الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 30/4/2025 العدد 1296

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
معهد بحوث الأمن القومي 30/4/2025 (INSS)
ماذا يجب أن نفعل في ضوء ما تكشفه البيانات والأرقام عن وضعنا؟
بقلم: اللواء (احتياط) تامير هايمن مدير معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي
في كل عام، يعد يوم الذكرى لشهداء القوات المسلحة الإسرائيلية وضحايا الأعمال العدائية يومًا لتذكر ثمن استقلال الشعب في بلده. وفي هذا العام، يقدم معهد دراسات الأمن القومي مشروعًا خاصًا للجمهور بعنوان “في موتهم، أمرونا بالعيش”، والذي تلخص رسالته الواضحة في أنها رسالة بطولة ودعوة إلى الوحدة والمصير المشترك. والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هو ماذا يجب علينا أن نفعل في ضوء ما تكشفه لنا البيانات والأرقام التي تمثل وضعنا الحالي، وما هي الضرورات المترتبة عليها؟
انظر بشكل أعمق، واشعر بالأشخاص الذين يتجاوزون الأرقام. هؤلاء هم الأشخاص الذين نتحمل مسؤوليتهم. علينا تبرير تضحياتهم. صحيح أن هؤلاء ليسوا جمهورًا محتملًا للتصويت، وليسوا مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي؛ أصواتهم صامتة، ولكن يجب أن يُسمع صوتهم.
1 – جيش الدفاع الإسرائيلي هو جيش من المدنيين. لقد دفعت كل قطاعات المجتمع الإسرائيلي تقريبا ثمناً باهظاً لتحملها أعباء الحرب. لقد أظهر الجنود النظاميون والاحتياطيون في جيش الدفاع الإسرائيلي وقوات الأمن تفانيًا غير عادي خلال تلك الفترة، ولسوء الحظ، دفعوا أيضًا ثمنًا باهظًا. إن الذين يتحملون العبء هم البشر، وأصحاب الأسر والشركات، وأولياء أمور الأطفال الصغار والكبار، وأصحاب المهن الحرة، ورجال ونساء الأسرة، وأيضًا أولئك الذين لديهم حياتهم كلها أمامهم، ولا شيء أكثر.
2- 42 في المئة من القتلى منذ بدء المناورات البرية في قطاع غزة كانوا من جنود الاحتياط، وهم يشكلون نحو 34 في المئة من إجمالي القتلى في الحرب. نحن مدينون بالكثير للجنود الاحتياطيين الذين تركوا عائلاتهم، وقدموا كل شيء، وأجابوا على نداء العلم. إنهم لا يطلبون التقدير والمكافأة، بل يطلبون القيمة. لا تربيتة على الظهر. ويسعى آباؤهم وإخوتهم وأراملهم وأزواجهم وأبناؤهم إلى إدراك الأهمية التاريخية التي ننسبها جميعًا، كشخص واحد، إلى الثمن الباهظ الذي دفعوه.
3- إن شجاعة وتضحيات المحاربين الذين سقطوا في ساحة المعركة تتطلب شجاعة من أولئك الذين يتحملون مسؤولية قيادة البلاد: الوحدة والأخوة بين المحاربين تتطلب الوحدة والأخوة بين القادة. إذا اعتقدنا أن الساقطين يروننا من الأعلى، سنكون أكثر تواضعًا وأقل غطرسة، وأقل عنفًا وأقل مشاجرة. لقد قاتل الشهداء الأعزاء وضحوا من أجل دولة إسرائيل التي أحبوها، تلك التي تقدس الحياة والرحمة والحكمة، وليس الظلام الذي يحيط بالصراعات العنيفة والاستقطاب والكراهية، والقوة والشرف والمال الكامن في قوتها.
4 – إن أعداد الضحايا في تزايد مستمر، والحرب لم تنته بعد، والنصر مطلوب بالفعل. ومن المفترض أن معظم عائلات الساقطين لا تريد أن تؤدي تضحياتهم إلى انتصار باهظ الثمن، أو إلى أوهام حول المملكة الثالثة لإسرائيل. النصر الحقيقي لا يتم اختباره في نهاية المعارك. وسيتم اختبار ذلك من خلال تحسين الواقع الأمني بمرور الوقت.
5 – كان المرحوم جوناثان ديفيد ديتش، الذي سقط في معركة في قطاع غزة، يتمنى أن يعيش ابنه الصغير، آري، في بلد آمن ومزدهر. ولم يكن يونثان يقاتل من أجل إقامة مستوطنة يهودية في قطاع غزة، أو من أجل بناء هيكل في موقع الحرم القدسي في القدس. إذا تعلم آري بعد بضع سنوات في المدرسة أنه بفضل بطولة والده ورفاقه المقاتلين، عاد جميع المختطفين، الأحياء والأموات، إلى ديارهم، وأن حماس لم تعد تسيطر على غزة، وأن إسرائيل مسؤولة عن الأمن وتعمل على ضمان عدم وجود أي تهديدات لمواطنيها من غزة لسنوات عديدة – فسيكون ذلك انتصاراً. صحيح أن النصر لن يخفف الألم، لكن الخسارة والصعوبة ستمنح آري نصيباً ذهبياً في أمن إسرائيل، الذي اشتراه له والده ودفع ثمنه بحياته.
6 – إن هذه الحرب تشكل نقطة تحول في إدراك قيمة المساواة في العبء. لن يتحمل جزء صغير من المجتمع الإسرائيلي عبء الأمن والحرب. وبدون المساواة في العبء، لن تتمكن دولة إسرائيل ومؤسسة الدفاع من مواصلة مواجهة التحديات التي تواجهها وتحقيق مهامها. لا من منظور أخلاقي ولا من منظور عملي. يجب على جميع مواطني إسرائيل أن يكونوا شركاء متساوين، بغض النظر عن المعتقد الديني أو الإيديولوجية أو الجنس. يجب على الجميع دعم الجدار الأمني والحفاظ عليه قائما. أولئك الذين يستطيعون القتال ويتمتعون باللياقة البدنية والعقلية اللازمة، سوف يقاتلون. لن يكون هناك المزيد من المستفيدين مجانا. التوظيف متاح للجميع الآن.
7 – الثمن الذي دفعناه باهظ جدًا. إن الحرب شر لا بد منه، وليست وضعاً مرغوباً فيه، واعتبارات ضرورتها تقع ضمن المسؤولية المهنية للمستوى السياسي. يجب أن يكون العسكريون مستعدين في جميع الأوقات لدفع ثمن الحرب، ولكن يجب عليهم وعلى جميع مواطني البلاد أن يعتقدوا أن المستوى السياسي يوجه عمل الجيش والحرب من أجل غرض جدير بالاهتمام وأنهم يفعلون ذلك فقط كملاذ أخير. وذلك دون تدخل أو تأثير أية جهة خارجية، ومن أجل تحقيق المصالح الأمنية للدولة. هذا هو قدس أقداس الجيش الوطني.
8 – وفي الوقت نفسه، لا ينبغي لنا أن نتصور أن الحرب من المفترض أن تحل جميع مشاكل إسرائيل الأمنية. كان ديفيد بن جوريون يعتقد أن دولة إسرائيل تزدهر بين الحروب، ولذلك يجب أن تكون الحروب قصيرة، عدوانية، وفعالة، وكان مصمماً على أن الفترة الزمنية بينها مهمة للغاية. ويجب أن يكون هذا المبدأ بمثابة بوصلة لمفهوم الأمن. إن صدمة السابع من أكتوبر لا ينبغي أن تؤدي إلى تصحيح مفرط بسبب تأثير ما بعد الصدمة على المستوى الوطني. لا يوجد “أمن مطلق”، ولا يوجد “سلام مطلق”. ومن يسعى إلى تحقيق أي منهما على أساس مثالي أو سياسي فإنه سيجلب علينا الكوارث.
إن كل يوم ذكرى لقتلى الجيش الإسرائيلي هو يوم كيبور لجميع أفراد المجتمع الإسرائيلي. هذا يوم للتأمل والندم والأمل بمستقبل أفضل. ولا يختلف يوم الذكرى لعام 2025 في هذا المعنى، ولكن هذا العام نجد أنفسنا مرة أخرى عند مفترق طرق:
هل نحن متجهون نحو احتلال متجدد لقطاع غزة، وحكومة عسكرية إسرائيلية تسيطر عليه، وحملة مستمرة ضد العصابات المسلحة التي ستظهر في نهاية المطاف بعد انتهاء الاحتلال؟ أم أننا توجهنا إلى اتفاق ينهي الحرب مقابل عودة جميع الرهائن، واستبدال نظام حماس، وإنشاء نظام أمني جديد وفعال يحافظ على أمن سكان جنوب البلاد؟ هل اتجهنا إلى الحرب في سوريا، وإنشاء منطقة أمنية جديدة في لبنان، والتعامل مع المنظمات الإرهابية الجديدة التي ستظهر على الجبهة الشمالية؟ أم من أجل التطبيع مع لبنان وسوريا، في إطار الرقابة والضبط الدوليين اللذين يضمنان المصالح الأمنية لدولة إسرائيل؟ هل نحن متجهون نحو شرق أوسط نووي، حيث تمتلك إيران أسلحة نووية ويبدأ سباق تسلح نووي في المنطقة، وهي المنطقة الأكثر انفجاراً في العالم، أم أننا نتجه نحو اتفاق موثوق وعالي الجودة يلبي مصالح إسرائيل ويضمن أن إيران لن تمتلك أسلحة نووية أبداً؟ وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن القضية النووية الإيرانية ولجأنا إلى حملة عسكرية ضد المواقع النووية، فهل ستكون هذه الحملة تمثيلاً كاذباً لهجوم جزئي لن يزيل التهديد، أم أنها ستكون حملة فعالة وواسعة النطاق وكفؤة يمكننا أن نأمل فيها؟ هل سنستمر في إدارة الصراع على الساحة الفلسطينية إلى الأبد على أمل أن “يكون كل شيء على ما يرام”؟ أو بدلاً من ذلك، سوف ننظر إلى الواقع الديموغرافي بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن بأعيننا ونفهم أنه يجب اتخاذ قرارات سياسية وإقليمية ثقيلة وصعبة تضمن الحفاظ على هوية دولة إسرائيل الثمينة، كدولة يهودية وديمقراطية وليبرالية ومزدهرة، كجزء من عائلة الأمم.
يتعين علينا أن نفعل كل ما يلزم لتصحيح الوضع، وتعزيز واقع الرخاء والأمن المستقر لمواطني بلدنا الحبيب. لا تتوقفوا عن العمل من أجل العودة السريعة لجميع المختطفين إلى حدود البلاد – الأحياء لإعادة تأهيلهم والأموات للدفن. قلوبنا دائمًا، واليوم بشكل خاص، مع عائلات الضحايا، والآباء، والأرامل، والأصدقاء والأيتام، ومع كل مواطني إسرائيل.
-------------------------------------------
هآرتس 30/4/2025
لا توجد اغلبية للحكومة في أي مجال، لكن اليأس هو السائد في أوساط المعارضة
بقلم: اوري مسغاف
في جلسة الحكومة التي عقدت في هذا الاسبوع شارك تقريبا نصف الوزراء، الآخرون كانوا في الخارج أو وجدوا أمور اكثر اهمية لفعلها. هم ليسوا فقط فزاعة فاشلة، بل هم ايضا عاطلون يأخذون منا المكانة والنفوذ والمكتب والسيارة وحراس وراتب كبير وامتيازات اخرى، وحتى أنهم لا يأتون الى العمل.
كان يمكن توقع أن من يترأس الحكومة سيقوم بتوبيخهم ودعوتهم الى الانضباط، لكن هو نفسه لم يشارك في الجلسة، وهذه ليست المرة الاولى. لكنه بذل الجهد ليدخل في نهاية الجلسة، خمس دقائق، وتحدث فيها عن شهادته ضد رونين بار كي يسيطر على العناوين، وواصل طريقه.
لا شك أنه عشية يوم الاستقلال الـ 77 لدولة اسرائيل، فانها توجد في الحضيض في ظل حكومة هراءات تسببت لنا بالدمار. الصهيونية البناءة، التي صنعت معجزة تلو الاخرى بوسائل براغماتية صارمة وسعت الى الاجماع، اضافة الى الحفاظ على الامن والسعي الى السلام والى اتفاقات دولية، استبدلتها حكومة هراء، ترتكز الى التحريض والفوضى والتدمير، ومن غير الغريب أنها تسببت بالدمار المتواصل لاسرائيل.
استطلاع شامل للمواقف اجراه في هذا الاسبوع معهد اكورد على عينة تمثيلية. وبناء على احصائيات تستند الى 1103 مشاركين فان الاستطلاع يظهر استنتاجين واضحين مدهشين. الاول هو أن هناك اغلبية ساحقة من الجمهور تعارض مواقف الحكومة بشأن الكثير من القضايا الجوهرية التي تشغل الدولة حاليا (استقالة نتنياهو، اعادة المخطوفين، تهرب الحريديين وما شابه). اضافة الى ذلك نصف الجمهور (!) يؤيد تسوية سياسية وامنية دولية تتضمن الموافقة على اقامة الدولة الفلسطينية – الاجندة التي لا يتم الدفع بها قدما سياسيا في اسرائيل حاليا.
الاستنتاج الثاني لا يقل ضجة عن ذلك، وان لم يكن مفاجئا. فالمصوتون للائتلاف يتحدثون عن الأمل والتفاؤل، في حين أن المصوتين للمعارضة يتحدثون عن خيبة الأمل واليأس. معروف أن هذا رد طبيعي ومفهوم على وضع الائتلاف والكارثة المتواصلة منذ 7 اكتوبر والحرب التي لا تنتهي منذ ذلك الحين. ولكن يوجد لشعوري هنا شيء اكثر عمقا.
يجب التأكيد على أن الحكومة لا تحظى بالاغلبية حول أي قضية مبدئية. وقد استقرت في جميع استطلاعات الرأي عند 45 مقعد. مع ذلك، الجمهور الذي يعارضها يشعر بخيبة الأمل. اليأس اصبح سلعة رائجة في المعسكر الرسمي والديمقراطي – الليبرالي. احيانا أنا اشعر بأن الامر يشبه الادمان. أنا محاط باشخاص يختصون بتفسير سبب ضياع كل شيء. وأنه لا توجد فرصة لانقاذ أي شيء هنا. وحتى لو سقط بيبي فانه لن يتغير أي شيء. في كل الحالات لا يوجد فرق بينه وبين نفتالي بينيت وافيغدور ليبرمان. وحتى لو كانت انتخابات، احتلال، فاشية، ديمغرافيا غيرها.
ربما هم على حق. وعلى أي حال لا توجد فائدة من الحكم على المشاعر، لا سيما مشاعر الاسرائيليين الحزينين والقلقين في بلد ضربته الكارثة. أريد فقط تذكيركم بأن اليأس ليس خطة عمل، وايضا ليس التشاؤم المزمن والتطهر المزمن وأنه في التاريخ كان دائما سيكون انعطافة في الحبكة.
هيلينا برنباوم، والدة يعقوب جلعاد، قالت لي استنتاجها من الكارثة: الشر ايضا نهايته أنه سينتهي وينقضي. حاخاماتنا وسادتنا، بوب ديلن وشالوم حانوخ، همسوا في اذننا أنه دائما الظلام الاكثر شدة يأتي قبل الفجر. اليأس والاستسلام ليست نهج الصهيونية. الألم والاحباط يجب تحويله الى غضب، وهذا يجب تحويله الى عملية مصممة وثابتة ضد حكومة الدمار والاهمال والتهرب. هم مجرمون ضد الاسرائيلية والانسانية، وهم سيهزمون. من فضلكم، يجب تبني التنبؤ الاسبوعي الخالد لعيلي موهر: سنقضي عليهم! (حتى لو كانت النتيجة هي 1: صفر).
-------------------------------------------
هآرتس 30/4/2025
السلام فقط هو الذي سينهي منظمات مثل حماس
بقلم: عوفر برونشتاين
بصفتي ابن لعائلة الرواية الصهيونية منقوشة على كل حلقة في سلسلة اجيالها، فان يوم الاستقلال دائما كان بالنسبة اكثر من عيد وطني. فهو كان تذكير بانتصار الروح الانسانية. والدي بقي على قيد الحياة بعد الاعتقال في معسكر تجميع في تونس، وكان جزء من مجموعة المهاجرين بالسر في سفينة “اكسودوس”، التي حاربت من اجل الدخول الى ارض الوطن. بعد ذلك حارب في صفوف البلماخ برئاسة اسحق رابين، وفي النهاية كان من بين الذين استوطنوا في بئر السبع. والدي آمن بأن القوة هي الضمانة الوحيدة لوجودنا بأمان في الشرق الاوسط، وعلمني أن الاستقلال يحتاج بالاساس الى القوة والقدرة على الدفاع.
بطريقة لا تتفق تماما مع رؤية والدي، كبرت وأنا اؤمن بالطرق السلمية. ربما قصصه عن الرعب والمعاناة التي تتسبب بها الحروب هي التي غرست في الايمان الكبير بأنه يجب السعي الى السلام، حتى عندما يظهر بأنه بعيد. وهذا الاعتقاد ايضا الذي دفعني الى أن اصبح مبعوث رابين الى تونس، والقيام بتنظيم الرحلة والالتقاء مع ياسر عرفات لصالح رئيس الوزراء في حينه بنيامين (فؤاد) بن اليعيزر.
لحظة تأسيسية في حياتي كانت في 13 ايلول 1993، على الفور بعد احتفال التوقيع على اتفاق اوسلو في البيت الابيض، عندما وجدت نفسي اترك الاحتفال واتوجه الى متحف الكارثة في واشنطن. هناك، بين الشهادات على الخراب والنهضة، فهمت أمر مهم ساعدني في حل التناقض بين الماضي الذي تربيت عليه وبين الواقع الذي اطمح الى خلقه. هناك تعزز فهمي بأن طريق السلام لا تتناقض مع حلم الصهيونية، بل الامر يتعلق باكماله. هناك فهمت أن استقلال اسرائيل ليس فقط اقامة الدولة وترسيخ قوتها، بل هو رحلة طويلة من اجل استكمال حلم معقد. جيل والدي حارب ببطولة على اقامة الوطن القومي والدولة لضمان بقائه في محيط معادي، وجيلنا يتوقع أن يواجه تحد لا يقل تعقيدا عن ذلك: ضمان أن يستطيع هذا البيت البقاء لاجيال في محيط يعترف بحقه في الوجود.
أنا غير ساذج. المقارنة بين الامن وتطلعات السلام هي بالتأكيد معقدة ومتحدية. والدي، مثل كثيرين من ابناء جيله وجيلنا، كان متشكك فيما يتعلق بنوايا الجيران. تخوفه كان يرتكز الى تجربة حياته. أنا احترم رؤيته، لكن مع مرور الوقت ومن خلال النظر الى الواقع المتغير فقد توصلت الى استنتاج بأنه يجب علينا التطلع الى اكثر من العيش على حد السيف. جيل المؤسسين ادرك أن حلم السلام يجب أن يكون مدعوم بالقوة. ولكن مسألة المقارنة بين الامرين هي مسألة يجب على كل جيل أن يحلها. بحكم منصبي أنا اطلع واشارت في محادثات ومبادرات تعمل على رسم واقع جديد وأكثر أمنا في المنطقة. الفكرة الهامة التي تثور لدي هي أن استقلال اسرائيل لن يكون في أي يوم كامل بدون الاستقرار الاقليمي على المدى البعيد.
ان أي مراقبة صادقة للواقع تظهر أنه بدون افق سياسي، يسمح للدولة بالعيش داخل حدود معترف بها وآمنة، ويسمح للفلسطينيين بتحقيق تطلعاتهم الوطنية في اطار يحترم احتياجاتنا الامني، فانه سيحكم علينا بدائرة لا نهائية من الصراعات المتكررة.
الواقع الحالي هو وبحق واقع يتكون من التحديات والفرص. السنوات الاخيرة وضعت عقبات كثيرة، التي احيانا تبدو غير قابلة للاجتياز في الطريق الى حل الدولتين. مع ذلك، يمكن ملاحظة اشارات مشجعة. اتفاقات ابراهيم اثبتت أن التطبيع الاقليمي هو أمر ممكن. فدول مثل السعودية تلمح الى الاستعداد للاعتراف باسرائيل في اطار الاتفاق الشامل. مبادرة مشتركة للرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي سيتم طرحها في الفترة القريبة القادمة، التي تريد خلق اطار جديد سيعطي الرد، سواء بالنسبة للاحتياجات الامنية لاسرائيل أو الطموحات الوطنية للفلسطينيين. وهي ترتكز الى الاعتراف المتبادل، اعتراف الدول العربية والعالم الاسلامي باسرائيل، الى جانب اعتراف اسرائيل بحق الفلسطينيين في حرية العيش في دولة خاصة بهم. نحن نعمل بكل القوة من اجل توسيع دائرة الدعم، من ماليزيا واندونيسا في الشرق وحتى تونس وليبيا في شمال افريقيا، ومن العراق وسوريا وحتى لبنان وموريتانيا. أنا على قناعة بأن السلام سيمكن من الازدهار الحقيقي وتغيير سلم الاولويات، الامر الذي سيؤثر على كل المنطقة، وأن السلام فقط هو الذي سينهي التنظيمات المتطرفة مثل حماس وامثالها.
بصفتي اسرائيلي وابن ناجي من الكارثة ومحارب من اجل الاستقلال، الذي يعتبر نشاطه الحالي استمرارية مباشرة لارث الاجداد، أنا اسمح لنفسي بتخيل يوم استقلال مستقبلي، فيه الجيل القادم سيحتفل ليس فقط باقامة دولة اسرائيل، بل ايضا بالسلام والامن اللذين تحظى بهما. يوم سترمز فيه كلمة استقلال ليس فقط الى الحرية السياسية، بل ايضا الى التحرر من الخوف الدائم من الحرب القادمة.
والدي نقل لي حماسه للدفاع عن اسرائيل ومسؤولية الاهتمام بمستقبلها. ورغم أن طريقة تفكيرنا مختلفة إلا أن الالتزام العميق بالدولة اليهودية القوية دائما سيكون قاسم مشترك بيننا. في يوم الاستقلال الحالي أنا أقدر انجازات دولتنا الكبيرة، وعلى قناعة بأن الاستقلال الحقيقي سيتمثل بقدرتها على أن تكون قوية وفي نفس الوقت تسعى الى السلام. الدولة اليهودية الديمقراطية التي هي مصدر تفاخر لكل مواطنيها ولكل الشعب اليهودي في العالم، دولة تدمج بين الامن القوي والسعي الى الاستقرار الاقليمي.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 30/4/2025
استطلاع: معظم الإسرائيليين يخافون على مستقبل الدولة
بقلم: طل لفين
قسم كبير من الإسرائيليين يخافون من أنه في العام 2048 ستكون إسرائيل مستقطبة من ناحية اجتماعية لن يكون فيها منظومة انفاذ فاعلة للتصدي للفساد السلطوي وستكون أكثر محافظة مما هي اليوم – هذا ما يتبين من استطلاع اجراه معهد متغام بناء على طلب “المعسكر الإسرائيلي”. ويدور الحديث عن استطلاع يمثل عموم السكان في الدولة.
المعسكر الإسرائيلي هو منظمة لا تستهدف الربح، بلا هوية سياسية، هدفه جمع كل المبادرات الديمقراطية في إسرائيل في معسكر واحد، إعادة احتواء الخطاب الجماهيري ونقله من الاهتمامات التافهة وغير المنتجة بـ “من” الى الانشغال بـ “ماذا” – جوهر الأمور، القيم، المباديء وتطبيقها. يتعاون المعسكر الإسرائيلي مع مجموعة “يديعوت احرونوت” 2048 – مشروع هدفه تصور كيف ستكون إسرائيل في العام الـ 100 لها وطرح طرق للحفاظ على طابعها الديمقراطي، الحر، الليبرالي والمتساوي.
اورا بيلد نكاش، من مؤسسي المعسكر الإسرائيلي تقول ان “نتائج الاستطلاع تشكل دعوة صحوة. الأغلبية في إسرائيل – المنتجة، الخادمة والمساهمة – قلقة جدا من الاتجاه الذي تسير فيه الدولة. الجمهور يلاحظ ان الديمقراطية الإسرائيلية متعلقة باستقلالية السلطات، بانفاذ القانون وبالحفاظ على المباديء الأساسية للنزاهة السلطوية. نحن نوجد في مفترق طرق حرج حيث لا تختبر فقط صورة الدولة في العام 2048 – بل أيضا السؤال اذا كنا سنبقى دولة نريد أن نربي فيها ابناءنا واحفادنا”.
على حد قولها فانه “عندما يريد الإسرائيليون تخيل الدولة بعد 25 سنة – تثور المخاوف، لكن الآمال أيضا. الامل في أن تتمكن إسرائيل من ان تعود لتكون دولة تقوم على أساس المساواة، الحرية، التضامن، النزاهة والاحترام المتبادل. من بين الانكسار الزعامي الذي تعيشه إسرائيل تنشأ الفرصة لقراءة متجددة للواقع وبناء قواسم مشتركة جديدة بين جماعات مختلفة من الجمهور الإسرائيلي. المعسكر الإسرائيلي يضع لنفسه هدفا يتمثل باحضار الأصوات المشتركة، المقبول من اغلبية الجمهور والتي ينبغي لها أن تصمم معا بوصلة قيمية للمجتمع الإسرائيلي. هذا معسكر ليس مستعدا لان يتنازل عن الدولة ويؤمن ان الان بالذات يوجد مجال لتثبيت أمل متجدد. هذا صراع في سبيل الدولة التي نريد أن نعيش فيها ونسلمها للجيل التالي”.
+ كيف سيبدو المجتمع الإسرائيلي في العام 2048؟
مستقطب اجتماعيا وثقافيا 37.4 في المئة.
منقسم الى سلطات مستقلة 21.5 في المئة
متراص حول قيم مشتركة 23.8 في المئة
لا ادري 17.3 في المئة
+ بأي قدر يكون فيه الطابع الديمقراطي لدولة إسرائيل في العام 2048 متعلق او غير متعلق بالحفاظ على الفصل بين السلطات واستقلالها.
متعلق بقدر كبير جدا 35 في المئة
متعلق بقدر كبير 33.4 في المئة
متعلق بقدر قليل 11.4 في المئة
غير متعلق على الاطلاق 3 في المئة
لا ادري 17.2 في المئة
+ كيف سيبدو التصدي للفساد السلطوي في إسرائيل في العام 2048؟
لن تكون منظومة انفاذ فاعلة للتصدي للفساد 41.7 في المئة
ستكون منظومة انفاذ فاعلية للتصدي للفساد، تمنع التسييس 36.7 في المئة
لا ادري 21 في المئة
+ برأيك، في العام 2048 دولة إسرائيل ستكون..؟
محافظة وليبرالية بقدر متساوي 33.1 في المئة
محافظة اكثر 32.7 في المئة
ليبرالية 18.8 في المئة
لا ادري 15.4 في المئة.
-------------------------------------------
هآرتس 30/4/2025
هرتسوغ: ينبغي عقد صفقة بخصوص محاكمة نتنياهو التي يمكن أن تستمر سنوات
بقلم: يونتان ليس
عشية يوم الاستقلال الـ 77، حيث جهاز القضاء تتم مهاجمته باستمرار والحكومة تعمل على اقالة حراس العتبة، رئيس الدولة اسحق هرتسوغ يناور في السير بين النقط. الديمقراطية، حسب قوله، تعمل ولكنها مهددة. مسموح للحكومة اقالة المستشارة القانونية للحكومة بسبب خلافات رأي مهنية، رغم أنها تجري محاكمة لرئيس الحكومة. هو يعارض التطاول على موظفة رفيعة، لكنه يحترم توجيه الانتقاد اليها. هو يطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، لكنه يرفض مهاجمة نتنياهو الذي يمنع ذلك، ويشجع على الدفع قدما بصفقة تنهي محاكمة رئيس الحكومة.
اليوم حيث الدولة تدخل في سنتها الـ 78، هل الديمقراطية في اسرائيل في خطر؟
“الديمقراطية في اسرائيل قوية اكثر مما يعتقد الناس. أنا اعرف أن هناك كثير من القراء في البلاد يختلفون معي، لكن في اسرائيل توجد ديمقراطية حيوية جدا، وتوجد فيها اجزاء جيدة وسليمة، لكن هذه الديمقراطية مهددة. 7 اكتوبر كان هزة ارضية، ليس فقط امنية، بل ايضا اجتماعية وايديولوجية. في الفيضان القوي للتاريخ يجب اجراء نقاش. مهمتي هي ايضا الاهتمام بأن يجري هذا النقاش بشكل صحيح”.
هل هذا النقاش يجري بشكل صحيح؟
“ليس دائما. من الواضح أنني اتحفظ تماما من المقاطعات والالغاءات، وبالتأكيد من كل دعوة لعدم الخضوع واحترام القانون. لا يوجد لأي شخص اغلبية داخل الشعب. كل مجموعة تعتقد أنها اقلية مضطهدة، وربما هذا هو جزء من المسألة. ولكن الاغلبية الساحقة للشعب تؤيد حقوق الانسان والدفاع عنها، وتؤيد الامتثال للقانون وتمقت الدعوات والافكار بشأن الحرب الاهلية”.
في النقاش المحدد حول جهاز القضاء الذي يجري منذ سنتين بين الحكومة وكبار رجال انفاذ القانون فان هرتسوغ يعتقد أنه يجب احترام رؤساء الجهاز، وفي نفس الوقت السماح باجراء نقاش عام حول جوهر علاقتهم مع السلطة التنفيذية. المقابلة تم اجراءها قبل اعلان رئيس الشباك رونين بار عن استقالته، لكن بدون صلة بقرار المحكمة العليا هل يواصل النقاش المبدئي حول اقالته. الرئيس يعتقد أنه يجب تحديد بوضوح العلاقة بين رئيس الحكومة ورئيس الشباك.
“المواجهة بين رئيس الحكومة ورئيس الشباك حرفت الانظار عن الحرب تامشتركة ضد الارهاب. الحل هو محاولة التوصل الى تفاهمات وتحديد نقاط واضحة حول شبكة العلاقات بين الحكومة والشباك، وبين رئيس الحكومة ورئيس الشباك”. هرتسوغ رفض التطرق الى مضمون شهادة بار ضد نتنياهو وقال فقط إن “كنت سأكون مسرور لو أنه كانت هناك تفاهمات مسبقة، كي لا نصل الى مواجهة تحرف الانظار عن النقاشات”.
هل تدعم عملية اقالة رونين بار؟
“أنا أحب رونين بار واقدره جدا. ولكن بار ايضا فشل فشلا ذريعا في 7 اكتوبر، وهو يعترف بذلك. هذا الفشل يؤلم الكثير من الاشخاص. في هذه السنة التقيت مع 1100 عائلة ثكلى، توجد لها شكاوى قاسية على كل المنظومة، الجيش الاسرائيلي والشباك، وبالتأكيد المستوى السياسي. لذلك، أنا أطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. وقد قلت ذلك من الايام الاولى”.
الحكومة تضع نصب اعينها الآن اقالة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا.
“حراس العتبة هم اشخاص عزيزين ومهمين، ويجب الدفاع عنهم وحمايتهم من كل شر. ولكن في نهاية المطاف مسموح للحكومة التقرير بأنها لا تريد مستشارة قانونية معينة. السؤال هو هل هذا الاجراء حصل حسب ما يقتضي الامر، والآن هذا الامر يوجد في المحكمة العليا. توجد مواقف مختلفة حول طبيعة أداء المستشارة القانونية، وبأي شكل يكون موقفها من أمور معينة. الموقف الذي بحسبه كل الحق يوجد فقط للمستوى المهني أو السياسي هو لب الخطأ. أنا اريد تشجيع الجميع على عدم النظر من مكان معين، بل النظر الى صلب الموضوع”.
عند النظر الى قضية المستشارة القانونية للحكومة من موقف غير متحيز، ما الذي تراه؟
“الوزراء ووزير العدل يقولون: “نحن نحصل على نتيجة سلبية في كل شيء تقريبا. المستشارة القانونية: هذا غير صحيح. أنا اعتقد بشكل راسخ أن الموظفين العامين يأتون الى العمل في الصباح من اجل مصلحة الدولة. لا وجود للدولة العميقة أو الديكتاتورية. حسب رأيي، مهاجمة الموظفين العامين هي شر مخيف. في المقابل، ولكن انتقادهم ايضا هو أمر جائز”.
هل تلاحظ أي تنكيل بالمسؤولين الكبار؟
“يوجد لدينا موظفون عامون رائعون، الذين التقيت معهم في كل وظيفة لي. كانت هناك رواية كاملة تقول بأن الشرطة سقطت. ولكن عندما ترى تحقيقات “قطر غيت” فهل الشرطة سقطت؟ اذا كان هؤلاء (المحققون) يريدون تمديد الاعتقال (للحاشية المقربة من نتنياهو) هل الشرطة سقطت؟ أنا لا اقلل من التهديد والتخوف. ولكني اؤمن بأن القوى في المجتمع الاسرائيلي ستجلب الخير والتغيير ايضا”.
الرئيس الذي أكد ما نشره غيدي فايس في “هآرتس” بأنه توجه مرتين الى المستشارة القانونية للحكومة في محاولة للتوصل الى تسوية مع نتنياهو، يعتقد ايضا الآن بأنه من الصحيح حث الطرفين على مناقشة عقد صفقة ادعاء.
“أنا لا أخدم نتنياهو، ولم يتم انتخابي من اجله، ولا توجد لي أي اتفاقات معه. أنا اواجهه في حالات كثيرة. لذلك، أنا اعتقد أنه اذا كان هناك اقتراح لاهارون براك أو روني الشيخ من اجل التوصل الى صفقة ادعاء فانه من الصحيح أن يفحص الطرفين هذه الصفقة. واذا كانت امكانية لتسوية هذا الملف يجب فحص ذلك. لأنه يمكن أن يستمر عشرين سنة”.
هل عملت على الجسر بين الطرفين بعد أن طلب منك نتنياهو أو أي شخص آخر ذلك؟
“على الاطلاق. أنا اقول اكثر من ذلك، خلافا للانطباع الذي يحاولون الصاقه بي، أن لي تفاهمات مع نتنياهو، أنا انتخبت بجدارة وليس كاحسان من أي أحد، أو الاعتماد على أي أحد. لقد كان واضح بالنسبة لي بأنني سأفوز وأنتخب لمنصب رئيس اسرائيل. واعتقد أن الامر كان واضح ايضا لنتنياهو وجماعته، الذين كانوا في نهاية الولاية وعلى الطريق لتشكيل حكومة بينيت. بسبب ذلك لم يقترحوا أي مرشح امامي (مريام بيرتس لم تكن مرشحة من الليكود)”.
هرتسوغ يعتقد أنه يمكن التوصل الى خطة معينة للجنة تحقيق رسمية في احداث 7 اكتوبر. وهو يقترح توسيع عدد اعضاءها من 3 الى 7، بحيث يأتون من مجالات مختلفة.
“ليس عبثا أنني جلست مع رئيس المحكمة العليا اسحق عميت وتوصلت معه الى اتفاق بأنه اذا تقرر تشكيل اللجنة فانه سيتشاور مع نائبه نوعام سولبرغ، الذي لديه موقف قانوني مختلف. هذه هي الخطوة الصحيحة من ناحية ثقة الجمهور. مع نية حسنة يمكن تشكيل لجنة تحقيق رسمية يمكن أن تحصل على ثقة الجمهور”.
هل تعتقد أن نتنياهو يعيق تشكيل اللجنة بسبب الرغبة في منع الانتقاد؟
“أنا لا اتحدث عن نتنياهو. فهو له الحق في تبني موقف معين. أنا جلست مع مشرعين كثيرين يقترحون حل مختلف. هم يأتون للتحدث معي ايضا على انفراد”.
ألا تستخف بهذا الامر؟ هل هذه ليست محاولة ساخرة لتجنب الانتقادات ومنع تشكيل اللجنة؟
“الفرق بيني وبينك هو أنني التقيت مع 1100 عائلة ثكلى. هذا ليس رقم فقط. كل محادثة منها تفطر القلب. هناك مواطنون في اسرائيل يفكرون بطريقة مختلفة عنك بخصوص من الذي سيشكل اللجنة، وهل لديهم ثقة به. أنا شخص ديمقراطي في الواقع، وأكره كم الافواه جدا. لا يمكن القول بأن هذا حدث فقط لاسباب سياسية. هذا اعمق بكثير”.
هل ستهدد بالاستقالة؟ هل فحصت الاستقالة؟
“لا، بالذات في الوقت الحالي حيث العاصفة في الدولة شديدة. هذا هو الوقت المناسب لتكون مع الجسر وأن تكون الجسر. أنا لست رئيس جاء ليرضي، بل جاء للتوفيق. هكذا أنا ارى الامر، حتى لو كان هناك من لا يحبون ما اقوله”.
عندما سئل الرئيس اذا كان تولد لديه الانطباع بأنه فعل كل ما في استطاعته لتحرير المخطوفين، بعد أن قالت جهات في طاقم المفاوضات بأن رئيس الحكومة قام باعاقة المفاوضات ووضع العقبات لاعتبارات سياسية قال هرتسوغ:
“هذا كان قبل الصفقة الاخيرة. أنا احاول التحدث مع الجميع، بدءا بنتنياهو فما تحت، بكل الطرق. أنا اشاهد مواد استخبارية، وكل يوم أنا أتحدث مع زعماء في العالم. في يوم الاثنين بعد انتخاب دونالد ترامب كرئيس كنت أول من تحدث معه وبحق عن هذه القضية. واكملت له الكثير من المعلومات. بعد ذلك تم تجنيده للمعركة، ضمن امور اخرى، بفضل مريام ادلسون التي اجري معها اتصالات حول هذه القضية. في نهاية المطاف أنا لا اجلس في غرفة اتخاذ القرارات، لكني انظر الى رئيس الاركان في عيونه مباشرة. فهو موثوق ونزيه وغير متحيز ويركز اهتمامه على الهدف. وهو يقول لي: سيدي الرئيس، هدفي وهدف الجيش هو أولا وقبل أي شيء آخر اعادة المخطوفين. وأنا اقول بأنه يجب السير الى نهاية الطريق، في المسافة بين اهداف الحرب (كما عرضها نتنياهو، تدمير حماس واعادة المخطوفين)، هناك امور كثيرة يمكن أن تحدث وأن يتم فحصها بجدية في الوقت الحالي”.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 30/4/2025
10 مليون إسرائيلي
بقلم: يرون دروكمان وآخرين
عشية يوم الاستقلال الـ 77، يبلغ عدد سكان إسرائيل 10.094.000 نسمة. هذا يتبين من معطيات مكتب الإحصاء المركزي التي نشرت أمس. بعد 23 سنة، في يوم الاستقلال الـ 100 لدولة إسرائيل، سيبلغ عدد سكان الدولة 15.2 مليون نسمة.
يتبين من معطيات مكتب الإحصاء المركزي ان 7.732.000 من سكان الدولة (77.6 في المئة) هم يهود أو من يعرفون كآخرين – كالمسيحيين غير العرب ومن هم مسجلون كعديمي التصنيف الديني. 2.114.000 من السكان (20.9 في المئة) هم عرب و 248 الف هم عمال أجانب (2.4 في المئة). من يوم الاستقلال الماضي ازداد عدد سكان إسرائيل بـ 135 الف نسمة (نمو بمعدل 1.4 في المئة)؛ بينهم نحو 32 الف ينتمون للسكان الأجانب. في هذه الفترة ولد في إسرائيل نحو 174 الف، وصل نحو 28 الف مهاجر جديد، والى جانب ذلك توفي نحو 50 الف شخص وبضع عشرات الالاف تركوا البلاد.
يدور الحديث عن وتيرة نمو عالية. وحسب مكتب الإحصاء المركزي تبلغ وتيرة النمو السكاني في العالم 0.9 في المئة في السنة. في دول الـ OECD 0.5 في المئة وفي الاتحاد الأوروبي 0.2 في المئة فقط. وشرح مكتب الإحصاء بان النمو والنماء ينبعان من خليط من الخصوبة العالية (بالمتوسط قرابة 3 أطفال) وكذا من الهجرة الى إسرائيل (ظاهرة مميزة لليهود) وذلك إضافة الى مدى العمر العالي.
وشدد المكتب على أنه منذ قيام الدولة، حين كان عدد سكان إسرائيل 806 الف نسمة، ارتفع العدد 12.5 ضعفا. ويتبين من المعطيات أيضا ان 18.5 في المئة تتراوح أعمارهم بين صفر و 9؛ 16.5 في المئة هم أبناء 10 – 19. بمعنى أن اكثر من ثلث سكان الدولة هم اقل من 20. بالمقابل، 3 في المئة من السكان هم أبناء 80 فما فوق و 6 في المئة هم في السبعينيات من حياتهم.
منذ قيام الدولة وصل الى إسرائيل نحو 3.5 مليون مهاجر، منهم نحو 1.66 مليون (47.6 في المئة) جاءوا ابتداء من العام 1990. في نهاية العام 2023 نحو 45 في المئة من عموم اليهود في العالم يعيشون في إسرائيل ونحو 80 في المئة من اليهود في إسرائيل هم “صبارون” (من مواليد البلاد).
اما المعطيات حول اليهود في العالم فيبلغ عدد اليهود في العالم 15.8 مليون منهم اكثر من 7 مليون في إسرائيل. في العام 1939 عشية الحرب العالمية الثانية كان عدد اليهود في العالم 16.6 مليون منهم 449 الف في إسرائيل (3 في المئة).
ورغم الوضع، فان معظم الإسرائيليين راضون عن الحياة. فمن معطيات الاستطلاع الاجتماعي في أوساط أبناء 20 فما فوق، والذي اجري في العام 2024 يتبين ان 91 في المئة من الإسرائيليين راضون أو راضون جدا من الحياة. 67 في المئة راضون وراضون جدا من وضعهم الاقتصادي. 92 في المئة من العاملين راضون وراضون جدا من عملهم و83 في المئة من الإسرائيليين يقدرون كجيد وجيد جدا وضعهم الصحي. وماذا بالنسبة للمستقبل؟ 57 في المئة يقدرون بان الحياة في السنوات القادمة ستكون أفضل، 25 في المئة لا يتوقعون أن تتغير، 9 في المئة يقدرون بانها ستكون جيدة أقل.
ومن معطيات وزارة الاستيعاب وصل في السنة الماضية الى إسرائيل 26.211 مهاجر جديد اغلبيتهم (14.398 من روسيا).
-------------------------------------------
هآرتس 30/4/2025
إسرائيل في استقلالها الـ 77: مجتمع يتمزق داخلياً ولا ثقة في الحكومة
بقلم: أسرة التحرير
تحيي دولة إسرائيل 77 سنة على قيامها، لكن يحوم ظل ثقيل من فوق احتفالات الاستقلال هذه السنة. هذا هو يوم الاستقلال الثاني على التوالي الذي يحيا في ظل الحرب، وفي الوقت الذي لا يزال فيه 59 مخطوفاً محبوسين في غزة. وحسب التقديرات، 21 منهم على قيد الحياة أغلب الظن. هؤلاء – كما شهد كل واحد وواحدة من العائدين – يتمسكون بما تبقى من قواهم على أمل أن تنقذهم دولتهم. لكن لا صوت ولا مجيب في الحكومة. الحقيقة المرة أن بقاء الحكومة أهم من حياتهم في نظر أعضاء الائتلاف وعلى رأسهم نتنياهو.
إن رفض حكومة إسرائيل دفع الثمن على إخفاقاتها، وإنقاذ الإسرائيليين الذين اختطفوا تحت ورديتها، يعد وصمة على جبين كل عضو في الائتلاف – وبخاصة على جبين رئيس الوزراء. فترك المخطوفين لمصيرهم لا يثقل على احتفالات الاستقلال فحسب، بل يهز الثقة بالدولة وكونها بيتاً وملجأ لليهود.
لقد وجد ضياع الطريق تعبيره أيضاً في استمرار الحرب التي ظهر منذ استئنافها أنها موجهة عملياً ضد عموم سكان غزة. أصبحت إسرائيل دولة لا تعرف كيف تميز بين المقاتلين والمدنيين وبين الحرب وجريمة الحرب. عندما تفقد دولة هذه البوصلة، فإن الخطر المحدق بها من الداخل أخطر من مما يحدق بها من الخارج.
وبالفعل، في السنة الماضية، عمق نتنياهو هجومه الداخلي على مؤسسات الدولة: يحرض ضد المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا؛ ويتنكر لشرعية المحكمة العليا ورئيسها الجديد؛ ويستهدف رئيس الأركان المعتزل هرتسي هليفي ورئيس “الشاباك” رونين بار الذي نحي بعد أن فتح تحقيقاً يتعلق برجال مكتب رئيس الوزراء. الانقلاب النظامي يواصل التدحرج قانوناً إثر قانون، فيما الهدف واضح: تركيز قوة غير محدودة في أيدي الحكومة، بلا رقابة، بلا كوابح، بلا حدود.
المجتمع الإسرائيلي يتمزق من الداخل. الحريديم يواصلون التملص من التجنيد، والمجتمع العربي متروك لجريمة معربدة وحرية تعبيره مقموعة، في وقت نرى فيه مظاهر الكراهية والعنصرية من جانب اليهود، بمن فيهم النواب والوزراء والشخصيات العامة والمغنون ورجال الأعلام، تستقبل بكل صمت. الشرطة تغير وجهها، وفقاً لروح الوزير الكهاني المسؤول عنها، والاحتجاج ضد الحكومة بات تحت هجوم. يوم الاستقلال الـ 77 لدولة إسرائيل يقل مواطني إسرائيل إلى زعماء لا يعرضون أي أفق وأي أمل للمستقبل، زعماء يعمقون العزلة الدولية والاغتراب المتزايد تجاه إسرائيل واليهود. يصعب الاحتفال في وضع كهذا. وهناك 59 مخطوفاً في غزة يصعب حتى التنفس.
-------------------------------------------
هكذا تسعى إسرائيل لشنّ حرب مالية ضد “حماس” لدفعها نحو الإفلاس
باريس- “القدس العربي”: تحت عنوان “إسرائيل مستعدة لاستخدام السلاح النقدي لدفع حركة حماس نحو الإفلاس”، قالت صحيفة “ليزيكو” الفرنسية إن إسرائيل تسعى إلى شن حرب مالية ضد “حماس” بهدف دفع الحركة الفلسطينية إلى الإفلاس، من خلال سحب الأوراق النقدية من التداول، بهدف تصفير قيمة الأموال والاحتياطات المالية التي راكمتها الحركة على مدى سنوات.
بنك إسرائيل يرى أن الحكومة تتجاوز صلاحياته في إدارة الشيكل، كما أشار إلى أن محاولات سابقة، لا سيما في أوروبا، لمكافحة شبكات المافيا والتهرب الضريبي عبر سحب أوراق نقدية من التداول، لم تثبت فعاليتها
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه لتحقيق هذا الهدف اقترح وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بدعم من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، سحب أوراق النقد من فئة 200 شيكل (ما يعادل 50 يورو)، وهي أكبر فئة من العملة الإسرائيلية، أو على الأقل، وضع قائمة سوداء بأرقام هذه الأوراق النقدية التي جمعتها حركة “حماس”.
واعتبرت صحيفة “ليزيكو” أن هذه الخطوة تُعدّ تهديدًا كبيرًا لحركة “حماس”، التي تُعد أكبر ربّ عمل في قطاع غزة. فوفقًا لتقديرات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، فإن الحركة راكمت احتياطات ضخمة من عملة الشيكل على شكل أوراق نقدية من فئة 200 شيكل، يُقدَّر مجموعها بمئات الملايين من الدولارات.
وقالت الصحيفة الفرنسية إنه تم جمع هذه الأموال إما بالقوة من خلال “استيلاءات” نفذها مسلحو “حماس” على جزء من ودائع البنوك المحلية، خلال ثمانية عشر شهرًا من الحرب، أو بطرق “تقليدية” عبر فرض ضرائب لا تقل عن على جميع السلع والمعاملات المالية.
ويقول الخبراء- وفق صحيفة “ليزيكو” دائمًا- إن جزءًا كبيرًا من تدفق الأموال النقدية إلى غزة تم عن طريق شاحنات تابعة لشركة نقل الأموال “برينكس”. وقد تم توثيق جميع أرقام هذه الأوراق مسبقًا، ما قد يُمكّن إسرائيل من تتبعها وإبطال قيمتها.
ويرى هؤلاء الخبراء أنه من الممكن إنشاء تطبيق يُستخدم لمسح الأوراق النقدية والتحقق مما إذا كانت لا تزال صالحة للتداول.
وقال دبلوماسي إسرائيلي: “هذه الطريقة قد تُمكّننا من إحداث انهيار مالي لـ “حماس”، وربما تسريع عملية تحرير 59 رهينة ما تزال الحركة تحتجزهم في قطاع غزة”.
لكن بنك إسرائيل، المسؤول عن السياسة النقدية، عبّر عن العديد من الاعتراضات، إذ يرى أن الحكومة قد تتجاوز صلاحياته في إدارة الشيكل، كما أشار إلى أن محاولات سابقة جرت، لا سيما في أوروبا، لمكافحة شبكات المافيا والتهرب الضريبي عبر سحب أوراق نقدية من فئة 500 يورو من التداول، لم تثبت فعاليتها. وأضاف أن فرض الرقابة سيكون أمرًا بالغ الصعوبة، تُشير صحيفة “ليزيكو”.
غير أن جدعون ساعر رفض هذه الاعتراضات، وأكد مضيه في مشروعه، معلنًا عزمه على تقديم مشروع قانون إلى البرلمان لتجاوز أي فيتو محتمل من بنك إسرائيل.
جدعون ساعر أكد مضيه في مشروعه، معلنًا عزمه على تقديم مشروع قانون إلى البرلمان لتجاوز أي فيتو محتمل من بنك إسرائيل
والأمر المؤكد حتى الآن، هو أن “حماس” لم ترفع الراية البيضاء بعد، رغم استئناف القصف والعمليات البرية في غزة بعد هدنة استمرت شهرين وانتهت في 18 مارس/آذار الماضي.
ورغم الضربات القاسية التي تلقتها الحركة، والتي خلّفت أكثر من 50,000 قتيل، بينهم عدد كبير من المدنيين، منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، فإن “حماس” ما تزال تسيطر على جزء كبير من الحياة اليومية لنحو 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة، تقول صحيفة “ليزيكو”، مضيفة أنه، ومع ذلك، اضطرت الحركة إلى تقليص رواتب مقاتليها وموظفيها المدنيين بشكل كبير، ولا تزال هذه الرواتب تُصرف بالشيكل، عملة “العدو”، لعدم وجود بديل.
------------------------------------------
عن "N12" 30/4/2025
هكـــذا تعـمــل «آلـــة المـــال» الـتـابـعـة لـ»حـمــاس» فـي غــزة
بقلم: إيال عوفير
على مدار أعوام طويلة مكّنت المساعدات الاقتصادية الدولية لغزة حركة "حماس" من "اقتطاع حصتها" من خلال فرض الضرائب على جميع البضائع الداخلة إلى غزة من إسرائيل، وخلال الحرب، حين لم يعد هناك اقتصاد فاعل في غزة، ابتكرت "حماس" طرقاً جديدة لجني الأرباح، هذه المرة، عبر المنظمات الإغاثية التي اضطرت إلى دفع "رسوم حماية" للحركة، في مقابل منع نهب البضائع. نظرياً، توفّر المنظمات كل شيء مجاناً، لكن جزءاً من البضائع يجد طريقه إلى التجار في غزة، وهو ما يجبر الجمهور على شرائها. لكن، من أين يحصل سكان غزة على المال؟
حتى بعد أن أغلقت إسرائيل المعابر، تُواصل المنظمات، عبر تطبيقات مصرفية، ضخّ ما بين 150 و200 مليون شيكل شهرياً في غزة، وينتج من ذلك تضخم في أسعار المواد الغذائية في القطاع. هذا المال هو الذي يمكّن سكان غزة من دفع ثمن المساعدات التي يُفترض أنها مجانية. وجدت "حماس" طريقة متطورة لضخّ جزء كبير من هذه الأموال في خزائنها وتبييضها خارج القطاع، على ما يبدو، داخل النظام المصرفي الفلسطيني في رام الله. وهكذا، تخرج الأموال الضخمة التابعة للحركة من القطاع، لتستخدمها في الاستعداد للمرحلة القادمة.
منظمة الغذاء وصندوق الأمم المتحدة للطفولة
"تم إصلاح الخلل"، هذا ما جاء في الرسالة عبر منصة تليغرام الخاصة بـ"الأونروا". "من الآن فصاعداً، يمكن إعادة تقديم الطلبات للحصول على المنح من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP). كلّ عائلة يمكنها الحصول على ما يصل إلى 1000 شيكل شهرياً. كذلك، وبعد توقُّف مدة أسبوعين بسبب الخلل، تم تحويل الأموال لأولئك الذين سبق أن سجّلوا. ادخلوا إلى مَحافظكم الرقمية في تطبيق PALPAY وتحققوا مما إذا كنتم استلمتم الأموال".
يتساءل كثيرون في إسرائيل: بعد عام ونصف العام على الحرب، كيف لا يزال لدى سكان غزة مال في جيوبهم وقدرة على الدفع؟ نظرياً، تُعتبر غزة من أكثر الأماكن فقراً في العالم، فمنذ عام ونصف العام لا توجد فيها أيّ فرصة عمل طبيعية، أو منظومة اقتصادية فاعلة. حسناً، تعرّفوا إلى تطبيقPALPAY، مسار المال الذي يبدأ من المنظمات الإغاثية الدولية، وينتهي عندما تتراكم الأموال (هذه المرة، ليست بالدولار، بل بأوراق نقدية من الشيكل) لدى "حماس" وشركائها الاقتصاديين: كبار التجار والصرافين في غزة. وإن لم يكن هذا كافياً، فلدى "حماس" الآن طريقة لـ"تبييض" الأموال وتحويلها إلى نشاطات في الضفة الغربية والأردن وبقية أنحاء العالم.
يعمل اقتصاد غزة بالشيكل. يوجد في غزة 25 فرعاً تابعاً لـ11 مصرفاً. أكبر هذه البنوك هو "بنك فلسطين" (يضم 6 فروع منتشرة في جميع أنحاء القطاع)، وهو أيضاً الموزِّع لتطبيق المدفوعات PALPAY، وأكبر جهة توظيف في غزة هي السلطة الفلسطينية التي لا تزال، حتى اليوم، تدفع رواتب نحو 40.000 من موظفيها في القطاع: بعضهم يعمل فعلياً في وظائف حكومية، وبعضهم يتلقى رواتب من دون القيام بأيّ عمل، ما بين 1000 و2000 شيكل شهرياً، عبر التحويلات البنكية. بالإضافة إلى الإدارة المدنية لـ"حماس"، التي تخضع حالياً لعملية إعادة تنظيم بسبب الحرب، فإن ثاني أكبر جهة توظيف في القطاع هي وكالة الأونروا، ولديها 13 ألف موظف في غزة. كذلك، توجد في غزة عشرات الآلاف من العائلات التي تتلقى مخصصات ومساعدات من الأونروا، ومن السلطة الفلسطينية، أو من قطر. حتى سنة2021، كانت قطر تدفع نقداً، ثم تغيّر النظام، إذ بات المستحقون يتلقون الأموال عبر بطاقات مشحونة صادرة عن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة. إنها بطاقات دفع (Debit) التي يمكن استخدامها للدفع في بعض متاجر الأغذية في القطاع. ومع ذلك، ظلت اقتصادات القطاع، في معظمها، تعتمد على النقد. يُتداول في القطاع (بحسب تقديرات فقط) نحو عشرة مليارات شيكل نقداً. هذا هو أساس اقتصاد غزة: أوراق نقدية من الشيكل صادرة عن بنك إسرائيل، تم نقلها إلى القطاع على مدار السنوات.
قبل الحرب، خلال أيام دفع الرواتب من السلطة الفلسطينية، كانت تصطف طوابير هائلة من آلاف الأشخاص أمام 93 جهاز صراف آلي في القطاع. وكان موظفو البنوك يعيدون تغذية أجهزة الصراف الآلي، مراراً، بالشواكل الجديدة القادمة مباشرةً إلى قطاع غزة من بنك إسرائيل (أو عبر فروع البنوك الفلسطينية في رام الله). خلال الحرب، توقف معظم الخدمات المصرفية في غزة عن العمل، باستثناء فرعين، أو ثلاثة، لا تزال تعمل، جزئياً، في النصيرات ودير البلح. ومع ذلك، حتى في هذه الفروع (باستثناء فترة قصيرة خلال صيف العام الماضي) نفد النقد، فتوقفت آلة الشواكل عن العمل.
كيف يعمل اقتصاد نقدي من دون أجهزة صراف آلي؟
عادةً، تُعتبر الأسعار في غزة منخفضة. وأحياناً، تبلغ أسعار بعض السلع في الأوقات الطبيعية ثلث أو خمس أسعارها في إسرائيل، وينطبق هذا أيضاً على المواد الغذائية. فمزارعو الفواكه في إسرائيل كانوا يرسلون بضائع شبه مجانية إلى غزة، فقط بهدف تقليل العرض في السوق الإسرائيلية والحفاظ على ارتفاع أسعار الفواكه في سوق الجملة الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، كان سكان غزة دائماً من أكبر متلقّي التبرعات في العالم، وهي ظاهرة تعززت بمجرد اندلاع الحرب. في سنة 2024، تدفّق إلى غزة نحو 9% من إجمالي التبرعات العالمية التي سجلتها منظمات الأمم المتحدة في العالم كله. يزيد هذا المبلغ عن عشرة مليارات شيكل، ولدى حسابه بالنسبة إلى الفرد، تصبح الصورة أوضح كثيراً، مقارنةً ببقية المناطق المحتاجة حول العالم: يتلقى المواطن الغزي العادي من العالم ما يعادل سبعة أضعاف ما يتلقاه المحتاجون في السودان، وسبعة عشر ضعفاً مما يتلقاه المحتاجون في اليمن (اللتين تحتلان المرتبتين الثانية والثالثة عالمياً في تلقّي التبرعات للفرد). ومقارنةً بمواطني دول فقيرة، مثل أفغانستان والكونغو، يتلقى المواطن الغزي العادي ثلاثين ضعفاً.
دخل معظم هذا الدعم إلى غزة على شكل سلع: مواد غذائية، وخيام، وملابس، ووقود، ومساعدات طبية. بالإضافة إلى ذلك، تقوم دول ومنظمات دولية عامة بإدخال مساعدات إضافية مباشرةً إلى غزة، من دون التبليغ عنها عبر موقع الأمم المتحدة، وبذلك، يصل حجم المساعدات لغزة، بحسب التقديرات، إلى أكثر من 15 مليار شيكل سنوياً. كان من المفترض أن يتم توزيع هذه المساعدات بالكامل مجاناً.
لكن اقتصاد غزة ليس اقتصاداً طبيعياً، حتى قبل الحرب، كانت حركة "حماس" تسيطر على كلّ شيء من خلف الكواليس. جزء من المساعدات توزّعه المنظمات، فعلاً، بشكل منظم، لكن جزءاً آخر يصل إلى كبار تجار الجملة في غزة الذين تبيّن مؤخراً، من خلال إفادة قدمتها وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق أمام المحكمة العليا، أنهم جزء من منظومة التعاظم الاقتصادي لـ"حماس"، التي كانت تعتمد طريقة تقوم على فرض رسوم حماية على التجار والمنظمات الأممية، في مقابل توفير خدمات أمنية لمنع العصابات من نهب المساعدات، بما فيها عصابات تابعة لـ"حماس" نفسها، وأُخرى تابعة لعائلات إجرامية "مستقلة".
كيف تحولت "حماس" إلى بنك الشواكل في غزة؟
نظراً إلى أن "حماس" وتجارها المقربين راكموا ثروة كبيرة بالشيكل خلال الحرب، أصبحوا في الواقع الجهة الوحيدة التي تسيطر على النقد المتداول بالشيكل في غزة. وتركز معظم هذه الثروة لديهم بشكل خاص في الأوراق النقدية ذات القيمة العالية من فئة الـ200 شيكل، بينما لا تزال الأوراق النقدية من فئتَي الـ20 والـ50 شيكلاً قيد التداول بين عامة السكان. هذه الأوراق الصغيرة تُتلف بسبب كثرة الاستخدام، الأمر الذي أدى إلى نشوء صناعة كاملة في غزة لترميم ولصق الأوراق النقدية المتآكلة.
أمّا الأوراق النقدية الكبيرة، من فئتَي الـ 200 والـ 100 شيكل، فهي في حالة أفضل، ومحفوظة لدى "حماس" والتجار. إن سكان غزة الذين يتلقون الدعم العالمي عبر التطبيقات بانتظام، يضطرون بالتالي إلى استخدام خدمات الصرافة التي تديرها "حماس". أمّا التجار، فهم يرفضون قبول المدفوعات عبر التطبيقات، لكن صرافي "حماس" موجودون في كل مكان ومستعدون لتوفير النقد. يحصل السكان من "حماس" على أوراق نقدية من فئة الـ200 شيكل، في مقابل تحويل مصرفي من تطبيقاتهم إلى حسابات تبييض الأموال التابعة للحركة وصرافيها. الحيلة هي أنهم يقومون بذلك، في مقابل عمولة كبيرة.
خلال وقف إطلاق النار، بلغت العمولة 22%، لكن منذ استئناف القتال قفزت العمولة، واليوم أصبحت تتراوح ما بين 25% و35%، بحسب الموقع. وفي حالات قصوى، هناك روايات عن مواطنين اضطروا إلى تحويل 40% من أموال المساعدات لـ"حماس": أحد سكان دير البلح وصف كيف يقف رجال شرطة مسلحون من "حماس" لحراسة صراف يحمل حزمة من الأوراق النقدية من فئة الـ200 شيكل، وعندما يتلقى تحويلاً مصرفياً بقيمة 1000 شيكل عبر التطبيق، لا يتسلم المواطن سوى 600 شيكل نقداً، ويكون الربح الفوري للحركة بنسبة 40%.
وفيما يتعلق بتحويل مساعدات مالية إلى مئات الآلاف في غزة خلال آذار 2025، يذكر تقرير صادر عن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، أن عمولة التحويل من التطبيق إلى الشيكل النقدي، بلغت 20%، ومنذ ذلك الحين، ارتفعت العمولة إلى ما بين 25%و35%. تجد "حماس" دائماً طرقاً لتحقيق الأرباح من خلال سيطرتها على غزة.
السؤال المطروح الآن، هو ما إذا كانت إسرائيل، عبر بنك إسرائيل الذي أصدر جميع هذه الأوراق النقدية ونقلها إلى قطاع غزة، ستنجح في إيجاد طريقة لإلغاء صلاحية الأوراق النقدية الموجودة بحوزة "حماس" في القطاع حالياً. حتى اليوم، لم ينكر بنك إسرائيل أنه يعلم بأرقام سلاسل الشواكل التي تم نقلها إلى غزة، لكنه يعارض إلغاءها، خشية أن يكون بعض هذه السلاسل تسرّب إلى الضفة الغربية خلال سنوات. قبل الحرب، كان يُسمح لتجار غزة بالوصول إلى رام الله للتسوق، ونتيجة ذلك، يخشى بنك إسرائيل من أن الإلغاء الشامل لسلاسل الأوراق النقدية التي أُرسلت إلى غزة يضرّ أيضاً بمواطنين فلسطينيين أبرياء في الضفة الغربية، يحتفظون بجزء صغير من هذه الأوراق النقدية حالياً. فهل سيتمكن خبراء بنك إسرائيل من إيجاد حلّ تقني لهذه المسألة، أم أنهم سيسمحون لـ"حماس" بالاستمرار في تحقيق الأرباح بوساطة الشواكل القادمة من إسرائيل؟
-----------------انتهت النشرة-----------------