الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 21/7/2025 العدد 1361

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

واي نت 21/7/2025

 

“عربات جدعون الجوية”.. بوهلر مهدداً بتوسيع “المجازر”: أطلقوا “المخطوفين”

 

 

بقلم: يوسي يهوشع

 

ينتظر جهاز الأمن رد حماس على الاقتراح الإسرائيلي للصفقة ووقف إطلاق النار في غزة، بعد موافقة إسرائيل على عدة تنازلات في إطار المفاوضات التي تجري في الدوحة. رغم التفاؤل الحذر فيما يتعلق باحتمالية التوصل إلى الصفقة، يستعد الجيش أيضاً لاحتمالية فشل المفاوضات وتأثير ذلك على الأرض.

حسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، إذا تفجرت المفاوضات فإن رئيس الأركان، الجنرال إيال زامير، لا ينوي طرح احتلال مخيمات الوسط ومدينة غزة التي بقيت تحت سيطرة حماس، بل استخدام الضغط بطرق أخرى. التوجه السائد هو الحصار والاستنزاف، والسيطرة على مناطق مهمة حول غزة، وتقليص الاحتكاك مع القوات البرية واستخدام الضغط الشديد من الجو مع تقليص الأخطار على الجنود. هذا هو أيضاً سبب إخراج اثنين من الألوية النظامية للمشاة، ومن المظليين والكوماندو، ونقلهما إلى قطاعات أخرى.

يؤكد الجيش أن هذه المرحلة تتساوق مع إنجازات عملية “عربات جدعون”، التي خلالها، حسب الجيش الإسرائيلي، تم تدمير بنى تحتية لحماس، فوق الأرض وتحتها، في المناطق التي عملت فيها القوات.

الضغط يخلق الإمكانية لعقد الصفقة

أثناء الزيارة التي قام بها رئيس الأركان زامير للقطاع، قام بجولة وتقدير وضع تشمل نقاط رقابة في عمق الشجاعية في مدينة غزة. في لقاء مع قادة الميدان، قال: “إنجازاتكم في إطار “عربات جدعون” هي التي تدفع قدماً بهزيمة حماس، وتخلق إمكانية لعقد صفقة التبادل. أنتم تقاتلون ببطولة في حرب عادلة لا مثيل لها. وإنجازاتكم ستؤدي إلى تغيير أمني لسنوات قادمة”.

حسب قوله، يتوقع أن يتبنى الجيش الإسرائيلي أشكال عمل جديدة تقلص نقاط الضعف وتعمق الإنجازات، وستدخل حماس إلى ضائقة متزايدة مع تقليص تآكل القوات على الأرض. وللدفع قدماً بالصفقة، وافقت إسرائيل على إخراج قوات من محور موراغ، وقلصت الانتشار العسكري في مناطق أخرى، مثلما عرض في خرائط المفاوضات في الدوحة. وعلى الرغم من ذلك، لم تعط حماس الرد النهائي حتى الآن.

الجيش الإسرائيلي على قناعة بأنه إذا تم التوصل إلى صفقة إعادة المخطوفين، فهو بفضل القتال الكثيف على الأرض والضغط العسكري الذي استخدم على حماس.

في موازاة ذلك، بهدف تقليل العبء على الاحتياط والجنود النظاميين، أصدر زامير تعليمات لتقليص حجم القوات، بالأساس في قيادة المنطقة الشمالية، ولكن أيضاً في قطاعات أخرى مثل قيادة المنطقة الجنوبية وفي “يهودا والسامرة”. المعنى هو إلغاء استدعاء ألوية احتياط لمنع التآكل مع أخذ مخاطرة معينة. “التهديدات في القطاعات تضاءلت، ويجب الحفاظ على منظومة الاحتياط”، قال زامير للجنرالات في الجلسة الأخيرة. وهو يقصد انخفاض التهديد الذي نتعرض له من حزب الله.

إذا لم توافق حماس، ستنطلق إسرائيل إلى العمليات.

في ظل التفاؤل الحذر، قال مصدر في حماس أمس لوكالة “رويترز” بأن ارتفاع عدد القتلى وتفاقم الجوع في قطاع غزة قد “يمس بشكل كبير” بمحادثات وقف إطلاق النار الجارية في قطر. في الخلفية، أوضحت إسرائيل بأنه لم يتم فحص إرسال بعثة رفيعة المستوى إلى الدوحة، وأن هذا الموضوع لا يقف على جدول الأعمال. أوساط سياسية قالت إن هذه الاحتمالية “هبطت من جدول الأعمال”، وإنه لا يوجد توقع لموعد التوصل إلى الصفقة.

والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، لا يتوقع أن يصل إلى عاصمة قطر، وهو ما يعتبر -حسب جهات إسرائيلية- “مؤشراً مهماً جداً” على وضع المفاوضات. مع ذلك، يستمر الوزير رون ديرمر في العمل أمام ويتكوف في محور ليس في الدوحة، وإذا غير هذا التوجه فربما ينضم إليه لاحقاً، لكن حتى هذه الاحتمالية لا يتم فحصها الآن أيضاً.

المبعوث الأمريكي آدم بوهلر، قال في مقابلة مع الـ “سي.ان.ان”: “لأن إسرائيل هزمت إيران، هناك فرصة للتوصل إلى صفقة. إسرائيل تريد ذلك. أعرفهم، حماس متشددة جداً. لقد عرض عليهم الكثير من العروض التي كان يجب أن يقبلوها، وحان الوقت لإطلاق سراح المخطوفين. أنا متفائل أكثر من السابق، كنت أريد الآن أن أرى حماس وهي تقوم بعمل. إذا لم يفعلوا ذلك، فستنطلق إسرائيل إلى العمليات العسكرية”.

------------------------------------------

هآرتس 21/7/2025

 

”الشاباك” معترفاً: فشلنا في حملة ردع الإسرائيليين عن التجسس لمصلحة إيران

 

 

بقلم: يوسي ميلمان

 

منذ حوالي سنتين و”الشاباك” يجد صعوبة في منع ظاهرة وجود مئات الإسرائيليين الذين يوافقون على الاتصال مع منظمات مخابرات إيرانية، من بينهم أيضاً أشخاص وافقوا على التعاون معها وخيانة الدولة. إلى جانب نجاح “الشاباك” في إحباط واعتقال المشتبه فيهم، فإنه فشل في مهمة ردع إسرائيليين عن التجسس. يبدو أن هذا هو سبب قرار “الشاباك” وجهاز الإعلام الوطني في مكتب رئيس الحكومة الخروج إلى حملة دعاية وطنية استثنائية وغير مسبوقة، بعنوان “أموال سهلة وثمن باهظ”.

في أحد الأفلام التي تم عرضها، يظهر شباب وهم يستمتعون ويشربون البيرة في مقهى. وعندها يظهر شاب صارم ويسأل: “من أجل خمسة آلاف شيكل… أهذا يعادل تدمير حياتك؟ إن تقديم معلومات للعدو جريمة أمنية خطيرة، عقوبتها السجن المؤبد. لا تساعد العدو الإيراني. إذا تلقيتم طلباً جديداً عبر الشبكة أبلغوا شرطة إسرائيل”.

انطلقت الحملة بعد يوم من تقديم لائحة اتهام أخرى ضد جندي بسبب مخالفات اتصال مع عميل أجنبي وتقديم معلومات للعدو. أقام الجندي، مع علم مسبق، علاقات مع جهات إيرانية أثناء الحرب، ونقل إليها مقابل مبلغ من المال معلومات عن اعتراض الصواريخ، وعن بطاريات “القبة الحديدية” وعن سقوط صواريخ إيرانية.

حسب معطيات “الشاباك” ووزارة العدل، كشفت في السنة الماضي أكثر من 25 قضية لإسرائيليين وافقوا على التجسس لصالح إيران، وتم تقديم أكثر من 35 لائحة اتهام خطيرة. عملياً، تضاعف عدد حالات التجسس منذ 7 أكتوبر 2023. يدور الحديث عن ألف إسرائيلي، الذين اتصلت بهم جهات تجسس إيرانية، على الأغلب عبر الشبكات الاجتماعية. حتى الآن، تمت إدانة شخص واحد فقط، وهو موتي ممان (72 سنة) من عسقلان، وهو رجل أعمال فاشل وحكم عليه 10 سنوات سجناً. الباقون ينتظرون المحاكمة. عدد منهم تجاهلوا طلبات إيران أو رفضوها، وآخرون استجابوا ولكنهم لم يتمكنوا من العمل لأن محققي “الشاباك” وصلوا إليهم وحذروهم من مواصلة العلاقة. ولكن عدداً غير قليل أغرتهم الأموال السهلة التي عرضت عليهم ونفذوا المهمات التي طلبت منهم.

هذه هي الطريقة. يعرضون عليهم بضع مئات من الشواقل مقابل مهمة سهلة وبسيطة مثل رسم صورة غرافيك وحمل لافتة ضد نتنياهو والحكومة، أو إحراق سيارة وتصوير هذه الأعمال وإرسالها للمشغلين أو الفيلم. هذه بداية عملية تسمى باللغة المهنية “توريط”. تعقبها مهمات أكثر تعقيداً، مثل تصوير مواقع عسكرية، والحصول على عناوين ومعلومات عن رؤساء حكومة، ووزراء دفاع، وقادة كبار في الجيش وعلماء ذرة، ومحاولة اغتيالهم.

هذا المرض انتشر مثل الوباء في المجتمع الإسرائيلي بكل طبقاته ومستوياته، والقاسم المشترك هو الطمع.

منذ إقامة الدولة عمل في إسرائيل جواسيس وخونة اخترقوا حرمة أمن الدولة وتسببوا بأضرار جسيمة، مثل ليفي ليفي من “الشاباك”، وزئيف افني من وزارة الخارجية والموساد، وإسرائيل بار من وزارة الدفاع، وماركوس كلينبرغ من المعهد البيولوجي في نس تسيونا، وشبتاي كلمانوفيتش الذي حاول التقرب من رئيسة الحكومة غولدا مئير، وبن زغيير من الموساد. هذه قائمة جزئية. كانت هناك حالات خطيرة تم التعتيم عليها. معظمهم كانوا، باستثناء زغيير، يتصرفون بدوافع سياسية وأيديولوجية في خدمة الاتحاد السوفييتي وأجهزة المخابرات التابعة لتوابعه في أوروبا الشرقية.

الدافع هذه المرة واحد فقط: الطمع. في الواقع، معظم الجواسيس الذين ألقي القبض عليهم حتى الآن لم تكن لهم إمكانية للوصول إلى أسرار جهاز الأمن، لذلك، كان ضررهم ضئيلاً نسبياً. ولكن “الشاباك” الذي يعنى بإحباط التجسس، لا يعزيه هذا الأمر، و“الشاباك” قلق. في البداية، اعتقدوا أن المتعاونين مع العدو هم من هامش المجتمع، لكن أصبح المزيد من الإسرائيليين الذين يمكن تسميتهم “معياريين” ومن قلب التيار العام، يجرون اتصالات مع الإيرانيين، حتى أثناء الحرب مع إيران.

عندما تحتاج سلطة حكومية إلى حملة توعية بشأن أمر مفهوم ضمناً، فهي إشارة على الفشل. هذه إشارة على أن الردع لا يعمل، وأن هناك من هم مستعدون لمخالفة القانون بسهولة. في حقيقة الأمر، عندما يتعين على “الشاباك” التوسل والقول “لا تتجسسوا ولا تخونوا” فالأمر يتعلق بفشل الدولة، التي يتفكك مجتمعها في كل المجالات. هذا مجتمع تم كسر كل طابو فيه؛ لأن لدى الجمهور شعور “لا قانون ولا قاض” و”حارة كل من يده له”، والفرد يدرك أن عليه الاهتمام باحتياجاته؛ لأن الحكومة والسلطات لن تهتم به.

ظاهرة الذين يتجسسون لصالح إيران إشارة على الضياع، إشارة عل تفكك القيم والقواعد الأساسية للمجتمع، مثل التضامن والتكافل والتناسق. إن المجتمع الذي أعضاؤه غرباء عن بعضهم ولم يعد لديهم الشعور بشراكة المصير، لن تجدي معه حملة “الشاباك” لوقف هذه الظاهرة.

-------------------------------------------

هآرتس 21/7/2025

 

مع تعاظم عنف المستوطنين.. الجيش الإسرائيلي: قد نفقد سيطرتنا على الضفة الغربية

 

 

بقلم: ينيف كوفوفيتش

 

البيانات ترسم صورة واضحة: عدد الهجمات العنيفة وجرائم الكراهية التي يمارسها المستوطنون ضد الفلسطينيين، قفز في النصف الأول من العام الحالي وارتفع إلى أعلى مستوى منذ اندلاع الحرب في غزة. إن النظر إلى البيانات التي جمعها جهاز الأمن يظهر أنه تم توثيق 404 حالات كهذه في الضفة الغربية خلال كانون الثاني – حزيران هذه السنة، وهو ارتفاع حاد ولكنه ثابت: في النصف الأول من العام 2024 بلغ هذا العدد 286 حالة، وفي النصف الثاني من العام الماضي وصل إلى 332 حالة.

لكن هذه البيانات تكشف صورة أوسع، تضم فيها أيضاً عنف المستوطنين تجاه قوات الأمن. عملياً، خلال أشهر كانون الثاني – حزيران هذه السنة، كان هناك 33 حالة كهذه، وبالإجمال، بلغ العدد 100 حالة منذ اندلاع الحرب وحتى الآن. هذا الدمج يعكس ظاهرة مقلقة في نظر كبار ضباط الأمن، ومنذ فترة، قرروا طرح هذه الأرقام أمام المستوى السياسي. في الخلفية أيضاً، هناك هجمات غير قليلة، التي وجدت صدى إعلامياً في الفترة الأخيرة، منها: مظاهرات عنيفة أمام قواعد الجيش الإسرائيلي، وإحراق منشأة أمنية حساسة في الضفة في نهاية الشهر الماضي، وهجوم عنيف لمستوطنين ضد جنود احتياط وقائد كتيبة قرب كفر مالك. ازدياد هذه الحالات أدى بضباط كبار إلى التحذير من أنهم يخشون من فقدان السيطرة على المستوطنين المتورطين في أعمال العنف.

في الفترة الأخيرة، عقد رئيس الأركان أيال زامير عدة جلسات أمنية بهذا الشأن، ويلاحظ الجيش و“الشاباك” دافعية تتعاظم لمستوطنين يعيشون في بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة، من بينها مزارع، لتوسيع المواجهات مع الجيش و”الشاباك” والشرطة. “من يتجاهل زيادة حوالي 100 مزرعة جديدة منذ 7 أكتوبر، فعليه ألا يستغرب بأن هناك ارتفاعاً في عدد الاحتكاكات والجريمة القومية المتطرفة”، قال للصحيفة مصدر في جهاز الأمن. هذا المصدر الذي يقود جنود في نشاطات عملياتية في الضفة في الأشهر الأخيرة، قال إنه هو أيضاً تعرض لعنف المستوطنين في بؤر استيطانية لمزارع.

بشكل عام، يعترف جهاز الأمن أن قوات الجيش استدعيت في أحيان كثيرة إلى ساحات هاجم فيها المستوطنون الفلسطينيين، وانتهت الهجمات بقتل فلسطينيين؛ سواء على يد وحدات الدفاع القطرية، أو كانت تلك هي فرق الطوارئ في المستوطنات – التي يطلق أعضاؤها النار على الفلسطينيين أثناء المواجهات. وثمة رقم آخر عرض في هذه النقاشات، الذي يقلق “الشاباك”، وهو حجم الإرهاب اليهودي. منذ بداية الحرب، والحديث يدور عن 900 حالة تقريباً (حوالي 160 منها كان مخططاً لها مسبقا). تعمق حول هذا الرقم خوف من تدهور أمني في الضفة.

بيانات الشهر الماضي تعكس رسالة حادة. في هذا الشهر الذي ازدادت فيه التقارير عن عنف المستوطنين، تعرض إحصائيات جهاز الأمن أكثر من 100 هجوم وجريمة كراهية ضد الفلسطينيين وقوات الأمن معاً. في حزيران السنة الماضية، بلغ هذا الرقم 67 حالة.

البيانات التي طرحت في الجلسات عرضت أيضاً الصورة الواسعة التي تفيد بأنه منذ بداية الحرب في قطاع غزة كان هناك حوالي 1350 هجوماً وجريمة كراهية ضد الفلسطينيين وقوات الأمن في الضفة الغربية. في هذه الفترة، أصيب نحو 320 فلسطينياً على يد المستوطنين، بينهم 120 في السنة الحالية. بخصوص الفلسطينيين القتلى، فإن الصورة معقدة أكثر. قال جهاز الأمن إن الأمر يتعلق بحوالي 970 قتيلاً، لكن لم يتم عرض توزيع فيما يتعلق بهويتهم وأسباب الوفاة. بكلمات أخرى، الكثير منهم مخربون أو مشتبه فيهم، قتلهم الجيش الإسرائيلي.

كل ما قيل حول هجمات المستوطنين ضد قوات الأمن، حدث معظمها في بؤر استيطانية لمزارع غير قانونية. أقيمت هذه البؤر على أراض فلسطينية خاصة بتشجيع ودعم الحكومة، لا سيما وزير المالية سموتريتش ووزيرة الاستيطان والمهمات الوطنية أوريت ستروك.

ازدادت بؤر المزارع بسرعة خلال أشهر الحرب. حسب معطيات الجيش الإسرائيلي، كان في الضفة الغربية قبل 7 أكتوبر حوالي 30 بؤرة استيطانية لمزارع استهدفت السيطرة على أراض بملكية فلسطينية، وطلب من قوات الاحتياط تأمينها. حتى الشهر الماضي، أقل من سنتين على اندلاع الحرب، بلغ عدد هذه البؤر الاستيطانية حوالي 120 بؤرة، وهو يمثل ارتفاعاً بأربعة أضعاف. أصبحت هذه البؤر بؤراً عنيفة تجاه جنود الجيش وضد قوات الأمن والسكان الفلسطينيين.

-------------------------------------------

هآرتس 21/7/2025

 

حطموا زجاج سيارته ورموه بالحجارة وهتفوا “الموت للعرب”.. عودة: لا يريدونني أن أذكر غزة

 

بقلم: أسرة التحرير

خُلص النائب أيمن عودة (الجبهة/العربية) أول أمس، من حشد عنيف ومعربد سعى للفتك به. بينما كان في طريقه إلى مظاهرة ضد الحكومة في “نس تسيونا”، تجمعت حول سيارته مجموعة من نشطاء يمين، حطمت زجاجها وخبطت بالسيارة. وروى شاهد عيان أنهم رشقوا حجارة نحوه. حاول المشاغبون المس بعودة بهراوة وبإلقاء أغراض حتى وهو واقف على منصة المظاهرة في محاولة للخطابة، وفي المحيط هتف الحشد “الموت للعرب”. وتواصلت هجماتهم عندما حاول الخروج من هناك في نهاية خطابه.

أفرجت محكمة الصلح في “ريشون لتسيون” أمس عن اثنين من المشبوهين الثلاثة الذين بإقامة جبرية ليوم واحد. اعترفت الشرطة في المحكمة بأنه كان لديها معلومات مسبقة عن الشغب المتوقع وادعت بأنها استعدت قبل الأوان. وأظهرت أشرطة الفيديو المأخوذة من الميدان أن أفراداً قليلين من الشرطة ممن أخفقوا في الدفاع كما ينبغي عن عودة. مسافة الفتك كانت قصيرة. لم يكن هنا استعداد مناسب للشرطة، وقد فشلت في مهمتها مرة أخرى. ما كان ينبغي لهذا الشغب أن يفاجئ أحداً – ما كان شيء أكثر توقعاً منه. أصدرت كنيست إسرائيل الإشارة إليه عندما صوتت أغلبية كبيرة (حتى وإن لم تكن كافية) من أعضاء المجلس إلى جانب إقصاء عودة عن الكنيست. كل من ساهموا في هذا العمل البرلماني المشين وبينهم بعض من أحزاب المعارضة، يتحملون مسؤولية مباشرة عن الهجمة العنيفة على عودة. يئير لبيد وبيني غانتس اللذان شجبا أمس الهجمة عليه، رفعاً العتب: في الأسبوع الماضي، امتنعا عن المشاركة في التصويت على إقصاء عودة، بل إن غانتس نفسه ألقى خطاباً محرجاً ضد عودة، أما لبيد فكرر أنه سيصوت إلى جانب الإقصاء.

إن “خطيئة” عودة المركزية، أنه يذكر الكنيست والجمهور بما تفعله إسرائيل في غزة. الدافع الأساس لمن يحاولون إقصاءه عن الكنيست وعن “نس تسيونا” واحد، وهو: إسكاته. الكنيست والشارع لا يريدان سماع أي شيء عن المذبحة والتدمير الممنهج الذي تحدثه إسرائيل في غزة. كلما تعاظمت المذبحة الجماعية، وهي بالفعل تتعاظم ومعها التدمير الممنهج، يزداد معظم الإسرائيليين امتناعاً عن سماع الحقيقة التي تجري باسمهم في القطاع.

وبالفعل، ربما نفهم لماذا يسعى الإسرائيليون للإشاحة بعيونهم عن هذا الواقع. أمس، أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة بأن 67 فلسطينياً قتلوا بنار الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع عندما كانوا ينتظرون المساعدة الإنسانية، وفي فترة زمنية من 24 ساعة جاءت بما لا يقل عن 130 قتيلاً إلى المستشفيات في القطاع. منذ بداية الحرب، قتل 58.895 فلسطينياً. لم تكن رحلة عودة إلى “نس تسيونا” هي ما ينبغي وقفها، بل اجتياح الجيش الإسرائيلي المستمر إلى غزة بقدم فظة، ووحشية. الاستماع إلى عودة واجب، وتقديم المشاغبين الذين حاولوا المس به إلى المحاكمة واجب أيضاً.

-------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 21/7/2025

 

“دمار بحجوم توراتية”.. إسرائيليون لقادتهم: أبناؤنا يُقتلون وينتحرون.. وحماس لن تستسلم

 

 

بقلم: آفي يسسخروف

 

أصبح قطاع غزة موقع أنقاض عقارية من الأكبر في العالم، والجيش الإسرائيلي مقاول التنفيذ. في كل صورة تأتي من القطاع، وفي كل تقرير تلفزيوني، تنكشف حجوم هذا الحدث: دمار أخروي، بحجوم توراتية حقاً، في كل مرة يشرح لنا بشكل مختلف؛ تارة يكون الهدف “هزيمة لواء خان يونس”، وتارة الحاجة إلى الدفاع عن “محور فاصل”، وتارة علة للدفاع عن قوات الجيش، غير أن جنود الجيش يصابون الآن، وكذا مقاولو التنفيذ (مشغلو الآليات الهندسية الكبيرة) أثناء تنفيذ الهدم. في الأسبوع الماضي مثلاً، علم من جملة مواقع إخبارية في إسرائيل عن تطور “دراماتيكي” أخير في الحرب بقطاع غزة. الجيش الإسرائيلي شق محوراً جديداً يشطر خان يونس إلى شطرين، ويسمى محور “درع بأس” (ماغين عوز). وحسب التقارير، هذا المحور الجديد الذي يصل إلى محور موراغ الجديد – القديم، يفترض أن يؤدي إلى هزيمة لواء حماس في خان يونس، اللواء الذي سبق أن هزم وصفي معظم قادته. أمس، علم بأن القوات تهدم مباني على طول المحور للدفاع عنه، ويدور الحديث عن مئات المباني.

وهذه في واقع الأمر هي خلاصة القتال كما نراه في الميدان هذه الأيام. صحيح أنه يؤدي إلى كشف المزيد من الأنفاق ويقتل المزيد من المخربين، لكن لا هدف حقيقياً لهذه الحرب. القتال في الميدان يجري في الغالب بدون عدو في بؤرة الاستهداف، ولا حتى سكان في المحيط. ببساطة، الهدم المكثف للمباني قد لا يجدي للتخلص من حماس، لكن تنم عنه رائحة كالثأر. أصبح الهدم هدفاً بحد ذاته وغايته غير واضحة، إلا إذا سعى أحد ما لمنع أي عودة للفلسطينيين للسكن في القطاع.

غير أن الأعمال الهندسية المكثفة هذه لن تسرع تحرير المخطوفين، ولن تدفع قدماً بحل في غزة على نمط “تقويض حماس”.

أحد ما تشوش بين هدم المباني والأحياء والبلدات، وبين تقويض المنظمة.

مؤيدو نتنياهو يواصلون بيع قصص واختلاقات على أننا على مسافة نحو خطوة من “النصر المطلق”. حي غزي آخر في الخرائب، ومدينة مدمرة أخرى، وتفجير آخر، وتقارير عن المس بكبار رجالات حماس، وبكبار رجالات “الجهاد”، أسماء لا أحد في إسرائيل يعرفها سوى قلة. حتى قيادة حماس في الخارج القليل منها تعرف عمن يدور الحديث.

في هذه الأثناء، مزيد من جنود الجيش الإسرائيلي يقتلون، ومزيد من الجنود الذين يضعون حداً لحياتهم بسبب الفظائع التي رأوها، وبسبب التجارب التي مروا بها. معظم مواطني هذه الدولة ينظرون إلى ما يجري في غزة ويسألون أنفسهم – من أجل ماذا؟ لماذا ترفض هذه الحكومة ورئيسها صفقة مخطوفين شاملة؟ مزيد ومزيد من الأمهات والآباء الذين يخدم أبناؤهم في غزة يصعب عليهم تصديق دخول الابن أو الابنة مرة أخرى إلى القطاع، إلى جولة أخرى بلا غاية باستثناء هدم البيوت والأحياء. فهل يعتقد أحد ما بأن مسؤولي حماس القلائل المتبقين على قيد الحياة سيرفعون أعلاماً بيضاء ويخرجون من الأنفاق بأياد مرفوعة؟ حماس لا ترفع علماً أبيض، ولن تفعل. من جهتها، فلتدمر أحياء أخرى في غزة، ولتقم مدينة إنسانية أخرى في رفح. هكذا ستزداد الضائقة في القطاع، مزيد من الأطفال والنساء الغزيين يعانون ويموتون، هذا يفعل خيراً في ترويج دعايتها في العالم، ويزيد الكراهية لإسرائيل في كل زاوية من المعمورة. وبالنسبة لحماس، إذا انتقلت إسرائيل إلى هدم ممنهج لأحياء في مدينة غزة أيضاً (الذي امتنعت عن فعله حتى الآن) فهذا يفعل خيراً أكبر للمنظمة في المدى الزمني البعيد. مزيد من الأطفال الغزيين سيتجندون لحماس وسيرغبون في القتال ضد الإسرائيليين، يأس آخر في القطاع ينمي الأمل لحماس. الآن، يبنون على خرائب غزة مستقبل المنظمة لعشرات السنين القادمة.

إذن ما العمل؟ عندما حاولت حكومة نتنياهو جعل حماس ذخراً، وعندما سمحت للمنظمة بالنمو، وببناء نفسها، استعدوا لمذبحة 7 أكتوبر. والآن ماذا؟ إذا أوقفنا الحرب ضد حماس فسيبدأون بإعداد “7 أكتوبر التالي”. غير أن هذه الحكومة كان يفترض بها أن تعد خطة لـ “اليوم التالي”. فور بدء الحرب في غزة، كل من له عينان في رأسه استجدى الحكومة ورئيسها لإعداد بديل لحكم حماس والاستعداد “لليوم التالي”. لكن هذا الائتلاف كان منشغلاً في تمرير قوانين الانقلاب النظامي، وقوانين التملص من الخدمة. في الوقت الذي يقاتل فيه أفضل أبنائنا ويصابون، ويقتلون، ويضحون بحياتهم، تنشغل هذه الحكومة بمناورات تمنع انتخابات مبكرة وبالبقاء على كرسي الحكم إلى أبد الآبدين.

إذا رغبت إسرائيل ذات يوم في إنهاء هذه الحرب، فعليها السعي إلى تسوية مع دول عربية ومع السلطة الفلسطينية، تؤدي إلى طرد حماس من الحكم في غزة ونزع سلاحه. تسوية كهذه قد تكون على جدول الأعمال إذا اضطرت إسرائيل لعمل ذلك، لكن هذه الحكومة لا ترغب في ذلك؛ بل تتهم الجيش، والإعلام، والمعارضة، فالكل عندها مذنبون في الغرق في الوحل الغزي باستثناء سياسية هذه الحكومة الفاشلة.

في نهاية الأمر، حتى حكومة نتنياهو ستكون ملزمة بعد ذلك، لأن الجمهور الذي يخدم في الجيش، ويدفع الضرائب، ويخلص للدولة وليس لرئيسها، لن يصمد في هذا لزمن طويل آخر، ولن يوافق على مواصلة الحرب إلى الأبد.

-------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 21/7/2025

 

“الأزعر الإقليمي”: مرة لسموتريتش وأخرى لترامب.. سفك دماء وتهجير “وفق الخطة”

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

“تدير شؤون دولة إسرائيل اليوم حكومة غير سوية”، كتب رون بن يشاي في “يديعوت أحرونوت”. كتب بدم قلبه: “هذا استنتاج لم أتوصل إليه في حياتي كلها”، كشف في مستهل مقاله.

في نظري، بن يشاي محلل عسكري متفوق، ذو شجاعة استثنائية، مهنيته لا تعرف الهوادة، ومعرفته وتجربته لا تقدران بالذهب. في منظور الآراء الإسرائيلي، هو يعبر عن وسط سياسي آخذ في الاختفاء، ما سمي ذات مرة بالرسمي. إذا كان يدعو إلى إسقاط حكومة منتخبة قانونياً، فقد حدث. لا غرو أن صرخته عصفت بالشبكة.

“كل الاحترام”، كتبت له. واكشف هنا أننا أصدقاء.

لكن عندها ثار لدي تفكير مقلق: ماذا لو كان رون مخطئاً؟ ماذا لو كانت القرارات التي يشير إليها ليست ثمرة روح حكم جن جنونه، بل نتاج مسيرة مخطط لها، ممنهجة، مرتبة تؤدي بنا إلى مكان نرفض استيعاب طبيعته؟ ماذا لو تغيرت قواعد اللعب: ما كان يعتبر في المكان مجنوناً أصبح طبيعياً، والعكس صحيح. نتنياهو، المتكيف المطلق، عرف كيف يتعامل مع القواعد الجديدة ويستخدمها لخدمته. الآخرون: غالي بهرب ميارا، وإسحق عميت، وجادي آيزنكوت، والمخطوفون وعائلاتهم، وكثيرون آخرون – مثل ديناصورات، لن ينجوا.

أمس، قررت اللجنة الوزارية بالإجماع تنحية المستشارة القانونية للحكومة. ظاهراً، قرار غير سوي. ما معنى القرار، إذا كان معروفاً مسبقاً بأن محكمة العدل العليا سترفضه، وأن نصف الجمهور على الأقل لا يريده في ذروة حرب. لكن للقرار منطق خاص به: هو يسوغ مسيرة تعطيل مؤسسة المستشار القانوني للحكومة. إن تجاهل وزراء الحكومة فتوى المستشارة يصبح نمطاً سائداً. ستكون هناك التماسات إلى محكمة العدل العليا، لكن قضاة العليا ملزمون باختيار معاركهم. المستشارة تبقى، ومؤسسة المستشار القانوني تنتهي؛ وعندها تولد من جديد، تحت واحد من جماعتهم، وأنماطهم، وقواعدهم. بداية يعطلون الجهاز، وقوته، وعزته. وعندما يكون مستلقياً على الظهر ينزعون الرأس. هذا ما حصل في الشرطة، ووزارة التعليم، ووزارة الاتصالات، ووزارة المواصلات وغيرها؛ وهذا ما سيحصل في “الشاباك”، ولاحقاً في المحكمة العليا وإذا كان بوسعهم، في الجيش الإسرائيلي أيضاً. هذا الجنون سوي تماماً.

نتنياهو مصر على استمرار الحرب، وبالتوازي يضغط لإقرار قانون يسوغ تملص الجماعة الحريدية من الخدمة. هذا ليس منطقياً، يقول مقاتلون قضوا 400 و500 يوم خدمة احتياط منذ أكتوبر 2023. هم مخطئون: استمرار الحرب يستهدف إعفاء نتنياهو من ضغط سموتريتش وبن غفير؛ استمرار التملص من الخدمة يستهدف إعفاءه من ضغط الحاخامين. الهدف واحد: ضمان استمرار ولايته كرئيس وزراء. لم يتولَ في إسرائيل رئيس وزراء تمسك بكرسيه كرئيس الوزراء الحالي. لم يتولَ رئيس وزراء كان منشغلاً بهذا القدر بنفسه، وبمصالحه، وبخيره الشخصي.

إلى أن يصل هذا إلى سياسي آخر متهم بالخطأ وبانعدام السواء: ترامب. بيبي خاصتنا يخاف من ترامب. “المدينة الإنسانية” بين موراغ وفيلادلفيا ألقيت في الهواء لتهدئة السموتريتشيين. بداية، يقام المعسكر؛ ثم يهاجر الجميع إلى إثيوبيا، وتأتي دانييلا فايس بدلاً منهم. MPS و MPZ، حاكما السعودية والإمارات، قالا لترامب لا، فاختفت المدينة؛ بعد ذلك، كانت ضربة لكنيسة في غزة. نتنياهو هاتف ترامب معتذراً، وهاتف البابا أيضاً. إسرائيل لا تضرب مواقع دينية، هذا ما وعد الذي جيشه يدمر كل مسجد في غزة.

السفير الأمريكي هاكابي، ذاك من محاكمة نتنياهو، سافر حتى الطيبة، قرية مسيحية في سفوح من عوفرا إلى أريحا؛ حتى يوضح مكانة الكنيسة في غزة وقربها من قلب رئيسه. السفير المحترم لم يعرف إلى أين يسافر: الشهير من أبناء الطيبة، فخر الطيبة هو سرحان سرحان، الفلسطيني الذي قتل روبرت كندي في 1968، مسيحي صالح. أجريت مع أبيه مقابلة صحافية في القرية، غداة الاغتيال.

بعد الحملة الناجحة في إيران، كان نتنياهو مقتنعاً أنه تلقى موافقة لمكانة أزعر إقليمي. هو سيضرب سوريا، وسيضرب لبنان، وسيضرب إيران. كان الاختبار الأول في سوريا. “جنوب سوريا سيجرد”، أعلن. “لن نسمح لأي قوة بالنزول جنوباً”. سلاح الجو أرسل لقصف رمزي.

لكن ترامب لم يكن راضياً. الشرع، رئيس سوريا المؤقت، هو مرعيه؛ وأردوغان أيضاً. اضطر نتنياهو للتسليم بنزول قوات الشرع جنوباً.

أما في إيران فأيدي إسرائيل مكبلة. ترامب يصر على أن عمله (عملياً، عمل الجيش الإسرائيلي بمساعدة أمريكية) صفى المشروع النووي الإيراني. ويقول: “لم تكن عملية كهذه في الـخمسين سنة الأخيرة”. لا يسمح لنتنياهو بقول إن إيران غير مصفية؛ ولا يسمح له بقول إننا قد نضطر للعمل في إيران مرة أخرى. الرواية أهم من الحقائق، وأهم من إسرائيل. سيحصل نتنياهو على باغز باني كتعويض. مع رؤساء سابقين، عرف نتنياهو كيف يتخاصم، ويجر الأرجل، ويرفض. لكنه أمام ترامب يتملق ويطيع.

-------------------------------------------

 

معاريف 21/7/2025

 

 

يوجد من يتوهمون اننا بعد ضغط عسكري سنصل الى “النصر المطلق”

 

 

بقلم: افرايم غانور

 

“حلم ليلة صيف”، المسرحية الشهيرة لوليم شكسبير تصف ثلاث قصص غريبة تقع في ليلة صيف في أثينا في عهد الهيليني. في دولة إسرائيل، في الصيف الحار للعام 2025 تقع احداث وظواهر تبدو غريبة بقدر لا يقل عن تلك التي يصفها شكسبير في عمله الإبداعي.

جذور القصة الأولى، تعود الى اعلان لوسائل الاعلام أصدره رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتاريخ 25/10/2023: “حددنا للحرب هدفان، تصفية حماس بتدمير قدراتها العسكرية والسلطوية، وعمل كل شيء ممكن لاعادة مخطوفينا الى الديار”.

بعد نحو سنتين من الحرب التي لا نزال لا نرى نهايتها، حان الوقت لقول الحقيقة. قطاع غزة أصبح جزر خرائب، مليونان من السكان بقوا بلا مأوى، متعلقين بالمساعدات الإنسانية. صحيح أن الجيش الإسرائيلي هزم معظم جيش حماس، لكن حماس إياها الرهيبة والمتوحشة حية ترزق وتواصل جباية ثمن دموي باهظ منا. و 50 مخطوفا لنا، 20 منهم على قيد الحياة، يذوون في مكان ما في انفاق حماس. لا يزال يوجد بيننا من يواصلون السير مثلما في حلم ليلة صيف مع وهم اننا ها نحن، بعد ضغط عسكري قليل آخر، سنصل الى “النصر المطلق”.

القصة الثانية تتناول ظاهرة غير مفهومة، لا يزال من الصعب ان نفهم كيف مرت من فوق رؤوسنا بلا رد. في الأسبوع الماضي رأينا سفير الولايات المتحدة مايك هاكبي يقف في المحكمة، في اثناء محاكمة نتنياهو، مع دمية باغز باني في يده وهو يشرح فيقول: هذا استثناني أن يكون رئيس الوزراء في محاكمة في زمن الحرب وفي زمن المفاوضات على المخطوفين”. لم نسمع صوتا رسميا سويا واحدا، يقول للسيد هاكبي ان هذا استثنائي بل مقلق ان يسمح سفير دولة أجنبية لنفسه ان يحشر أنفه في قدس اقداس دولة إسرائيل، في المحكمة ويتجرأ على أن يملي على مواطني إسرائيل كيف يديرون حياتهم.

والقصة الثالثة في حلم لية الصيف الإسرائيلية هي من نوع القصص التي في حالات عديدة تقع بعيدا عن عيون الجمهور وعلمه، ولا تنشر. هي لا تحظى بالاهتمام المناسب لها، “لانعدام الاهتمام الجماهيري”. في الأسبوع الماضي وصلت قوات من الشرطة الى شقة في ريشون لتسيون ووجدوا فيها هيكل رجل ابن 56 كان يسكن في الشقة بجسده. بعد الفحص تبين ان الرجل توفي قبل سنتين. كيف جننا؟ كيف بشعنا؟ في الماضي سمعنا قصصا على حالات كهذه، وقعت في مكان ما في أمريكا البعيدة، وكانت دوما غير مفهومة في نظرنا. كيف لم يوجد هناك حتى ولا جار واحد تساءل عجبا: “ماذا مع الجار الذي يسكن في الشقة المقابلة؟ لم نره منذ زمن”.

وهذا لم يعد حلم ليلة صيف. هذا واقع إسرائيلي مشوه ومقلق.

-------------------------------------------

 

اسرائيل اليوم 21/7/2025

 

 

سنة 2023 لن تكون سنة 1973 في السياسة الاسرائيلية

 

 

بقلم: آفي بار ايلي

 

الحرب الحالية وحرب يوم الغفران، ستكونان كما يبدو متعاكستان من حيث تاثيرهما على سياسة اسرائيل. رئيس المعارضة في حينه مناحيم بيغن الذي ايد نظرية “ولا شبر واحد”، انتقل بعد حوالي اربع سنوات، في 1973، كرئيس للحكومة، الى الانسحاب من شبه جزيرة سيناء والى “خطة الحكم الذاتي”.

هذه الانعطافة نقلت الى اليسار (بالمعنى السياسي لهذا المصطلح) مركز ثقل السياسة الاسرائيلية. فقد دفعت الى الهامش “اليمين السياسي”، التيار الذي قبل ذلك مثله بيغن وحتى أنه قام بتعزيزه من خلال تشكيل الليكود (غاحل قبله)، وربط “الليبراليين” بعربة نظرية “لن تتم اعادة ارض تم تحريرها”.

لكن بدلا من ان يحرك بيغن بهذه الصورة المؤسسة الاسرائيلية نحو اليمين، كما ارتسم بالخطأ بعد حرب يوم الغفران والصعود الى الحكم في 1977، حدث العكس: المؤسسة السياسية الاسرائيلية نقلها في حينه الى اليسار بيغن والليكود.

حركة موازية الى اليسار ظهرت في حينه ايضا في الجانب الاخر: في النصف الثاني من السبعينيات سيطرت “الحمائم” على حزب العمل. حتى ذلك الحين كان اقلية هامة ولكن غير حاسمة في حزب السلطة في ظل رؤساء الحكومة “الصقوريين”، واذا شئتم “اليمنيين”، ليفي اشكول وغولدا مئير. الآن قاد “الحمائم” حزب العمل الى الطرق السياسية لمبام وراتس (التي اصبحت ميرتس)، وحتى احدثوا فيها تطرف يساري.

في عملية مهمة نقل الحمائم الى جانبهم شمعون بيرس واسحق رابين، الزعيمان اللذان قادا الحزب في العقود التالية. بيرس ورابين حولوه بالتدريج وغيروا هويته الى حزب يمثل في الساحة السياسية حركة “السلام الان”. كل حركة العمل تبنت للمرة الاولى في تلك السنوات “توجه فلسطيني” لتسوية النزاع مع العرب، مرورا باتفاقات اوسلو بعد عقدين. صحيح انه الى جانب هذه التطورات في قيادة “غوش ايمونيم” التي اقيمت ايضا في تلك السنوات، مرت الصهيونية الدينية بعملية تطرف يمينية. صحيح أنه رغم الاعتدال السياسي لبيغن الا ان الليكود برئاسته عزز جدا، مع الصهيونية الدينية، مشروع الاستيطان في يهودا والسامرة، وهو المشروع الذي بدأته القيادة الصقورية السابقة لحزب العمل.

لكن من ناحية سياسية، خلافا للناحية الاستيطانية، لا يمكن عدم رؤية التوجه “الحمائمي” نسبيا الذي مالت اليه السياسة الاسرائيلية بعد حرب يوم الغفران.

الاحزاب الرئيسية تبنت بدرجة مختلفة التوجه الذي طرحته حركة “السلام الان”، ورفضت بشكل قاطع النهج السياسي الذي طرحته غوش ايمونيم، وقبلها الحركة من اجل ارض اسرائيل الكاملة. السياسة الاسرائيلية كلها بدأت تتبنى بالتدريج شعار “الارض مقابل السلام”، وحتى “دولتان” – وهي الشعارات التي اصبحت نموذج سياسي اسرائيلي، وفي اعقاب ذلك نموذج عالمي. اسرائيل هي التي اعطت الدبلوماسية الدولية صيغة “الدولتان” (لكن ليس بالتحديد “لشعبين”) كمبدأ شبه ديني وطريقة لتجاوز رفض العرب للتسليم بالدولة اليهودية.

نهاية 1973 هي الوقت الرئيسي لحل لغز تجذر هذا النموذج الحمائمي في اسرائيل. الطريقة لسيطرة الحمائم على الخطاب هي اتهام غولدا مئير بـ “رفض السلام” الذي انتهى بالحرب وحافة الهزيمة واتهامها بـ “المفهوم” (الحمائم الان يحاولون الصاق هذا المفهوم بنتنياهو). الحمائم من حزب العمل ومبام تحدوا توصيات لجنة اغرانات التي ركزت على الاخفاقات الاستخبارية والعملياتية. هم نسبوا الرفض الاجرامي لـ “ملكة الحمام”، هكذا سميت غولدا في حينه، والآن اثبت المؤرخون ان هذه هي اتهامات كاذبة.

ما سمح بهذا التلاعب للحمائم في الخطاب السياسي هو ليس فقط التعب من الحرب التي “لم يقولوا لها في أي يوم كفى”، بل الادعاء الذي كان مستوعبا والذي حتى ذلك الحين لم يجربوه، وهو السلام. كان لديهم وعد ناجع للخروج من طريق ما بعد الحرب التي هاجمت اسرائيل رغم النصر في 1973. وهذا بالضبط هو الفرق بين 1973 و2023.

الان مثل هذا الادعاء غير مستوعب. خلفنا الاخفاقات الذريعة لاوسلو والانفصال. الادعاء بان فظائع 7 اكتوبر تنبع منها مقنعة اكثر من تجاهل اليسار. الاحزاب التي ستسبح ضد هذا التيار سيتم ضربها في صناديق الاقتراع.

-------------------------------------------

 

 

يديعوت احرونوت 21/7/2025

 

 

لولا ترامب لكنا في هذه اللحظة في ذروة حرب جديدة

 

 

بقلم: شيلي يحيموفيتش

 

هذا نمط سلوك متكرر: الولايات المتحدة تعود لتلقي بثقل وزنها وتمنع إسرائيل عن تصعيد وتعميق القتال، هذه المرة في سوريا. صفقات إعادة المخطوفين حصلت فقط بعد اكراه امريكي؛ هكذا أيضا القطع الحاد للحرب مع ايران بجعلها حرب الـ 12 يوما، بدلا من حرب متواصلة تزرع عندنا مزيدا من الدمار والخراب. يبدو ان إسرائيل، أي نتنياهو، تسارع الى القاء نفسها، أي جنود الجيش الإسرائيلي الى كل مكان مليء بالمخاطر تشتعل فيه النار، ودوما دون بارقة هدف واحد او استراتيجية خروج ووقف القتال. الى أن يأمر ترامب نتنياهو بوقف النار وكبار في محيط ترامب يصفونه باوصاف حادة.

احداث سوريا الأخيرة هي مثال متطرف وبارز على نحو خاص. في ذروة محادثات برعاية أمريكية لاتفاق تطبيع مع سوريا، في الوقت الذي يدعم فيه ترامب الشرع عمليا وتصريحيا ويرفع عقوبات، وبدون استفزاز او تهديد من جانب سوريا – تهاجم إسرائيل قواعد سورية وتصل حتى دمشق. وكأنه تنقصنا حروب.

التعليلات تتغير بحدة. يوم ما السبب هو منع تهديد على إسرائيل قرب حدودها، وفي الغداة التهديد على إسرائيل كان وكأنه لم يكن، وهو يستبدل بالتزام لاخواننا الدروز “في ظل اعمال قوية”، على حد تعبير نتنياهو. حتى لو رغبنا في التصديق بان الهجمة على سوريا كانت من اجل الدروز، فباي شكل يخدم القصف في دمشق مثل هذا الهدف؟ في ذروة قناة حوار حية وتتنفس مع سوريا مشكوك أن تكون إسرائيل فعلت ما هو مفهوم من تلقاء ذاته: التوجه الى سوريا، مباشرة او من خلال الولايات المتحدة والمطالبة بدخول قوات النظام الى منطقة السويداء للدفاع عن الدروز، الامر الذي على أي حال حصل في النهاية لقناة دبلوماسية. نحن فضلنا، بشكل غير مفاجيء قصف مبنى هيئة الاركان السورية كي “ننقل رسالة الى الشرع”. نحذر من خطر تطبيع كما نحذر من النار.

على حقيقة ان الحرب في غزة، بكل اثمانها الرهيبة تتواصل عبثا انطلاقا من أغراض سياسية وائتلافية لنتنياهو – يبدو أنه بات يوجد منذ الان اجماع واسع جدا في الجمهور الإسرائيلي. فلا يمكن الا نأخذ الانطباع بان فتح المعركة في سوريا نبع هو أيضا من الدافع إياه حقا: الرغبة في الإبقاء كل الوقت على جبهات دامية. هذا يمنع العودة الى الحياة الطبيعية، هذا يحمس القاعدة، هذا ينتج إحساسا بالطواريء، هذا يؤجل المحاكمة ويساعد في جعلها مهزلة متواصلة، وفي حالة سوريا، هذا أيضا يرضي الدروز المصوتين لليكود.

ومرة أخرى تمتشق إعلانات تلتزم بالدروز وتصريحات عن “حلف الدم”. في خارج ميدان المعركة، هذه كليشيهات عليلة وتهكمية. طالما كان قانون القومية الذي سنته حكومة نتنياهو حي يرزق لا يمكن تصديقه وتصديق حكومته في أن ما يحركهم في الاعمال الزائدة الحربية في سوريا هو الخوف على مصير مواطني سوريا الدروز انطلاقا من التزام بالدروز في إسرائيل. لو كان هذا هو الدافع، لما كان سن قانون القومية العنصري الذي جعلهم، الى جانب كل العرب في إسرائيل، مواطنين من الدرجة الثانية. في هذه اللحظة هم بالتأكيد إخواننا بالدم والسلاح، لكن ليسوا إخواننا في الحياة المشتركة التي توجد فيها مساواة. هذا قانون ولد في خطيئة القومحية والعنصرية، لم يساهم في شيء، اهان وميز ضدهم، تسبب باستياء وغضب مبررين، ووصمنا بختم رسمي بالعنصرية.

معدلات البطالة في إسرائيل متدنية. لكن في أوساط الدروز يوجد 40 في المئة بطالة. ثلث الجمهور الدرزي يعنى به في مكاتب الرفاه الاجتماعي، السلطات المحلية الدرزية تنهار. وضعهم يشبه او ربما حتى أسوأ من عموم العرب في اسرائيل، مما يتحدى حتى الفكرة التقليدية (الإشكالية) بان الخدمة في الجيش تشكل بطاقة دخول الى الإسرائيلية. بشكل تقشعر له الابدان اسهل على نتنياهو الخروج الى حرب في سوريا، على ثمنها الدموي من أن يلغي على الأقل قانون القومية. لا يتبقى غير ان نشكر ترامب إذ بدونه كنا سنكون في هذه اللحظة في ذروة حرب جديدة.

-------------------------------------------

يديعوت 21/7/2025

 

التعامل مع الأزمة في سورية: إسرائيل أمام خيارين

 

 

بقلم: إيتي مدينا

 

بعد أيام قليلة من اندلاع أحداث العنف في السويداء، والرد الإسرائيلي العنيف الذي تلاها، يعمل الأميركيون بإصرار على دفع الأطراف المتنازعة إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك بموافقة الدول المجاورة، إسرائيل وتركيا والأردن. وحتى لو صمد هذا الوقف لإطلاق النار، فإنه لا يكفي لإخماد الجمر المتّقد تحت السطح، ولا لإنهاء الأزمة الطائفية في سورية التي لا تزال تحدّياتها أمامها.

وفي هذه المرحلة، سيكون على إسرائيل أن تدرس سُبل مواصلة سياستها إزاء الساحة السورية: هل تستمر في التمسّك بالسياسة التي تقودها الولايات المتحدة نحو "سورية موحّدة تحت حكم الشرع" والتسليم بسماتها الجهادية؟ أم تعمل على بلورة استراتيجيا بديلة تتضمّن التعبير عن انعدام الثقة بالنظام السوري الحالي، وتشجيع عملية تفكيك سورية إلى مكوّنات، أو على الأقل انفصال الدروز، وفصل منطقة جبل الدروز عن الدولة السورية تحت رعاية إسرائيلية؟

بين هذين الخيارين المطروحَين، لا يوجد خيار مثالي، غير أنّه في رأيي، فإن هناك إمكانية أكثر صواباً لإسرائيل في الوقت الراهن؛ على إسرائيل أن تترك سورية للسوريين، وأن تتجنّب التورط المفرط في العمليات الداخلية التي تمرّ بها، وأن تعمل على تعزيز مصالحها في الساحة عبر القبول بحكم الشرع ومواصلة الحوار (بصورة مباشرة أو غير مباشرة) معه.

وفي إطار هذا الخيار الاستراتيجي وضمن حدوده، ينبغي النظر بإيجابية إلى الضربات العسكرية الإسرائيلية في سورية خلال الأيام الأخيرة؛ إذ نقلت إسرائيل، بعملية عدوانية قصيرة ومركّزة، رسالة واضحة إلى جمهورَين مختلفَين: الأول داخلي، عبر التعبير الملموس عن الثقة والتضامن مع أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل، ولا سيما في فترة قتال طويلة على عدّة جبهات، تقديراً لتفاني الطائفة كشريك في "تحالف الدم" و"تحالف المصير" مع دولة إسرائيل والشعب اليهودي. والثاني خارجي، عبر تعزيز الردع وبلورة قواعد لعبة واضحة في مواجهة النظام السوري والولايات المتحدة وتركيا والمنطقة برمّتها، بصورة توضح أن إسرائيل لن تقبل المسّ بحلفائها، وخصوصاً من أبناء الطائفة الدرزية في سورية.

النار والحوار

هذه السياسة القائمة على "النار والحوار" تُحوّل الإستراتيجيا إلى أداة تشكيلية تقريباً في كل ساحات العمل التي تنشط فيها إسرائيل لتحقيق أهدافها. إنها استراتيجيا لا تعمل بصورة تسلسلية؛ أي إنهاء الحرب ثم الانتقال إلى الاتفاقات، إنما تمزج استخدام القوة كعنصر حيوي في صوغ الإنجازات السياسية، في أثناء الحدث وبصورة متزامنة. هذا هو النهج الذي تتبعه إسرائيل في لبنان، وفي قطاع غزة، والآن أيضاً في سورية. وبهذه الطريقة، تنجح إسرائيل في توليد ردع عسكري يقود إلى تأثير سياسي، ويضمن قبل كل شيء فاعلية الخطوة السياسية، من دون الاعتماد على "قصاصة ورق موقّعة"، كما عرفنا في الماضي.

فعلى سبيل المثال، لا يمكن المقارنة بين انعدام جدوى اتفاق 1701 في لبنان سنة 2006، والذي بالكاد كان يساوي الورقة التي كُتب عليها، وبين مغزى اتفاق 1701 المُحدَّث، المدعوم بخطوات "إنفاذ عسكرية" حازمة، بالتوازي مع آلية التنفيذ السياسية. كذلك في سورية، من الصواب اعتماد المنهج نفسه، وإدارته مع "صاحب البيت" الذي لديه أكبر احتمال لتنفيذه. ويبدو أن رئيس سورية الشرع هو المرشّح الأنسب لأداء هذه المهمة، ويجب المضيّ قُدُماً معه.

في أيّ حال، فإن خيار تفكّك سورية ليس جيداً بالنسبة إلى إسرائيل، فهذا سيفتح الباب أمام قيام نشاط حرّ لعناصر سلبية من منظور إسرائيل، ومن المؤكد أنها ستسعى لاستغلال الفراغ، والسيطرة على مناطق داخل سورية والعمل انطلاقاً منها، كالإيرانيين والميليشيات الشيعية (وربما حتى "حزب الله" الذي يمكن أن يعيد تموضعه في الساحة)، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بل حتى الأتراك الذين سيجدون ذريعة جديدة للتورّط المفرط في الساحة.

 

الابتعاد عن تركيا

 

هذا المسار من العمل يتماشى أيضاً مع سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، وهذه بحد ذاتها تُعدّ سبباً كافياً للنظر إليه بصورة إيجابية. يبدو أن إدارة ترامب ستواصل دعمها للشرع وتمنحه كامل الغطاء والأدوات اللازمة لنجاحه في توحيد سورية تحت علم واحد وسلاح واحد، مع دفعه نحو أحضان العالم السنّي المعتدل وإبعاده عن تركيا والمنظمات الجهادية الأم.

علاوة على ذلك، فإنه إذا ما تفكّكت سورية، ربما يقرّر ترامب الانسحاب من الساحة (وهو كان قريباً من اتخاذ هذا القرار سابقاً) وترْكها للقوى الفاعلة على الأرض. ولإسرائيل مصلحة كبرى في المحافظة على الوجود الأميركي ومشاركته الفاعلة في جميع الساحات التي يعاد صوغها من جديد، بما في ذلك الساحة السورية، وينبغي أن تعكس كل خطوة إسرائيلية في الساحة قوّة إسرائيلية، مع البقاء ضمن حدود التفاهمات مع الأميركيين.

إن اتخاذ قرار بهذه الأهمية الاستراتيجية يُلزم حكومة إسرائيل تَهْيئة الأرضية لما هو قادم، إذ إنّ وقوع حادث دموي مشابه ربما يكون مسألة وقت فقط. وفي هذا السياق، سيكون من الصواب التحضّر لـ"حادثة الدم القادمة" بمشاركة الدروز في سورية، بما في ذلك: التنسيق المبكر مع زعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل، لتفادي تكرار غياب النظام و"أخذ الأمن باليد"، وتحديد "إجراءات الحماية" للدروز بالتوازي مع فهم ما الذي لن تفعله إسرائيل في سورية (كإسقاط النظام)، وإنشاء آلية تدخّل سريعة أميركية – إسرائيلية – سورية تضمن استجابة فاعلة ومنسّقة لمنع سفك الدماء في حال اندلاع مواجهات جديدة على الأرض، وتأسيس بنية استخباراتية وآلية تبليغ موثوقة، تتيح تقييم موقف دقيق يستند إلى معطيات موضوعية أقوى في حال تكرار "حادثة دموية".

تمرّ سورية بمرحلة إعادة تشكُّل، ويجب النظر إليها كفرصة لإسرائيل، بعد أعوام طويلة كانت فيها الساحة تمثّل تهديداً كبيراً لأمنها القومي من ناحية تعزيز وتسليح الأعداء واستخدامهم للقوة. وعلى إسرائيل أن تُظهر انخراطاً فاعلاً في الساحة، وأن تكون شريكاً في صوغ قواعد اللعبة، وفي الوقت نفسه أن تتحلّى بطول النفس تجاه العمليات الداخلية، وبحُسن التقدير في استخدام القوة، بصورة لا تؤدي إلى انهيار المنظومة، أو إلى تراكم نقاط سلبية أمام القوى المعادية في الساحة أو أمام الشركاء في المنطقة.

لقد تصرّفت إسرائيل بسرعة وبصورة صائبة في حماية الدروز في سورية في حادثة موضعية، وحان الوقت، الآن، لوضع هذا الحدث في سياق أوسع وبناء استراتيجيا عمل تجاه الساحة، مع تنسيق التوقّعات اللازمة مع أصحاب المصلحة في إسرائيل، وفي الولايات المتحدة، وفي المنطقة.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here