صوت الحق وصورة الحقيقة، "صحفيات شهيدات من غزة"
Tue 26 August 2025

كان الصوت سلاحهنّ، والميكروفون رفيقهنّ في الميدان، تكسرنَ الصمت وتقفنَ شاهدات عصيّات على الكسر، صحفيات فلسطينيات غزاويات، فتيات، أمهات، أخوات وزوجات، ذنبهنّ أنهنّ أردن كشف الحقيقة وإيصال صوتهن للعالم، بأننا هنا على أرض غزة نحيا ونموت.
الصحفية مروة مسلم
عملت في إذاعة الشباب المحلية وقدّمت برامج صباحية طابعها اجتماعي، استهد.ف الاحتلا.ل منزلها في حي الشجاعية، وبقي جثمانها ٤٤ يومًا تحت الأنقاض، إلى أن تمّ انتشاله مع جثماني أخويها بتاريخ ١٦/آب/٢٠٢٥.
"يا رب لو صار إلنا إشي نموت أنا وابني سوا ويد.فنوه بحضني"، كانت هذه أمنية الصحفية سلمى مخيمر، التي استشهدت هي وطفلها، ودفنا معًا في قبر واحد.
الصحفية إسلام مقداد
ار.تقت بتاريخ ٦/نيسان/٢٠٢٥، في قصـ.ـف همجي استهدف منزل لعائلة عبد الهادي بحي الأمل بمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، واستـ.ـشهد معها طفلها آدم الذي لم يتجاوز عامه الثاني، بينما أصبحت ابنتها التي تتلقى علاجها خارج القطاع يتيمة الأم.
أنا مش خايفة نموت من الجوع.. خايفة نموت من كسرة الخاطر لو ما وقفت هالحر.ب المجنونة"!
الشهيدة الصحفية ولاء الجعبري التي ارتقـ.ـت بتاريخ ٢٤/تموز/٢٠٢٥، مع زوجها وأطفالها، في قـ.ـصف قوات الاحتلال لمنزل عائلة المدير الطبي لمجمع الشفاء الدكتور حسن الشاعر، وكانت تلك آخر كلماتها.
الصحفية إيمان حاتم الشنطي، ارتـ.ـقت مع نجلها بلال جراء قصـ.ـف الاحتلال عمارة الملش في منطقة الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، وكان آخر منشور كتبته:
"معقول إنه لساتنا عايشين لحتى الان، الله يرحم الشـهد.اء".
أما آخر ما كتبته الشهيدة الصحفية نور قنديل:
"وثقنا كل شيء و صورنا كل المجاز.ر وصارت الصورة واضحة لكلّ العالم ولا أحد حرّك ساكن! ما في اليد حيلة بعد هيك، احنا قاعدين بس بنتشاهد على أرواحنا التي زُهِقَت داخل أجسادنا".
وكان آخر ما كتبته الصحفية والمصورة فاطمة حسونة وصيتها:
"أنا إذا متّ.. أريد موتًا مدويًا، لا أريدني في خبر عاجل ولا في رقم مع مجموعة، أريد موتًا يسمع به العالم، وأثرًا يظل مدى الدهر، وصورًا خالدة لا يدفنها الزمان ولا المكان".
بتاريخ ٢١/تشرين الثاني/٢٠٢٣، جلست الصحفية آيات خضورة بين أفراد أسرتها مع الجدّة والأخوات، جميعهم يحتمون من صوت القصـ.ـف في منزلهم الذي ظنّوا أنه آمن، حتى تلقّى صا.روخًا جعل تجمُّع العائلة هو الأخير، وجعل من بقي منهم ينعـ.ـاهم بقلبٍ كسير.
"بطّلت أحلم يا عالم، بطّلت أحلم"، تلك الكلماتٌ شكّلت التغريدة الأخيرة للصحفية الشـ.ـهيدة حنين القطشان على صفحتها، وكأنّها كانت تحسّ برحيلها عن هذا العالم، ففقدت شغفها بالحياة، وعبّرت عما تعيشه من إحساس كئيب بسبب ما شاهدته من تد.مير وتهجـ.ـير وقصـ.ـف وقـ.ـتل من عـ.ـدّو جبان.
محاسن الخطيب صحفية وفنانة من شمال غزة، من جباليا الصمود، اشتهرت برسوماتها التي تجسد واقع الحرب المؤلم، وتمزجه بخيال الفن حيث السلام ومحاولة البقاء والمقاومة ولو بريشة فنان، استشـ.ـهدت في قصف استهدف مخيم جباليا، كما أصيب عدد كبير من أفراد عائلتها.
ولكنّ أنتنّ يا من كتبتُ عنكنّ في مقالتي هذه أقول:
"لقد كنتنّ وزميلاتكنّ صوتًا للحياة، وأصبحتنّ هدفًا للموت، كل واحدة منكنّ اختارت الوقوف حيث يسقط الآخرون، رحلتنّ أجسادًا، لكن كلماتكنّ وبصماتكنّ ستبقى تمشي بيننا، ارتقيتنّ بصمت، بينما تابع العالم ولازال يتابع يوميًا مسلسل موتكنّ مع من استـ.شـهد في غزة بأشكالٍ متعددة وطرقٍ مختلفة، فالقاتل هناك قد تفوّق على كلّ كُتّاب العالم ومخيلتهم الواسعة".