اللاجئون الفلسطينيون في سورية... بين الزيارات الرسمية وتزايد الأزمات المعيشية دائرة اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية والدور المطلوب

دمشق – طريق العودة |12اكتوبر/2025
فتحت زيارة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس دائرة شؤون اللاجئين، الدكتور أحمد أبو هولي، إلى العاصمة السورية دمشق، برفقة سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية العربية السورية، الدكتور سمير الرفاعي، ملفّ اللاجئين الفلسطينيين في سورية مجدداً، في وقتٍ تتزايد فيه الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي أثقلت كاهلهم منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من خمسة عشر عاماً.
في مقر الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، عقد اجتماع موسّع بحضور رئيس مجلس إدارة الهيئة الدكتور أحمد كايد عبد الحميد وأعضاء المجلس، جرى خلاله بحث أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وسبل تحسين ظروفهم المعيشية والخدمية داخل المخيمات.
وأكد المجتمعون التمسك بحق العودة ورفض مشاريع التوطين والوطن البديل، مشددين على أن اللاجئين الفلسطينيين في سورية ضيوفاً أعزاء على أرضها إلى حين عودتهم إلى ديارهم في فلسطين، طبقًا للقرار الأممي رقم (194).
كما ثمّن الجانبان موقف سورية الثابت في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته، وحرصها على معاملة اللاجئ الفلسطيني بالمساواة مع المواطن السوري في الحقوق والواجبات كما تقرها القوانين.
وفي سياق الزيارة، التقى الدكتور أحمد أبو هولي والسفير الرفاعي نائبة مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في سورية، جينفر أوستين، في مقر الوكالة بدمشق، لبحث التحديات المالية والخدمية التي تواجه الوكالة في ظل تفاقم أزمتها العالمية، وانعكاس ذلك على أوضاع اللاجئين في المخيمات السورية.
وناقش الجانبان سبل تحسين جودة الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية، وضمان استمرارها رغم النقص الحاد في التمويل، خصوصًا في ظل الاكتظاظ المتزايد في مدارس مخيم اليرموك بعد عودة آلاف الأسر إليه.
وطالب أبو هولي الأونروا بإيجاد حلول عملية لمشكلة الاكتظاظ عبر إعادة تأهيل المدارس المتضررة أو بناء مدارس جديدة، مشيراً إلى أن مدرسة المجيدل/صرفند التي أُعيد افتتاحها في أيلول 2024 باتت غير قادرة على استيعاب أعداد الطلبة المتزايدة.
كما دعا إلى توسيع برامج دعم إصلاح المنازل والمشاريع الصغيرة في مخيمات درعا واليرموك وحندرات، لتعزيز فرص العودة المستدامة وتوفير بيئة آمنة للعائلات العائدة.
من جانبها، أكدت "أوستين" أن الأونروا تعد خططاً لعودة اللاجئين الفلسطينيين من لبنان إلى سورية طوعاً، وتعمل على ترميم مدرسة جديدة داخل مخيم اليرموك لتخفيف الضغط على المدارس العاملة، مؤكدة أن الوكالة ستواصل تقديم المساعدات النقدية والعينية رغم نقص التمويل.
رغم أهمية هذه اللقاءات وما حملته من رسائل سياسية، إلا أن اللاجئين الفلسطينيين في سورية ما زالوا يعيشون واقعاً صعباً، عنوانه الفقر والبطالة وتراجع الخدمات، فيما لا تزال المخيمات المدمّرة شاهدة على سنوات من عدم الاهتمام الكافي والتقصير تجاههم.
لقد تحمّل اللاجئون في سورية معاناة مضاعفة، إذ خسروا بيوتهم ومصادر رزقهم، ووجدوا أنفسهم في مواجهة أزمات اقتصادية خانقة دون برامج دعم كافية أو مشاريع إنعاش حقيقية.
وهنا يبرز التساؤل المشروع: على أهمية الزيارات الرسمية. هل تكفي الزيارات واللقاءات لمعالجة جراح المخيمات، أم أن الوقت قد حان لانتقال منظمة التحرير الفلسطينية إلى مرحلة الفعل الميداني؟
إن واجب منظمة التحرير ودائرة شؤون اللاجئين لا يقتصر على الدفاع عن حق العودة سياسياً فحسب، بل يمتد للمساهمة في تأمين حياة كريمة للاجئين في سورية التي شهدت دماراً واسعاً في بنيتها التحتية ومخيماتها.
ولذلك، فإن المطلوب اليوم هو خطة وطنية شاملة تتضمن:
1. العمل على استجلاب مشاريع تساهم في عمليات الترميم بالشراكة مع الجهات السورية والعربية والدولية.
2. تشكيل لجنة متابعة دائمة تضم مندوبين عن منظمة التحرير والهيئة العامة والأونروا لضمان استمرارية المشاريع الخدمية.
3. تعزيز دعم الأونروا مالياً، وحشد التأييد الدولي، لحماية ولايتها وتطوير خدماتها.
اللاجئون الفلسطينيون في سورية لا ينتظرون تصريحات جديدة أو وعوداً مؤجلة، بل ينتظرون فعلًا حقيقياً يترجم اللقاءات إلى إنجازات ملموسة تعيد لهم الأمل بالحياة والكرامة.
فالمعاناة التي امتدت لأكثر من عقد لم تعد تحتمل المزيد من الانتظار، والمسؤولية الوطنية والأخلاقية تتطلب من مؤسساتنا الفلسطينية العودة إلى المخيمات بخطط وان تساهم في المساهمة بالاسراع لرجوع الأهالي إلى مخمياتهم.
إن زيارة أبو هولي إلى دمشق بداية صحيحة إذا ما تبعتها خطوات عملية تُعيد الثقة بين اللاجئ ومؤسساته الوطنية، وتجعل من شعار "حق العودة" قضية حياة وكرامة يومية، لا مجرد شعارات سياسية.