العملية الإسرائيلية في الدوحة كانت رسالة تحذير لحركة حماس

تؤكد "إسرائيل" مجددًا أنه لا يوجد نظام عربي يمتلك الضمانات الأمنية والسيادة الوطنية الكاملة. فليست هذه المرة الأولى التي تُخترق فيها أجواء الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية.

فدولة قطر، على الرغم من وجود قاعدة "العديد" العسكرية الأمريكية في عاصمتها، لم تكن بمنأى عن الضربات الإسرائيلية. لم يشفع لها إنفاق ما يزيد عن 200 مليار دولار أمريكي كدعم سخي لنفقات القاعدة الأمريكية، ولا حتى تقديمها طائرة هدية مخصصة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال زيارته للدوحة.

وعلى الرغم من الأموال التي تقدمها قطر، لم يمنع ذلك "إسرائيل" من توجيه ضربة تحذيرية لحركة حماس، رغم الدور القطري الأساسي كوسيط بين حماس و"إسرائيل" في عدة ملفات، بما في ذلك الجهود التي يقودها السفير القطري محمد العمادي في إدخال 30 مليون دولار شهريًا إلى قطاع غزة لدعم الحركة، وذلك قبل أيام فقط من انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023.

في المحصلة، كانت العملية الإسرائيلية في الدوحة بمثابة رسالة تحذير واضحة، سبقتها عملية اغتيال القيادي صالح العاروري، نائب رئيس حركة حماس، في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث تم تدمير المقر بشكل كامل. كما تواصلت عمليات الاغتيال الإسرائيلية التي استهدفت قيادات في حزب الله، وأدت إلى تدمير شامل للمواقع المستهدفة.

وتحدثت تقارير - لم تؤكد رسميًا - عن اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله ورفاقه داخل مقره المحصّن تحت الأرض في الضاحية الجنوبية من بيروت.

من المؤكد أن نتنياهو لم يكن ليُقدم على تنفيذ مثل هذه العملية دون علم الإدارة الأمريكية، وقد أعلن أن الجيش الأمريكي كان على علم مسبق بها.

الهدف السياسي من العملية الإسرائيلية، كما يبدو، هو إسكات الشارع الإسرائيلي بعد تعثر عملية الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، وردًا على عملية القدس الأخيرة، إضافةً إلى محاولاته المتواصلة لتأجيل أو منع محاكمته. يحاول نتنياهو أن يُصور نفسه على أنه "البطل القومي" لإسرائيل، بعد الإخفاق الأمني والعسكري في قطاع غزة.

لقد كشفت العملية الإسرائيلية تحديًا سافرًا من "إسرائيل" تجاه الأمة العربية والإسلامية، حيث ظهر رئيس الكنيست أمير أوحانا في فيديو يوثق القصف، مؤكدًا أن هذه رسالة موجهة إلى "الشرق الأوسط بأسره". ويُذكر أن أوحانا ينتمي إلى حزب "أوتسما يهوديت" اليميني المتطرف، إلى جانب رموز أخرى من كتلة اليمين المتشدد مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي.

المخاطر الحقيقية للعملية تتجلى في الإملاءات والشروط التي يسعى نتنياهو لفرضها على حركة حماس قبل الدخول في جولة جديدة من المفاوضات لإنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد فشل الخيار العسكري، واستمرار سقوط القتلى والجرحى من جنود وضباط جيش الاحتلال، وعدم تحقيق أي تقدم في تحرير المحتجزين الإسرائيليين وإعادتهم إلى ذويهم، في ظل استمرار التظاهرات التي تطالب بإتمام صفقة تبادل الأسرى.

وفي المقابل، تمتلك الحكومة القطرية أوراق ضغط مهمة، إذ يمكنها الرد على العملية الإسرائيلية من خلال تعليق المفاوضات، وفرض شروط حاسمة في المسار التفاوضي مع الإدارة الأمريكية و"إسرائيل" كقوة احتلال.

disqus comments here