الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 16/7/2025 العدد 1357

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس ذي ماركر 16/7/2025

 

 

التراجع أو حكومة اقلية: ما الذي سيحدث بعد استقالة الحريديين من الحكومة؟

 

 

بقلم: آفي بار ايلي

 

بعد شهر تقريبا ستنتهي السنة الدراسية في المدارس الدينية والمدارس الحريدية. العائلات الحريدية ستخرج الى الاجازة السنوية، لكن في هذه السنة هي ستفعل ذلك مع نجمة صغيرة. العائلات التي ابناءها في سن التجنيد، والذين تجاهلوا أمر التجنيد الذي ارسل اليهم، يمكن اعتقالهم في مطار بن غوريون أو في الطريق، هذا اذا لم يكن كاف تقليص المخصصات والحرمان من التسهيلات في رياض الاطفال ومؤسسات التعليم، فانه في ظل غياب اعفاء قانوني من الخدمة العسكرية، فان الشباب الحريديين من الان فصاعدا يعتبرون متهربين من الخدمة، أي أنهم مجرمين.

الجمهور الحريدي غاضب ومنفعل، لكن كون السياسيين الحريديين لم يتمكنوا من بناء رافعة ضغط ناجعة على الحكومة، فان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سمح لنفسه بتجاهل مشاكلهم وكسب الوقت، أي ان يبقي التزامه بقانون التهرب من الخدمة على الاقل الى حين دخول الكنيست الى العطلة الصيفية في نهاية الشهر الحالي (وحتى نهاية تشرين الاول القادم).

نتنياهو مط الحبل ايضا عندما زعماء الحريديين الليطائيين، الحاخام دوف لنداو والحاخام موشيه هيلل، أمروا صباح أول أمس اعضاء قائمة ديغل هتوراة واغودات يسرائيل بالانسحاب على الفور من الحكومة، إلا اذا تم وضع امامهم مسودة قانون تهرب متفق عليها، ليس مجرد مسودة، بل التي تم وعدهم بها قبل شهر والتي تم الاتفاق عليها كما يبدو مع رئيس لجنة الخارجية والامن، عضو الكنيست يولي ادلشتاين، عشية الهجوم في ايران مقابل اسقاط مشاريع القانون لحل الكنيست.

حتى مساء أول أمس في الساعة الحادية عشرة كانوا على قناعة في الائتلاف بان الازمة قابلة للحل، وان ضغط نتنياهو سيفعل فعله وسينزل الحاخامات عن الشجرة. والسبب هو انه لا يوجد للحريديين أي بديل عن الحكومة اليمينية المطلقة. حسب هذا المنطق ايضا “الفتات” الذي حصلوا عليه كما يبدو، لن يحصلوا عليه في أي ائتلاف سياسي آخر، لكن الحدث سبق واجتاز مرحلة المنطق. الحديث يدور هنا عن ازمة ثقة، بضغط الشارع وكرد مضاد من قبل الحريديين على الاهانة العلنية التي وجهت اليهم.

نتنياهو في الحقيقة دخل امس الى الحدث، لكن ذلك كان متأخر جدا، ومحدود جدا، بالتاكيد عندما تم الاعلان عن قتل الثلاثة جنود في غزة. في ظل عدم الرغبة الواضحة وتحت مكبس الضغط الذي استخدمه نتنياهو فقد اطلق ادلشتاين قبل المساء مسودة مشروع قانون. في مكتب رئيس الحكومة اعتقدوا ان الامر انتهى هنا. ولكن المسودة شملت تغييرات وضعها ادلشتاين في الصيغة التي تم الاتفاق عليها في السابق عشية الهجوم. سبب ذلك هو انه في حينه تم ابتزازه من قبل الحريديين ووافق رغم انفه على صيغة مخففة، من اجل عدم اسقاط الحكومة عشية الحرب، تقريبا هو يطالب بحقه في ادخال القليل من التحسينات.

ضمن امور اخرى، ادلشتاين يطالب بزيادة حصة المجندين في السنوات الاولى، ورفع نسبة الامتثال للقانون (في هذه الاثناء 75 في المئة من المجندين في الحصة كشرط للحصول على تسهيلات قطاعية). ايضا وضع تشخيص بيومتري على مداخل المدارس الدينية. ايضا ادلشتاين يعارض دمج الحاخامات في الرقابة العسكرية على مسار تجنيد الحريديين.

بالنسبة للحريديين كان طرح مسودة بهذه الصيغة هو بمثابة خدعة اخرى مكشوفة من اجل كسب الوقت في المفاوضات. “هناك صعوبات مع القانون”، قال رئيس ديغل هتوراة، عضو الكنيست موشيه غفني، عند خروجه من مكتب ادلشتاين، حيث تم هناك عرض المسودة عليه. لذلك فقد أمر الحاخامات في تلك الليلة بالانسحاب الفوري.

المعنى هو ان الاستقالة من منصب الوزير (القدس) ونائبي الوزير (المواصلات، الثقافة والرياضة) ستدخل الى حيز التنفيذ خلال 48 ساعة، ايضا الاستقالة الفورية من رئاسة ثلاث لجان برلمانية (المالية، الداخلية والعمل والرفاه).

حتى الآن ما زال توجد للائتلاف اغلبية 21 عضو كنيست، لكن في ظل غياب حل اللحظة الاخيرة فانه يتوقع ان يذهب شاس في اعقاب الاحزاب الحريدية وينسحب هو ايضا.

في هذه الاثناء نزلوا تحت الارض. لا يوجد أي صوت لعراب الائتلاف وامين اسرار ننتنياهو، رئيس الحزب اريه درعي، الذي دفع نحو حل الازمة. الحديث هنا يدور عن التنازل عن ست حقائب وزارية (الداخلية، العمل، الرفاه، الاديان، الصحة والتعليم). منصب نائب وزير الزراعة، وثلاث لجان ثابتة في الكنيست، هو ثمن سياسي يصعب دفعه، حتى لو حافظ نتنياهو على هذه الحقائب ولم يسارع الى شغلها باشخاص آخرين.

لذلك فانهم في شاس لا يسارعون في هذه الاثناء الى التساوق مع حاخامات الاشكناز. في صحيفة “هديرخ” الحزبية كتب صباح أمس بان مجلس حاخامات التوراة في شاس سيتم عقده في الفترة القريبة القادمة، من اجل البت في استمرار طريق الحزب في الحكومة. المعنى هو ان درعي يحتفظ لنفسه على الاقل بـ 48 ساعة من اجل استنفاد المفاوضات.

لحسن حظ نتنياهو لا توجد معارضة. بالاجمال، الرد المتاخر للاحزاب الحريدية يملي عليها امكانية محدودة. اقتراح آخر لحل الكنيست يمكن تقديمه فقط بعد خمسة اشهر، الا اذا وقع 61 عضو كنيست على احداث تغيير في الظروف، بمصادقة رئيس الكنيست. التصويت على عدم الثقة سيحتاج الى اغلبية 61 عضو كنيست، أي المعارضة والاحزاب الحريدية، لكن الكنيست ستخرج الى الاجازة بعد 12 يوم.

بعد الحل ايضا يوجد 90 يوم مخصصة لاجراء الانتخابات، الامر الذي يفرض على الحريديين واجب التجنيد ووقف الميزانيات لمدة نصف سنة. في المقابل، نتنياهو يمكنه ان يترأس حكومة اقلية ومساومتهم واعطاءهم امتيازات مخصصة.

اذا كانت هذه هي الحال فانه على الاغلب سيحاول نتنياهو ودرعي بلورة في الفترة القريبة صيغة قانون تهرب متفق عليها وحل الازمة الائتلافية بسرعة، والا فانهما سيحددان موعد متفق عليه لاجراء الانتخابات في نهاية 2025 أو في بداية 2026.

 

ما هي السيناريوهات المحتملة لما سيأتي؟

 

تراجع  ادلشتاين: اذا كانت فرصة قانون التهرب من الخدمة المصادق عليه متدنية اصلا، واذا كان هدف نتنياهو الاسمى هو كسب الوقت، على الاقل الى حين انجلاء سماء المعركة الجيوسياسية والسيطرة على اجندة الانتخابات القادمة، فان خضوع ادلشتاين هو بديل معقول. طالما أن رئيس لجنة الخارجية والامن سيقف بين نتنياهو وبقاءه السياسي فان اختياره مفهوم ضمنا، لكن نتنياهو لم يسارع الى اقالة ادلشتاين ولن يسارع الى فعل ذلك، من اجل ان يحتفظ في يده على قضية تجنيد الحريديين كورقة في الانتخابات المحتملة.

تراجع الحريديين: لا يوجد للحريديين أي نية للوفاء بمتطلبات قانون التجنيد. مصلحتهم هي في استئناف ضخ الاموال القطاعية، على الفور عند اقرار الاعفاء من الخدمة في قانون والغاء عشرات الاف اوامر التجنيد التي تم ارسالها حتى الان، لذلك من غير المستبعد أن يقوموا بخطوة “تراجع” باتجاه ادلشتاين. لو ان الامر كان يتعلق بالسياسيين الحريديين فقط لكان من المرجح ان يفضلوا التراجع تكتيكيا، من اجل الكسب استراتيجيا. ولكن هنا مطلوب عمل حثيث من قبلهم امام الحاخامات.

عدم ثقة بناء: الحديث يدور عن تصويت يمكن من طرح حكومة بديلة بدون الذهاب الى الانتخابات. من اجل ذلك فان المعارضة بحاجة الى دعم جميع الحريديين (شاس، يهدوت هتورات)، الذين لن ينضموا بالمجان. قبل ذلك هي تحتاج الى زعيم مستعد لدفع الثمن المطلوب لذلك. أي ان احتمالية هذا السيناريو ضعيفة. الدليل على ذلك هو السلوك المخجل ليئير لبيد وبني غانتس أمس في التصويت على ابعاد عضو الكنيست ايمن عودة. الاول اعلن بانه سيصوت مع، لكنه لم يأت الى الكنيست اثناء عملية التصويت. الثاني خشي من التصويت وهو ايضا لم يات. هل هكذا يتصرف القادة؟.

حكومة اقلية: حتى لو انسحب الحريديون من الائتلاف بشكل نهائي فانهم لن يسارعوا الى اسقاط الحكومة من الخارج. في المقابل، نتنياهو لن يسارع الى شغل مناصبهم باشخاص آخرين.

ضغط الشارع سيتضاءل، التسهيلات القطاعية سيتم الحفاظ عليها، لكن الحديث يدور عن حل مؤقت فقط، لا يوجد فيه ما يمكن أن يرفع احكام الميزانية واوامر التجنيد عن جمهور الحريديين. من المستحيل اجازة ميزانية العام 2926 بهذه الطريقة، ويترتب على ذلك تحديد موعد متفق عليه لاجراء الانتخابات.

 ------------------------------------------

 

هآرتس 16/7/2025

 

 

الصور الجوية تشهد على أن 70% من المباني في القطاع غير صالحة للسكن

 

 

بقلم: نير حسون

 

لا يوجد لسكان القطاع أي مكان للعودة اليه، العالم جعل روتين حياتهم أمر عادي، هم كانوا ولم يعودوا موجودين”، قال عيدي بن نون، المحاضر في قسم الجغرافيا ورئيس وحدة الخرائط في الجامعة العبرية. “الدمار موجود في كل المستويات، من مستوى البيت الذي تم تدميره، المؤسسات العامة، مكان العمل، مؤسسات التعليم والاراضي الزراعية. كل شيء تم تدميره”.

في الفترة الاخيرة حلل بن نون صور جوية من القطاع بواسطة خوارزميات من اجل قياس حجم الدمار. حسب تقديره فان 160 ألف مبنى، 70 في المئة من المباني في غزة، تعرضت لضرر كبير (تدمير ليس اقل من 25 في المئة)، الامر الذي يجعلها مكان غير صالح للسكن. وحسب قوله فان نسبة الدمار يمكن ان تكون اعلى، حيث ان قدرة الاقمار الصناعية على تشخيص الاضرار في جدران المبنى بدون انهيار السقف محدودة.

حسب بن نون فان مدينة رفح، التي تواجد فيها حتى بداية الحرب حوالي 275 ألف نسمة، تعرضت للضرر الاخطر، مع تدمير كامل أو جزئي لـ 89 في المئة من المباني. حسب تقديره في نيسان تم تدمير في المنطقة  ألفي مبنى بالمتوسط في كل شهر. في الاسابيع الاخيرة كشفت الحكومة عن خطة اقامة “المدينة الانسانية” على انقاض رفح، التي سيتم فيها تجميع معظم سكان القطاع.

اضافة الى ذلك بن نون قال انه في خانيونس تم تدمير 63 في المئة من المباني. وفي شمال غزة، المحافظة التي فيها بيت حانون وبيت لاهيا ومخيم جباليا للاجئين، تم تدمير 84 في المئة من المباني. وتم تدمير 78 في المئة من المباني في مدينة غزة. بن نون اشار الى ان المنطقة الوحيدة التي تم فيها تدمير اقل من 50 في المئة هي دير البلح. فهناك حسب تقديره تم تدمير 43 في المئة من المباني.

معطيات بن نون اعلى من التي نشرت حول هذا الامر حتى الان. حسب معطيات مركز الاقمار الصناعية التابع للامم المتحدة فانه حتى نيسان الماضي اكثر من 50 في المئة من مباني القطاع تم تدميرها بالكامل، او تعرضت لضرر كبير، وهناك اشارة الى اضرار بـ 15 في المئة من المباني الاخرى. في الامم المتحدة قدروا انه الى جانب البيوت للسكن فان الجيش الاسرائيلي دمر 2308 مؤسسة ومؤسسة تعليمية، من رياض الاطفال وحتى الجامعات. حسب هذه المعطيات فان جميع الجامعات في القطاع تم تدميرها بشكل كامل أو جزئي، و501 مدرسة من بين الـ 554 مدرسة في القطاع لا يمكن استخدامها قبل اجراء الترميم الشامل. اضافة الى ذلك 81 في المئة من الشوارع في القطاع تم تدميرها.

في الامم المتحدة يقدرون أن وزن انقاض المباني في غزة هو 50 مليون طن، 137 كغم من الانقاض لكل متر في القطاع. من الشاطيء وحتى الجدار بين معبر ايرز ورفح. في شهر اب قدر معهد الامم المتحدة للابحاث بان كمية انقاض المباني في غزة هي 14 ضعف الانقاض التي حدثت في جميع الصراعات المسلحة منذ العام 2008. قبل بضعة اشهر قدرت الامم المتحدة بان اخلاء الانقاض سيستغرق 21 سنة، بتكلفة تبلغ 1.2 مليار دولار.

في بداية الحرب كان الاضرار بالمباني بواسطة المواد المتفجرة، سواء القنابل التي القاها سلاح الجو أو المباني التي تم تفخيخها وتفجيرها من قبل سلاح الهندسة. ولكن في الاشهر الاخيرة يتم التدمير بالاساس بواسطة وسائل ميكانيكية، على الاغلب بواسطة مقاولين اسرائيليين خاصين يعملون بحماية الوحدات المقاتلة. الضباط يشهدون على ان المقاولين يمكن ان يكسبوا خمسة آلاف شيكل مقابل كل مبنى يهدمونه، وأنهم يضغطون على القادة في الميدان لتوسيع مجال التدمير، وتوفير لهم قوات لحماية الآلات الهندسية والسائقين.

احد ابطال تدمير المباني في القطاع هو الحاخام ابراهام زرفيف، الذي يعمل سائق لجرافة دي9 في اطار خدمته في الاحتياط. وقد تفاخر بعمله في عدة مقابلات، وآخرها كان في موقع “بشيفع”. “رفح الآن نظيفة. لا توجد رفح”، قال الحاخام. “شمال القطاع تقريبا ينام على الارض، في خانيونس يعالجون الآن الامر، ايضا سيقومون بتصفيتها. لماذا لا يحدث ذلك خلال 12 يوم مثلما في ايران؟ يبدو أنه بسبب الجانب الروحي، حيث في قطاع غزة العمل مختلف. حسب رأيي المتواضع فانه في قطاع غزة الله يريد ان يكون العمل ببساطة تنظيف المنطقة. تنظيف هذا الشر الكبير، الشر الذي لم نشاهد مثله في الاجيال الاخيرة، يجب محوه”.

اقوال من هذا النوع تتساوق مع خطط الحكومة، العمل على طرد سكان غزة، ومن بينها خطة ترامب، “الهجرة الطوعية”. نتنياهو اكثر من التطرق لهذه الخطة، وحتى انه قال للجنود بان “الحكومة تعمل على ايجاد دول تستوعب لاجئين من غزة. أنا اؤمن بان 50 في المئة منهم واكثر سيخرجون. وحسب رأيي، ربما اكثر بكثير من ذلك”.

-------------------------------------------

 

 

 

 

معاريف 16/7/2025

 

 

عودة الفيدرالية

 

 

بقلم: ميشكا بن دافيد

دولة إسرائيل غير مستعدة لان تبقى حماس كقوة عسكرية وسلطوية في غزة. حماس غير مستعدة لان تنزع سلاحها. قوة عربية أو دولية غير مستعدة لان تحكم القطاع طالما لم ينزع سلاح حماس. السلطة الفلسطينية مستعدة وقادرة ولكنها تطالب بالمقابل بدولة فلسطينية، وهذا ما تعارضه إسرائيل. هذه دائرة معناها استمرار القتال، لكن يوجد مخرج منها في شكل فكرة فيدرالية اردنية فلسطينية.

في الحرب العالمية الأولى وعد البريطانيون حاكم الحجاز ومكة، الشريف حسين، ابن السلالة الهاشمية، منحه سيطرة على تلك الأجزاء من الإمبراطورية العثمانية التي يحررونها مقابل ثورته على العثمانيين. الهاشميون ثار بالفعل على العثمانيين وأبناء الحسين تتوجوا ملوكا على بعض من دول المنطقة وحكموها لزمن قصير. ضفتا نهر الأردن الشرقية والغربية كانتا تشكلان في حينه كيانا واحدا، “فلسطيني أ.ي” (فلسطين بلاد إسرائيل). الانتداب الذي منح لبريطانيا على المنطقة تضمن التزاما بإقامة وطن قومي للشعب اليهودي، لكن بطلب من بريطانيا ادخل الى الانتداب بند يقضي بانه من شرقي نهر الأردن يمكن منع تنفيذ الانتداب. وهكذا ضمن البريطانيون إمكانية لنقل القسم الشرقي من فلسطين – بلاد إسرائيل الى الهاشميين. ابن الحسين، عبدالله عين اميرا لشرقي الأردن، وتوج على الفلسطينيين المحليين. مع ضم يهودا والسامرة بعد حرب الاستقلال، الفلسطينيون في الضفة أيضا حصلوا على جنسية اردنية. عبدالله قتل (على ايدي فلسطيني)، وبعد زمن ما اودعت المملكة في يدي ابنه الحسين.

حتى بعد حرب الـ 1967 رأى الهاشميون أنفسهم مسؤولين عن الضفة، لكن منظمات الإرهاب الفلسطينية تحدتهم. في 1972 طرح الملك حسين فكرة الفيدرالية بين الأردن وفلسطين، فيها يكون “لواء الأردن” و “لواء فلسطيني” (يهودا والسامرة)، كلاهما تحت حكم الملك والجيش الأردني. الخطة لم تلقى تأييدا عربيا، وهُجرت. بعد هزيمة فتح في حرب لبنان، في 1982 عاد الملك حسين وياسر عرفات الى فكرة الفيدرالية. لاحقا طلب الفلسطينيون تغيير هذا الى كونفدرالية يحق فيها لكل طرف فك ارتباطه عن الوحدة. عرفات أخر توقيعه على اتفاق الكونفدرالية، واعلن الحسين عن تراجعه عن الفكرة، وفي 1988 اعلن فك ارتباط الأردن عن الضفة.

يحتمل أن يكون ممكنا احياء فكرة الفيدرالية، وليس فقط بالنسبة لغزة بل بالنسبة للضفة أيضا، حيث أن تغيير الوضع الاستيطاني في عهد الحكومة الحالية، يحبط إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة. في اللواء الفلسطيني من الفيدرالية يمكن ادراج مناطق أ و ب الامر الذي سيوقف الضم الزاحف ويشكل بديلا لدولة فلسطينية. قطاع غزة، ناقص المنطقة العازلة مثلا، يمكن أن تندرج في الفيدرالية كلواء ثالث. مقابل المنطقة العازلة ومناطق الاستيطان اليهود في يهودا والسامرة التي ستضم الى إسرائيل، تعطى الفيدرالية تعويضا اقليميا.

الحل ليس بسيطا: جعل الأردن، الضفة وغزة كيانا فيدراليا واحدا سيزيد جدا نسبة الفلسطينيين في الأردن. سيكون مطلوبا امتيازات للاردن وضمانات للنظام الهاشمي. كما ستكون مطلوبة أيضا اتفاقات مع السلطة الفلسطينية، حل مسألة القدس، ترتيبات حركة بين أجزاء الفيدرالية، خطط ومقدرات لاعمار غزة وترتيبات امنية مع إسرائيل. ان الخروج من الدائرة الحالية سيتيح تأييد السعودية والجامعة العربية والتطبيع المنشود مع إسرائيل.

-------------------------------------------

 

هآرتس 16/7/2025

 

 

وجود دولة اسرائيل على الاجندة، بسبب حكومة فتحت باب جهنم على مواطنيها

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

 غالي بهراف ميارا، ومثلها المحكمة العليا ورئيسها، ليسوا حراس عتبة لأنه لم تعد هناك عتبة لحراستها. فعندما تكون السلطة التنفيذية هي عصابة لاشخاص يثيرون الشغب، وتدمر كل جزء ديمقراطي، وعندما تكون السلطة التشريعية تشرعن كل جريمة ضد المجتمع والدولة وتغلفها بعباءة القانونية الكاذبة، وعندما تكون الشرطة فرع خاضع لحزب فاشي، وعندما يقتل الجنود في الدفاع عن الائتلاف، وعندما خدعة الحرب يتوقع ان تقضي على المخطوفين الباقين الاحياء، عن أي عتبة بقي علينا الدفاع؟.

 الافتراض بانه بقي حاجز امام اخر يمنع البلاد من السقوط في شرك الحكومة هو افتراض خاطيء. هو يرتكز على وهم امكانية حماية مؤسسات الدولة المسؤولة عن سلامة الديمقراطية، حتى بعد الاثبات بانها غير منيعة من المذبحة التي تنفذها الحكومة ضدها. تكفي دراسة القوانين ومشاريع القوانين التي تصبح قوانين في القريب كي ندرك بأن “حراس العتبة” قد يحصلون على نصب تذكاري رائع في مقبرة الذاكرة التاريخية للبلاد التي كانت ديمقراطية ذات يوم. ولكن النصب التذكاري يقام للموتى. من الضروري الآن التمييز بوضوح بأنه ليس حراس العتبة هم الذين تقوم الحكومة بالقضاء عليهم، بل العتبة نفسها التي بدأت تتعفن.

 الدليل الواضح جدا على فقدان العتبة وحراسها يكمن في السخرية المأساوية، التي تتمثل بتعليق الامال على رئيس الشباك رونين بار، في ان ينقذ الدولة من عملية تحولها الى فاشية التي تقضمها بنهم. مدير الجسم المسؤول في القانون عن العمل بطرق غير ديمقراطية من اجل حماية الدولة اعتبر منقذا للديمقراطية. وتبين انه هو ايضا غير منيع، وبدلا منه يتوقع ان يتم تعيين “رجل قيمي”، مسيحاني، يعد بـ “حرب خالدة”، التي ازاءها مطلوب من الديمقراطية اغلاق فمها.

 مع ذهاب بار انتقلت الاموال لتعلق على رئيس الاركان ايال زمير. ربما سينجح في وقف الهستيريا، حيث تبين في السابق انه لا يخشى من قام بتعيينه. هو يشرح بشكل واضح بان “الحرب الخالدة” أو “المدينة الانسانية” هي نفس معسكر التجميع الذي يخطط فيه لاسكان مئات الاف الغزيين، وهي فقط تضمن المزيد من الجنود القتلى، والمزيد من الدمار عديم الجدوى في غزة وتعريض مكانة اسرائيل الدولية للخطر وتصفية مركزة للمخطوفين. مثل بار، زمير ايضا لا يقف على راس مؤسسة ديمقراطية، ومقابل رئيس الشباك هو حتى غير مسؤول حسب القانون عن حماية اسس الديمقراطية في اسرائيل وحقوق الانسان أو المساواة امام القانون.

 رغم ذلك هو يعتبر “حارس عتبة” لانه يعتبر من يعرف كيف يتحدث مع العصابة بلغتها، وهو يتوجه الى العتبة المتدنية جدا –  حماية حياة الجنود. هكذا هو يتمتع الان بمكانة “ممثل الجمهور”، والمتحدث باسم الاباء والامهات لالاف الجنود الشباب والبالغين، سواء الذين يذهبون للموت والذين قتلوا أو انتحروا. ولكن كان يكفي الاستماع الى حلم مسيحانيي الموت في الكنيست وفي الحكومة ورؤية الجهود الحقيرة لاعفاء الحريديين من التجنيد من اجل فهم انه ايضا لم يبق لزمير أي عتبة للدفاع عنها.

 ليس عن حراس العتبة يجب الان الدفاع، بل عن تعريف العتبة، والمسؤولية عن ذلك يجب ان تنقل الى ايدي الجمهور نفسه. ذات يوم كانت هذه “الاربع امهات” التي احدثت الثورة وانقذت اسرائيل من استمرار التمرغ في وحل لبنان. بعد ذلك كان هؤلاء مئات الاف المتظاهرين الذين ارادوا وقف الانقلاب النظامي الذي عمل على تغذية هجوم حماس القاتل في 7 اكتوبر. الآن، حيث يقف على الاجندة وجود دولة اسرائيل، ليس امام تهديد ايران أو حماس، بل امام هجوم وحشي لحكومة فتحت باب جهنم على مواطنيها، والتي تعتبر ضياع الدولة ضرر هامشي. يجب على الجمهور التجند من اجل حماية نفسه. لم يعد هناك أي حراس باستثنائه هو نفسه.

-------------------------------------------

 

هآرتس 16/7/2025

 

 

الاعتداء على الدروز في سوريا سيجعل من الصعب على إسرائيل التقرب منها

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

بعد بضعة اسابيع هادئة نسبيا، مرة اخرى حدث تصعيد واضح في الايام الاخيرة بين النظام السوري ومليشيات سنية متطرفة وبين ابناء الطائفة الدرزية في جنوب سوريا. ولكن بالنسبة لاسرائيل فان المطروح هو اكثر جوهرية مقارنة مع الجولات السابقة للمواجهة منذ ان سيطر المتمردون على سوريا وطردوا نظام الاسد في كانون الاول الماضي. الاعمال الفظيعة التي جرت، حسب التقارير، في جبل الدروز، تثير بصورة طبيعية غليان كبير في اوساط الطائفة الدرزية في اسرائيل. وهذا التوتر يندلع بعد اسابيع من الشائعات والتكهنات بشأن تقارب سياسي محتمل بين اسرائيل ونظام احمد الشرع (الجولاني) في دمشق.

الدروز في اسرائيل وفي سوريا يقولون بان الامر لا يتعلق باشتعال محدد، بل بعملية محسوبة من ناحية النظام الجديد. في البداية اندلعت مواجهة وصفت بأنها نزاع محلي بين المليشيات السنية، التي بعض اعضاءها كانوا متماهين مع داعش، وبين قوات الدفاع الدرزية في منطقة مدينة السويداء. بعد ذلك دخل الجيش السوري كما يبدو من اجل التدخل وتهدئة النفوس، في حين انه بالفعل تم تنسيق هذا الهجوم مع المليشيات السنية واستهدف فرض الرعب على الاقلية الدرزية.

السنة المتطرفون يعتبرون الدروز كافرين بدين الاسلام ويتهمونهم بالتعاون مع نظام الاسد. عمليا، الدروز حاولوا حماية انفسهم ومصالحهم وليس التورط مباشرة مع النظام السابق، في الوقت الذي فيه في سوريا اندلعت حرب اهلية امتدت لسنوات. في شهر اذار الماضي حدثت اعمال قتل واسعة ضد ابناء الطائفة العلوية، وهي طائفة عائلة الاسد، في اماكن سكنها في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا. 1700 منهم قتلوا. ايضا في حينه النظام تنصل من هذه الافعال، لكن ثار شك كبير بان المليشيات المتطرفة تعمل كمبعوث له.

الاحداث في جبل الدروز بدات يوم الاحد. امس نشر تقريبا عن الـ 100 درزي الذين قتلوا باطلاق النار وبالطعن على يد السنة، ونشرت افلام صعبة شوهدت فيها جثث عدد من القتلى. في افلام اخرى تم توثيق اللكمات والاهانة التي تلقاها السجناء الدروز، بما في ذلك حلق الشارب واللحية. المذبحة في هذه المرة كانت بحجم اكبر مما في مواجهات سابقة. ومثلما في المرات السابقة فان الصور ادت الى خروج مظاهرات احتجاج لابناء الطائفة في اسرائيل الذين قاموا باغلاق الشوارع في الجليل. حتى انه بعد الظهر اجتاز العشرات منهم الحدود في هضبة الجولان ودخلوا الاراضي السورية. ولكن يبدو ان هذا كان تعبيرا عن التماهي الرمزي، وقبل الليل استعدوا في الجيش الاسرائيلي لاعادتهم الى اسرائيل. في نفس الوقت تم الحصول على تقارير حول محاولة التوصل الى اتفاق لوقف النار بين النظام والمليشيات السنية وبين الدروز.

اول امس اطلق الجيش الاسرائيلي الصواريخ، التي اصابت دبابات للجيش السوري كانت تتحرك جنوب دمشق نحو منطقة السويداء. الهجمات، هذه المرة من الجو، استمرت امس بشكل اشد، وعشرات سيارات الجيش السوري تم تفجيرها. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع اسرائيل كاتس قاما باصدار بيانات حادة، هددا فيها النظام في دمشق اذا استمر في المس بالدروز وتحريك قوات عسكرية الى المنطقة. امس اجرى نتنياهو مشاورات امنية بخصوص الوضع في سوريا، وحتى انه تحدث هاتفيا مع زعيم الطائفة الدرزية في اسرائيل، الشيخ موفق طريف. في قيادة الطائفة يحذرون من انه يجب عدم الثقة بوعود النظام بوقف العنف واعادة الهدوء، ويشككون بان الشرع يشجع من وراء الكواليس على قتل اقرباءهم في سوريا.

بعد سقوط نظام الاسد سارعت اسرائيل الى السيطرة على جبل الشيخ السوري ومناطق على الحدود مع سوريا في هضبة الجولان، ونشر هناك عدد من الوحدات. في نفس الوقت تم القيام بعملية واسعة من القصف الجوي لتدمير صواريخ وسيارات مصفحة ومخازن سلاح من اجل ان لا تسقط في يد النظام الجديد. اسرائيل شعرت بالامان واطلقت التهديدات. فقد حذرت النظام من المس بالدروز وحتى بالاكراد في شرق سوريا، واعلنت عن نزع قسري للسلاح في المنطقة جنوب دمشق بدون اساس في القانون الدولي (مجرد اقتحام الاراضي السورية هو امر ممنوع)، لكن اسرائيل شعرت بانها قوية بما فيه الكفاية لردع النظام عن مواجهتها مباشرة.

الظروف الان تختلف قليلا، بالتحديد بسبب التقارب النسبي الذي سجل مؤخرا بين اسرائيل وسوريا. حسب منشورات اجنبية فان بعثات للدولتين اجرت محادثات في اذربيجان. ونشر ايضا عن لقاءات بين جهات رفيعة. الادارة الامريكية، وبدرجة معينة حكومة اسرائيل، نثرت تنبؤات متفائلة حول امكانية انضمام سوريا، وربما لبنان ايضا، الى اتفاقات ابراهيم. عمليا، هناك الكثير من العقبات في الطريق الى تحقيق هذا الهدف، بالتأكيد طالما ان قوات الجيش الاسرائيلي موجودة في الجانب السوري من الحدود. ولكن احداث الايام الاخيرة اظهرت صعوبة اخرى وهي هل اسرائيل تؤمن بتحسين العلاقات مع النظام في سوريا، الذي بقيت فيه عناصر جهادية، ورجاله متورطون باعمال قتل متعمدة ضد الاقليات في اراضيه؟.

-------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 16/7/2025

 

 

محور قطر تركيا: الخطر الاستراتيجي الجديد

 

 

بقلم: شيريت افيتان كوهين

 

في إسرائيل يتابعون عن كثب التطورات في سوريا، لكن على رأس المشاغل توجد تركيا التي سبق أن أدت تطلعاتها الامبريالية واستثماراتها المالية – العسكرية في سوريا الى حافة الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي.

غير أنه في خريطة التهديدات المحتملة على إسرائيل ارتفع مؤخرا الى مكان عالٍ الحلف الذي يتجسد بين قطر وتركيا. مسؤولون كبار في أسرة الاستخبارات يقولون ان الحديث يدور عن “خطر استراتيجي” ويتابعون بقلق العلاقات المتشكلة بين الدولتين اللتين كلتاهما تستضيفان محافل رسمية من حماس ولديهما أُذن صاغية في البيت الأبيض.

تركيا وإسرائيل اقامتا في سوريا آلية لمنع المواجهات العسكرية. الخط الأحمر الذي وضعته إسرائيل – منع إقامة قواعد تركية في سوريا – محفوظ.

ويقول مصدر سياسي لـ “إسرائيل اليوم” ان الارتباط بين تركيا وقطر “طبيعي” في سوريا أيضا، ويضيف بان القطريين معنيون بمساعدة النظام الجديد المتشكل في الدولة. “صحيح حتى الان، لم نرَ صورا مقلقة في التدخل القطري في سوريا، لكن هذا وضع يمكنه أن يتغير لاحقا”.

بالنسبة للعلاقات بين الدولتين يقول المصدر: “توجد متابعة لهذه العلاقات التي تجري بشكل علني في الحوار القطري مع السوريين، حوار عن المساعدات والاستثمارات في الدولة. إسرائيل تتابع عن كثب كي تتأكد من أن السوريين لا يخرجون عن التزامهم من أن يكونوا جزءُ من اسرة الشعوب وان ليس لهم نوايا مغرضة ضد جيرانها”.

 

 “تقودان المحور”

 

مئير بن شباط، رئيس هيئة الامن القومي سابقا ورئيس معهد مسغاف يقول: “تركيا وقطر هما عمليا زعيمتا “محور الاخوان المسلمين”. لكلتيهما تطلعات بزيادة نفوذهما في المنطقة وما وراءها والمقدرات التي تحول الى ذلك. كلتاهما “ترقصان في كل الاعراس” وتجنيان أرباحا من هذه الوضعية التي تسمح لهما بان تتخذا صورة الوسيط. سقوط المحور الشيعي برئاسة ايران خلق فراغا تتطلع قطر وتركيا الى الدخول اليه. ليس صدفة انهما كانتا الدولتين الأوليين اللتين فتحتا سفارتين في دمشق نظام الجولاني وعملتا على اعتراف دولي بهذا النظام وتهيئة الطريق لاعمار سوريا. “رغم اننا في إسرائيل نواجه اليوم تهديدات اثر فورية، علينا أن ننظر الى المدى الابعد ونعمل على الا يعرض هذا المحور بشكل حقيقي مصالحنا للخطر.

“بالمناسبة، العملية الإسرائيلية في سوريا التي تستهدف الدفاع عن الدروز في وجه قوات الجولاني تخدم أيضا هذه المصلحة. من الأفضل لإسرائيل أن يتحكم الدروز بهذه المنطقة الاستراتيجية وليس قوات الجولاني المدعومين من سوريا”.

 

مساعدة في أيام الطوارئ

 

المنطلق للبحث في علاقات قطر – تركيا يجب أن يكون المقاطعة الخليجية على قطر في حزيران 2017 عندما قطعت السعودية، اتحاد الامارات، البحرين، مصر ودول أخرى علاقاتها وفرضت حصارا على الامارة.

بين المطالب التي نقلت في حينه كانت مواضيع مثل تقليص علاقات الدولة مع طهران، قطع العلاقات مع منظمات الإرهاب – وبينها العلاقة مع الاخوان المسلمين وكذا اغلاق “الجزيرة” استنادا الى حقيقة ان الشبكة شجعت المفاوضات ضد الأنظمة العربية وعلى رأسها نظام مبارك في مصر.

“تركيا أنقذت قطر في اثناء المقاطعة”، يشرح ايلان زلايط، خبير في دول الخليج في معهد بحوث الامن القومي. “منتجات أساسية يستوردها القطريون من خلف الحدود مع السعودية، وصلت عبر تركيا في مسار جوي تجاوز الحصار الجوي، البحري والبري”.

وتجد هذه الشراكة تعبيرها اليوم في الاف الجنود الاتراك المرابطين اليوم في قطر.

 

 هل العلاقة بين اردوغان وقطر أيديولوجية؟

 

“في السطر الأخير لا”، يقول زلايط. “يحبون أن يصفوها على محور الاخوان المسلمين. اردوغان يعمل على أسلمة تركيا واحياء الماضي العثماني. هذا لا يتحدث لقطر.

“العلاقات بينهما منفعية جدا. قطر تشكل آلة سحب المال لتركيا لتحقيق تطلعاتها الإقليمية، أساسا في ليبيا وكذا في سوريا”، يشرح زلايط. “مرات كثيرة قطر ببساطة تمولهم، تعوض في واقع الامر عن نقص القدرة الاقتصادية لتركيا للايفاء بمتطلبات انتشارها الإقليمي المتزايد في العقد الأخير”.

حين تكون تركيا، على الأقل قوة عظمى عسكرية إقليمية مع صناعة امنية متفرعة – تدخل الى مجال نزاع آخر، تحرص الدوحة على تحرير الشيكات”. يشرح زلايط بان “القطريين يحصلون بالمقابل على معقل ونفوذ في كل تلك الساحات”.

 

 بعد سقوط الأسد

 

ان الشراكة التركية القطرية تلقى تعبيرا ملموسا في سوريا بعد سقوط الأسد.

قطر تدخل بسرعة كممولة مركزية للنظام الجديد – 29 مليون دولار لدفع رواتب الموظفين ومشروع طاقة بمبلغ 7 مليار دولار مع شركات تركية، الى جانب جملة مبادرات إنسانية لانعاش سوريا الشرع.

قطر تعمل منذ الان على التأثير على نظام جديد في سوريا – من إطفاء حرائق في اللاذقية وحتى تدريب “الخوذات البيضاءا”، احدى منظمات النجدة المركزية في الدولة في زمن الحرب الاهلية.

 

 خليفة اردوغان؟

 

في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي يستعدون لتبادل الأجيال في القيادة التركية. واسم واحد بات محددا كاشكالي. هاكان فيدان، وزير الخارجية والمقرب من اردوغان.

فيدان ليس سياسيا عاديا – هو الرجل لذي يدير عمليا الرؤيا العثمانية الجديدة لاردوغان. قبل ذلك كان رئيسا لجهاز الاستخبارات التركي MIT على مدى 13 سنة حتى 2023. هو الرجل الذي ادار من خلف الكواليس العلاقات مع الثوار في سوريا حتى سقوط الأسد، يقيم علاقات وثيقة مع حماس، وكان من أوائل الأجانب الذين زاروا دمشق بعد الثورة. الاعلام الألماني كشف علاقاته مع قاسم سليمان، دليل على قدرته على المناورة بين كل اللاعبين في المنطقة. في أوساط الاستخبارات الإسرائيلية يعد كأحد الخلفاء المحتملين لاردوغان.

اذا كان هو من سيدخل الى القصر الرئاسي في أنقرة حين تكون لتركيا سيطرة على المنطقة القريبة من حدود إسرائيل، فان الامر سيعتبر تهديدا حقيقيا من شأنه أن يتدهور أيضا الى احتكاك بين الدولتين.

-------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 16/7/2025

 

 

الصفقة المؤقتة هي الخيار الوحيد

 

 

بقلم: نداف ايال

 

بعد يوم صعب آخر في غزة حان الوقت لقول بضعة حقائق. بما في ذلك الاعتراف بامور رئيس الوزراء نتنياهو محق فيها، وبالتوازي لماذا يجعل إسرائيل تعلق في ازمة بلا حل.

فكرة الا تحكم حماس غزة هي اضطرارية. فقد بدأت حماس هذه الكارثة بقتل جماعي، حماس ملتزمة بمواصلة الكارثة وهي تنظيم إبادة جماعية. كل هذا لم يتغير ولن يتغير. مبدئيا، أعلنت حماس منذ الان بانها مستعدة لان تتخلى عن الحكم لكنها لا تفعل هذا بجدية، وهذه الأمور تقولها أيضا الدول العربية المعتدلة مثل مصر، التي تطالب بان تتخلى حماس عن كل سلاحها، حتى آخر كلاشينكوف على حد تعبيرهم. الموضوع كالتالي: استمرار الحرب في هذه اللحظة لا يضغط على حماس للتخلي عن الحكم. العكس هو الصحيح. فهو يصورها كبطال المقاومة. يعظمها.  طرد سكان غزة الى معسكر خيام بادارة إسرائيلية من غير المتوقع أن يحسن هذا. وعليه، توجد هنا مشكلة معقدة، استراتيجية، تتطلب معالجة طويلة المدى مع حيلة وتفكير مسبق. الحكومة لا تفعل هذا بالطبع. ليس لها أي فكرة ان كيف يمكن الوصول الى الهدف، بخاصة اذا ما أخذنا بالحسبان وضع الجيش بعد نحو سنتين.

يقول لبيد وبينيت، تعالوا وفروا خسائر وانجازات، توصلوا الى اتفاق شامل، اعيدوا المخطوفين وعندها نعالج حماس على مدى الزمن. الجواب الذي يأتي من الائتلاف هو “انتم لن تعالجوا. فقط سنشتري مرة أخرى هدوء والمؤقت يصبح دائما. هذه الحجة ذات مفعول، وعلى كل هذا ينبغي أن تضاف طبقة: الفجوة التي نوجد فيها هي بين اتفاق تتنازل فيه حماس لكن لا تتنازل حقا، وبين وضع تكون فيه “حماس تنازلت حقا بل ونزعت سلاحها. على هذا، بزعم نتنياهو، نقاتل. لكن هل يصدق احد ما بان حماس، الحركة الأقوى في الجمهور الفلسطيني (لكارثتنا، لكارثتهم)، ستتنازل حقا؟ من سيشرف على اخراج السلاح؟ اذا لم يكن هذا الجيش الإسرائيلي، فهذا لن يحصل. وبالتالي عما يتحدث نتنياهو؟ فهل يشتري سيارة مستعملة من حماس؟ كي يكون الجيش الإسرائيلي هو من يشرف على الا تحكم حماس غزة هناك حاجة لحكم عسكري. المعنى هو الانقضاض على كل القطاع ووضع حياة المخطوفين المتبقين في خطر جسيم. لكن عندها أيضا حماس لن تتبخر. حكم عسكري كهذا سيتطلب سيطرة حقيقية على إقليم خرب تماما حاليا، وحرص على سلامة، صحة وتعليم مليوني فلسطيني، فيما ستواصل حماس ارهابها بالتوازي.

فلنجمل الامر. الفجوة هي بين اتفاق غير كامل على نحو ظاهر تتخلى فيه حماس عن الحكم لكنها تواصل استخدام القوة من خلف الكواليس؛ اتفاق آخر؛ أفضل، يكون أيضا نوعا من الخدعة التي يكون فيها نزع ما للسلاح لكن محدود، وتكون حماس ظاهرا محيدة اكثر؛ وحكم عسكري. في كل هذه الحالات، ستوجد حماس كاطار إرهاب في غزة: في الحالتين الأوليين كقوة سياسية مضافة، وفي الحالة الثالثة أيضا كحرب عصابات ضد الحكم العسكري. مشكلة عسيرة جدا. هذا بالضبط هو السبب الذي من اللحظة الأولى سأل فيها الكثيرون في العالم (وأنا الصغير أيضا)، ما هي خطة اليوم التالي. فهذا هو السؤال. لا نصر بدون كهذا. والحقيقة هي ان الحكومة لم تخطط شيئا والان الثمن. والا ما كنا نصل الى احاديث “المعسكري” في رفح.

بالتوازي توجد اعتبارات أوسع. أساسا بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، وضع المجتمع الإسرائيلي. ثمن الجنود القتلى لدينا. العائلات. الصدمة طويلة المدى. مزيد ومزيد من الإسرائيليين يعترفون بمأساة الضحايا المدنيين في غزة. إذ في غزة – مثلما كتبت هنا لعدد لا يحصى من المرات – يوجد أبرياء، يوجد مدنيون، يوجد أطفال. كل طفل هو بريء. فلئن كانت المأساة الإنسانية تمر من فوقكم فكروا استراتيجيا: عدد الموتى في غزة يؤثر ليس فقط على مستقبل المجتمع الفلسطيني بل علينا أيضا. سيكون هناك من سيقولون الردع: في غزة سيعرفون كيف لا يقومون بـ 7 أكتوبر آخر. انا افكر بالالم. الحزن. الغضب. حساب الأجيال. اذا بقيت غزة هناك، وهي ستبقى، فلمن سيرفع الحساب. لنا، لابنائنا. محق، غير محق، هذا لا يهم. هذا هو الواقع. الاعتراف بذلك هو عقلاني: مثل تأبين موشيه دايان لروعي روتبرغ، فقط الف ضعف. لم انسَ ما فعلته لنا حماس في 7اكتوبر. لكن لا يحتمل ان يكون التفكير الإسرائيلي اصبح منتشيا من القوة بهذا القدر، بهذه الصبيانية بحيث أننا نفشل انفسنا. “النصر” ليس مفهوما غامضا، الا اذا توجه الخصم في اتجاه آخر تماما. الا يحاول، لانه لا يريد. المانيا هزمت. اليابان أيضا فقدتا الإرادة للقتال وطلبتا ان تكونا جزءا من القوة العظمى التي انتصرت. هذا نصر.

هناك من سيقولون ان هذا بسبب الدمار الهائل الذي كان في المانيا واليابان. ربما. لكن غزة منذ الان دمرت، قصفت، سويت بالأرض. هي لم تهزم. بسببين: لان إسرائيل تقاتل جهاديين، ومنطقهم مختلف. هم مستعدون للتضحية بالجميع، بما في ذلك أنفسهم. ولأنه لاجل هزيمة الخصم مطلوب ليس فقط بسطامة بندقية بل أيضا استراتيجية استعداد لمد اليد.

لقد حاولت إسرائيل الانتصار على حماس في غزة دون اتصال بالمجتمع الفلسطيني. استغرقها سنة ونصف لتفهم شيئا ما كل محتل في التاريخ، بما في ذلك إسرائيل في 1967، فهمه فورا. بان السكان يجب نقلهم الى جانبك والا ماذا؟ كانت أيديولوجيا الائتلاف بان كل الغزيين مذنبون. لا غذاء، لا سلطة فلسطينية، لا فرق تسد. لا غرو اننا وصلنا الى حيث سرنا.

إذن ماذا الان؟ الان إسرائيل عديمة الكثير من الخيارات الجيدة، باستثناء صفقة مؤقتة. يمكن التقدير بان نتنياهو يفهم هذا. لكن مرة أخرى، بلا استراتيجية بعيدة المدى، مرتبة، وكذا، إنسانية أيضا، ستعلق إسرائيل مرة أخرى في حائط الواقع، مع صفقة او بدونها.

-------------------------------------------

هآرتس 16/7/2025

 

حتى السباحة في البحر تم حرمان الغزيين منها

 

 

بقلم: نوعا غليلي

 

على خلفية توقع وصول درجة الحرارة إلى رقم قياسي هو 37 درجة في قطاع غزة، نشر المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، تحذيرا مستعجلا لسكان غزة في بداية الأسبوع جاء فيه بأن الدخول إلى البحر محظور، وأن حياة من سيخرق ذلك ستكون في خطر فوري.

الواقع الذي فيه تقريبا جميع الغزيين تم تهجيرهم من بيوتهم، ومئات الآلاف يحتشدون في الخيام أو المباني المدمرة.

ومن أجل الحصول على الغذاء والمساعدة مطلوب المشي لبضع كيلومترات في الرمال وتحت أشعة الشمس الحارقة، وفي الوضع الذي لا توجد فيه كهرباء لتشغيل المكيفات (ولا توجد مكيفات لتشغيلها)، والمياه الصالحة للشرب هي سلعة نادرة، وعندما لا يوجد أي مكان للهرب إليه من الحر، فإن سكان غزة يذهبون إلى البحر في محاولة لصيد أسماك صغيرة قرب الشاطئ من أجل إطعام العائلات والاغتسال وغسل الملابس والعثور على ملاذ من الحر الخانق.

في القطاع يعرفون أن الدخول إلى البحر خطير. هو كان خطيرا حتى قبل الحرب بسبب القيود المتشددة التي فرضتها إسرائيل على منطقة الصيد، لكن الان الخطر هو سبعة أضعاف. فمنذ بداية الحرب عشرات السكان أطلقت النار عليهم وقتلوا أثناء تواجدهم في البحر، معظمهم عندما كانوا يحاولون صيد الأسماك.

“الصيادون قالوا لي بأنهم تعودوا على حس الدعابة مع عائلاتهم في كل مرة قبل الذهاب إلى البحر بأقوال مثل “اليوم إما ستأكلون أو ستصلون على جثتي”، قال زكريا بكر، رئيس لجنة الصيادين في غزة. “أنا أتذكر الصياد الأخير الذي قتل من قبل سلاح البحرية الإسرائيلي، قبل بضعة أيام على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بعد محاولة دخوله إلى البحر بمسافة لا تزيد عن 300 متر عن الشاطئ. فقط بعد عشرة أيام نجحنا في سحب جثته بسبب الخطر الذي ينطوي على الدخول جسديا إلى البحر. ببساطة، لا يمكنني وصف المشهد، الأسماك التهمت الجثة. مشهد صادم”.

فرع الصيد، الذي شكّل خلال سنين مصدر الدخل والأمن الغذائي المهم لسكان القطاع، تم تدميره تقريبا بالكامل على يد إسرائيل في الحرب الحالية. الهجمات من الجو، البحر والبر، تسببت بضرر كبير لمركبات البنية التحتية الحيوية مثل قوارب الصيد وبرك الأسماك وميناء الصيد الغزي، إلى درجة إخراجها عن العمل. إضافة إلى ذلك إسرائيل تمنع دخول الصيادين إلى البحر، بما في ذلك في فترات وقف إطلاق النار. نتيجة لذلك فإن سعر السمك في الأسواق قفز إلى 200 شيكل للكيلو، وقد أصبح سلعة نادرة لا يمكن الحصول عليها من قبل الأغلبية الساحقة من السكان.

في أعقاب ذلك وفي ظل الجوع السائد في القطاع، فإن كمية السمك الطازج الذي يباع في الأسواق في غزة انخفضت بسرعة. وبين تشرين الأول 2023 ونيسان 2024 انخفضت المداخيل من الصيد إلى 7.3 في المئة من مجمل متوسط الدخل من محصول الصيد اليومي في 2023. الحديث يدور عن خسارة تبلغ 17.5 مليون دولار، هذا بدون الاضرار التي أصابت بُرك الأسماك.

 وإزاء القيود على إدخال المساعدات الانسانية إلى القطاع منذ بداية الحرب، فإن الأداء المعقول لفرع الصيد كان يمكن أن يوفر الغذاء والمساعدة ولو قليلا على تقليص الأزمة، لكن تدمير هذا الفرع على يد إسرائيل فاقم الوضع بشكل كبير.

منع الدخول إلى البحر ومنع الصيد هو جزء من سياسة التجويع لإسرائيل. تدمير صناعة الغذاء والإنتاج الذاتي في القطاع، وخلال ذلك تدمير فرع الصيد، كل ذلك مكن إسرائيل من استخدام سيطرتها الكاملة على إدخال المساعدات الإنسانية كأداة ضغط وسلاح في الحرب. ولكن كقوة محتلة وطرف في القتال فإن إسرائيل ملزمة حسب القانوني الدولي بتوفير احتياجات المدنيين. بناء على ذلك يجب عليها فورا وقف هجماتها على الصيادين وعلى بنى الصيد التحتية ورفع القيود على حركة الصيادين في البحر وأن تسمح بإدخال المعدات والمواد المطلوبة لترميم هذا الفرع.

“أنا اشتاق إلى البحر بكل تفاصيله. حقا أنا أشتاق إلى كل شيء… إدخال القارب إلى البحر وأمواج البحر”، قال محمد، وهو صياد في العشرينيات من عمره من قطاع غزة لجمعية “غيشه” أثناء البحث الذي أجرته هذه الجمعية حول تدمير صناعة المواد الغذائية في غزة، بما في ذلك فرع الصيد.

وكما قلنا فإن الحظر الذي تفرضه إسرائيل على الدخول إلى البحر يحرم الغزيين ليس فقط من مصدر الرزق والغذاء، بل أيضا من الوصول إلى مكان يعتبر الملاذ الأخير من الحر القاتل.

لقد انهارت شبكة المياه والصحة والنظافة بشكل كلي تقريبا، ضمن أمور أخرى، بسبب القيود التي فرضتها إسرائيل على إدخال الوقود الذي هو حيوي لتشغيل الآبار ومنشآت تحلية المياه ، وتم أيضا  حرمان السكان حتى من هذه الامكانية وان كانت غير مثالية، من أجل الانتعاش والاغتسال والحفاظ على قدر ضئيل من الصورة الإنسانية.

-------------------------------------------

 

 

 

هآرتس 16/7/2025

 

 

المستوطنون ذراع الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ التطهير العرقي

 

 

بقلم: زيف ستهيل

 

 مساء الجمعة، قتل مستوطنون شابَّين فلسطينيَّين في قرية سنجل في الضفة الغربية. لقد ضُرب سيف الدين مصلط بعصا حتى الموت، وأُطلقت النار على محمد رزق شلبي فأصيب في ظهره، وتُرك ينزف حتى الموت لساعات، وخلال هذا الوقت، لم تكن عائلته تعلم بما حلّ به. في الآونة الأخيرة، استولى مستوطنون على أراضٍ فلسطينية بالقرب من القرية، ومنذ ذلك الحين - مثلما يحدث في أنحاء الضفة - تصاعدت الاعتداءات والعنف الذي يمارسه المستوطنون ضد سكان القرية ومحيطها.

 قبل يومين، قال عضو الكنيست يوآف سيغالوفيتش (من حزب "يش عتيد") في جلسة الهيئة العامة للكنيست إنه تم تسجيل 414 حادثة عُنف قومي ارتكبها يهود في الضفة الغربية خلال النصف الأول من سنة 2025. توجد خلف هذا الرقم معاناة أشخاص أصبحت حياتهم لا تُطاق، ويعيشون في خوف دائم من الإسرائيليين. كل يوم يقتحم مستوطنون عنيفون القرى الفلسطينية، ويرتكبون أعمال شغب؛ يخرّبون مصادر المياه والعيش، ويرشقون السكان بالحجارة على الطرقات، وغير ذلك من أشكال التنكيل والإيذاء. إن سكان الأراضي المحتلة معرّضون للخطر يومياً، وهم يائسون، ولا يوجد مَن يحميهم.

 أعمل في منظمة "يش دين"، وهي منظمة توثّق، من بين أمور أُخرى، عنف المستوطنين، منذ أكثر من 15 عاماً. وخلال هذه السنوات، رأيت وسمعت كثيراً، لكن ما يحدث في الآونة الأخيرة لا سابقة له. لقد أصبح عنف المستوطنين أكثر خطورةً، ونتائجه أكثر فتكاً. ففي العامين الأخيرَين، جرى تهجير عشرات التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية من بيوتها، وارتُكبت عشرات المذابح التي أودت بحياة فلسطينيين نتيجة عنف المستوطنين، أو نيران الجيش. هذا كله يجري بدعم من سلطات تطبيق القانون: جنود يحمون المهاجمين ويهملون الفلسطينيين، بل يعتدون عليهم، وشرطة يقودها وزير يُشعل النار، وينكر عنف المستوطنين. الأسبوع الماضي، صرّح قائد لواء الضفة الغربية، المقرّب من إيتمار بن غفير، بأن تطبيق القانون فيما يخص عنف المستوطنين ليس على رأس أولويات الشرطة.. وتم إغلاق 94% من ملفات التحقيق من دون تقديم لوائح اتهام ضد المعتدين.

 منذ الأيام الأولى للاحتلال، استخدم المستوطنون العنف المنهجي ضد الفلسطينيين وأملاكهم، ناشرين الرعب، ومعرقلين حياتهم اليومية، بهدف دفعهم إلى ترك أراضيهم والاستيلاء عليها. فالضرب بالعصي والحجارة، أو إطلاق الرصاص الحيّ، وقطع أشجار الزيتون، والتهديدات، وإحراق الأملاك والمحاصيل الزراعية، وحتى إحراق المنازل بساكنيها، أمور كلها كانت ولا تزال جزءاً لا يتجزأ من توسُّع المشروع الاستيطاني، لكن سياسة التغاضي عن الجرائم ضد الفلسطينيين في الضفة، والتي استمرت أعواماً طويلة، تحوّلت مع الحكومة الحالية إلى رسالة واضحة وصريحة تدعم وتؤيد الإجرام الأيديولوجي، والحرب المستمرة في غزة مكّنت الحكومة من المضيّ قدماً في هذه السياسة من دون عوائق تقريباً، بينما الجمهور الإسرائيلي منشغل في الدفاع عن بقائه، والعالم كله يركز على الكارثة في غزة، أو القصف على لبنان وإيران، ونتيجةً لذلك، شهد العامان الأخيران تصاعداً كبيراً  في حجم وخطورة اعتداءات المستوطنين في الضفة.

 تمتلئ هواتفنا، أنا وزملائي في "يش دين"، بنداءات الطوارئ من أشخاص يصرخون، طالبين المساعدة، وبصور مرعبة لاعتداءات المستوطنين. هذه الأصوات والمشاهد تطاردنا، ولا تتركنا، وخصوصاً لأن أيادينا قصيرة، ولا نملك ما نقدمه. لا يوجد مَن نتحدث إليه، ولا مَن نطلب منه المساعدة والحماية - لا من الجيش، ولا من الشرطة، ولا من النيابة العامة، ولا من وزارة الأمن القومي طبعاً؛ حيث يتعامل الجمهور الإسرائيلي بلامبالاة مع التصعيد والعنف ضد الفلسطينيين، ولا يُثار الموضوع في الإعلام الرئيسي إلّا عندما يُهاجم المستوطنون قوات الأمن.

 بعد أيام على المذبحة التي ارتكبها مستوطنون في نهاية حزيران، والتي قُتل خلالها ثلاثة من سكان قرية كفر مالك برصاص الجيش، زار محقق من "يش دين" القرية. فروَت له امرأة كيف قام مستوطنون بإلقاء زجاجة حارقة عبر نافذة غرفة نومها، في أثناء وجودها فيها مع ثلاثة من أطفالها، حين كانت تغيّر لرضيعتها، فاشتعل سرير الطفلة بالنيران. ووصفت حجم الرعب والخوف على حياة أطفالها، كما وصفت نجاتهم بالمعجزة.

 أنا أتعاطف مع شعورها بالخوف، والذي يتضاعف حين لا يوجد حامٍ، أو مُنقذ. حين أقرأ شهادتها، لا أستطيع إلّا أن أفكر في 7 تشرين الأول. فأنا أيضاً نجوت بمعجزة، وعايشت بنفسي خوفاً رهيباً على حياتي، وعلى حياة مَن أحب. لا أريد المقارنة بين "المجزرة" الفظيعة التي ارتكبتها "حماس" في كيبوتس "غزة" وبين المذبحة التي ارتكبها المستوطنون في كفر مالك، بل أودّ الإشارة إلى الصدمة العميقة من حقيقة أن هذه الأفعال تُرتكب بأيادي إسرائيليين من دون رادع، مسلحين بأسلحة زودتهم الدولة بها، وأحياناً، يرتدون الزي العسكري، مدعومين بأيديولوجيا خطِرة، ويحظَون بتشجيع من الحكومة، وهم يعلمون بأنهم محصّنون - من المحاسبة، ومن القانون.

 إن تصريحات الحكومة بشأن الرغبة في توسيع المشروع الاستيطاني في الضفة، واتخاذ خطوات تعني ضم الضفة الغربية فعلياً إلى إسرائيل، وتعيين بن غفير وزيراً مسؤولاً عن الشرطة - هذه كلها إشارات واضحة إلى أن حكومة إسرائيل تمنح دعماً وتشجيعاً للعنف المنظم من المستوطنين، وترى فيه أداةً لتحقيق أهدافها. لقد تحولت مجموعات عنيفة من المستوطنين إلى أذرع تنفيذية للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، الذي يسعى لاقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم، ويعمل الآن بشكل علني - وللأسف، بنجاح غير بسيط - على تهجيرهم.

 أدّى العنف في مناطق واسعة من الضفة إلى تهجير جماعات فلسطينية من بيوتها، ومن البيئة التي عاشت فيها أعواماً طويلة. نحن أمام عملية تدريجية، لكن منهجية، من التطهير العرقي ضد الفلسطينيين في أجزاء من الضفة الغربية، واستيلاء إسرائيلي يهودي على المكان، تعمل الحكومة والمستوطنون من خلال حركة فكَّي كماشة - في القدس، يتم الضم عبر التشريعات وتركيز الصلاحيات في يد بتسلئيل سموتريتش، وفي الميدان، يتم تنفيذ خطوات  مكمّلة، عبر العنف والترحيل القسري.

-------------------------------------------

 

هآرتس 16/7/2025

 

 

الجثث تتكوم

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

عنوان إثر عنوان. "34 قتلوا في غارة في منطقة شاطئ غزة، بينهم نساء وأطفال (30/6)؛ "509 قتلوا قرب مراكز صندوق المساعدة لغزة منذ نهاية أيار" (4/7)؛ "80 قتلوا بينهم 8 من طالبي المساعدات" (8/7)؛ "10 أطفال قتلوا وهم ينتظرون استكمالات غذائية في دير البلح" (10/7)؛ "70 قتلوا، 28 منهم في انتظار المساعدات الإنسانية" (12/7)؛ "6 أطفال قتلوا في مجال توزيع المياه" (13/7).

منذ استئناف القتال بعد وقف النار في 18 آذار قتل في قطاع غزة ما لا يقل عن 7261 شخصا. هكذا حسب وزارة الصحة في غزة، ومنذئذ والعدد يزداد أكثر فأكثر. المعطيات متوفرة. لو كان الجمهور الإسرائيلي يكذب نفسه عناء الاهتمام، لكان اقتصاديو الموت سيتمكنون من ان يحسبوا له بسهولة الحصاد اليومي للجيش الإسرائيلي في غزة: بضع عشرات الضحايا في اليوم، معظمهم مدنيون أبرياء، بينهم أطفال لكن الجمهور لا يهتم.

هذا التجاهل ليس الذنب الحصري لبنيامين نتنياهو، وزير دفاعه او رئيس الأركان ولا حتى لايتمار بن غفير الكهاني او بتسلئيل سموتريتش "آكل الموت". كل هؤلاء هم ربما المتحملون الرئيسيون للمسؤولية، لكن لا يمكن التنكر لحقيقة أن اللامبالاة هي جماعية. من غير المستبعد ان يكون هذا ما يحصل عندما يستسلم الناس للخوف ويستوعبون الكذبة الشريرة في أنه "لا يوجد أبرياء في غزة". كم هي هذه الكذبة عميقة تشهد اللامبالاة في ضوء موت الاف الرضع والأطفال. فمن هو بريء اكثر من رضيع؟ لكن ليس في نظر الضمير الإسرائيلي غير المبالي.

التحقيقات الصحفية هي الأخرى التي تجلب شهادات لجنود ممن يروون عن "فقدان تام لطهارة السلاح"، او عن اطلاق نار مقصود نحو الفلسطينيين قرب مجالات المساعدات، لأجل تفريقهم، حتى عندما لا يكون خطير (نير حسون، ينيف كوفوفيتس، بار بيلغ 27/6)، والعناوين اليومية عن أطفال قتلوا وهم في طريقهم الى عيادة الامومة والطفولة أو عندما كانوا ينتظرون تلقي المياه، لا تشق سور البلادة ولا حقيقة أن إسرائيل تمنع ادخال مستلزمات طبية حيوية للقطاع – طاولات اجراء عمليات جراحية، مشارط للعمليات، عناصر ضرورية لأجهزة الفحص الفوق صوتي – بالحجة الأمنية المتآكلة في أنه يمكن لحماس أن تستخدمه. وذلك رغم التقارير عن ان جهاز الصحة في غزة ينهار (من اصل 36 مؤسسة طبية كانت تعمل فيه قبل الحرب، 22 خرجت عن نطاق الخدمة وهجرت، بعد قصفها او باوامر الجيش).

هذه الحرب يجب أن تتوقف. بسبب المخطوفين، على هذا يوجد اجماع جماهيري، لكن بقدر لا يقل عن ذلك بسبب ما تفعله إسرائيل بغزة. يجب وقف القتل الجماعي للفلسطينيين في القطاع.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here