تقرير: غزة بين أنياب الجوع والنار: “مجاعة تفتك بالأجساد وأمل محاصر خلف المعابر”

في مشهد يلخص ملامح الكارثة الإنسانية المستفحلة، تقف غزة اليوم على شفا مجاعة حقيقية، بعد أن أحكم الاحتلال الإسرائيلي حصاره الخانق على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مانعًا دخول الغذاء والدواء، ومحولًا حياة أكثر من مليوني إنسان إلى صراع يومي من أجل البقاء.

منذ أكثر من سبعة أشهر، يعاني المواطنون في قطاع غزة من حرمان ممنهج من أبسط مقومات الحياة، إذ لم تعد أجسادهم الهزيلة قادرة على الصمود أمام الجوع والمرض، في ظل قصف لا يرحم، وحصار يقضي على الأخضر واليابس. وفي ظل استمرار إغلاق المعابر، باتت صور الأطفال النحيلين والشيوخ المنهكين مشاهد يومية تختصر المأساة.

بهذه الكلمات لخص المواطن بسام حمودة حاله، حيث يقول: “لقد أصاب الضمور أجسادنا وتسلل إلى أمعائنا فلم نعد نقوى على ممارسة حياتنا اليومية… كنا نعيش على الطعام الخيري، أما اليوم فلا نجد حتى ورق الشجر بعد أن أحرقت آلة الحرب كل شيء.”

كلام حمودة ليس استثناءً، فالمواطن خالد الأسطل يؤكد أن المجاعة “اجتاحت القطاع ونهشت بأنيابها أجسادنا”، محذرًا من انهيار اقتصادي ومعيشي تام في ظل غياب المواد الأساسية وارتفاع أسعارها إلى مستويات خيالية.

سائد عوض الله، رب أسرة من ثمانية أفراد، يؤكد أن عائلته لم تتناول وجبة كافية منذ أيام، وأن الوضع آخذ في التدهور بشكل ينذر بكارثة وشيكة. أما سالم عبد الهادي، فيقول إن الأجساد أنهكها نقص الفيتامينات والمعادن، ولم تعد الصيدليات تحتوي على مكملات طبية أو غذائية بسبب الحصار المشدد.

بدوره، أكد أحمد أبو الندى، أحد القائمين على تكية خيرية، أن المواطنين كانوا يعتمدون على طعام التكايا، إلا أن هذا المورد بدأ يختفي تدريجيًا مع شح المواد، حتى باتت بعض التكايا غير قادرة على تقديم الحد الأدنى من وجبات الغذاء. مشاهد التزاحم على أبواب التكايا باتت رمزًا للمعاناة الجماعية التي تعصف بالسكان.

تحذيرات دولية عاجلة

برنامج الغذاء العالمي أعلن نفاد مخزونه بالكامل، مؤكداً أن 700 ألف مواطن كانوا يتلقون وجباته اليومية توقفوا عن ذلك، بسبب منع دخول الإمدادات. وفي الوقت ذاته، تحذر منظمة أطباء بلا حدود من أن غزة “تتحول إلى مقبرة جماعية”، بسبب استمرار الحظر على دخول المواد الإغاثية والطبية.

وأشارت الأمم المتحدة إلى ارتفاع كبير بنسبة 80% في عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج من سوء التغذية، مؤكدة أن 92% من الرضع لا يحصلون على احتياجاتهم الأساسية من الغذاء، في وقت يعجز فيه 65% من السكان عن الحصول على مياه نظيفة.

صرخة غزة: افتحوا المعابر قبل أن يفنى الناس

الواقع في غزة لم يعد يحتمل مزيدًا من الصمت الدولي. لقد تجاوزت الأزمة كل الخطوط الحمراء، وباتت أرواح الأطفال والنساء والمرضى على المحك. الاحتلال الإسرائيلي، من خلال سياسة التجويع الجماعي، يستخدم الطعام كسلاح، مخالفًا بذلك كل القوانين والأعراف الدولية.

أمام هذا المشهد المأساوي، تطلق نداءً عاجلًا للمجتمع الدولي: تحركوا الآن. افتحوا المعابر. أنقذوا ما تبقى من غزة، فكل ساعة تأخير تعني المزيد من الجوعى، والمزيد من الموت،

disqus comments here