الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 17/7/2025 العدد 1358

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 17/7/2025

 

 

هالة ومنقذوها والموت.. يخبرون العالم: حتى النفاق لم يعد لائقاً لهؤلاء المجرمين

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

عين مغلقة وعين مفتوحة، يدها تمسك بالحائط الذي انهار فوقها، هي عالقة بين الأنقاض، رأسها وجسدها عالقان، هي هكذا منذ الليل، مصباح ملقى بجانبها تحاول إمساكه، ربما ينقذها. وهذا المصباح أفلت من يدها، بعد ذلك رفعت كفها وكأنها تشير إلى أنها ما زالت على قيد الحياة، وتصارع على قول “أنقذوني، أنا متعبة، لم أعد أستطيع”. وفيما تبقى لها من قوة قالت: “أرجوكم، أنقذوني”. كانت هذه كلماتها الأخيرة. “تحدثي، يا هالة، تحدثي”، حاول صهرها أنس إقناعها، ولكن دون فائدة. أغمضت عينيها.

ليس واضحاً كم استمرت على قيد الحياة بعد هذا التوثيق. أمس قبل الظهر، كتب نير حسون في شبكة “اكس”: “هذه المرأة اسمها هالة عرفات، ابنة 35 سنة، منذ الساعة الثانية فجراً، هي و14 شخصاً من أبناء عائلتها، معظمهم من الأطفال، موجودون تحت أنقاض البيت في شارع الزرقاء في حي التفاح. تحدثت مع صهرها، وحسب قوله فإن كل من حاول الاقتراب للمساعدة هاجمته المسيرات. إذا كان لدى أحد فكرة عن كيفية المساعدة، فهو الوقت المناسب لتقديمها.

المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي لم يكلف نفسه عناء الرد على حسون مدة 12 ساعة. لماذا الاستعجال؟ بعد ذلك، رد المتحدث بلسان الجيش وقال شيئاً ما، “لا توجد إحداثيات”. توفيت هالة وزوجها وأولادها الأربعة وهم يتألمون بشكل لا يمكن تخيله، 14 من أبناء العائلة، بينهم سبعة أطفال، قتلوا في قصف البيت.

لم تكن هذه العائلة الوحيدة التي قتلت أول أمس ليلاً، هناك عائلة عزام التي أبيدت أيضاً. أمير راتب، وكريم، وأربعة أطفال رضع، صور موت الأطفال الأربعة وهم مستلقون على ظهورهم وملفوفون بالأكفان البيضاء ووجوههم مكشوفة، هي من الصور الأكثر قسوة. وجه أحد الأطفال ممزق. يوجد حسابات في الشبكة تحولت إلى يوميات للمسالخ. كل إسرائيلي ملزم الآن بالنظر إليها مباشرة، ولتمس مشاعره وتصطدم روحه الغضة والحساسة. محظور حذف أي صورة من قطاع غزة. هذا ليس كلاماً فارغاً، بل الحقيقة التي يجب رؤيتها.

كلمات هالة الأخيرة والعجز عن إنقاذها، لا تتوقف. امرأة عالقة تحت أنقاض بيتها ربما تثير الرغبة الشديدة في إنقاذها. لكن هذا الوضع أثار لدى الجيش الإسرائيلي إرسال مسيرات الموت تقضي على رجال الإنقاذ، كما حدث أمس في شارع الزرقاء في مدينة غزة.

حسب التقارير، كل شخص اقترب من المبنى سارع الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار عليه. المجندات الجريئات اللواتي يحملن عصا التحكم جلسن، وبالأحرى الجنود، لعبن لعبة الموت ضد كل من حاول الإنقاذ. هؤلاء هم جنود جيش الدفاع الإسرائيلي أنفسهم الذين تحتضنهم إسرائيل وكأنهم ضحايا وأبطال هذه الحرب. هم ليسوا ضحايا ولا أبطال عندما يطلقون المسيرات على الضعفاء. يطلقون النار أيضاً على مراكز توزيع المساعدات. أمس سحق 20 شخصاً هناك حتى الموت بعد أن رشهم الجنود بغاز الفلفل.

هذا هو نفس جيش الدفاع الإسرائيلي الذي أنقذ في 1999 الطفلة التركية شيرين فرانكو من تحت الأنقاض، ابنة 9 سنوات، أثناء الهزة الأرضية في بلادها. لم ينقذوها فحسب، بل جلبوها للعلاج في إسرائيل. صورتها ويحملها عقيد إسرائيلي أصبحت أيقونة.

الآن، لم يعد الجيش الإسرائيلي ينقذ أحداً، بل يطلق النار على من يحاول إنقاذ امرأة عالقة بين جدران بيتها. هل هناك وحشية فظيعة أكثر من ذلك.

تنفد الكلمات مرة أخرى. في الزلزال القادم، في تركيا أو في أي دولة أخرى في أرجاء العالم، نأمل بأن وحدات الإنقاذ في الجيش الإسرائيلي التي ستجرؤ على النظر في وجهها في محاولة مصطنعة للإظهار بشكل أفضل وتنقذ الناس، ستُطرد بشكل مهين. هذا الجيش فقد الحق في أن يكون منافقاً حتى. الجيش الذي يطلق النار على رجال الإنقاذ والجائعين يفقد الحق الأخلاقي في تقديم المساعدة.

لا، شكراً، سيقول العالم، لن نقبل أي مساعدة من أيديكم الملطخة بدماء الأشخاص العاجزين.

------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 17/7/2025

 

الجيش الإسرائيلي: جلبنا الفرقة 98 من غزة ونتأهب لدخول بري حتى دمشق

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

إن هجمات الميليشيات السُنية الجهادية برعاية النظام السوري على الدروز في منطقة السويداء تضع إسرائيل أمام ثلاثة اختبارات.

الأول: هل ستفي حكومة إسرائيل بتعهدها لأبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل، وتمنع ذبح إخوانهم الدروز في منطقة السويداء؟

الاختبار الثاني: هل تنفذ إسرائيل مفهوم الدفاع المتقدم الجديد في الجولان، الذي يستهدف منع ما حصل في 7 أكتوبر في غلاف غزة، أي منع الجهاديين المسلمين من اقتحام الحدود واجتياح أراضي البلاد؟ وحسب هذا المفهوم، ومثلما أعلن رئيس الوزراء ووزير الدفاع، سيكون جنوب سوريا مجرداً من السلاح الثقيل والقوات العسكرية، سواء للنظام أم لميليشيات مسلحة، حتى مسافة عشرات الكيلومترات عن الحدود مع إسرائيل.

الاختبار الثالث: ما طبيعة علاقاتنا المباشرة مع النظام الجديد في دمشق، هل سنتمكن من ردع هذا النظام عن القيام بخطوات تتعارض مع المصلحة والسياسة الإسرائيلية، ومن جهة أخرى محاولة إقامة علاقات عدم قتال وترتيبات أمنية معه، مثلما يريد ترامب؟

 عن التطبيع في العلاقات بين إسرائيل وسوريا، كما تتخيل واشنطن، واضح أنه ليس هناك ما يمكن الحديث فيه. لكن إسرائيل ملزمة بأن توضح لأحمد الشرع بأنها لن تسمح له باستغلال رياح المصالحة التي تهب من الولايات المتحدة كي يتجاهل ما تراه إسرائيل كمصالح حيوية.

عملياً، الأحداث التي بدأت مطلع الأسبوع جنوب هضبة الجولان السوري، تبعث تخوفاً من عودة الحاكم الشرع ليكون زعيم منظمة الإرهاب الإسلامية -جبهة النصرة. فحسب معلومات تجمعت في إسرائيل، ما يحصل الآن في سوريا وإن بدأ كصدامات عنيفة بين ميليشيات جهادية بدوية وميليشيات درزية، لكن النظام السوري في دمشق لم يحاول وقفها وفرض النظام، بل استغل -بشكل مخطط ومبادر له- الوضع لبسط سلطته على الدروز السوريين.

في الخلفية: جهود النظام السوري ترمي لفرض حكمه وسيادته على كل أراضي الدولة، بما في ذلك المناطق التي تسيطر فيها الأقليات القوية: الأكراد، والعلويون، والدروز، لكنها تمر حالياً بلا نجاح. المشترك بين كل هذه الأقليات، بما فيها الدروز، هم في نظر الجهاديين السُنة الذين يحكمون دمشق الآن، كفرة. وعليه، على حد نهجهم، يجب إخضاعهم وفرض أعراف الإسلام الراديكالي الأصولي عليهم. هذا هو السبب في عدم سيطرة رجال وحدات الأمن العام التابعة للنظام، الذين زعم أنهم جاءوا للفصل بين البدو والدروز، على عاصمة المحافظة الدرزية – بل ذبحوا الدروز، وأذلوهم وأفسدوا أماكنهم المقدسة.

منذ أيار هذا العام حدثت صدامات بين رجال الأمن العام وجيش النظام الجديد، وبين الدروز في منطقة السويداء، وكذا في منطقة جرمانة في ضواحي دمشق. في حينه، تحقق ما زعم أنه اتفاق بين قيادة الدروز والنظامي، وبموجبه يقبل الدروز إمرة الجولاني وينخرط رجالهم في جيشه. هذا الاتفاق لم يصمد، لأن النظام لم يكن قادراً على فرض إمرته على الجهاديين السُنة الذين ينكلون بالدروز في محافظة السويداء. وعليه، فقد أبقى الدروز على الميليشيات المسلحة ولم يندمجوا في جيش النظام. الآن، استغل الجولاني المعارك الناشبة بين البدو والدروز لفرض حكمه عليهم. هو يطلب منهم استسلاماً تاماً. هذا ما طلبه على الأقل، إلى أن تدخلت إسرائيل.

 عندما لاحظت إسرائيل دبابات ومجنزرات النظام تتجه جنوباً، صدرت أوامر للجيش بالعمل، لكن بشكل منضبط ومقنون. ولهذا، لم تهاجم هذه القوات وهي تسير على طريق دمشق – درعا، ما كان يمكن ربما أن يوقفها قبل أن تصل إلى السويداء. بدلاً من هذا، هاجمتها مُسيرات سلاح الجو في ضواحي السويداء، الإثنين.

 لم تنفع الإشارة، وواصل رجال الأمن العام السوري احتلال مناطق في السويداء. وفي هذه الأثناء، تبين أن النظام هو الذي بادر إلى الهجوم على الدروز، ولم يحاول التفريق بينهم وبين البدو. وعليه، فقد استخدام سلاح الجو أمس طائرات قتالية إضافة إلى المُسيرات التي قصفت قوات النظام في منطقة السويداء، وكذا مجال هيئة أركان النظام الجديد في دمشق. من نظر إلى الصور رأى بأن القذائف التي ألقتها طائرات قتالية في دمشق لم تدمر المبنى نفسه، بل أصابت المداخل إليه؛ بمعنى أن هذا القصف أيضاً كان مقنوناً واستهدف تحذير النظام دون حرق الجسور إليه. لا تريد إسرائيل إغضاب ترامب وأردوغان. في هذه القصة، اضطر الجيش الإسرائيلي للسير على حبل رفيع بين مصالح عديدة ومختلفة. وثمة افتراض أن نتنياهو وأساساً وزير الدفاع كاتس، يشمان رائحة انتخابات التمهيدية في الليكود، وربما الانتخابات القريبة، ويجتهدان لإرضاء آلاف الدروز الذين انتسبوا للحزب.

 في كل حال، يبدو أن الرد الإسرائيلي المنضبط في بداية الأحداث لم يردع النظام في دمشق، والجيش والشرطة لم يستعدا كما ينبغي لإمكانية اقتحام جموع الدروز الإسرائيليين الجدار الحدودي بهدف الدفاع عن إخوانهم في سوريا. وكانت النتيجة ولا تزال أن الوضع خرج عن السيطرة. عملياً، في هذه اللحظة 70 في المئة من أراضي السويداء تقع في أيدي الجهاديين الذين يعملون باسم النظام. حتى أمس، عربد 200 منهم داخل المدينة، وأحاطها نحو 1000 آخرين وقصفوها بالمدفعية. وقف النار الذي أعلن عنه النظام لم يدخل إلى حيز التنفيذ. وأعلن مسؤول كبير في نظام الجولاني تنديده بعمل الجهات المسلحة العاملة في السويداء، لكن واضح بأن هذا تظاهر وضريبة كلامية موجهة لآذان أمريكية وللإعلام الدولي. وربما لسنا الوحيدين الذين فقدوا السيطرة على الدروز الذين اقتحموا الجدار الحدودي، بل إن النظام في دمشق أيضاً فقد السيطرة على الميليشيات المسلحة العاملة بتكليف منه ولم ينجح في وقفها.

ليس واضحاً ما الذي يعتزم الجولاني فعله، لكن الجيش الإسرائيلي أجرى تقويماً للوضع وقرر وضع فرقة 98 وقوات أخرى تعمل الآن في غزة في حالة تأهب لدخول بري إلى الأراضي السورية إذا لم توقف المعارك القذائف من الجو ومدفعية الجيش الإسرائيلي، إلى جانب الدبلوماسية التي تمارسها دول عربية والأمريكيون.

التقدير أن الحديث يدور عن بضعة أيام من النار. تضطر إسرائيل لمواجهة حدث معقد وتأسيسي في الشمال، في ساعة حرجة تماماً وحاسمة للمعركة في غزة. لكن ثمة احتمال جيد في أن تساعدنا واشنطن على الخروج أيضاً من هذه المتاهة.

-------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 17/7/2025

 

كيف نسير بين الألغام السورية؟

 

 

بقلم: د. يهودا بلنجا

تعلمنا الأحداث الدموية في سوريا مدى بعد التطبيع بين القدس ودمشق، الذي جرى الحديث عنه كثيراً في الأسابيع الأخيرة، ومدى قربنا من نشوب حرب أهلية جديدة في سوريا.

منذ 2011 مع نشوب “الربيع العربي” في سوريا، وقف أبناء الطائفة الدرزية أمام تحديات وجودية خطيرة، وبخاصة أمام التهديد المحدق من منظمات جهادية سُنية وعلى رأسها “داعش” وجبهة النصرة – فرع القاعدة و”الدولة الإسلامية” في سوريا. هذه المنظمات التي رأت في الدروز كفرة، لم تكتف بالقتال ضد نظام الأسد، بل سعت “لتطهير” المناطق التي تحت سيطرة جماعات من الأقليات الدينية.

الدروز، الذين يشكلون 3 – 5 في المئة من سكان سوريا (نحو 700 ألف نسمة)، يسكن معظمهم في منطقة جبل الدروز، في محافظة السويداء جنوبي الدولة. هذه منطقة عانت طوال 14 سنة من الحرب الأهلية، بل وقبل ذلك، من غياب الحوكمة. وبالتالي، مع نشوب العنف في سوريا، شكلت هذه المحافظة لمنظمات الجهاد نقطة ضعف نظام الأسد وهدفاً لهجمات الإرهاب والاحتلال. في الأعوام 2013 – 2018 تعزز وجود قوات جهادية في جنوب سوريا، وأحياناً في مناطق قريبة جداً من التجمعات السكانية الدرزية بل ومن الحدود الإسرائيلية.

في حزيران 2015 هددت منظمة جبهة النصرة، بقيادة أبو محمد الجولاني، احتلال قرية الحضر، في هضبة الجولان (في الجانب السوري). وصمود السكان الدروز، بمساعدة ميليشيات موالية لنظام الأسد، منع مقاتلي “الجهاد” من التقدم نحو القرية.

 

مخاطر تذهب وتعود

 

بعد سنتين من ذلك في تشرين الثاني 2017، وقف السكان الدروز أمام الخطر مرة أخرى. وبعد سلسلة من الهجمات، كان ذروتها انفجار سيارة مفخخة جبى 9 ضحايا، استيقظ احتجاج حاد في إسرائيل أيضاً. التوتر والتحفز في أوساط الدروز من سكان إسرائيل كانا كبيرين جداً، ونشر الناطق العسكري العميد رونين مليس بياناً يقول فيه إن “الجيش الإسرائيلي جاهز ومستعد لمساعدة سكان القرية ومنع الأذى أو الاحتلال لقرية الحضر انطلاقاً من الالتزام تجاه السكان الدروز”.

لكه تحذير لم يصمد طويلاً لأن “داعش” نفذ في تموز 2018 سلسلة مركبة من العمليات في السويداء والقرى المجاورة لها. أكثر من 250 شخصاً قتلوا، معظمهم مواطنون دروز، وعشرات النساء والأطفال اختطفوا. “نحن مستعدون لكل عمل، سواء بالمال أم غير ذلك”، قال رئيس مجلس دالية الكرمل، رفيق حلبي. فيما قال موفق طريف، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل صارخاً بأن العمليات التي نفذها “داعش” هي مذبحة على خلفية عرقية”.

إن ابتسامات أحمد الشرع تجاه العالم ومحاولاته بث الاستقرار، تتعرض الآن لضربة شديدة. عملياً، المعارك بين الجهاديين في سوريا والدروز تضعنا على أرض الواقع. ما يتبين هو أن النظام السوري الجديد لا يسيطر على الدولة ولا ينجح في التصدي لمنظمات وميليشيات إسلامية مسلحة، الدين هو دافعها للعمل وليس التفكير بالشرعية الدولية أو بالعلاقات مع الغرب وإسرائيل.

ومثلما حصل في آذار الماضي حين ذبحت منظمات الجهاد المتفرعة عن نظام الشرع العلويين، ومثلما حصل في نهاية حزيران قتل 20 مسيحياً عقب عملية المخرب الانتحاري في كنيسة مار الياس في دمشق، يأتي الآن “دور” الدروز..

وإذا كان كذلك، فاستنتاجات إسرائيل، أن علينا الاستعداد ليس فقط تكتيكياً، أي إعطاء جواب موضعي لتهديدات الإرهاب وللهجمات على الدروز في سوريا، بل استراتيجياً – واقع من انعدام النظام والانزلاق إلى مواجهة سورية داخلية متجددة (وهذه المرة بدون عنوان مركزي واحد في صورة الأسد). كل هذا في ظل اتخاذ جانب الحذر من التدهور إلى مواجهات مع حليفة الشرع، تركيا، أو حرب استنزاف ضد المنظمات الإسلامية المتطرفة في سوريا. الواقع، أنه في صالح هذا الاستعداد، يجب الوصول إلى تفاهمات مع أكبر عدد ممكن من اللاعبين في الساحة الدولية، وبخاصة الولايات المتحدة التي احتضنت الشرع في منذ زمن غير بعيد.

-------------------------------------------

هآرتس 17/7/2025

 

حضور هاكابي في رسالة تهديد للمحكمة: من يتهم نتنياهو سنصطاده

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

 “زيارة” سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، مايك هاكابي، إلى المحكمة المركزية في لواء تل أبيب أمس أثناء مداولات محاكمة جنائية لرئيس الوزراء نتنياهو، تجاوزت خطاً أحمر. فقد شارك السفير الأمريكي بشكل نشط في عرض الإجراء القضائي الجاري ضد نتنياهو على أنه محاولة انقلاب بوسائط قضائية.

وجود السفير في القاعة، والصور المهينة مع دمية “باغز باني” وتبني نظرية المؤامرة البيبية التي تتهم جهاز القضاء بـ “صيد الساحرات”، كل هذه أكثر بكثير من عار دبلوماسي. لو كان للسفير كمامة كورونا لاستعاد الصورة الآيكونية من يوم بدء المحاكمة، التي يبدو فيها نتنياهو مهدداً لجهاز القضاء وهو محوط بوزرائه التابعين واضعي الكمامات.

يعد هذا إساءة استخدام للقوة والدبلوماسية في ظل تشويه العلاقات بين الدولتين. لا شيء “صداقياً” في زيارة السفير إلا بالمفهوم المافيوي. الزيارة وكل ما ترافقها منسقة مع مواقف الرئيس الأمريكي ترامب، الذي دعا مؤخراً إلى “تحرير بيبي” بل وأعلن بوجوب إلغاء محاكمته، وكأنه عراب نتنياهو. إن تأييد السفير هو رسالة علنية، لدرجة تهديد حقيقي، على جهاز القضاء الإسرائيلي ورؤساء الادعاء العام.

محظور الاستخفاف بالبادرات الطيبة المافيوية هذه. المرحلة التالية بعد الزيارات “الرمزية” هي عنف دبلوماسي حقيقي. قد نرى ما يحصل في البرازيل. أعلن ترامب اعتزامه فرض جمارك بمعدل 50 في المئة على أي استيراد من البرازيل، وأشار إلى أنه سيفعل هذا، رداً على “صيد الساحرات”، على حد قوله، تجاه حليفه رئيس البرازيل السابق جايير بولسونارو، الذي يقدم إلى المحاكمة على محاولة انقلاب. في البرازيل أيضاً، حتى قبل التهديد بالجمارك، انتقد ترامب المحاكمة علناً.

غير أنه ليس مثلما في إسرائيل، فقد احتاج الرئيس في البرازيل لويس ايناسيو (لولا) دي سلفا، ساعات قليلة كي يرد بأن البرازيل ستفرض رسوماً جمركية بالمقابل. “البرازيل دولة سيادية بمؤسسات مستقلة، لن تقبل محاولة من أي أحد بإساءة استخدامها”، قال في بيان له، وأضاف بأن الدعوى ضد بولسونارو “هي بالمسؤولية الحصرية في جهاز القضاء البرازيلي”.

لكن من في إسرائيل سيضع ترامب في مكانه؟ هل هو الرئيس الذي يدفع إلى الأمام بالعفو، إسحق هرتسوغ؟ من سيدعو السفير إلى محادثة توبيخ، هل هو جدعون ساعر فزاعة الخارجية؟

للحرب على جهاز القضاء التي يشنها اليمين البيبي فرع دولي مسلح برسالة تهديد: من يفرض القانون على نتنياهو سيعرض نفسه للتهديدات والعقوبات، وربما حتى لحرب تجارية. من العار لرئيس وزراء في إسرائيل ومن الخزي للولايات المتحدة أن يتصرف رئيسها وسفيرها على هذا النحو.

-------------------------------------------

هآرتس 17/7/2025

 

هآرتس.. للجيش الإسرائيلي: من كان هدفه حماية الدروز لا يقصف دبابات النظام السوري

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه أحد زعماء الطائفة الدرزية في سوريا، الشيخ يوسف جربوع، سينتظر الامتحان العملي على الأرض. هذا هو الاتفاق الثاني الذي تم التوقيع عليه هذا الأسبوع رغم عدم جفاف حبر الاتفاق الأول قبل تجدد المعارك. يجب التعامل بحذر مع الاتفاق، خاصة أنه من غير الواضح من هي الأطراف التي وقعت عليه ووافقت على تطبيقه. جربوع ليس سوى أحد الزعماء الثلاثة الروحانيين في الطائفة، وهو معروف بدعمه للتعاون مع نظام الشرع ويعارض التدخل الأجنبي، بما في ذلك تدخل إسرائيل، في المواجهة الحالية وفي شؤون الطائفة بشكل عام. ويعارض أيضاً حكماً ذاتياً للدروز ويرى أن مستقبل الطائفة في أن تكون جزءاً لا يتجزأ من الدولة.

في الوقت نفسه، لم يسمع حتى الآن صوت الزعيم المهيمن على الطائفة، الشيخ حكمت الهجري، الذي يعارض دمج المليشيات الدرزية في الجيش السوري، ويعتبر الشرع جهادياً يعمل بروح الإسلام المتطرف، التي دعا إليها وهو قائد هيئة تحرير الشام، وأنه الشخص الذي يعتمد على مليشيات إسلامية محلية وأجنبية، التي لا تسيطر عليها جميعها، وأعلن حرب الإبادة على الدروز. الزعيم الثالث حمود الحناوي، يعتبر في الواقع صاحب تأثير أقل في الطائفة، لكن موافقته مطلوبة لطرح موقف موحد إزاء الاتفاق.

من غير الواضح أيضاً أي مليشيا من المليشيات الدرزية انضمت لوقف إطلاق النار. إخلاصها يتوزع حسب علاقاتها مع زعماء الطائفة الروحانيين، لكن بعضها تتبع سياسة مستقلة لا تتساوق بالضرورة مع قرارات زعماء الطائفة. مثلاً، مليشيا “رجال الكرامة”، التي تعتبر المليشيا الأكبر وفيها 5 – 8 آلاف مقاتل، تؤيد التعاون مع النظام. مقابلها “لواء الجبل”، التي تضم بضعة آلاف مقاتل، تعارض النظام ونية دمج أبناء الطائفة في الجيش السوري. إضافة إليها، في مدينة السويداء، التي معظمها من الدروز، يعمل “المجلس العسكري” الذي تم تشكيله في شباط الماضي وهو يتكون من عدة مليشيات بقيادة ضابط كبير انشق عن الجيش السوري.

بالنسبة للحكومة السورية، الأمور لا تقل عن ذلك ضبابية. النظام في الواقع وقع على الاتفاق، لكن لا تأكيد على أنه سيلزم المليشيات المرتبطة به، والتي لم تندمج حتى الآن في جيش الشرع الذي بدأ في تشكيله. ومفهوم “الجيش السوري” قد يكون مضللاً. صحيح أن هناك أطراً هيكلية لألوية وكتائب، وحسب قول وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، فإن مكتبه نجح في إقناع 130 مليشيا للانضمام إلى الجيش الوطني. حتى الآن، عشرات المليشيات الصغيرة، من بينها عصابات بدوية مسلحة ومليشيات تعمل في مدن نائية، بالأساس المليشيات الدرزية والقوات الكردية، لم تنضم له.

في نهاية أيار، انتهى التمديد الذي أعطاه النظام لجميع المليشيات للانضمام للجيش، وهو الموعد الذي من شأن النظام أن يعمل بالقوة لنزع سلاح المليشيات “المارقة”، باستثناء المليشيات الدرزية والكردية، التي وقعت على اتفاقات مبدئية للاندماج في الجيش، لكن تطبيق ذلك يحتاج إلى وقت طويل، لا سيما على خلفية التطورات في السويداء. المليشيات التي تم دمجها تتجند على أساس شخصي وليس كمجموعات لمنع وضع يواصل فيه الجنود ولاءهم للمليشيا بدلاً من الولاء للدولة. ربما تمر هذه في البداية في فترة تأهيل في الأكاديميات العسكرية التي لم يتم إقامة بعضها حتى الآن.

الجسم المركزي في الجيش ما زال يعتمد على نفس المليشيات التي رافقت الشرع في فترة العصيان المدني كجزء من “هيئة تحرير الشام”. الكثير من المقاتلين جاءوا من دول أجنبية مثل الشيشان، وروسيا، والأردن، ومصر، وبعضهم تعين في وظائف رفيعة في الجيش السوري. الوقت سيخبرنا إذا كانوا سينجحون في فرض السيطرة على الجنود الذين لم يأتوا من المليشيات التابعة لهم. في موازاة ذلك، ثمة مجموعات مقاتلة لا يعرف حجمها، انشقت عن “هيئة تحرير الشام” بعد إسقاط نظام الأسد، وهي تعمل في إطار مليشيات مستقلة معارضة للشرع، وتتهم الرئيس السوري بخيانة المبادئ والتنازل عن فكرة دولة الشريعة، والتعاون مع “أعداء الإسلام”. حسب تقارير سورية، فإن عدداً من هذه المليشيات انضم لـ “داعش” التي ما زالت تعمل في سوريا، وهي تشارك في تنفيذ العمليات التخريبية. عملية كنيسة مار الياس التي جرت في حزيران والتي قتل فيها 25 شخصاً، كانت كما يبدو مرتبطة بهذه المليشيات.

فصل القوات يعني أن على الشرع إدارة صراع على السيطرة على ثلاث جبهات على الأقل: مواصلة الجهود لتوحيد القوات المسلحة في سوريا تحت مظلة جيش وطني، ومواجهة المليشيات الرافضة وحل عصابات الجريمة المسلحة التي تنضم إليها أحياناً، وإثارة الانطباع لدى إسرائيل وأمريكا حول قدرته على اجتثاث بقايا نشاطات حزب الله في سوريا، والحفاظ على دولة مستقرة تسيطر فقط على 70 في المئة من أراضيها.

من غير المستغرب أنه عندما يتعهد بـ “العمل بحزم ضد الخارجين على القانون”، وتقديم المتهمين بهذه الأحداث للمحاكمة، فإن مستوى الثقة بهذه الأقوال يبدو معدوماً. يجدر أيضاً تذكر أن تصريحات مشابهة اسمعها النظام بعد المذبحة ضد أبناء الطائفة العلوية في آذار وقتل فيها 1700 شخص تقريباً. حتى الآن، لم ينته التحقيق في هذا الأمر، ولم يُقدم المذنبون للمحاكمة، وهكذا هي الحال أيضاً بعد عملية كنيسة مار الياس.

مع ذلك، ربما تكون للاتفاق الجديد فرصة أفضل للتطبيق، بالأساس بسبب دبلوماسية نشطة من الولايات المتحدة، التي تستخدم الضغط، سواء على الشرع أو على إسرائيل، من أجل وقف إطلاق النار.

 

هدف إسرائيل

 

مثلما في المواجهة السابقة بين الدروز والمليشيات المحلية في آذار، “دخلت إسرائيل هذه المرة إلى الحدث” بخطوة كبيرة كفيل بدون تحديد أي أهداف أو رؤية شاملة للساحة. في البداية، هاجمت الدبابات التي أرسلها الجيش السوري إلى السويداء بذريعة حماية “خطوط الفصل”، والتي هدفها منع القوات المعادية من الوصول إلى حدود إسرائيل. “وجود هذه الوسائل في جنوب سوريا قد يشكل تهديداً لدولة إسرائيل”، كتب المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي. “الجيش الإسرائيلي لن يسمح بوجود تهديد عسكري في جنوب سوريا، وسيعمل ضده”.

تغير التفسير خلال فترة قصيرة، فقد أوضح متحدثون إسرائيليون بأن هجمات إسرائيل التي ازدادت واتسعت وشملت قصف مبنى هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي، استهدفت حماية “الإخوة الدروز” ودفع النظام للعمل بسرعة لوقف سفك الدماء.

إذا كان هذا هو الهدف وبحق، فلماذا لم يسمح الجيش الإسرائيلي للجيش السوري بإرسال الدبابات إلى السويداء من البداية؟ وإذا كانت إسرائيل تؤمن بقدرة النظام على إطفاء النار، فلماذا لا تعمل في قنوات التنسيق المباشرة الموجودة الآن لدى النظام؟ في المقابل، إذا كانت إسرائيل تعتقد أن الشرع غير قادر على حماية أمن الدروز، وأخطر من ذلك أن نظامه يشجع المواجهة بهدف شن “حرب إبادة” ضد الدروز مثلما اعتبر ذلك أحد زعماء الطائفة الدرزية، الهجري، فهل تنوي إسرائيل شن حرب ضد النظام السوري كله؟

إن التزام إسرائيل بالطائفة الدرزية فيها لا يشوبه شك. نتيجة لهذا الالتزام، يمكن قبول أن عليها حماية الأقلية الدرزية في سوريا، إلى جانب الواجب الإنساني، وهو حماية أي أقلية تتعرض لخطر الإبادة. في الوقت نفسه، يجب عدم تجاهل موقف عدد من زعماء الطائفة في سوريا الذين يرفضون علناً تدخل إسرائيل ويعتبرون أنفسهم جزءاً لا يتجزأ من الدولة السورية، ومعنيون بتطوير التعاون مع نظام الشرع والدفع من خلاله ومعه بحقوقهم السياسية دون أن يكونوا “طائفة تحت الحماية” لدولة إسرائيل.

السؤال المهم: هل توجد لإسرائيل سياسة بعيدة المدى في كل ما يتعلق بسوريا؟ وكيف تندمج مع حماية الدروز ومهاجمة النظام السوري؟ محللون سوريون وعرب يقدرون أن إسرائيل تتطلع إلى استغلال رعايتها للدروز للدفع قدماً بفكرة تقسيم سوريا إلى كانتونات – درزي في الجنوب، وكردي في الشمال، وربما علوي أيضاً. وبهذا يمكنها إقامة “جزر دعم” أو “امتدادات” لنفسها وإفشال نية الشرع إقامة دولة موحدة وتحييد تأثير تركيا.

إذا وجدت خطة لإسرائيل كهذه، ولم يسمع حتى الآن تصريح علني يؤكد ذلك، فإن هذه الخطة لا تصطدم فقط مع طموحات الشرع، بل مع طموحات الولايات المتحدة والدول العربية أيضاً. تعمل واشنطن بشكل علني على إقامة دولة سورية موحدة غير مقسمة، ويحكمها نظام مركزي واحد، والرئيس ترامب يعتبر الشرع زعيماً مناسباً ويعطيه كل الدعم السياسي والاقتصادي. هذه الرؤية مقرونة باستراتيجية إقليمية شاملة، هدفها انسحاب القوات الأمريكية من سوريا ونقل مهمة محاربة “داعش” إلى سوريا وتركيا. في المقابل، يعمل ترامب على الدفع قدما باتفاقات منسقة بين إسرائيل وسوريا، ويطمح إلى التطبيع بين الدولتين. إن حرباً إسرائيلية ضد نظام الشرع، حتى لو كان هدفها حماية الأقلية الدرزية، لا تتساوق مع هذه الطموحات.

-------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 17/7/2025

 

 

الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي أخطآ في التقديرات واستيقظا متأخرين

 

 

بقلم: يوآف ليمور

 

القتال بين قوات الحكم في سوريا والدروز في الدولة بدا أمس قبيل الانهاء، بعد يومين مضرجين بالدماء جرا تدخلا للجيش الإسرائيلي ولدروز إسرائيليين اجتازوا الحدود كي يساعدوا أبناء الطائفة في سوريا. وقد حصل هذا بعد أن تلقت إسرائيل تعهدا بان يأمر الرئيس السوري بصوته قواته للانسحاب من المدينة الدرزية السويداء، كجزء من وقف نار اتفق بين الطرفين.

هذه الاحداث، بافتراض انها انتهت بالفعل، يفترض ان تشعل في إسرائيل ضوء تحذير متقطع، وعمليات سلسلة أضواء تلزم بتفكير شامل عميق لانها كشفت نقاط ضعف إسرائيلية وكذا مخاطر محتملة ينبغي إعطاء الرأي فيها منعا لاضطرابات اكبر.

ضوء التحذير الأول يعنى بسوريا، واساسا برئيسها. إسرائيل، تواصلا مع العالم، سعت لان ترى في أبو محمد الجولاني – او باسمه الحالي احمد الشرع – شريكا شجاعا لتغيير تاريخي في المنطقة. تقارير مختلفة روت حتى عن لقاءات اجراها المخرب الذي اصبح رجل دولة مع رئيس الموساد دادي برنياع، مع رئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي ومع مسؤولين كبار آخرين، وعن إمكانية اتفاقات مختلفة توقع بين الدولتين. يخيل أن التوقعات كانت مبكرة جدا: ليس مؤكد ان الجولاني هو ما نريد أن نرى فيه، وحتى لو كان كذلك – ليس مؤكد انه حقا قادر على توفير البضاعة.

ضوء تحذير ثان يتعلق بالحكم الحالي في سوريا. يدور الحديث عن عصبة جهاديين مع تاريخ مضرج بالدماء وايديولوجيا لا تترك مكانا كافيا لاعدائهم. العلويون، الذين اسقطوا من الحكم، شعروا بذلك على جلدتهم في المذبحة التي نفذها في بداية هذه السنة في اللاذقية وفي طرطوس، الان جاء دور الدروز. الشيعة أيضا (وممثلوهم في لبنان، حزب الله) على بؤرة الاستهداف، ولا يوجد ما يقول ان لهم خططا أخرى بالنسبة لليهود، اذا ما أعطيت لهم الامكانية.

ضوء التحذير الثالث هو عن الدروز في سوريا. الحساب الدموي الذي فتح الان لم يغلق مع وقف النار، وهو سيفتح مرة أخرى في ضوء طبيعة الحكم. إسرائيل ملزمة بان تسأل نفسها كم بعيدا هي مستعدة لان تسير من اجل حلفائها: هل هي مستعدة لان تمنحهم مظلة جوية فقط ام انها ستبعث اذا ما تطلب الامر منها ذلك، بفرق أيضا للقتال بريا لفترة زمنية غير معروفة.

 

 مطلوب دراسة شاملة

 

تبعا لذلك، ضوء تحذير رابع يتعلق بإمكانية ان يكون مطلوبا استيعاب أبناء من الطائفة الدرزية السوريين في إسرائيل. مشكوك ان تكون لهم نية كهذه، لكن الشرق الأوسط الذي يغير وجهه بسرعة من شأنه أن يلزمهم باتخاذ قرارات في زمن قصير. هذا ما حصل لرجال جيش لبنان الجنوبي ممن عملوا الى جانب الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، وفروا بين لسلة وضحاها الى اسرائيل في اثناء الانسحاب في العام 2000. ليس لإسرائيل خطط لاستيعاب الاف الدروز (وربما اكثر): هذا حدث وزاري مركب من المجدي اعداد دراسة شاملة له منذ الان الى جانب الدروز في إسرائيل.

ضوء تحذير خامس هو على الدروز في إسرائيل. الحلف معهم متماسك، معروف وواضح، لكن القيادة السياسية الأمنية ملزمة بان تجري معهم خطابا مفتوحا يعرف الحدود. الاف الدروز الإسرائيليين الذين اقتحموا الجدار وانتقلوا الى سوريا هم وصفة لكارثة لان من شأنهم ان يقتلوا ويخطفوا ويورطوا إسرائيل في معركة مركبة. خير فعلت إسرائيل حين أوضحت بانها ستحمي حلفائها في سوريا؛ خير تفعل اذا ما أوضحت للدروز في إسرائيل بان هذه مهمة الجيش الإسرائيلي وليست حرب انصار.

ضوء تحذير سادس هو للجيش الإسرائيلي. في أيار 2011، في بداية الحرب الاهلية في سوريا، اجتاز الاف الفلسطينيين الحدود من سوريا الى إسرائيل. انهيار الدفاع في حينه أدى الى إقامة فرقة خاصة (210) وإقامة عائق متطور. الاثنان انهارا امس. صحيح ان الجيش ادعى امس بان مهمته الدفاع ضد تسلل الى أراضي إسرائيل وليس منع خروج من اراضي إسرائيل. لكن هذه محاولة للتساذج يجب أن تستبدل بتحقيق معمق وبحلول تمنع مواضع خلل مشابهة في المستقبل.

ضوء تحذير سابع هو على قراءة الخريطة. حركة القوات الى السويداء بدأت يوم الاثنين ليلا. صحيح أن إسرائيل سارعت لتحذير الحكم في دمشق بل ونفذت هجمات تحذير رمزية، لكن التعزيز الهام للقوات لم تنفذها الا امس بعد أن باتت الاحداث في ذروتها. هذا يشهد على تقويمات مغلوطة للوضع في المستوى السياسي والأمني الكبير، وربما – مرة أخرى على استناد زائد الى الشريك – العدو الجولاني.

 

 وتوجد أيضا نقاط ضوء

 

ضوء تحذير ثامن هو لرئيس الوزراء نتنياهو. في المقابلات الصحفية (بالانجليزية)، ادعى انه لو أنه نقلت له المؤشرات الدالة التي سبقت هجوم حماس في 7 أكتوبر، لكان تصرف بشكل مختلف. الان كانت موضوعة امامه كل مؤشرات التحذير ومع ذلك اعتمد على رجاله- برنياع وهنغبي – اللذين يتحدثان مع الجولاني واعتمد على الأمريكيين ولم يأمر الجيش الإسرائيلي بتعزيز القوات ولم يتخذ أيضا الوسائل لتهدئة الدروز في إسرائيل. كل هذا تم بتأخير واضح، فيما كانت إسرائيل على مسافة خطوة واحدة من ورطة كبيرة. وبعد كل هذا، كان في احداث الأيام الأخيرة أيضا بضع نقاط ضوء. الجولاني، مع كل علامات الاستفهام على نواياه الحقيقية، يعمل بتفكر وقابل للتأثير. للوسطاء المختلفين – على رأسهم الامريكيون، الاتراك والقطريون – يوجد تأثير لاجم عليه. تواجده في سوريا هو تحد كبير لكن لا يزال يوجد له إيجابيات اكثر من سلبيات – ولا سيما في سياق اجتثاث المحور الشيعي واضعاف حزب الله.

كما أن العلاقة الشجاعة مع الدروز والتي وقفت امام اختبار مركب اجتازت العقبة. خير تفعل إسرائيل اذا ما وثقتها بحل الخلاف مع أبناء الطائفة في مسألة الأراضي، وفي إيجاد حل لقانون القومية. الان هو الوقت لفعل هذا: قبل أن تشتعل الأمور في سوريا مرة أخرى.

-------------------------------------------

 

 

 

 

هآرتس 17/7/2025

 

 

عندما سميت نتنياهو “مخرب الدولة”، قالوا بأنني ابالغ

 

 

بقلم: اوري مسغاف

 

عندما بدات في تسمية نتنياهو كرئيس لمنظمة جريمة، الناس اصيبوا بالصدمة. وعندما بدأ الانقلاب النظامي وبدأت في تسميته “مخرب الدولة”، قالوا انني ابالغ. وعندما، بعد بضعة ايام على 7 اكتوبر قام من الرماد وبدأ بشن الهجوم المضاد، ليس ضد حماس لا سمح الله، بل ضد هيئة الاركان والشباك ووزير الدفاع ووسائل الاعلام والجمهور، قلت ان الامر يتعلق برئيس حكومة غير مؤهل لهذا المنصب. كثيرون اعتقدوا انني ذهبت بعيدا. حتى أنه في هذا الاسبوع رون بن يشاي، رمز التيار العام والاجماع، انكسر وكتب من اعماق قلبه عن حكومة غير عقلانية، اهلا وسهلا الى جهنم، يا رون، لقد تم اختطافنا على يد شخص مجنون.

الحاخام الحنان دنينو، والد اوري الذي قتل في اسر حماس، قال في هذا الاسبوع بأن “ما يسمى في وسائل الاعلام مصدر سياسي كبير”، اوضح لي في محادثة بأنه يمكنه مواجهة ايضا 200 عائلة ثاكلة اخرى”. وانا اعتقد انه كعادته نتنياهو كذب ايضا على دنينو. هو يمكنه مواجهة الفي عائلة ثاكلة اخرى، أو 200 ألف. كل محاولة لمحاكمته بادوات عقلانية محكوم عليها بالفشل.  في هذا الاسبوع نشر أنه توسل لويتكوف وترامب من اجل السماح له باطالة زمن المحادثات في الدوحة. هل تعرفون أي عالم هستيري تعودنا عليه. اسرائيل تتوسل للولايات المتحدة كي تسمح لها بمواصلة التخلي عن المخطوفين والتضحية بالجنود، على الاقل حتى نهاية الدورة الصيفية للكنيست.

في هذا الاسبوع نشر شمعون ريكلين بشكل دراماتيكي فيلم وثق فيه نتنياهو وهو يطلق النار من مسدس في حقل للرماية. الرسالة تم توضيحها في النشر وهي “رئيس الحكومة لا يثق بحماية الشباك لذلك فهو اضطر للاهتمام بنفسه”. معروف من السابق حالة برانويا مشهورة، التي تجولت وهي تحمل مسدس بشكل دائم. لقد قام امس باستدعاء بشكل مستعجل السكرتير العسكري رومان غوفمان من اجل اخذه بسرعة الى محادثة مستعجلة، والسفير الامريكي مايك هاكبي اعلن بأن “القضاة غير نزيهين”، وجلب دمية باغاس باني. مجانين. خوفه والشهادة التي يقدمها، التي اعلن في بدايتها “انتظرت هذه اللحظة ثماني سنوات”، يتجاوز الحدود. ربما بسبب ذلك قامت بمهاجمة ايران وسيهاجم سوريا اذا كانت حاجة الى ذلك. أو أنه سيهاجم ايران مرة اخرى، أو كلاهما.

بتوجيهات منه وبتعليمات من مساعديه، سموتريتش وبن غفير، اسرائيل تنفذ منذ منذ وقف اطلاق النار والاعلان عن “عربات جدعون”، جرائم حرب فظيعة في قطاع غزة. لم تعد هناك أي كلمات يمكن استخدامها امام الصور. بالطبع يوجد ولكن حتى الآن هذا ممنوع. اسرائيل تقوم بالقصف بشكل وحشي وبعد ذلك تمنع تقديم المساعدة والانقاذ، تقتل وتجرح آلاف المدنيين، تسوي بالارض وتدمر، وتحلم بالطرد وتجميع اللاجئين الباقين في “مدينة انسانية”. لا توجد مستشفيات، هناك جوع ونقص في الغذاء وقتل يومي ضد اناس مساكين يتجمعون في مراكز التوزيع من اجل الحصول على القليل من الطحين. هذا هو النصر المطلق للسنوار، وهو نصر حتى اكبر من مفاجأة 7 اكتوبر.

بالمناسبة، السنوار، بعد دخول رفح، كتب لرؤساء الذراع السياسي في حماس: “الاسرائيليون يوجدون بالضبط في المكان الذي أردنا أن يكونوا فيه”. أي في وحل لبنان وفيتنام. هذا كان قبل 15 شهر. جيش البر مدمر وضعيف. الجنود متعبون ويائسون ويقتلون في ناقلات الجنود المصفحة والمعطوبة، وفي دبابة تنفجر بقذيفة مرتجلة (ذخيرة تم تطويرها)، وفي المباني المفخخة التي فقط الشيطان يعرف عما نبحث فيها. الآن كما هو متوقع بدأت ضربة الانتحار. جيل كامل من الشباب تم تدميره.

بعد ثمانين سنة بالضبط على انتهاء الحرب العالمية الثانية قررت وزيرة التاريخ التنكيل بنا بسوط المفارقة. ومثلما في فترة الحصن في برلين فان نتنياهو اهتم باحاطة نفسه بمن يقولون “نعم” متملقة، وان يبعد عن دائرة القيادة والتاثير كل من يتجرأ على الاهتمام بمصالح الدولة ورجالها، وليس مصالحه الشخصية المشوهة. توجد نقطة زمنية محددة، والتي اذا لم نوقف فيها الحكم الهستيري فان النتيجة ستكون كارثية، نحن الآن نوجد فيها.

-------------------------------------------

 

معاريف 17/7/2025

 

 

صمام شرايين

 

 

بقلم: افي اشكنازي

 

الاحداث في سوريا ليست مفاجئة بل انها حتى متوقعة جدا. كانت هذه مسألة وقت فقط. الجولاني، كي لا نتشوش، هو ليس زعيما متنورا مثلما حاول عرض نفسه في الأشهر الأخيرة.

في أساسه، من تحت الملابس التنكرية، هو زعيم طاغية، جهادي متعطش للدماء. قبل بضعة اشهر فقط، من بداية شهر اذار بعث برجاله لارتكاب مذبحة بالعلويين في اللاذقية. رجاله قتلوا اكثر من 1700 مواطن- رجال، نساء، شيوخ وأطفال. الالاف أصيبوا وتعرضوا للتنكيل. حقيقة ان العلويين دعمتهم ايران لم تبعث اهتماما زائدا في العالم بالنسبة لافعال الجولاني.

يوم الاثنين من هذا الأسبوع بدأ يبعث رجاله نحو جبل الدروز. تحدث عن فرض الحكم والنظام في المكان. لكن حراس النظام، ظاهرا رجال الجيش في الحاضر، كانوا في ماضيهم غير البعيد رجال داعش، قاطعي رؤوس مدبلسين.

في إسرائيل، كما يبدو، غفوا في الحراسة. الجيش تلقى الاذن بمهاجمة قوات الجولاني فقط عندما كانت في المدخل الى السويداء. الجيش أصاب عشرات الاليات الحربية للجولاني وداعش وقتل ما لا يقل عن 200 نشيط للمنظمة، لكن هذا كان متأخرا جدا.

في هذه الاثناء، نحو 200 نشيط دخلوا الى المدينة وبدأوا يرتكبون فيها أفعال فظيعة بالذبح، بالاغتصاب، بالسلب والنهب وبالتنكيل بالرجال، بالنساء وبالاطفال. مشكلة سلاح الجو هي انه يصعب عليه التمييز من بيم التندرات ذات المدافع والكلاشينات هي الخير ومن هي الشر؛ من هو الدرزي ومن هو الذي ينتمي الى جنود الجولاني.

في الجيش فهموا بانه يجب العمل مثلما في دورة الإسعاف الاولي. عندما يكون نزف لا يسيطر عليه، هناك حاجة لوقف النزف من خلال ممارسة ضغط بشكل غير مباشر، بواسطة صمام شرايين. وعليه فقد ارسل الجيش لقصف اهداف الحكم في دمشق على امل أن يوقف هذا الجولاني.

في قيادة الشمال لم يفهموا تفجر الحدث وتداعياته على الطائفة الدرزية في إسرائيل. كان يتعين على الجيش ان يطلب من شرطة إسرائيل ان تنشر حواجز في كل المحاور المؤدية الى هضبة الجولان، ومنع قوافل الدروز من الوصول الى مجال القرى في شمال الجولان. كان يتعين عليه ان يعلن عن المنطقة القريبة من الجدار كمنطقة عسكرية مغلقة ويحشد هناك قوات من حرس الحدود واليسم الخبيرة في تفريق المظاهرات. الحظ الكبير للجيش هو حقيقة أن قواته توجد في المجال الفاصل وفي واقع الامر توجد دائرة إضافية يمكنها أن تكبح مئات المواطنين قبل ان يصلوا للاحتكاك في الحضر وفي أماكن أخرى.

الحدث في السويداء سينتهي على ما يبدو قريبا، لكن يفترض به أن يشعل في إسرائيل، وقبل كل شيء لدى الإدارة الامريكية، أضواء حمراء. بتعابير عالم الجريمة يبدو ان الجولاني اجرى على الدول الغربية وعلى رأسها للرئيس الأمريكي ترامب نوعا من القبة الخضراء. فقد سمح لإسرائيل وللولايات المتحدة مهاجمة ايران بهدف اضعاف قوتها، وآمن بانه بهذه الخطوة ستتعزز قوتهه. ولم يضيع وقتا، وفي اليوم التالي خرج الى حملة تطهير عرقي في سوريا.

السؤال الكبير هو هل توجد له خطط أيضا تتجاوز جبل الدروز. هذا يلزم إسرائيل الاستيقاظ والاستعداد لجبهة سورية يمكنها ان تكون متفجرة. رأينا هذا في العام 1973 في حرب يوم الغفران ونحن نرى هذا الان أيضا.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 17/7/2025

 

السيناريوهات المتوقعة بعد استقالة الحريديين من حكومة نتنياهو

 

 

بقلم: آفي بار – إيلي

 

بعد شهر تقريباً ستنتهي السنة الدراسية في المدارس الدينية والحريدية. ستخرج العائلات الحريدية إلى الإجازة السنوية، لكن في هذه السنة ستفعل ذلك مع نجمة صغيرة. أبناء العائلات، الذين في سن التجنيد، والذين تجاهلوا أمر التجنيد الذي أرسل اليهم، يمكن اعتقالهم في مطار بن غوريون أو في الطريق. إذا لم يكن كافياً تقليص المخصصات والحرمان من التسهيلات في رياض الأطفال ومؤسسات التعليم، فإنه في ظل غياب إعفاء قانوني من الخدمة العسكرية، فإن الشباب الحريديين من الآن فصاعداً يعتبرون متهربين من الخدمة، أي أنهم مجرمون.

الجمهور الحريدي غاضب ومنفعل، لكن كون السياسيين الحريديين لم يتمكنوا من بناء رافعة ضغط ناجعة على الحكومة، فإن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، سمح لنفسه بتجاهل مشاكلهم وكسب الوقت، أي أن يبقي التزامه بقانون التهرب من الخدمة على الأقل إلى حين دخول الكنيست العطلة الصيفية في نهاية الشهر الحالي (وحتى نهاية تشرين الأول القادم).

مطّ نتنياهو الحبل أيضاً عندما أمر زعماء الحريديين الليطائيين، الحاخام دوف لنداو والحاخام موشيه هيلل، صباح الإثنين الماضي، أعضاء قائمة "ديغل هتوراة" و"أغودات يسرائيل" بالانسحاب على الفور من الحكومة، إلا إذا تم وضع مسودة قانون تهرب متفق عليها أمامهم، ليس مجرد مسودة، بل التي تم وعدهم بها قبل شهر والتي تم الاتفاق عليها كما يبدو مع رئيس لجنة الخارجية والأمن، عضو الكنيست، يولي إدلشتاين، عشية الهجوم على إيران مقابل إسقاط مشاريع القانون لحل الكنيست.

حتى مساء الإثنين في الساعة الحادية عشرة، كانوا على قناعة في الائتلاف بأن الأزمة قابلة للحل، وأن ضغط نتنياهو سيفعل فعله وسينزل الحاخامات عن الشجرة. والسبب هو أنه لا يوجد للحريديين أي بديل عن الحكومة اليمينية المطلقة. حسب هذا المنطق، أيضاً "الفتات" الذي حصلوا عليه كما يبدو، لن يحصلوا عليه في أي ائتلاف سياسي آخر، لكن الحدث سبق واجتاز مرحلة المنطق. يدور الحديث هنا عن أزمة ثقة، بضغط الشارع وكرد مضاد من قبل الحريديين على الإهانة العلنية التي وجهت إليهم.

دخل نتنياهو في الحقيقة، أول من أمس، إلى الحدث، لكن ذلك كان متأخراً جداً، ومحدود جداً، بالتأكيد عندما تم الإعلان عن قتل الجنود الثلاثة في غزة. في ظل عدم الرغبة الواضحة وتحت مكبس الضغط الذي استخدمه نتنياهو، فقد أطلق إدلشتاين قبل المساء مسودة مشروع قانون. اعتقدوا في مكتب رئيس الحكومة أن الأمر انتهى هنا. ولكن المسودة شملت تغييرات وضعها إدلشتاين في الصيغة التي تم الاتفاق عليها في السابق عشية الهجوم. سبب ذلك هو أنه في حينه تم ابتزازه من قبل الحريديين ووافق رغم أنفه على صيغة مخففة، من أجل عدم إسقاط الحكومة عشية الحرب، تقريباً هو يطالب بحقه في إدخال القليل من التحسينات.

ضمن أمور أخرى، يطالب إدلشتاين بزيادة حصة المجندين في السنوات الأولى، ورفع نسبة الامتثال للقانون (في هذه الأثناء 75 في المئة من المجندين في الحصة كشرط للحصول على تسهيلات قطاعية). أيضاً وضع تشخيص بيومتري على مداخل المدارس الدينية. أيضاً يعارض إدلشتاين دمج الحاخامات في الرقابة العسكرية على مسار تجنيد الحريديين.

بالنسبة للحريديين كأن طرح مسودة بهذه الصيغة هو بمثابة خدعة أخرى مكشوفة من أجل كسب الوقت في المفاوضات. "هناك صعوبات مع القانون"، قال رئيس "ديغل هتوراة"، عضو الكنيست موشيه غفني، عند خروجه من مكتب إدلشتاين، حيث تم هناك عرض المسودة عليه. لذلك فقد أمر الحاخامات في تلك الليلة بالانسحاب الفوري.

المعنى هو أن الاستقالة من منصب الوزير (القدس) ونائبَي الوزير (المواصلات، الثقافة، والرياضة) ستدخل حيز التنفيذ خلال 48 ساعة، أيضاً الاستقالة الفورية من رئاسة ثلاث لجان برلمانية (المالية، الداخلية والعمل، والرفاه).

حتى الآن ما زال يوجد للائتلاف أغلبية 61 عضو كنيست، لكن في ظل غياب حل اللحظة الأخيرة فإنه يتوقع أن يذهب "شاس" في أعقاب الأحزاب الحريدية وينسحب هو أيضاً.

في هذه الأثناء نزلوا تحت الأرض. لا يوجد أي صوت لعراب الائتلاف وأمين أسرار نتنياهو، رئيس الحزب، آرييه درعي، الذي دفع نحو حل الأزمة. هنا يدور الحديث عن التنازل عن ست حقائب وزارية (الداخلية، العمل، الرفاه، الأديان، الصحة، والتعليم). منصب نائب وزير الزراعة، وثلاث لجان ثابتة في الكنيست، هو ثمن سياسي يصعب دفعه، حتى لو حافظ نتنياهو على هذه الحقائب، ولم يسارع إلى شغلها بأشخاص آخرين.

لذلك فإنهم في "شاس" لا يسارعون في هذه الأثناء إلى التساوق مع حاخامات الأشكناز. في صحيفة "هديرخ" الحزبية كتب، صباح أول من أمس، أن مجلس حاخامات التوراة في "شاس" سيتم عقده في الفترة القريبة القادمة، من أجل البت في استمرار طريق الحزب في الحكومة. المعنى هو أن درعي يحتفظ لنفسه على الأقل بـ 48 ساعة من أجل استنفاد المفاوضات.

لحسن حظ نتنياهو لا توجد معارضة. بالإجمال، الرد المتأخر للأحزاب الحريدية يملي عليها إمكانية محدودة. اقتراح آخر لحل الكنيست يمكن تقديمه فقط بعد خمسة اشهر، إلا إذا وقع 61 عضو كنيست على إحداث تغيير في الظروف، بمصادقة رئيس الكنيست. التصويت على عدم الثقة سيحتاج إلى أغلبية 61 عضو كنيست، أي المعارضة والأحزاب الحريدية، لكن الكنيست ستخرج إلى الإجازة بعد 12 يوماً.

بعد الحل أيضاً يوجد 90 يوماً مخصصة لإجراء الانتخابات، الأمر الذي يفرض على الحريديين واجب التجنيد ووقف الميزانيات لمدة نصف سنة. في المقابل، نتنياهو يمكنه أن يترأس حكومة أقلية ومساومتهم بإعطائهم امتيازات مخصصة.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنه على الأغلب سيحاول نتنياهو ودرعي بلورة صيغة قانون تهرب متفق عليها في الفترة القريبة وحل الأزمة الائتلافية بسرعة، وإلا فإنهما سيحددان موعداً متفقاً عليه لإجراء الانتخابات في نهاية 2025 أو في بداية 2026.

ما السيناريوهات المحتملة لما سيأتي؟

تراجع إدلشتاين: إذا كانت فرصة قانون التهرب من الخدمة المصادق عليه متدنية أصلاً، وإذا كان هدف نتنياهو الأسمى هو كسب الوقت، على الأقل إلى حين انجلاء سماء المعركة الجيوسياسية والسيطرة على أجندة الانتخابات القادمة، فإن خضوع إدلشتاين هو بديل معقول. طالما أن رئيس لجنة الخارجية والأمن سيقف بين نتنياهو وبقائه السياسي، فإن اختياره مفهوم ضمناً، لكن نتنياهو لم يسارع إلى إقالة إدلشتاين، ولن يسارع إلى فعل ذلك، من أجل أن يحتفظ في يده بقضية تجنيد الحريديين كورقة في الانتخابات المحتملة.

تراجع الحريديين: لا يوجد للحريديين أي نية للوفاء بمتطلبات قانون التجنيد. مصلحتهم هي في استئناف ضخ الأموال القطاعية، على الفور عند إقرار الإعفاء من الخدمة في قانون وإلغاء عشرات آلاف أوامر التجنيد التي تم إرسالها حتى الآن، لذلك من غير المستبعد أن يقوموا بخطوة "تراجع" باتجاه إدلشتاين. لو أن الأمر كان يتعلق بالسياسيين الحريديين فقط لكان من المرجح أن يفضلوا التراجع تكتيكياً، من أجل الكسب إستراتيجياً. ولكن هنا مطلوب عمل حثيث من قبلهم أمام الحاخامات.

عدم ثقة بناء: يدور الحديث عن تصويت يمكن من طرح حكومة بديلة دون الذهاب إلى الانتخابات. من أجل ذلك فإن المعارضة بحاجة إلى دعم جميع الحريديين ("شاس" و"يهدوت هتوراه")، الذين لن ينضموا بالمجان. قبل ذلك هي تحتاج إلى زعيم مستعد لدفع الثمن المطلوب لذلك. أي أن احتمالية هذا السيناريو ضعيفة. الدليل على ذلك هو السلوك المخجل ليائير لابيد وبيني غانتس، أول من أمس، في التصويت على إبعاد عضو الكنيست، أيمن عودة. أعلن الأول أنه سيصوت مع، لكنه لم يأت إلى الكنيست أثناء عملية التصويت. الثاني خشي من التصويت، وهو أيضاً لم يأتِ. هل هكذا يتصرف القادة؟

حكومة أقلية: حتى لو انسحب الحريديون من الائتلاف بشكل نهائي، فإنهم لن يسارعوا إلى إسقاط الحكومة من الخارج. في المقابل، نتنياهو لن يسارع إلى شغل مناصبهم بأشخاص آخرين.

سيتضاءل ضغط الشارع، وسيتم الحفاظ على التسهيلات القطاعية، لكن الحديث يدور عن حل مؤقت فقط، لا يوجد فيه ما يمكن أن يرفع أحكام الميزانية وأوامر التجنيد عن جمهور الحريديين. من المستحيل إجازة ميزانية العام 2026 بهذه الطريقة، ويترتب على ذلك تحديد موعد متفق عليه لإجراء الانتخابات.

-------------------------------------------

عن "N12" 17/7/2025

 

خدعة قانون التجنيد الجديد

 

 

بقلم: رام عميناح

 

في الأسابيع الأخيرة، ربما شهدنا أحد أخطر التحركات التي تهدد إسرائيل، مغلّفاً بعناوين، مثل "تسوية" و"مسؤولية" و"وحدة وطنية"، ويتعلق بالحاجة إلى قانون لإعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية. لكن تحت طبقات من التجميل السياسي، لا يوجد سوى شيء واحد: إنه قانون يهدف إلى عدم تجنيد الحريديين، لا في الجيش، ولا في سوق العمل، ولا في أيّ شيء يتطلب الحد الأدنى من المسؤولية المدنية.

يعتمد هذا القانون على صيغة بسيطة، لكنها مدمرة: طالما أنك تدرس في مدرسة دينية (يشيفا)، فأنت مُعفى من التجنيد. وإذا لم تكن في يشيفا، فستُفرض عليك عقوبات. هذه ليست "تسوية"، ولا "ترتيباً مؤقتاً"، بل تحرّك عميق، إنه نسخة محدّثة ومدروسة من قانون التهرب من الخدمة، وهذه المرة، مع حوافز سلبية لمن يجرؤ على اختيار مسار آخر.

لا تكمن المشكلة فقط في الإعفاء من الخدمة، بل في فرض حياة منتظمة ومنظمة داخل المدرسة الدينية. إنه قانون يكافئ نظام الإكراه الاجتماعي المحيط باليشيفا. إنه النظام ذاته الذي يقول للشاب الحريدي: "إذا كنت لم تخطط للبقاء في المدرسة الدينية ثمانية أعوام؟ الآن، لا خيار أمامك، فبمجرد أن تغادر، ستُعتبر متهرباً من الخدمة، وسيتم وسمك. وستُعاقَب".

 

الجيش سيطارد الحريديين لإعادتهم إلى اليشيفا

 

في عالم يُعتبر فيه التهرب من الخدمة العسكرية ظاهرة سلبية، يمكن ربما التسامح مع بعضه، لكن وجود قانون يرسّخ الإكراه، ويفرض حياة دينية مغلقة، يشكّل منحدراً أكثر خطورةً بكثير. من غير المحتمل أن يوافق الحريديون على قانون تجنيد حقيقي، ولا حتى على قانون تهرُّب. الشيء الوحيد الذي سيقبلونه هو: قانون تجنيد لمصلحة المدارس الدينية.

هذا هو المعنى الحقيقي للقانون الذي تحاول الائتلافات تمريره. إنه لن يحل الأزمة، بل سيثبتها لأجيال قادمة.

استناداً إلى التقارير، هناك 99% من الشباب الحريدي (أعمارهم بين 17.5 و18.5 عاماً) لم يتلقوا استدعاءً أولياً للتجنيد (ما يسمى "أمر 12"). بعبارة أخرى: لا تجنيد للجيش، ولا خروج لسوق العمل.

 

 

 

ضرر مزدوج للجيش وللاقتصاد

 

ما هو المطروح بدلًا من ذلك؟ إنها رسالة واضحة موجهة إلى المجتمع الحريدي: لا تقلقوا. فالنظام لا ينوي تجنيدكم فعلاً، فقد يُسمى "قانون تجنيد"، وهو في الواقع، آلية هادئة، لكنها دقيقة، للاستمرار في التهرب من الخدمة. وهنا الضرر مزدوج: في المدى القصير، ستتضرر معنويات الجنود الموجودين في الخدمة حالياً. يدرك الجنود المقاتلون أنهم يتحملون العبء، بينما تُستثنى شرائح كاملة من المجتمع باسم "التسوية"، وفي المدى الطويل، سنشهد بناء جيش قائم على طبقات. الذين يخدمون، هم في معظمهم، من الأطراف والطبقات الصهيونية المتدينة. أمّا المتغيبون، فسيحملون علامة جديدة: "إعفاء محدّث".

وفي ظل المعاناة الحالية جرّاء الصعوبات في تجنيد المقاتلين، ماذا سيحدث عندما تتحول هذه الفجوات إلى سياسة رسمية؟ في نهاية المطاف، جيش من دون جنود، هو جيش بلا مستقبل. وعندما يدخل مثل هذا القانون حيّز التنفيذ، فسيكون مستقبل الخدمة المشتركة والتضامن والأمن نفسه في حالة جمود.

إذا كانت الحكومة قررت حقاً عدم تجنيد الحريديين، فلتعلن ذلك بصراحة. لكنها لا تفعل، بل تقدم قانوناً جديداً يُكتب فيه كلمة "تجنيد"، لكنه فعلياً قانون إعفاء، يبدو أنه يدعو إلى المساواة، إلّا إنه يخلق تمييزاً مؤسساتياً. إنه قانون تجنيد – لكن ليس في الجيش، بل في المدارس الدينية.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here