لبنان: جلسة حاسمة للحكومة الثلاثاء بشأن ملف السلاح وسط تعدد السيناريوهات

بدأ العدّ العكسي في لبنان لجلسة مجلس الوزراء المرتقبة يوم غدٍ الثلاثاء، والمنتَظر أن تكون حاسمة على صعيد تحديد رؤية الحكومة حول ملف سلاح حزب الله، وما إذا كانت ستتخذ قراراً مباشراً بوضع الآليات التنفيذية والجدول الزمني لسحبه، وكذلك على مستوى المشهدية الدبلوماسية والأمنية لما بعد الخامس من أغسطس/آب الحالي ربطاً بالنتائج، خصوصاً أنّ الضغط الخارجي بلغ مستوياته القصوى في الأيام الماضية.
ويسود الغموض الشديد بشأن مضمون ما ستخرج به جلسة الثلاثاء من مقرّرات، وسط تداول سيناريوهات عدّة، أبرزها تكرار تعهّدات قسم الرئيس جوزاف عون، والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، لناحية التمسّك بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتكليف المجلس الأعلى للدفاع بوضع الخطوات التنفيذية في مسار التطبيق، مع تكليف بالاتجاه نفسه للجيش اللبناني، المرتقب أن يحضر قائده العماد رودولف هيكل الجلسة لعرض المهمّات التي قام بها الجيش منذ تاريخ دخول قرار وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والعراقيل التي لا تزال موجودة وحاجات المؤسسة العسكرية.
وبحسب معلومات “العربي الجديد”، فإنّ “الجلسة لن تتأجل، وستعقد في موعدها، وقد يغيب عنها بعض الوزراء لوجودهم خارج لبنان، لكن الغالبية ستحضر، بما في ذلك وزراء حزب الله وحركة أمل، اللذان يعملان على أن يكون موقفهما مشتركاً وموحداً على طاولة مجلس الوزراء، خصوصاً لناحية ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والانسحاب من النقاط الخمس التي تحتلها إسرائيل جنوباً، مع الترجيح أيضاً ألا تخرج الجلسة بقرارات نهائية، بل بمحاولة اتفاق على خطوط وعناوين عريضة متصلة بخطاب القسم والبيان الوزاري، وذلك لإظهار التعاطي الجدي للحكومة مع الملف، في رسالة بذلك إلى الخارج، وسط الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها لبنان خصوصاً من الجانب الأميركي، إلى جانب الضغوط الداخلية”.
وتبعاً للمعلومات أيضاً، فإن “الاتصالات مستمرّة بين الرئاسات الثلاث، وعلى خطّ حزب الله، من أجل تأمين مناخ مناسب للجلسة، وتفادي أي سيناريو أمني، خصوصاً في ظلّ التهويل بتكرار مشهد السابع من مايو/أيار (عام 2008، يوم اجتاح حزب الله بيروت بسلاحه)، ولا سيما أن هناك اعتراضاً وغضباً من جانب بيئة حزب الله على مسألة تسليم السلاح، وسط دعوات لتنفيذ تحركات في الشارع بالتزامن مع انعقاد الجلسة”.
وعلى مسافة ساعاتٍ من انعقاد الجلسة الحكومية، جرى تسريب معلومات، لم تُحسَم رسمياً بعد، بدايةً حول انتهاء مهام الموفد الأميركي توماس برّاك في لبنان، والتي أُعلن سابقاً أنها ستكون “مؤقتة”، وعودة المبعوثة مورغان أورتاغوس لتولي الملف اللبناني، وكذلك حول تسليم واشنطن لبنان النص النهائي للورقة الأميركية، والتي ستُناقش غداً الثلاثاء، وذلك في تطورات وُضعت من حيث التوقيت في إطار الضغط الخارجي المستمرّ على الحكومة اللبنانية للالتزام بجدول زمني لحصر السلاح بيدها.
في هذا الإطار، تقول مصادر لبنانية رسمية لـ”العربي الجديد”، إنّ “لبنان تبلغ الأسبوع الماضي رفض واشنطن المقترحات اللبنانية، لا سيما منها تلك التي تقدّم بها رئيس البرلمان نبيه بري، والورقة الأميركية الأخيرة تصبّ بهذا الإطار، وتؤكد بشكل نهائي على رفض المطلب اللبناني حول ضرورة أن تبدأ إسرائيل بالخطوة الأولى لناحية وقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية، إذ هناك تشديد أميركي على أن تكون الخطوة الأولى من الجانب اللبناني بوضع جدول زمني لتطبيق حصرية السلاح”.
وتضيف “هناك رسالة واضحة بضرورة التزام لبنان بالورقة الأميركية باعتبار ذلك مساراً أساسياً لملفات أخرى، على رأسها إعادة الإعمار، وإلا فإن فرصاً كثيرة ستضيع، وهو ما عبّر عنه في أكثر من موقف الموفد برّاك وكان مباشراً به”، لافتة إلى أن “المشاورات بين المسؤولين اللبنانيين مستمرة وستبقى قائمة للوصول إلى صيغة معينة لجلسة الثلاثاء”، لافتة إلى أن “لبنان حتى الساعة لم يتبلغ رسمياً بانتهاء مهام برّاك”.
في المقابل، تخرج إلى العلن تصريحات شديدة اللهجة من جانب الأحزاب المعارضة، ولا سيما “القوات اللبنانية” (برئاسة سمير جعجع)، و”الكتائب اللبنانية” (برئاسة النائب سامي الجميل)، ووزرائهما في الحكومة، تؤكد ضرورة السير بخطوات جدية نحو تسليم سلاح حزب الله من دون انتظار موقف الأخير، محذرة من عواقب المماطلة أو الالتفاف أو التأخر في بتّ الملف أو الخروج بأي قرارات رمادية.
وفي منشور له عبر منصّة “أكس” يوم أمس الأحد، كتب وزير العدل عادل نصّار (من حصّة حزب الكتائب): “إذا اختار حزب الله الانتحار برفض تسليم سلاحه، فلن يسمح له بأن يجرّ لبنان والشعب اللبناني معه!”.
وفي عيد الجيش اللبناني، خرج الرئيس جوزاف عون بمواقف أكثر حدّة تجاه السلاح، مُسمّياً للمرة الأولى بحديثه حزب الله، من دون أن يأتي على ذكر الحوار أو الاستراتيجية الدفاعية، التي سبق أن تحدّث عنها ويتمسّك بها الحزب، بحيث شدد على أن “واجبه وواجب الأطراف السياسية كافة، عبر مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع ومجلس النواب والقوى السياسية كافة، أن نقتنص الفرصة التاريخية، وندفع من دون تردّد إلى التأكيد على حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية دون سواها، وعلى كافة الأراضي اللبنانية، اليوم قبل غد، كي نستعيد ثقة العالم بنا، وبقدرة الدولة على الحفاظ على أمنها بوجه الاعتداءات الإسرائيلية التي لا تترك فرصة إلا وتنتهك فيها سيادتنا، كما بوجه الإرهاب الذي يرتدي ثوب التطرف وهو من الأديان براء”.
ومن أهم المطالب اللبنانية التي كشف عنها عون يوم الخميس ضمن المفاوضات مع واشنطن، “وقف فوري للأعمال العدائية الإسرائيلية، في الجو والبر والبحر، بما في ذلك الاغتيالات، وانسحاب إسرائيل خلف الحدود المعترف بها دولياً وإطلاق سراح الأسرى، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها، وسحب سلاح جميع القوى المسلحة، ومن ضمنها حزب الله وتسليمه للجيش اللبناني، وتأمين مبلغ مليار دولار أميركي سنوياً، ولفترة عشر سنوات من الدول الصديقة، لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وتعزيز قدراتهما”، وأيضاً عقد مؤتمر دولي للجهات المانحة لإعادة إعمار لبنان في الخريف المقبل.
وتلا خطاب عون لقاء عُقد بينه وبين رئيس كتلة حزب الله البرلمانية (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد في قصر بعبدا الجمهوري، من دون أن تعلن عنه الرئاسة اللبنانية، وذلك في حين قالت وسائل إعلام تابعة لحزب الله إنّ اللقاء كان عبارة عن جلسة مصارحة في العديد من الملفات، وكان إيجابياً، بانتظار تبلور الصورة أكثر في الأيام المقبلة. وبحسب معلومات “العربي الجديد”، فإنّ “اللقاء تناول المفاوضات اللبنانية الأميركية، مع تشديد من جانب رعد على ضرورة أن يضع لبنان المصلحة الوطنية، ولا يرضخ للتهديدات والضغوطات الأميركية، وكذلك لبعض الضغوط الداخلية التي تنفذ أجندة خارجية، وتريد فقط القضاء على حزب الله”.