الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 18/7/2025 العدد 1359

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معاريف 18/7/2025
بعد حربها مع إيران.. هل استعدت إسرائيل لتسليح الناتو بصناعتها الأمنية ضد روسيا؟
بقلم: شلومو ماعوز
الغرب، الولايات المتحدة وأوروبا أساساً، قرر بشكل غير مباشر، وبغير نية مبيتة، تعظيم قوة إسرائيل من خلال قرارات مهمة لحلف الناتو تتعلق بنا في الآونة الأخيرة. حلف شمال الأطلسي، “الحلف الأقوى في التاريخ”، على حد ما جاء في قرار مؤتمره في لاهاي في 25 حزيران من هذا العام، قرر رفع ميزانية الدفاع في كتلة دول الناتو إلى 5 في المئة من ناتج كل دولة عضو حتى العام 2035، من بالكاد 2 في المئة في اليوم. وخصص من هذه النسبة 3.5 في المئة لأسلحة حقيقة، والباقي، 1.5 في المئة، لبنى تحتية داعمة لرفع القوة العسكرية والأمنية لأوروبا ولأعضاء آخرين في حلف الناتو.
لا يقف أمام الناتو الصقر الروسي هذه المرة، بل تعاظم الإرهاب أيضاً.
وكل دولة ستضع خطة لتجسيد قرار الحلف. كما اتخذ قرار حرج آخر لمواصلة تقديم المساعدات لأوكرانيا، وذلك بتشجيع من الرئيس ترامب الذي مل مماطلة روسيا لإنهاء الحرب.
دول الناتو لا تريد انتظار الكارثة، والولايات المتحدة تضغط عليها لإعداد نفسها ليوم الغد، حالاً. والتقدير هو أن ميزانية الناتو ستتضاعف بإنفاق سنوي بمبلغ 3 تريليون دولار، حسب معهد البحوث الأمريكي BTIG Research.
حجم الصناعة الأمنية لدول أوروبا محدود، ما يبقي للشركات الأمنية الأمريكية نحو ثلثي نصيب التواصي المرتقب في العقد القادم. تصدر أمريكا عتاداً عسكرياً وأسلحة دفاع وهجوم أخرى بمبلغ 2.7 تريليون دولار إلى أوروبا. هذا مبلغ شبه مضاعف لمشتريات أوروبا من الولايات المتحدة التي يبلغ اليوم نحو 1.4 تريليون دولار. أما الصادرات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية لقارة أوروبا، فقد بلغت في العام 2024 نحو 8 مليارات دولار، أي نحو 54 في المئة من عموم الصادرات الأمنية – قفزة بـ 35 في المئة مقارنة بـ 2023.
الصادرات الإسرائيلية تضمنت صواريخ، وصواريخ مضادة للصواريخ، ومنظومات دفاع جوي مثل الصادرات بقيمة 3.8 مليار يورو إلى ألمانيا على منظومات حيتس 3. كما أن إسرائيل تصدر مركبات مدرعة، وعتاد طيران، ومُسيرات، وأقماراً صناعية، ومنظومات رصد، ورقابة وتحكم، ومنظومات بصرية، وكذا منظومات سايبر لأهداف استخبارية، وأسلحة وذخيرة، وكذا منظومات بحرية. وإذا ما حافظت الصناعات الأمنية الإسرائيلية على نصيبها من إجمالي الصادرات إلى أوروبا، فسيكون المعنى علاوة لهذا التصدير الإسرائيلي إلى أوروبا بنحو 7.5 مليار دولار في السنة.
لقد أثبتت حرب الـ 12 يوماً ضد إيران قدرات إسرائيل، وبالتالي سيزداد الطلب على المنظومات الحربية الإسرائيلية. ولم يعد لدول عديدة الكثير من الوقت، باستثناء العزة، مثل فرنسا التي فشلت طائراتها في الهند، أو اللاسامية المؤطرة مثل إسبانيا، التي تهدد بالتراجع عن صفقة أمنية مع إسرائيل.
إن على الصناعة العسكرية الإسرائيلية أن تنظم نفسها بسرعة لتفي بأحداث الطلب المحلي على منظومات السلاح والعتاد الآخر، للتدريب، والهجوم والدفاع، لكن أيضاً للطلب الذي لن يأتي من أوروبا فقط بل أيضاً من باقي العالم. وسيتضمن الطلب أيضاً منظومات سايبر دفاعي وهجومي وباقي الوسائل الذكية في صندوق العجب، الذي استخدمه الموساد إذا كانت هذه مسموحاً تصديرها.
كما أن على الصناعة العسكرية والأمنية الإسرائيلية أن توزع مصانعها – بعضها تحت الأرض وكذا منظومات النقل والوصول الخفية عن العيان. إن الحاجة لمزيد من المهندسين والخبراء ستزداد؛ لتجنيد النخبة الإسرائيلية في مجال الهندسة والرياضيات والسايبر، والآن الذكاء الصناعي. لهذا الغرض، يجب تخصيص مبالغ كبيرة لإعادة إسرائيليين تركوا البلاد للعودة إليها. الصناعة الأمنية تناديهم.
------------------------------------------
هآرتس 18/7/2025
تطبيع مع إسرائيل؟ يبدو أن حاكم السعودية يسعى الى شيء أكبر بكثير
بقلم: تساح يوكيد
العام 2006. برج الفيصلية، وهو ناطحة السحاب التي تبرز في حي الاعمال النشط في الرياض. كارين هاوس، الصحفية المعروفة في “وول ستريت جورنال” والتي عملت لسنين أيضا كناشرة وكنائبة لرئيس التحرير، وصلت الى مقهى في قاعة الاستقبال، هي جاءت الى هناك مع صديقها المقرب عبد الله، موظف عام ومقرب من النظام، الذي رافقها في زياراتها الكثيرة في الدولة على اعتبار أنه مترجم ورجل اتصال.
“جلسنا في المقهى انا وعبد الله”، قال هاوس في مقابلة مع “ملحق هآرتس”. “فجأة تقدم نحوي شرطي من شرطة الدين المحلية وقال لي بلغة انجليزية طليقة “غطي رأسك، انت في السعودية”. هاوس سارعت للامتثال. “لقد كنت ارتدي العباءة التقليدية، وهكذا فان كل ما كان يجب علي ان اغطيه هو الشعر والوجه”. بعد ذلك توجه رجال شرطة الدين الى عبد الله. “هو قال لهم بأنه تم ارساله من قبل وزير العلوم السعودي لمرافقتي اثناء زيارتي في الدولة”، قالت هاوس. “لكن هذا لم يهمهم. بالنسبة لهم الامر المهم الوحيد هو ان هناك رجل وامرأة يجلسان معا في مقهى، في الوقت الذي فيه يحظر على رجال ونساء لا توجد بينهم علاقات عائلية، الظهور معا امام الجمهورط.
هاوس أرسلها رجال الشرطة الى غرفتها في الفندق. وعبد الله، المترجم، اخذوه في سيارة الشرطة الى قيادة شرطة الدين المحلية. “في نفس المساء كانت لي مقابلة مع وزير العدل السعودي. لذلك قمت بالاتصال بمكتب الوزير وقلت لهم بأنه تم اعتقال المترجم. وبعد 45 دقيقة تم اطلاق سراحه”.
بعد التغييرات التي مرت على السعودية في ظل قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، هذه الحادثة غير اللطيفة مع شرطة الدين ظهرت لهاوس كذكرى من أيام بعيدة. “الفصل المتشدد بين الجنسين لم يعد قائما”، كتبت هاوس في السيرة الذاتية الجديدة التي كتبتها، “الرجل الذي سيصبح الملك”، “الرجال والنساء يوجدون معا في كل مكان بدون حظر أو قيود، سواء في مكان العمل، في المطاعم أو في دور السينما”. شرطة الدين، وهي نفس الاف رجال الشرطة الذين يتجولون في الشوارع من اجل الحفاظ على قواعد الاحتشام المشددة، لا يوجد اليوم أي ذكر لها في الدولة. ولكن أيضا أي ذكر لعبد الله، كما تقول هاوس.
حسب قولها فان العلاقة الثابتة بينهما تم انقطاعها قبل اربع سنوات. اتصلت به عدة مرات ولكني لم أنجح في الوصول اليه، منذ العام 2021 وانا استخدم كل علاقاتي في الدولة في محاولة لمعرفة مصيره، ولكن لا أحد يعرف.
قصة عبد الله وهاوس تمثل بشكل كبير قصة السعودية منذ تم تعيين محمد بن سلمان (39 سنة) وليا للعهد في حزيران 2017. من جهة، الدولة مرت بعملية دراماتيكية للتحديث، ومن جهة أخرى، الكثير من المواطنين يتم اعتقالهم وسجنهم، واحيانا يختفون، حتى اكثر مما في السابق. بالنسبة للحاكم القوي فان التحديث والدمقرطة هي أمور منفصلة، واحيانا، كما تشرح هاوس في كتابها، حتى متناقضة.
“ابن سلمان لا يقلق من انه يتحدى واشنطن، وهو غير محرج من غياب الحريات في دولته”، كتبت هاوس في كتابها وأشارت الى مؤشر الحريات العالمي لمعهد كاتو الأمريكي، الذي فيه تم تصنيف السعودية في السنة الماضية في المكان 155 من بين الـ 165 دولة. “رقابة النظام في السعودية للشبكات الاجتماعية والانترنت هي من الأشد في العالم”، قالت. “نشر مضمون يمس بالنظام العام، قيم الدين والأخلاق، يمكن ان يستدعي عقاب يصل الى خمس سنوات سجن ودفع غرامة تصل الى 3 مليون ريال سعودي (800 الف دولار).
كيف تشرحين حقيقة ان ابن سلمان يبادر الى اجراء إصلاحات بعيدة المدى في محاولة لترسيخ مجتمع حديث، وفي نفس الوقت تعزيز الرقابة وتقليص الحريات المدنية؟
“يجب التذكر بان ابن سلمان هو ديكتاتور وليس شخص ديمقراطي. هو على قناعة بانه يجب عليه تعزيز السيطرة الاجتماعية من اجل تحقيق جميع الأهداف التي وضعها لدولته، وعلى رأسها تغيير طبيعة الاقتصاد وتقليص الاعتماد الكبير على النفط. وشبيها بدول ديكتاتورية كبيرة أخرى، هو يعتقد انه يجب عليه فعل كل ما في استطاعته لتحقيق هذه الأهداف. لذلك فانه بالنسبة له لا يوجد أي امر مرفوض في الاعتقالات الجماعية”.
المثال البارز على ذلك هو الصحافي والمحلل السياسي جمال الخاشقجي، احد منتقدي النظام الأكثر بروزا. الخاشقجي دخل الى مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول في تشرين الأول 2018 وبعد ذلك اختفى اثره. حسب تقدير أجهزة المخابرات الغربية فان الخاشقجي تم قتله بتعليمات مباشرة من ابن سلمان. وتم إخراجه من مبنى القنصلية حيث كانت جثته مقطعة الى أجزاء.
“انا أتذكر المرة الأخيرة التي رايت فيها الخاشقجي”، قالت هاوس. “لقد التقينا في 2016 على وجبة غداء، وعبر لي عن يأسه من ان السلطات تمنعه من الكتابة. انا لا اعرف لماذا، لكنهم في العائلة المالكة اتهموه بعدم الولاء. هم كانوا على قناعة بانه عميل لقطر. في الحقيقة بعد فترة قصيرة على اللقاء بيننا ذهب الى الولايات المتحدة”.
“صحيح، حتى ذلك الوقت ابن سلمان لم يخش مواجهة وضرب كل من يمكن ضربه. ضمن أمور أخرى، هو شن حرب على الحوثيين في اليمن في 2015، وقطع العلاقات مع قطر في 2017، لكن حادثة الخاشقجي علمته بأنه لا يمكنك ابعاد الجميع عنك في نفس الوقت. أنا أتذكر انه بعد هذه الحادثة كان هناك مؤتمر لدول الـ جي 20، وكان يمكن رؤية بوضوح كيف ان جميع الزعماء يحاولون عدم رؤيتهم مع ابن سلمان. وحتى عندما تحدث معه ترامب فانه اهتم بالقيام بذلك بعيدا عن العدسات. وبعد فترة قصيرة من ذلك ابن سلمان قام بتحسين العلاقات مع قطر، وبعد ذلك تصالح مع سوريا وايران، وتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في اليمن”.
نفط اكثر من اللازم
هاوس (77 سنة) حصلت على جائزة البوليتسر في 1984 عن عملها الصحفي في الشرق الأوسط وكتابها بعنوان “العربية السعودية، شعبها وماضيها، الدين، المستقبل”، الذي يعتبر حتى الآن، بعد 12 سنة على إصداره، احد الكتب الهامة جدا لفهم التاريخ الحديث للسعودية. هي تدخل وتخرج بشكل روتيني من القصر الملكي، وتعرف شخصيا كل الامراء المهمين، ولديها علاقات ثقة مع الحاكم.
بعد تركها للصحيفة بدات تعمل في بعض معاهد الأبحاث، من بينها معهد بلفار لعلوم العلاقات الدولية في جامعة هارفارد. هي قالت ان زيارتها الأولى في السعودية كانت في العام 1978. “هذه الزيارة كانت بعد زيارة السادات في القدس. تم تعييني كمراسلة سياسية في الصحيفة، والشرق الأوسط كان مصدر الاهتمام الأكبر في تلك الفترة”، تتذكر. “السعودية كانت ما تزال في حينه دولة طبيعية نسبيا، في الواقع ارتديت قميص طويل وتنورة قصيرة حتى الركبتين. أتذكر انه تمت دعوتي الى حفلة في منزل وزير النفط، الرجال والنساء كانوا معا في تلك الليلة وشربوا الكحول”.
كل ذلك تغير، كما تقول، بعد سنة، في اعقاب ثورة الخميني في ايران. “العائلة المالكة خشيت من ان تنتهي مثل الشاه المعزول، لذلك قررت السماح لرجال الدين بإدارة الدولة”، قالت هاوس وتذكرت كيف انه في زيارتها الثانية في 1980 طلب منها ارتداء العباءة عندما التقت مع رئيس جهاز المخابرات في السعودية، وكيف انه بعد سنتين في 1982 عندما هبطت في مطار الرياض بدعوة من السفير السعودي في واشنطن، تم تاخيرها لوقت طويل بسبب القواعد الجديدة التي منعت خروج النساء من المطار بدون مرافقة احد أبناء العائلة.
ولي العهد محمد بن سلمان التقت معه سبع مرات. “اثناء تواجدي في السعودية تعلمت انه خلافا للامريكيين أو الإسرائيليين، الذين يحبون الظهور طوال الوقت، فان السعوديين يحذرون من قول أو فعل أي شيء يتسبب بالخجل للعائلة المالكة. ولكن ابن سلمان كان مختلف معي منذ لقاءه الأول معي في 2016، خلافا لاشخاص آخرين في العائلة المالكة الذين يقولون لك أشياء في محادثات خاصة ويقولون أشياء مختلفة بحضور اشخاص آخرين، هو كان يقول لي ما يفكر فيه بدون خوف من الظهور أو لفت الانتباه. خلافا للامير سلطان (ولي العهد في أعوام 2005 – 2011)، أو والده الملك سلمان، الذين دائما اهتموا باحاطة انفسهم باشخاص، لم اشعر في أي مرة بانه يمكنني التحدث معهم، فان محمد ابن سلمان لم تكن له أي مشكلة في اجراء محادثة مباشرة معي بدون حضور اشخاص آخرين. هو كاريزماتي بشكل غير اعتيادي، ومتحدث جيد ومهذب”.
المحادثة نحن نقوم باجرائها قبل وقت قصير في اللقاء في البيت الأبيض بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي طرح فيها بالتأكيد اسم السعودية في اطار اتفاقات إبراهيم. حسب هاوس فان “جهات سعودية تقول ان ولي العهد سيخاطر اذا اعترف بإسرائيل في الوقت الذي فيه الشباب في دولته، مثلما في دول عربية أخرى، يشاهدون الصور في الشبكات الاجتماعية التي تعرض الموت والدمار في غزة”.
لكن ابن سلمان نفسه لا يقلق على مصير الغزيين. ففي المقال الذي نشر في السنة الماضية في مجلة “اتلانتيك” أوضح ولي العهد السعودي موقفه بشكل مباشر وواضح عندما قال: “هل تهمني بشكل شخصي القضية الفلسطينية؟ لا. ولكن هل تهم الناس لدي؟ نعم”.
يجب التذكر انه ولد في 1985. تقول هاوس: “بعد حرب الأيام الستة وحرب يوم الغفران، خلافا للجيل الأكبر منه فانه لم تنقش لديه ذكرى الخسارة لدى من كانوا شاهدين على انتصارات إسرائيل واحتلال الأراضي الفلسطينية”. حسب قولها ابن سلمان يريد اكثر بكثير من التطبيع المحدود أو التعاون الأمني. “هو يريد السلام الشامل”، هي على قناعة.
بالنسبة لليبراليين في إسرائيل فان الاتفاق مع السعودية لا يعتبر أمنية. جزء من ذلك ينبع من انه يتم الدفع به قدما من قبل ثلاثة زعماء غير ديمقراطيين، نتنياهو، ترامب وابن سلمان. ولكن جزء من ذلك ينبع من الحقيقة البسيطة وهي ان إسرائيل لا توجد في حالة نزاع مع السعودية ولا توجد لها حدود معها، وبشكل عام فان علاقات وثيقة اكثر من دولة صحراوية محافظة لا تشعل الخيال. يبدو ان قلائل يلاحظون ان السعودية تلعب دور رئيسي في قيادة العالم العربي، وان الامر يتعلق بدولة لها موارد ضخمة، وانها بالفعل بعيدة فقط 20 كم عن حدود ايلات. المدينة المستقبلية “نيئوم” التي تقام في السعودية في هذه الفترة تبعد 450 كم عن تل ابيب، وهي مسافة القطار السريع في الشرق يمكن ان يقطعها في ساعة.
“ابن سلمان لديه حلم لإسرائيل والسعودية كقوتين كبيرتين في الشرق الأوسط، تعملان معا من اجل الحفاظ على الاستقرار وتحقيق الازدهار في المنطقة”، قالت هاوس. “صحيح ان الامر يتعلق بتحد غير سهل طالما ان الحرب في غزة مستمرة، لكن في اللحظة التي يستطيع فيها فان ابن سلمان سيجد طريقة لفعل ذلك. أيضا السعوديون انفسهم سيقولون انه لن يسمح للقضية الفلسطينية بالاضرار بمصالح السعودية التي تعتبر بالنسبة له فوق أي مصلحة أخرى”.
حسب اقوال هاوس فان ابن سلمان لا يهتم فقط بالانضمام لاتفاقات إبراهيم، بل إعادة تعريفها من جديد. “اتفاقات إبراهيم حسب رأيه هي مجموعة من الدول الصغيرة التي صنعت السلام مع إسرائيل، لكن عندما سينضم الى هذه الاتفاقات فهو لن يكون مجرد عجلة خامسة، هو سيقف في الواجهة، وهو الذي سيجعل كل العالم الإسلامي يعترف بإسرائيل”.
ما الذي يعنيه السلام الشامل
السلام مع السياح الذين ياتون ويذهبون بشكل روتيني مع قطار يربط بين الدولتين، تعاون تكنولوجي ورجال اعمال يعملون بشكل حر في الدولة. في نهاية المطاف معروف انه يوجد القليل من رجال الاعمال الإسرائيليين الذين يقومون الان بزيارة السعودية بين حين وآخر، حتى لو لم ينشروا ذلك علنا. ابن سلمان يريد حدوث ذلك اكثر. هو يعتبر إسرائيل وسيلة التي من خلالها سيقود الجيل الشاب في الدولة الى الأرض الموعودة – اقتصاد متطور حسب حلمه للسعودية في 2030.
عندما تتحدث هاوس عن ابن سلمان وكانه الزعيم العربي الذي سيربط كل العالم الإسلامي بإسرائيل فهي تقصد ما يصفه الدكتور شاؤول يناي، الخبير في شؤون الخليج الفارسي في منتدى التفكير الإقليمي، كـ “الرزمة الكاملة”. حسب قوله “عندما قال نتنياهو قبل زيارته الأخيرة في واشنطن بانه ينوي تحقيق سلام لم يحلم الإسرائيليون فيه، فقد قصد الرسائل التي أرسلتها السعودية الى إسرائيل بواسطة أمريكا ودول أخرى فيما يتعلق باتفاق التطبيع في اطار صفقة سعودية كبيرة. في اللحظة التي سقط فيها نظام الأسد والسعودية أصبحت من الدول الأولى التي تمول إعادة اعمار سوريا ولبنان، فانها عرضت على إسرائيل ليس فقط توسيع اتفاقات إبراهيم المقلصة، بل ما يمكن تسميته “صفقة القرن”، التي يمكن ان تشمل 8 دول إسلامية ستاتي في اعقابها”.
لكن اقوال يناي هذه تحولت الى معقدة اكثر بكثير بعد احداث 7 أكتوبر. “إسرائيل فككت بالفعل المحور الشيعي ورفعت عن الطاولة التهديد الأكبر بالنسبة للسعودية. لذلك فان السعوديين يقولون لانفسهم، وانا اقرأ ذلك في مقالات وتصريحات كثيرة لجهات سعودية رفيعة، بانهم لم يعودوا بحاجة الى إسرائيل مثلما كانوا بحاجة اليها في السابق. حسب رأيهم، الامريكيون بطريقة معينة سيعطونهم تحالف دفاع ويتوصلون معهم الى اتفاق فيما يتعلق بمشروع نووي مدني، وسيوفرون لهم منظومات سلاح متقدمة وسيوقعون معهم على حلف دفاع عسكري، لذلك فان إسرائيل بعد 7 أكتوبر أصبحت عبء اكثر مما هي ذخر”.
كل ذلك، حسب يناي، أدى في الأشهر الأخيرة الى تشديد الشروط السعودية تجاه إسرائيل. “الان بالنسبة للسعودية يمكن تحقيق التطبيع فقط بعد وقف القتال في غزة وانسحاب القوات من القطاع وتحريك عملية سياسية تؤدي الى إقامة الدولة الفلسطينية”.
-------------------------------------------
هآرتس 18/7/2025
نعم، في غزة قتل حوالي 100 ألف شخص
بقلم: مايكل سباغيت
المقال الانتقادي لسيرجيه ديلا فرغولا على مقال نير حسون (“هآرتس”، 27/6)، الذي جاء استنادا الى مسح الوفيات في غزة (جي.ام.اس) بان عدد القتلى في غزة هو 100 ألف شخص، مليء بالاخطاء والتناقضات الداخلية. ديلا فرغولا (“هآرتس”، 4/7) قال ان جي.ام.اس نشر كمقدمة لنشر مقال لم يجتز بعد الرقابة الصحافية، مع تجاهل ان منشورات كهذه هي عادة روتينية في العلوم، التي تمكن من توجيه انتقاد مفتوح من قبل الزملاء الصحافيين. هو أيضا يستخف بقيمة هذا الانتقاد ويقول: “اليوم سوق النشر العلمي واسع، سخي ومتنوع، ويكاد أي مؤلف يجد منبرا له لما تم رفضه في مكان آخر”.
مثلما ادعى ديلا فرغولا فان بيانات وزارة الصحة في قطاع غزة لا يمكن اعتبارها موثوقة لأن “الوزارة تخضع لاعتبارات سياسية”. هذا الادعاء سائد في أوساط الذين يريدون التقليل من ابعاد معاناة سكان غزة. بدلا من رفض أهمية بيانات وزارة الصحة في غزة بشكل قاطع، لماذا لا نقوم بالتحقيق فيها؟.
قائمة الأشخاص الذين تدعي الوزارة بانهم قتلوا بسبب العنف في الحرب، شفافة جدا وتشمل الاسم والجنس والسن ورقم بطاقة الهوية، وهي قوائم متاحة للجمهور. محققون مستقلون، من بينهم أنا وغبريئيل افشتاين، فحصوا عن قرب القوائم بسلسلة مسوحات، وهم يتفقون على انه بعد فترة من التدني المؤقت للبيانات، فان القوائم الأخيرة لحالات الوفاة العنيفة التي أصدرتها وزارة الصحة في غزة موثوقة، حتى لو كانت غير كاملة.
لكن فشل ديلا فرغولا ليس فقط في انه لم يحقق بشكل جدي في بيانات وزارة الصحة في القطاع، بل هو حتى لا يعرف المنهجية التي تستند اليها. من خلال اقتباس “مصادر غزية” مجهولة، يدعي ديلا فرغولا بانه “للغرابة الشديدة” وزارة الصحة في غزة لا تكلف نفسها عناء إحصاء الجثث التي تصل الى غرف الموتى في المستشفيات، العكس هو الصحيح. مصدر المعلومات الأساسي الذي تعتمد عليه وزارة الصحة في غزة لجمع السجلات العامة للوفيات بسبب العنف اثناء الحرب، هو جمع بيانات الجثث التي تصل الى المشرحة في المستشفيات وليس فقط احصاءها. وكل ذلك مفصل بوضوح في منهجية الوزارة.
تقارير ابناء عائلات القتلى هي مصدر آخر للسجلات الرسمية عن حالات الموت العنيفة التي تنشرها الوزارة. ديلا فرغولا يقرر بدون أساس ان وزارة الصحة في غزة تصادق على تقارير أبناء العائلة وتدخلها الى السجلات بدون “تحقيق كاف”. بالعكس، الوزارة وضعت معايير متشددة جدا لاحصاء حالات الوفاة، الى درجة ان مئات حالات الوفاة الحقيقية للأطفال شطبت من السجلات لان الاجراء القانوني للمصادقة عليها لم يتم استكماله.
الادعاء الثاني لديلا فرغولا موجه كما يبدو الى نتائج مسح الوفيات جي.ام.اس، الذي بحسبه العدد الحقيقي لحالات الوفاة العنيفة اكبر بكثير من العدد الذي وثقته وزارة الصحة في غزة. هنا يقتبس ديلا فرغولا ادعاءات الجيش الإسرائيلي، الذي قال ان “أعطيت للسكان إنذارات لاخلاء البيوت قبل عمليات القصف الشديدة”. وحسب اقوال فرغولا فانه أيضا في الظروف الصحية المخيفة جدا من غير المعقول ان يدور الحديث عن عشرات آلاف الجثث بعد 21 شهر على بداية المعارك. ولكن حتى لو كان هناك مبرر لايمان فرغولا بتحذيرات الجيش الإسرائيلي فان وزارة الصحة في غزة لم تنجح حتى الآن في توثيق حالات وفاة اشخاص لم يدفنوا تحت الأنقاض، اذا حدثت هذه الحالات خارج المستشفيات وأبناء العائلة لم يبلغوا عنها، أو انهم ابلغوا ولكنهم لم يحصلوا على المصادقة المطلوبة. عمليا، في الشبكات الاجتماعية توجد عدة مصادر مع دلائل عن مئات حالات الوفاة العنيفة التي لم تسجل في سجلات الوزارة.
بعد ذلك فرغولا يقتبس تقرير لميشيل جيو وأصدقائه، الذي فيه حسب قوله تم تشخيص “34344 قتيل بالفعل (21974 رجل، 12370 امرأة)، حسب فحص مفصل لوزارة الصحة”. ولكن نفس الوزارة التي اجرت هذه الفحوصات المفصلة ليست الا وزارة الصحة في غزة، والبيانات التي يدور الحديث عنها ليست الا القائمة المفصلة لحالات الوفاة العنيفة في الحرب التي أصدرتها الوزارة. أي ان هذه البيانات التي يتطرق اليها فرغولا بالنفي، فقط في فقرات سابقة. يبدو انه في منتصف مقاله، بدأ فرغولا يصدق بيانات الوزارة.
عندما يتوجه ديلا فرغولا أخيرا الى مسح جي.ام.اس فانه يركز على تركيبة العائلات، بدون التأكد من البداية كيف يتم تعريف هذه العائلات في المسح. فرغولا يفحص حالة افتراضية لعائلة تتكون من 12 شخص، شهدت حالة وفاة واحدة، وخلال الحرب انقسمت الى عائلتين تتكون كل واحدة منها من 5 – 6 اشخاص. هو يعبر عن خوفه من ان يقوم احد أبناء العائلة بـ “الإبلاغ عن نفس الشخص كبير السن الذي كان في العائلة الاصلية وقتل، لانه سيتطرق الى تشكيلة العائلة الاصلية”. ولكن هذا بالضبط ما من شان من يردون على هذا الادعاء القيام به، مثلما كان فرغولا سيعرف لو انه فحص استبيان المسح المتاح للجمهور. صحيح انه لو ان قسمي العائلة الاصلية شاركا في الاستطلاع فان حالة الوفاة هذه سيتم الإبلاغ عنها مرتين، لكن احتمالية حدوث ذلك ضئيلة. وهناك احتمالات مشابهة (ضئيلة)، ان يتم اختيار القسمين المنفصلين من نفس العائلة لا توجد فيها وفيات في العينة. باختصار، هذه مشكلة هامشية في المسح.
بعد ذلك قال فرغولا، بشكل خاطيء، ان المحافظة التي توجد في غزة، التي فيها النسبة الأعلى من الضحايا الذين تم الإبلاغ عنهم مقارنة بعدد السكان (55 لكل الف)، هي دير البلح التي لم يتم اخلاءها في الوقت الذي تم فيه اجراء المسح. عمليا، العائلات التي اصلها من دير البلح عانت من المعدل الأكثر تدنيا من بين حالات الوفاة العنيفة في المحافظات الخمسة.
فرغولا يواصل انتقاده لإجراءات العينة لدينا، التي توصف باختصار في صلب المقال وبصورة مفصلة اكثر في الملحق. هو كتب اننا شرحنا انه “بمجرد وصول محطة إحصاء جغرافية معينة لعشر عائلات وافقت على المشاركة، يعتبر الإحصاء هناك مكتمل”، ولكن عمليا، عملية المسح جرت على النحو التالي: لنفترض ان نقطة معينة تم اختيارها عشوائيا تشمل 100 عائلة في الخيام. نقوم بترقيم الخيام من 1 الى 100، ويتم اختيار منها رقم عشوائي بين 1 و10. اذا كان الرقم المختار هو 4 فان من يقومون باجراء المقابلات سيتوجهون الى العائلات التي تحمل الرقم الذي يبدأ بـ 4، أي 4، 14، 24 وهكذا حتى الرقم 94. اذا كان كل من يسكنون في الخيام وافقوا على اجراء المقابلات معهم فان نقطة العينة هذه تكون قد انتهت. واذا كان هناك حالات رفض، التي كانت نادرة، فان طاقم اجراء المقابلات يبدأ من جديد من نقطة بداية عشوائية أخرى. هذا الامر هو الأكثر عشوائية الذي يمكن ان يكون. والاستعداد للمشاركة في المسح لم يكن عامل مهم فيه.
فرغولا يستنتج اننا بالغنا في تقدير عدد حالات الوفاة، ويجد الدليل القاطع على ذلك مرة أخرى في بيانات وزارة الصحة الفلسطينية التي صدرت في اب 2024، التي هي حسب قوله “الفحص المنهجي الوحيد الذي نفذ بالفعل من قبل وزارة الصحة في غزة”. القراء بالتأكيد يذكرون ان هذه البيانات هي إحصاء حالات الوفاة العنيفة لوزارة الصحة في غزة منذ بداية الحرب وحتى نهاية اب 2024، هذا رقم غير محدث، الذي فرغولا يعتقد بالخطأ انه يرتكز الى المسح الممنهج الوحيد.
فرغولا ينهي مقاله بتوجيه توبيخ لـ “هآرتس” لانها لم تفحص الوقائع قبل نشر مقال نير حسون. هذا مضحك على اقل تقدير، اذا اخذنا في الحسبان الأخطاء الكثيرة التي تملأ انتقاده نفسه.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 18/7/2025
رد إسرائيل على المذبحة في السويداء .. بين الواجب الأخلاقي والمصلحة الاستراتيجية
بقلم: اللواء احتياط غيرشون هكوهن
في ظهر يوم الأربعاء فُهم في هيئة الأركان بانه في الاحداث القتالية في جبل الدروز في سوريا يكمن تهديد بتصعيد من شأنه ان يخرج عن السيطرة – وبناء على ذلك نقلت قوات من ساحة غزة الى الجولان.
في لُباب كل قرار استراتيجي تعتمل معضلة بين طرق لا يستوي الواحد مع الاخر. هكذا، في الاعتبارات لوقف اعمال الجيش السوري في السويداء كانت ادعاءات مع وضد، مع مدى لا بأس به من المنطق. من جهة، ما كان يمكن لإسرائيل أن تتجاهل توقعات مواطنيه الدروز بالهروع الى حماية أبناء الطائفة في سوريا، ممن تعرضوا للاعتداءات بل وذبحوا بوحشية. من جهة أخرى، يجدر بإسرائيل أن تفكر جيدا بخطواتها في التدخل في دولة سيادية بالنسبة اليها يوجد احتمال لانهاء حالة الحرب في مسيرة تسوية.
امام المعضلة، فان القرار الذي يتخذ في مثل هذه الأوضاع واع للتوتر الذي بين الطرق المتناقضة في المحاولة لايجاد نقطة توازن فضلى بينها، لكن من اللحظة التي يتخذ فيها القرار مرغوب الايضاح فيها للاعتبارات وطريقة تجسدها.
الاضطرار الذي دفع الجيش الإسرائيلي للتدخل المباشر ضد جيش سوريا الجديد وضرب رموز الحكم في دمشق، ينطوي على بعدين من المصالح الاستراتيجية. في البعد الأول يندرج الاعتبار الأخلاقي الصرف – ذبح مواطنين دروز على ايدي عصابات جهادية وقوات جيش الشرع لا يمكنه الا يوقظ واجب التدخل بمنعه. كان بالتأكيد متوقعا من كل زعماء الدول في الغرب ولا سيما الولايات المتحدة الاعتراف بواجبهم الأساس بعمل كل ما في وسعهم لوقف اعمال ذبح كهذه.
البعد الثاني هو استراتيجي – براغماتي. في سوريا بعد نظام الأسد تشارك بضع دول مجاورة تسعى لتحقيق نفوذ وقوة. الاتراك، بتنسيق مع قطر، يعملون على توسيع مجالات سيطرتهم الإقليمية.
السعودية، الأردن والعراق وكذا ايران لهم مصالح في التواجد والنفوذ في سوريا. لهم جميعهم مصلحة في التأثير على ميول تطور سوريا في المستقبل. في هذه النظرة، إسرائيل كجارة مهدد لا يحق لها ان تغلق على نفسها في نطاق “فيللا في الغابة”، متوقعة بموقف سلبي لشيء ما جيد يحصل.
احتكاك يستوجب استيضاحا ثاقبا
واجب حماية الدروز من قوات إسلامية جهادية يوفر لإسرائيل فرصة لاعمال عسكرية وإنسانية في مجال السوري وبث قوة تعبر عن مصلحة في نفوذ فاعل على ميول تطور سوريا.
ثمة من يحذرون من أن التدخل الإسرائيلي يحدث تغييرا سلبيا من حيث موقف النظام في دمشق من إسرائيل لدرجة تفويت إمكانية التسوية والسلام، وكأن بضربها الجيش السوري حرقت إسرائيل الجسر للسلام. غير أن مثل هذا الجسر لا يمكنه أن يكون جسرا من ورق. جسر متين لنيل التسوية يجب ان يقوم على أساس اعتراف متبادل بالمصالح المتبادلة، وبينها المصلحة الإسرائيلية في حماية حقوق الطائفة الدرزية وباقي الأقليات في سوريا.
الشرع بالتأكيد يعرف ويفهم مدى الالتزام الإسرائيلي بحماية الدروز، واذا كان تجاهله عن وعي – فقد تلقت إسرائيل بذلك تعبيرا عمليا عن تقدير حقيقة التسويات مع السوريين. في هذا الجانب، وفرت احداث هذا الأسبوع في جبل الدروز لإسرائيل فرصة لفحص مصالح الشرع في ميل التسوية مع إسرائيل، انطلاقا من احتكاك يستوجب استيضاحا ثاقبا.
الطريق الذي ستنجح فيه إسرائيل في الايضاح لكل الجهات في المنطقة واجبها لحماية الدروز في سوريا، سيسمح لها أيضا بان تؤثر انطلقا من موقف قوة على اتجاهات تطور سوريا الجديدة. لاعمال إسرائيل سيكون تأثير في مفترق الطرق الذي بين الطريق الى الاستقرار والازدهار في العلاقات المتبادلة وبين نظام حدود يواصل الوجود في تهديد متبادل. في مثل هذا الموقف من السير السياسي الإسرائيلي بالنسبة لسوريا، كان القرار بالتدخل العسكري هذا الأسبوع ضروري تماما
-------------------------------------------
هآرتس 18/7/2025
الاتفاق في السويداء سيشكل الهاما للاعبين آخرين في المنطقة
بقلم: تسفي برئيل
آلاف سكان مدينة السويداء الذين يعودون رويدا رويدا الى بيوتهم تستقبلهم مشاهد صادمة للاثاث المدمر والبيوت المحروقة والبنى التحتية المدمرة للكهرباء والمياه وجثث لم يتم دفنها بعد. كثيرون من بينهم لا يعرفون كيفية الترميم وتمويل الاضرار التي لحقت بهم، وشهوة الانتقام بعيدة عن ان تهدأ. أيضا أبناء العشائر البدوية الذين يعيشون قرب السويداء، الذين من بينهم خرج المشاغبون الذين بداوا موجة المواجهات الدموية، لا يهدأون.
حسب التقارير في الشبكات الاجتماعية المحلية فان كثيرين هربوا من بيوتهم ويخافون من العودة اليها خشية انتقام الدروز منهم. البنود الـ 14 في اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوقيع عليه في يوم الأربعاء الماضي بين شخصيات في قيادة الدروز في سوريا وبين نظام احمد الشرع، بعيدة حتى الآن عن توفير الهدوء، خاصة عندما اعلن الزعيم الدرزي الروحي حكمت الهاجري، وهو احد الزعماء الثلاثة المعروفين، بانه لا يوافق على الاتفاق ولا ينوي اجراء المفاوضات مع هذا النظام المضطرب وعصابته.
هذا اتفاق طموح وهو يمثل خارطة طريق هدفها ترسيخ شبكة العلاقات بين الطائفة الدرزية والنظام، وهو يشمل بنود مثل الدمج الكامل لمحافظة السويداء في الدولة وتفعيل جميع مؤسسات الدولة فيها والاتفاق على ان سوريا ستكون دولة موحدة، وفي السويداء تسيطر سيادة الدولة. ولكن اختبار الاتفاق سيكون في تنفيذ البنود العملية التي بعضها مناقضة لمبدأ “الدولة السيادية”. مثلا، الاتفاق ينص على ان الحواجز التي ستقام من اجل الرقابة على دخول المحافظة والخروج منها سيتواجد فيها رجال شرطة من أبناء المحافظة (أي دروز فقط)، وأن الحفاظ على الامن سيعتمد على ضباط من أبناء المحافظة.
معنى ذلك هو الاعتراف بسيطرة الدروز الأمنية على المحافظة، الى جانب تنازل النظام (على الأقل في هذه الاثناء) عن الضم الكامل للمحافظة الى الدولة. قضية مهمة بشكل خاص هي مستقبل السلاح الذي يوجد لدى الدروز. حسب الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بينهم وبين النظام في أيار الماضي، بعد المواجهة الدموية في شهر نيسان، يمكن تسليمه للدولة؛ وهو البند الذي اثار خلاف كبير داخل القيادة الروحية وفي أوساط المليشيات الستة الدرزية.
حسب الاتفاق الجديد فان هذا البند سيتم تخفيفه بشكل كبير، وينص الان على انه “سيتم الاتفاق على الية لتسليم السلاح الثقيل بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة الدفاع لمنع ظاهرة وجود سلاح غير مرخص من قبل الدولة، وبتنسيق مع قيادة الدروز مع الحفاظ على مكانة السويداء الخاصة”. لا يمكن الفهم من هذا النص ماذا سيكون مصير سلاح الدروز وما هي مكانة الدولة.
هذه القضية توجد لها أهمية كبيرة تتجاوز تحديد الترتيبات الامنية في المدينة وفي المحافظة الدرزية. فهي تقوض أساس سيادة النظام في كل الأراضي السورية، ويمكن ان تكون لها تداعيات على شبكة العلاقات التي يطمح الشرع الى تاسيسها أيضا مع الأقلية الكردية، ومصير الاتفاق الذي وقع عليه مع زعيم “قوات سوريا الديمقراطية”، الذراع العسكري للحكم الذاتي الكردي في الدولة.
حسب هذا الاتفاق فان من شان القوات الكردية أيضا الاندماج في الجيش السوري. الاكراد أيضا مثل الدروز لا يسارعون الى تسليم السلاح. ان استعدادهم لان يصبحوا جزء من الجيش الوطني يشترطونه بالعمل كوحدات مستقلة، طائفية، داخل الجيش، وهو الشرط الذي يرفضه الشرع.
الإدارة الامريكية تستخدم الآن ضغط كبير على الاكراد من اجل الانضمام للجيش السوري، وبذلك استكمال سيطرة الشرع على كل ارجاء سوريا، من اجل ان تستطيع الولايات المتحدة نفسها انهاء تواجدها في سوريا وسحب كل قواتها. هذه عملية متسلسلة فيها حل الخلافات بين الاكراد والنظام في سوريا وإخضاع القوات الكردية لوزارة الدفاع الوطنية ستمكن من انهاء الحرب بين تركيا والاكراد في سوريا، الذين ما زالوا يحصلون على الرعاية والتمويل من الولايات المتحدة، رغم ان ذلك بدأ يتضاءل.
من هنا تاتي أهمية تطبيق الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين الدروز والنظام، حيث انه بحسب هذا الاتفاق فان من شان الاكراد أيضا ان يحددوا خطواتهم القادمة. الخوف الأمريكي الان هو ان الاتفاق مع الدروز سيشكل سابقة ونموذج سيطالب الاكراد به لانفسهم، المعنى هو انهم سيرغبون في الاحتفاظ بالسلاح وتاخير استكمال الخارطة الإقليمية التي تطمح اليها الولايات المتحدة.
هذه ليست الحلقة الأخيرة في سلسلة الردود التي من شانها ان تتطور من احداث السويداء ومن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه مع الدروز. في لبنان يجري صراع في اعلى الجبل من اجل نزع سلاح حزب الله وتجميع السلاح غير المرخص في يد الدولة. أيضا هنا الولايات المتحدة تعمل على لي ذراع الحكومة ودفعها الى استكمال العملية حتى نهاية السنة. الجيش اللبناني يظهر في الحقيقة قدرة كبيرة على سيطرته في معظم قواعد ومواقع حزب الله في جنوب الليطاني، وأيضا بدأ في خطوات لنزع السلاح الفلسطيني خارج مخيمات اللاجئين، وبعد ذلك في داخلها.
لكن في شمال الليطاني القصة معقدة اكثر، حيث ان حزب الله لم يوافق مبدئيا بعد، بالاحرى عمليا، على نزع سلاحه ونقله الى الحكومة. قبل ثلاثة أيام، على خلفية احداث السويداء، وجدت شماعة لحزب الله التي جاءت بالذات على يد الدروز في لبنان.
السياسي الدرزي وئام وهاب اعلن عن إقامة “جيش الوحدة”، وهو جيش انقاذ هدفه مساعدة الدروز في سوريا. في تغريدة في شبكة “اكس” طلب وهاب من جميع الدروز في لبنان وفي إسرائيل وفي سوريا تأسيس مقاومة مستقلة ضد النظام السوري. في التغريدة دعا حزب الله ايضا (بدون ذكر اسم التنظيم) الى “الوقوف الى جانب الدروز الذين يواجهون الإبادة. نحن نطلب منكم بشكل رسمي توفير السلاح والتدريب للناس”. هناك شك بان طلب وهاب هذا سيحصل على دعم واسع من الجمهور في لبنان، وحزب الله ليس بحاجة الى “المبرر الإنساني” لوهاب من اجل التمسك بسلاحه، لكن اذا كان وهاب يعتقد ان الدروز في لبنان يجب ان يحتفظوا بالسلاح للدفاع عن انفسهم وعن اخوتهم في سوريا وتجاهل نية الرئيس جوزيف عون تجميع السلاح في يد الدولة، فلماذا يتصرف حزب الله بشكل مختلف.
مهم التأكيد على ان دعوة وهاب، السياسي الذي يغير مواقفه مثلما يغير بدلته، والذي كان في السابق حليف حزب الله ونظام الأسد، وذات مرة غير موقفه وطالب بالتطبيع مع إسرائيل، ليست دعوة نظيفة أيضا الان من تصفية حسابات سياسية مع خصمه وليد جنبلاط.
جنبلاط، الذي كان زعيم الحزب التقدمي الدرزي (المنصب الذي ورثه لابنه تيمور)، وهو مثل وهاب يتمتع بقدرة مثيرة للانطباع على تغيير مواقفه، يؤيد الان تسليم كل السلاح غير المرخص للدولة، وحتى انه اعلن قبل ثلاثة أسابيع بانه قرر تسليم سلاح مليشياته للجيش.
“انا آمل ان جميع الأحزاب اللبنانية وغير اللبنانية التي تمتلك السلاح ستسلمه للدولة”، قال جنبلاط. وقال بأنه يوجه أقواله لحزب الله. لذلك فقد تلقى في حينه انتقاد لاذع من وهاب الذي أوضح له بانه “لا يمثل جميع الدروز، وأنه الان ليس الوقت المناسب لتسليم السلاح”.
الان الاحداث الأخيرة في السويداء تعطي الدعم لموقف وهاب، على الأقل في أوساط جزء من الدروز في لبنان، وبعد ذلك يمكن ان تؤثر أيضا على نزع سلاح جميع المليشيات الدرزية في لبنان. هكذا فان السياسة الداخلية الدرزية في سوريا ولبنان يمكن ان تملي بشكل كبير وتيرة تطبيق الخطط الحكومية في الدولتين لجمع السلاح غير القانوني في يدها وفرض السيادة في كل أراضيها، وبالتالي الحصول على المساعدات الضرورية لها من اجل إعادة ترميم انقاض حروبها.
تدخل إسرائيل في احداث السويداء يحولها الى لاعب رئيسي في السياسة الداخلية السورية، وبالتالي أيضا في لبنان. إسرائيل تطرح نفسها في الواقع كدرع واقي لجميع الدروز في سوريا، لكن عمليا جزء من القيادة الدرزية في السويداء يعارض هذا التدخل ويعتبره تدخل في شؤون الطائفة وفي نسيج العلاقات بينها وبين النظام السوري.
هكذا، في حين ان الهاجري يستصرخ المجتمع الدولي لمساعدة الدروز، وبذلك يطالب إسرائيل بالتدخل، وهو الموقف المدعوم من قبل الزعيم الدرزي في إسرائيل، موفق طريف، فان نظيره (خصمه) يوسف جربوع الذي وقع على اتفاق وقف اطلاق النار، يعارض هذا التدخل واي تدخل دولي. يشارك في هذا الموقف أيضا جنبلاط اللبناني الذي يحذر الدروز من الوقوع في “شرك إسرائيل” الذي سيحولهم الى ورقة في لعبتها الإقليمية.
يبدو انه بنفس الطريقة يجدر أيضا تحذير إسرائيل نفسها من الوقوع في شرك اللعبة السياسية الطائفية التي يمكن ان تضر مصالحها.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 18/7/2025
ثورة آخرين
بقلم: ناحوم برنياع
يوم الأربعاء الماضي التقيت في هضبة الجولان مع من درج على تسميته “مصدر عسكري كبير”. تحدثنا عن وضعنا في سوريا. ماذا يحصل مع الدروز، سألته. تنفس الصعداء وقال هذه ISSUE (قضية). وصف سلسلة من الاحداث بدايتها صدام بين دروز وجهاديين في جرمانة، ضاحية في دمشق مختلطة السكان. من تبادل الضربات انتقلوا الى اطلاق النار، من جرحى الى قتلى. شيء ما بين حرب عصابات وحرب ميليشيات. يتوصلون الى وقف نار وعلى الفور يخرقونه. الى الحرب الطائفية دخل عنصر دين، بعد أن نشر شريط ظهر فيه شيخ درزي يشتم محمد. الشريط على ما يبدو زائف. لكن المصلحة حقيقية.
ما قاله وما لم يقله عكس انعدام الراحة: لإسرائيل توجد مصلحة في حكم مستقر في سوريا، قوي في الداخل وضعيف في الخارج، في اتفاق على ترتيبات امنية، في تجريد الجنوب السوري من السلاح. ما لنا وللقصة الدرزية هذه. الواقع الجديد في لبنان وفي سوريا هو الإنجاز الأكبر للجيش الإسرائيلي في الحرب. لماذا التخريب.
ما بالك أيضا بان بؤرة الازمة، جبل الدروز، المحافظة التي يعيش فيها نحو نصف مليون من أبناء الطائفة، على مسافة 80 كيلو متر من هضبة الجولان: المسافة تضع في الشك الادعاء الإسرائيلي بضرورة التجريد؛ فما بالك ان الجيش الإسرائيلي متوتر حتى اقصى مدى: اول امس تقرر نقل لواء المظليين الى هضبة الجولان، مباشرة من غزة.
في غضون أربعة أيام كل شيء تشوش. بدو ذبحوا دروزا في السويداء، في جبل الدروز؛ الف شاب إسرائيلي من القرى الدرزية في الجليل اقتحموا الجدار الحدودي، في مظاهرة جسدت تضامنهم مع أبناء طائفتهم في سوريا وغياب الحوكمة بإسرائيل في الجولان؛ قافلة من الجهاديين نزلت من دمشق جنوبا، الى السويداء. سلاح الجو قصف 200 هدف في سوريا، معظمها اهداف عسكرية لا صلة لها بالشقاق السوري الداخلي. “إشارات”، اسمى هذا وزير الدفاع كاتس وعلى الفور حذر بانه لن يكون مزيد من الإشارات – ستكون حرب حقيقية. نتنياهو وكاتس نشرا بيانا مشتركا برر التدخل العسكري في سوريا بـ “حلف الاخوة العميق مع الدروز في إسرائيل”. عندما يلوح أولئك الذين اختلقوا قانون القومية بحلف الاخوة فان رائحة التزييف تصل بعيدا. لإسرائيل توجد مصالح امنية مشروعة في سوريا: من الأفضل التركيز عليها. العلاقات بين حكومة إسرائيل والدروز في سوريا تذكر بالعلاقات بين الحوثيين في اليمن والفلسطينيين في غزة: في افضل الأحوال هذا حلف اخوة باثر رجعي.
الخاسر الأكبر
لماذا يعودون ليقتلوا الواحد الاخر، سألت البروفيسور ايتمار رابينوفيتش. سوريا هي مجال تخصصه: ضمن أمور أخرى ترأس في التسعينيات المفاوضات مع سوريا الأسد. في الأسابيع القادمة ستنشر دار النشر عام عوفيد كتابه (الى جانب د. كرميت برنسي) “الهزة السورية” الذي يصف ما مر على الدولة من الحرب الاهلية حتى اليوم.
قال رابينوفيتش انه “في المستوى العميق فان السنة المحافظين والمتفرقين لا ينظرون الى الدروز والى العلويين كمسلمين. يرون فيهم طوائف خرجت عن الإسلام، كفار. هذا جانب واحد من المواجهة.
“الجانب الاخر سياسي: الشرع، الرئيس يريد أن يحكم سوريا واحدة، مركزية. يريد أن يدخل جنود الميليشيات الطائفية الى الجيش ويلحقهم بالدولة. الدروز والاكراد يريدون الإبقاء على قوتهم كحكم ذاتي مسلح.
“اقدر ان في جنوب سوريا يعمل عملاء ايران وحزب الله على افشال الشرع ونظامه. فهم يشجعون البدو في منطقة درعا على الصدام مع الدروز في السويداء، جبل الدروز”.
هل الشرع يتحكم برجاله، سألت.
“يتبين أن لا”، أجاب. “الامريكيون سمحوا له بان يدخل 3500 اجنبي الى جيشه، من خريجي ميليشيات جهادية. معظمهم من القوقاز. خليط عظيم. العنصر الذي وصل الى السويداء كان منفلتا على نحو خاص. قتلوا بل واهانوا. في هذه الاثناء فان الخاسر الأكبر هو الشرع”.
ماذا ينبغي لإسرائيل أن تفعله، سألت.
“ان تساعد النظام والدروز على ترتيبات العلاقات بينهما”، قال. “كلما قصفنا اكثر، نبعد إمكانية ان نصل الى تسوية مع النظام. “حكومة إسرائيل تعمل بانعدام تفكر. رئيس الوزراء والوزراء يتحدثون اكثر مما ينبغي. هم يقعون في خطيئة تمزج جنون الاضطهاد في إحساس القوة: 7 أكتوبر تسبب بجنون اضطهاد؛ الإنجازات تجاه حزب الله وايران تتسبب لهم بالتفكير بان القوة هي الجواب وليس الدبلوماسية.
“لإسرائيل، للولايات المتحدة ولتركيا توجد مصلحة مشتركة – التهدئة. ترامب الذي اصبح مؤيدا للشرع، ينبغي أن يشعر بالحرج.
“هم يتخلون عنا”
مساء أول أمس دعي بعض من رؤساء الطائفة الدرزي الى لقاء عاجل مع نائب رئيس الأركان تمير يداعي، قائد المنطقة الشمالية اوري غوردن وكبار مسؤولي الشباك. رئيس مجلس دالية الكرمل رفيق حلبي خرج من اللقاء خائب الامل. هل صحيح أن الجيش انجر بخلاف ارادته الى هذه القصة، سألت. “انت دقيق”، قال حلبي. “الجيش لا يعرف ما يفعله. احد في الحكومة لا يعرف ما يفعله. احد المدعويين همس لي بالعربية في اثناء اللقاء، هم يتخلون عنا. هو محق”. اشرح لي، طلبت، ما الذي يدعو الدروز في إسرائيل لان يتدخلوا جسديا في حرب داخلية في سوريا. جوابه فاجأني.
“توجد الان يقظة للدروز في كل الشرق الأوسط”، قال. “يدور الحديث عن ثورة: أقلية تقرر رفع الرأس. دروز في إسرائيل يتحدثون كل الوقت مع دروز في لبنان وفي سوريا. هم مصدومون مما يفعلونه هناك”.
ما هو مكان موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل، في هذه اليقظة، سألت.
“طريف يريد أن يكون زعيما درزيا إقليميا”، قال. “القصة معقدة: حكومة إسرائيل تستخدم طريف لتحقيق مصالحها، وهو يستخدمها لتحقيق مصلحته”.
قبل بضعة اشهر، قلت، جلب طريف اكثر من 100 شيخ درزي من كل سوريا الى النبي شعيب، الموقع المقدس للطائفة. جاءوا في زيارة مغطاة إعلاميا وبعد ذلك لزيارة أخرى. في القرى الدرزية في هضبة الجولان لم يستطيبوا الضجيج، لم يستطيبوا الرعاية التي يفرضها الدروز في الجليل على الدروز في سوريا.
“انت تدخل الى الخصام الداخلي في الطائفة”، قال حلبي. “هذا ليس الأساس. زيارات الشيوخ في إسرائيل كانت مناورة من جهة إسرائيلية لكسب معقل في سوريا”.
نحن كسبنا معقلا في سوريا وهم كسبوا معقلا فيها، فكرت. تذكرت قصة الغرام المأساوية التي ادارتها إسرائيل مع المسيحيين في لبنان. ماذا تطلب من إسرائيل ان تفعله، سألت.
“على مدى كل الأسبوع نتنياهو جر الارجل”، قال حلبي. “على الجيش الإسرائيلي ان يقصف اكثر. لا ان يدمر ثلاث دبابات – ان يدمر كل الدبابات. على الشرع ان يفهم بان الدروز أقوياء”.
-------------------------------------------
هآرتس 18/7/2025
لنتنياهو: هروبك تجاه دروز سوريا لن يعفيك من مسؤولية “المخطوفين” في غزة
بقلم: أسرة التحرير
دولة إسرائيل فتحت جبهة قتال جديدة، بهدف الدفاع عن الطائفة الدرزية في سوريا. الخطوات التي اتخذت في الأيام الأخيرة – من الهجوم على مركبات وحشودات للميليشيات السُنية وجهاز الأمن الوطني للنظام في منطقة السويداء، عبر الهجوم على مبنى هيئة الأركان السورية وحتى الهجوم على القصر الرئاسي في دمشق – لا تسند إلى سياسة مرتبة أو بإعلان استراتيجي واضح. هذه الخطوات تثير أسئلة عميقة عن حدود التدخل الإسرائيلي، عن علاقاتها مع الدروز – في سوريا وفي إسرائيل – وعن تطلعاتها الإقليمية.
مع سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجولان السوري، ثار ادعاء بأنه عمل يستهدف إبعاد تهديد محتمل من الحدود. أما الصدامات بين الدروز والميليشيات المحلية في سوريا فقد أدت إلى تغيير في الموقف الرسمي لإسرائيل: هذه الهجمات تستهدف الدفاع عن “إخواننا الدروز”.
حتى لو قبلنا فرضية أن التزام حكومة إسرائيل بالطائفة الدرزية في إسرائيل حقيقي (بمعنى، تجاهلنا قانون القومية)، وهي نتيجة لهذا الالتزام مطالبة بالدفاع عن الأقلية الدرزية في سوريا إلى جانب الواجب الإنساني للدفاع عن كل أقلية معرضة لخطر الانقراض، فليس واضحاً على الإطلاق بأن الخط القتالي الذي اتخذ هو السبيل لتحقيق التزامها. تُسمع داخل الطائفة الدرزية في سوريا نفسها أيضاً أصوات تعارض التدخل الإسرائيلي. زعماء محليون يسعون لرؤية أنفسهم جزءاً لا يتجزأ من الدولة السورية، ويتطلعون إلى التعاون مع الحكم المركزي، ويرفضون عرضهم كطائفة مضطهدة تحتاج إلى رعاية أجنبية. من ناحيتهم، التدخل الإسرائيلي يعرض مكانتهم الداخلية للخطر، ويلقي عليهم بالاشتباه بأنهم “عملاء”.
من الناحية الإقليمية أيضاً، يعد التدخل الإسرائيلي تجاوزاً للحدود، ويصطدم جبهوياً مع تطلعات الولايات المتحدة والدول العربية، المعنية بدولة سورية موحدة يحكمها حكم مركزي. على هذا، يجب أن يكون هدف إسرائيل جزءاً من بناء علاقات جيدة مع الحكومة الجديدة في سوريا.
في الوقت الذي تبث فيه إسرائيل تلميحات عن جبهة شمالية وتنظم سيناريوهات لحرب جديدة في الحدود السورية، نرى الساحة في قطاع غزة ما زالت تنزف، وبقي مصير صفقة المخطوفين متعلقاً. إن فرصة وقف النار آخذة في التفويت، فيما يدحرج نتنياهو الدولة نحو مواجهة جديدة، ربما لامتناعه عن قرارات حاسمة في الساحة التي لم يعد ممكناً فيها الاعتداء من خلف الشعارات. إن مساعدة الدروز ليست بديلاً عن تحرير المخطوفين. نتنياهو مطالب بالتوقف عن جر الأرجل وتوفير الظروف المؤدية إلى وقف النار وتحرير المخطوفين.
-----------------انتهت النشرة-----------------