“هجوم إسرائيل في قلب الدوحة: رهان خطير بضوء أخضر أميركي يكسر الخطوط الحمراء”

إسرائيل تراهن على كل رصيدها في الحرب ضد حماس، والهجوم في قطر رفع مبلغ الرهان بشكل كبير، ولم تكن ستهاجم في قطر من دون ضوء أخضر أميركي. فللأميركيين موارد كثيرة في قطر، ولترامب وعائلته مصالح شخصية أيضا”

ادعت تقارير إسرائيلية أن معظم قادة أجهزة الأمن عارضت الهجوم الذي استهدف قيادة حماس في قطر، أمس الثلاثاء، ونقلت صحيفة “هآرتس” عن مصدر مطلع على التفاصيل قوله إنه تم التخطيط لشن الهجوم قبل شهر، وأن المداولات حوله جرت أمس.

وحسب المحلل العسكري في الصحيفة، عاموس هرئيل، فإنه “منذ مدة طويلة تبدو إسرائيل كمن تراهن على كل رصيدها في الحرب ضد حماس، وربما في الشرق الأوسط عامة”، وأن الهجوم في قطر “رفع مبلغ الرهان بشكل كبير”.

وأضاف أن مقربين من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، “يصفون الهجوم بأنه إنجاز كبير، ليس عسكريا واستخباراتيا فقط، وإنما إستراتيجيا أيضا، ويقرب إسرائيل بالتأكيد نحو الانتصار”، لكن هرئيل دعا إلى “التشكيك بهذه التعهدات، والالتفات خصوصا إلى كيف سيؤثر الهجوم على مصير المخطوفين”.

وأشار إلى أن إسرائيل هاجمت أهدافا بعيدة عن أراضيها، في اليمن وإيران، “والأمر المختلف هنا هو أن الهجوم نُفذ في أراضي قطر، الدولة التي وصف نتنياهو العلاقات معها بأنها ’معقدة’. فعندما اغتال الموساد القيادي في حماس، إسماعيل هنية، العام الماضي، تقرر شن الهجوم في إيران رغم أن هنية مكث معظم الوقت في قطر”.

ورأى هرئيل أنه بهجومها في قطر “تجاوزت إسرائيل خطا ترددت في تجاوزه في الماضي، انطلاقا من رغبتها بالحفاظ على علاقة مع القطريين”. وبعد هجوم 7 أكتوبر 2023، “اتخذ القرار في إسرائيل باستهداف قيادة حماس في الخارج، وقد خرج القرار إلى حيز التنفيذ الآن. وهذا ربما يزج حماس في الزاوية، لكن ليس بالضرورة سيكسر روح من تبقى في قيادة حماس”.

ورجح المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، أن ثمة هدفين للهجوم. “الأول، هو إخراج خليل الحية وربما زاهر جبارين أيضا من طاقم حماس المفاوض، اللذين يمثلان موقفا متشددا وليس مساوما في مطالب حماس في المفاوضات طوال الوقت”.

وأضاف أن “الهدف الثاني للهجوم غير المألوف في مميزاته هو أن القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل تريد أن توضح لحماس وللوسطاء أنه لن نتنازل عن تحرير المخطوفين، ولا عن طرد حماس العسكري والمدني من غزة. وإثبات أن إسرائيل ستلاحق قيادة الحركة في كل مكان، بما في ذلك في أنحاء العالم ومن خلال التورط بمواجهة مع أصدقائها، مثل الولايات المتحدة ودولة لديها علاقات دافئة ومتينة مع الولايات المتحدة، مثل قطر، من أجل تحقيق هذا الهدف”.

وفيما ادعى نتنياهو أن القرار بشن الهجوم اتخذ بعد عملية إطلاق النار في القدس، أول من أمس، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة “يسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، أنه “على الأرجح أن الرغبة في الانتقام، مهما كانت قوية، ليست هي السبب في قرار إسرائيل التخلص من قيادة حماس الخارج، فقد كان بالإمكان قتلهم في موعد آخر، وربما بشكل سري أيضا”.

وأضاف ليمور أن ربط نتنياهو الهجوم بعملية إطلاق النار “يبدو ضعيفا. فقد شهدت إسرائيل عمليات كهذه في الماضي، كما أنه لم يثبت وجود أي علاقة بين منفذي عملية القدس وحماس. ويبدو أنه كان هناك ثلاثة دوافع مركزية للعمل في قطر، أولها اجتماع غير المألوف لقيادة حماس، وربما سيكون سانحا مرة واحدة للتخلص منهم”.

وتابع أن “الدافع الثاني هو الإدراك في إسرائيل أن هؤلاء الأشخاص، الذين لا يشعرون على أجسادهم بثمن المعاناة والدمار للحرب في غزة، سيكون من الصعب لدرجة المستحيل التوصل إلى اتفاق يقترب من سقف المطالب الإسرائيلية وإنهاء الحرب”.

واعتبر ليمور أن “الدافع الثالث هو تعزيز الردع بمجرد الهجوم في مكان اعتبر حتى الآن محصنا إثر مكانة قطر الدولية وأهمية وساطتها”.

وحسب ليمور، فإن الشاباك اقترح قبل سنة اغتيال قيادة حماس في قطر، والمستوى السياسي لم يصادق على هذا الاقتراح، “ورفض فرصا واقتراحات أخرى تعالت لاحقا. ومن الجائز أن ما رجح الكفة الآن، وهذا بمثابة دافع مركزي رابع للقرار، كان ضوءا أخضر وربما موافقة صريحة أيضا من جانب إدارة ترامب”.

وشدد ليمور على أن “إسرائيل لم تكن ستهاجم في قطر من دون ضوء أخضر كهذا. فللأميركيين موارد كثيرة في قطر، وأهمها قاعدة سلاح الجو الأكبر في الخليج، وإلى جانبها مصالح اقتصادية عديدة، وبضمنها مصالح شخصية للرئيس دونالد ترامب وعائلته”.

disqus comments here