملية منحى نتنياهو. التدرج لم يخدم مصلحة إسرائيل ولا مصلحة حماس. فقد ولد كي يموت. في نهاية الأسبوع اعلن “مصدر سياسي كبير” بان إسرائيل تجري التفافية حدوة حصان: الان وجهتها نحو اتفاق شامل. سبب التغيير لم يكن حالة المخطوفين بل الانهيار في مكانة إسرائيل في العالم والضغط من واشنطن. نتنياهو بدل الاقفال بعد أن فرت الجياد من الاسطبل.

قبل شهرين ونيف، في نهاية أيار، نتنياهو أمر بعودة طاقم المفاوضات من الدوحة. الخطوة نسقت مع الأمريكيين الذين بالتوازي اعادوا طاقمهم. في البلاد نشر ان كل الجهات ذات الصلة أيدت القرار. هذا لم يكن صحيحا. في الجيش اعتقدوا أنه كان من الصواب ابقاءه وبذل جهد إضافي. سيكون صعبا استئناف المحادثات بعد أن تفجرت. لكن نتنياهو اصر. في المفاوضات مع عرفات في أكتوبر 1998، في مزرعة واي قرب واشنطن، قام “بمناورة الحقائب”: اعلن انه سيغادر لكنه لم يغادر حقا. ومنذ ذلك الحين وهو مؤمن عظيم بمناورات الحقائب.

الخطأ الأكبر كان في فهم حماس. فرضية نتنياهو والجيش كانت ان ضغطا على السكان سيلين حماس. نتنياهو فجر الاتفاق مع حماس في اذار 2025، عشية الانتقال الى المرحلة الثانية. الحصار على القطاع شدد. حتى تشديد الحصار لم تكن شكاوى من جوع في غزة. كانت بالأساس شكاوى عن غياب العلاج الطبي. في اسرائيل صدموا من سلب ونهب شاحنات المنظمات الدولية. وكان الادعاء أن حماس تسيطر على المساعدات. وبالتالي، طردت المنظمات الدولية وأقيمت نقاط توزيع الغذاء، بإدارة شركة أمريكية موضع شك.

ما الذي حصلنا عليه؟ حصلنا على حملة تجويع الحقت ضررا تاريخيا بإسرائيل. تجويع لم يكن – جوع كان وفوضى كانت وقتل مدنيين خطيئتهم كانت انهم بحثوا عن طعام وأطفال هزيلون وامهات تصرخن وكل شيء وثق وبث واحتل الشبكة. والان نحن نستجدي ان تدخل منظمات دولية مزيدا من الشاحنات ونستجدي الدول التي نسميها لاسامية ان تبعث بالطائرات وتنزل مزيدا من الحزم الى غزة التي تنازع الموت. كان ينبغي لنتنياهو ان يسأل سؤالا واحدا قبل الفوضى: ما الذي يضر إسرائيل اكثر، السلب والنهب أم الجوع؟ لكنه كان منشغلا بمسائل أخرى.

اليوم، يوم الاثنين، الحكومة ستعود للاجتماع. الوزراء سيتبادلون تجاربهم عن صومم التاسع من آب. بن غفير سيروي بفخار عن استفزازه في الحرم. وعندها سينقضون على جدول الاعمال.

مزيدا من ترتيبات الحراسة لعائلة نتنياهو؛ مرحلة أخرى في تنحية المستشارة القانونية للحكومة. في الجيش سينتظرون القرار عن الاستمرار في غزة: نعم صفقة لا صفقة، نعم احتلال لا احتلال. حملة عربات جدعون انتهت قبل ثلاثة أسابيع والحكومة لم تتمكن بعد. قرار لن يكون، فقط استمرار المراوحة. و 20 إسرائيليا سيواصلون القتال في سبيل حياتهم، يعذبهم مواتون، يتركهم لمصيرهم ظالمون.

-------------------------------------------

هآرتس 4/8/2025

 

 

الحكومة في “حيلة خبيثة” على “المستشارة”: سنبقي ملف نتنياهو بيدك مقابل اعتزالك

 

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

حكومة نتنياهو، بأبواقها ومؤيديها، تستهدف المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا، كأنها عدو للجمهور. وتم الأمر بسبب ارتباط مصالح: رئيس الوزراء ومحاكمته، شخصيات عامة متورطة بالتحقيقات، الحريديم الذين يتطلعون إلى تنصيص تملصهم من الخدمة في القانون، المستوطنون الذين يريدون ضم المناطق. إذا أقرت الحكومة توصية اللجنة الوزارية برئاسة وزير الشتات عميحاي شيكلي بتنحيتها، فستنجح في إزالة العائق الأخير الذي يقف بين رئيس وزراء متهم جنائياً ووقف المحاكمة ضده. ومع تنحيتها، سيكون القانون بمثابة توصية للحكومة.

إجراء التنحية الذي يتم العمل عليه ليس قانونياً ولا شرعياً، إنما يستند إلى تغيير قواعد اللعب في ظل الحركة: بدلاً من التشاور في لجنة عامة مهنية كما يفترض من قرار الحكومة عقب لجنة شمغار، قررت الحكومة الحالية إلغاء اللجنة المهنية بعد أن تبين أنها لن تتمكن من تشكيلها بمندوبين يؤيدون الاستنتاج المرغوب فيه من ناحيتها. وبدلاً منها، عينت لجنة وزارة سياسية أربعة من خمس أعضاء فيها أعربوا مسبقاً عن تأييدهم لتنحية بهرب ميارا.

المستشارة القانونية هي رئيس جهاز الادعاء العام الذي يدير محاكمة نتنياهو. كل محاولة لتنحيتها في ذروة المحاكمة، بمبادرة حكومة المتهم، موصومة بتضارب مصالح بنيوية وعميق

المستشارة القانونية هي رئيس جهاز الادعاء العام الذي يدير محاكمة نتنياهو. كل محاولة لتنحيتها في ذروة المحاكمة، بمبادرة حكومة المتهم، موصومة بتضارب مصالح بنيوية وعميق. نائب رئيس المحكمة العليا، القاضي نوعم سولبرغ، فضل عدم صد الخطوة. وقراره بعدم إصدار أمر احترازي قبل إنهاء الإجراء – رغم تشديده بإلزام الحكومة على العودة إلى منحى شمغار – سمح لها بتعميق المس باستقلالية المؤسسة.

وكانت “هآرتس” كشفت النقاب أمس عن اعتزام الحكومة الاقتراح على بهرب ميارا اعتزال منصبها في إطار تسوية تسمح لها بأن تكون مشاركة في انتخاب بديلها، وإبقاء صلاحيات إدارة الملفات الجنائية ضد نتنياهو بين أيديها. يدور الحديث عن حيلة دنيئة أخرى، وقال ممن هم في محيط المستشارة إنها لن توافق على مثل هذه الخطوة (ميخائيل هاوزر – طوف). وإذا استكملت التنحية، فلن تبقى منظومة واحدة تتبع مباشرة الإرادة السياسية للحكومة. في واقع يفتقر لاستشارة قانونية مستقلة، لن يعود ممكناً الدفاع عن حدود القانون. سيكون ممكناً تسويغ كل تشويه، بل ودفن محاكمة نتنياهو تحت تسوية إقرار بالذنب بلا وصمة عار. سيحتل مبعوثون سياسيون مكان حراس العتبة. وستجتاز المنظومة تسييساً كاملاً من مأمور ديوان موظفي الدولة وحتى الإعلام الرسمي. ستتمكن السلطة التنفيذية من قمع الاحتجاج، والتجسس على المواطنين، واستخدام أدوات إدارية ضد صحافيين، وإقرار ميزانيات لمؤسسات لا تستوفي المقاييس المقررة والتنكر لكل رقابة جماهيرية أو قضائية.

لا يمكن التقليل من أهمية الالتماس المعلق أمام محكمة العدل العليا. على المحكمة شطب التنحية.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here