الاحتلال يعتقل الكلمة الحرة: ناصر اللحام نموذجًا لصوت لا يُكسر

من جديد، لا يكتفي الاحتلال الإسرائيلي بقتل الحقيقة، بل يعتقلها أيضًا. هذا ما فعله فجر يوم الإثنين، عندما اقتحمت قوات الاحتلال منزل الزميل الصحفي ناصر اللحام، مدير مكتب قناة الميادين في فلسطين، ورئيس تحرير وكالة معًا الإخبارية، في بلدة الدوحة جنوب بيت لحم، واقتادته مكبّلًا، بعد أن حطمت محتويات منزله وسرقت مقتنياته الشخصية، ومن بينها هواتف نقالة.

هذا الاعتقال لم يكن استثناءً في سياق الانتهاكات اليومية بحق الإعلام الفلسطيني، بل يأتي ضمن حملة منظمة تستهدف كل صوت حرّ يسعى لكشف جرائم الاحتلال، وتوثيق المأساة الفلسطينية للعالم. فالزميل اللحام ليس فقط إعلاميًا بارزًا، بل صوتًا وطنيًا يمثل نموذجًا متقدمًا في الصحافة المقاومة والواعية.

على مدار سنوات طويلة، شكل ناصر اللحام حالة إعلامية فريدة، بصوته النقدي الجريء، وقراءاته المعمقة للمشهد الفلسطيني والعربي. من مخيم الدهيشة إلى شاشات الفضاء العربي، عبّر عن فلسطين الناس، فلسطين المخيمات واللاجئين، فلسطين الفقراء والمهمّشين، لا فلسطين التسويات العقيمة ولا الاتفاقيات الفارغة.

من هنا، فإن استهدافه لا يُمكن فصله عن المشهد الأوسع لحرب الاحتلال على الإعلام الفلسطيني، والتي تصاعدت بشكل خاص منذ بدء العدوان على قطاع غزة في أكتوبر 2023، حيث استشهد أكثر من 220 صحفيًا، وأُصيب واعتُقل العشرات، في استهداف ممنهج للرواية الفلسطينية.

وفي سياق هذه الجريمة الجديدة، أصدرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين بيانًا استنكاريًا جاء فيه:

> "نقابة الصحفيين الفلسطينيين تستنكر إقدام قوات الاحتلال على اعتقال الزميل الصحفي الكبير ناصر اللحام، رئيس تحرير شبكة معًا الإخبارية ومدير مكتب قناة الميادين في فلسطين، من منزله في بلدة الدوحة، بعد تحطيم محتوياته وسرقة بعض المقتنيات، من ضمنها هواتف نقالة.

إن هذا الاعتقال يشكّل جريمة إضافية في سلسلة جرائم الاحتلال بحق الصحفيين، وإمعانًا في محاولات تكميم الأفواه وسد منافذ الحقيقة.

وتطالب النقابة بالإفراج الفوري عنه وعن جميع الأسرى الصحفيين."

هذا الموقف يؤكد مجددًا دور النقابة باعتبارها خط الدفاع الأول عن حرية الصحافة، وجدار الصد المهني في وجه تغوّل الاحتلال على الكلمة الفلسطينية. كما تمضي النقابة في تحرّكها على كافة المستويات المحلية والدولية لمحاصرة هذه الجريمة، وفضح النظام القمعي الذي يستهدف الصحفيين الفلسطينيين في كل مكان.

إن اعتقال ناصر اللحام ليس فقط انتقامًا من صحفي، بل محاولة لكسر نموذج مهني وثقافي مؤثر. إنه اختبار جديد لمدى تماسكنا كمجتمع فلسطيني، ولقوة تضامننا كجسم إعلامي حرّ، يدرك أن حرية الصحافة ليست ترفًا، بل شرطًا لأي مقاومة واعية.

الردّ لا يكون بالصمت، بل برفع الصوت عاليًا، محليًا وعربيًا ودوليًا، وبحملة تضامن شاملة مع ناصر اللحام وكل الزملاء المعتقلين، من أجل حماية الرواية الفلسطينية من الاغتيال أو الاعتقال.

فمن دون صحافة حرة، تبقى البندقية عمياء، ويبقى الشعب بلا لسان.

كل التضامن مع الزميل ناصر اللحام، ومع كل من حمل الكاميرا أو القلم في مواجهة الاحتلال. أنتم شهود الحقيقة وصُنّاعها، وأنتم من يجعل من الحبر خطًا أحمر في وجه القتلة.

disqus comments here