تقرير: إسرائيل تضخ المليارات لتعزيز "الضم الفعلي" وتوسيع الطرق الاستيطانية

رام الله - كتبت مديحة الأعرج: كشف تقرير الاستيطان الأسبوعي الصادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، للفترة من 26 يوليو إلى 1 أغسطس 2025، عن مخصصات مالية ضخمة أقرتها إسرائيل لتعزيز الاستيطان والبنية التحتية الطرقية في الضفة الغربية، في خطوة وصفت بأنها محاولة لفرض "السيادة" وضم المنطقة فعليًا.

مليار شيكل لربط المستوطنات: "أمن مروري" لملايين المستوطنين!

صادقت اللجنة المالية في الكنيست الإسرائيلي على تحويل مالي بقيمة مليار شيكل  بهدف ما أسمته "تعزيز البنية التحتية للاستيطان في الضفة الغربية وتأكيد ضمها مع الأغوار" لدولة الاحتلال. وفي بيان مشترك، أكدت وزيرة المواصلات الإسرائيلية، ميري ريغيف، ووزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، مواصلة الاستثمار في الاستيطان وتعزيز "الأمن المروري" للمستوطنين.

وشملت المخصصات

160 مليون شيكل للطريق "437" الالتفافي في منطقة القدس، الذي يربط بين محافظة رام الله وقرى القدس، ويهدف لتسهيل تنقل المستوطنين.

361 مليون شيكل للطريق السريع رقم 45 الذي يعزل مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين.

100 مليون شيكل لتركيب إنارة وترميم طرقات في أرجاء الضفة الغربية.

50 مليون شيكل للتخطيط الأولي لشق طريق "معاليه حوميش".

25 مليون شيكل لإجراءات قانونية تتعلق بالطريق "90" في الأغوار.

47 مليون شيكل لاستكمال طريق العروب الالتفافي.

128 مليون شيكل للطريق "55" الذي يربط بين مناطق داخل الخط الأخضر ومستوطنات قلقيلية.

47 مليون شيكل للطريق "446" في محافظة سلفيت.

تصريحات صريحة: مليون مستوطن وإسقاط فكرة الدولة الفلسطينية

لم يتردد الوزيران في التصريح علانية بأهداف هذه المخصصات. فصرحت ريغيف بأنها "استمرار مباشر لسياسة واضحة: فرض السيادة فعليًا من خلال العمل الميداني ومواصلة ربط المستوطنات وتعزيز الأمن المروري". أما سموتريتش، فقال بوضوح: "هكذا نُمارس السيادة فعليًا، هكذا نجلب مليون مستوطن جديد، وهكذا نسقط فكرة إقامة دولة 'إرهابية' فلسطينية من الطاولة".

وأشار التقرير إلى أن سموتريتش كان واضحًا في هذا الصدد منذ العام الماضي، عندما ذكر في مؤتمر "الصهيونية الدينية" أن الخطة الخمسية القادمة تتضمن تخصيص نحو 7 مليارات شيقل لأغراض الطرق والبناء لجلب مليون مستوطن.

طرق "غير قانونية" تمولها الحكومة: واقع جديد على الأرض

على الرغم من أن حجم البناء الاستيطاني يقاس عادة بوحدات السكن الجديدة، إلا أن التقرير يلفت الانتباه إلى التطوير المكثف لشبكة الطرق، الذي "يختفي تمامًا عن الرادار". وأفاد بأن هناك "اندفاعة في شق الطرق 'غير القانونية'"، أي التي لا تتبع المخططات الحكومية ولا تحمل تراخيص، ولكنها تحظى بدعم وتمويل حكومي مباشر أو غير مباشر.

تقرير منظمة "سلام الآن" الإسرائيلية، المعتمد على صور جوية، كشف أنه بين منتصف 2023 ومنتصف 2024، تم شق 139 طريقًا غير رسمية بطول 116 كيلومترًا. هذه الطرق مخصصة حصريًا للمستوطنين، ويمر ثلثاها في أراضٍ فلسطينية خاصة، ويُمنع الفلسطينيون من استخدامها.

تمويل خفي ودعم حكومي مباشر

يكشف التقرير أن تمويل هذه الطرق غير الرسمية يأتي من مصادر متعددة، منها "دائرة الاستيطان" التابعة للمنظمة الصهيونية العالمية (الممولة من الحكومة)، والتي خصصت 7.7 مليون شيقل لشق طرق للبؤر الاستيطانية عام 2023. كما يأتي التمويل مباشرة عبر ميزانية وزارة الاستيطان التي تدعم "وحدات دوريات الأراضي" التابعة للمجالس الاستيطانية، والتي تعمل على شق مسارات وإغلاق مناطق.

على الجانب الآخر، تذكر جمعية "رغافيم" أن الفلسطينيين شقوا 106 كيلومترات من الطرق الجديدة، مدعية أنها "البنية التحتية لإقامة دولة فلسطينية".

مخططات ضخمة للبنية التحتية: 25% من ميزانية الطرق لإسرائيل

تشير التقديرات إلى أن الحكومة الإسرائيلية رصدت نحو 4 مليارات شيقل ضمن الميزانية العامة لعام 2024 لتطوير الطرق والبنية التحتية للمستوطنات في الضفة الغربية، بالإضافة إلى 160 مليون شيقل ضمن ميزانية وزارة المواصلات. هذا يعني أن 25.69% من الميزانية المخصصة "لتنفيذ الخطة الاستراتيجية" لشق الطرق في إسرائيل، خُصصت لمشاريع البنى التحتية والطرق الاستيطانية في الضفة الغربية.

عنف المستوطنين يتصاعد: بن غفير يفتخر بتغيير تعامل الشرطة

في سياق متصل، وفي الوقت الذي تفرض فيه هولندا عقوبات على سموتريتش وبن غفير، تفاخر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، في مؤتمر لحزبه "عوتسما يهوديت"، بأنه غيّر تعامل الشرطة في الضفة الغربية مع المستوطنين المتورطين بهجمات إرهابية. وقال بن غفير إنه "وضع حدًا لملاحقة التنظيم الإرهابي، الذي يسمي نفسه 'شبيبة التلال'".

تأتي هذه التصريحات في وقت يُحقق فيه مع قائد الوحدة المركزية لشرطة الاحتلال في الضفة، المشتبه بتجاهله المتعمد لمعلومات استخبارية حول اعتداءات المستوطنين.

انتهاكات أسبوعية موثقة: هدم، إصابات، واستيلاء على الأراضي

وثق المكتب الوطني للدفاع عن الأرض انتهاكات واسعة النطاق خلال الأسبوع الماضي:

القدس: إجبار عائلات فلسطينية على هدم منازلها ذاتيًا في جبل المكبر وبيت حنينا، وهدم منازل ومنشآت أخرى في سلوان بحجة البناء دون ترخيص، مما أدى إلى تشريد عشرات الأفراد.

الخليل: إصابة مواطنين برصاص مستوطنين ودهس أحدهم بجرافة، واستشهاد شابين، أحدهما برصاص مباشر والآخر نتيجة محاولة التصدي لهجوم المستوطنين.

بيت لحم: هجوم مستوطنين على "دير علا" وتدمير ممتلكات، واقتلاع أشجار زيتون وتدمير محمية طبيعية. وإخطارات بوقف البناء وهدم منازل في نحالين والنعمان ووادي رحال، ضمن سياسة التهجير القسري.

رام الله: استشهاد شاب برصاص قوات الاحتلال بعد هجوم للمستوطنين على سلواد، وإضرام النيران في مركبات ومنازل. إصابة شاب بشظايا رصاص في دير جرير، واعتداء على أراضي وممتلكات بترمسعيا والمغير وكفر مالك، وقطع أشجار الزيتون.

نابلس: إحراق ورشة تصليح إطارات، وقطع عشرات أشجار الزيتون، وسرقة خزانات مياه في بزاريا وجوريش. ردم بئرين للمياه في بيت فوريك وبيت دجن، وحرق أراضٍ زراعية في برقة.

جنين: تجريف أراضٍ زراعية لتوسيع بؤرة استيطانية رعوية في خربة مسعود، في تصعيد يهدد حياة المواطنين.

سلفيت: اعتداء مستوطنين على مزارعين في فرخة وإطلاق أغنامهم للرعي في أراضٍ مزروعة، تحت حماية قوات الاحتلال.

الأغوار: إطلاق أغنام المستوطنين وسط بيوت المواطنين، والاعتداء على نظام طاقة شمسية، وتسييج أراضٍ بعد مصادرتها، وسرقة صهريج مياه، وتجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في محاولة للاستيلاء عليها

disqus comments here