الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 3/8/2025 العدد 1372

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس 3/8/2025
كيف يبدو الاعتراف بدولة فلسطين مكافأة لإسرائيل على جرائمها؟
بقلم: جدعون ليفي
الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية يعتبر جائزة لإسرائيل التي وجب عليها الآن أن تشكر كل دولة من هذه الدول؛ لأن الاعتراف جاء بديلاً مخادعاً للأمر الحقيقي الذي كان يجب اتخاذه الآن، وهو فرض العقوبات. الاعتراف بديل مصطنع للمقاطعة والعقوبات التي كان يجب فرضها على الدولة التي ترتكب إبادة جماعية. الاعتراف ضريبة كلامية فارغة، التي تتبعها الحكومات الأوروبية المترددة والضعيفة لتظهر للرأي العام الغاضب فيها بأنها لا تصمت. ولكن الاعتراف بالدولة الفلسطينية غير الموجودة وغير المحتملة في الفترة القريبة، وكما يبدو لن تقوم في أي يوم، هو بالفعل صمت مهين. في غزة يتم تجويع الناس وأوروبا تعترف بالدولة الفلسطينية. هل يُنقذ الجائعون في غزة بهذا الاعتراف. يمكن لإسرائيل تجاهل هذه التصريحات ما دامت الولايات المتحدة تقف إلى جانبها. هي تتحدث عن تسونامي وتعرف أنه لن يصل إلى شواطئها ما لم يرفق الاعتراف بثمن للإبادة الجماعية.
لقد أحسن صنعاً رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وهو من الأوائل الذين اعترفوا بالموجة الحالية بعد الرئيس الفرنسي، عندما سارع إلى تأطير خطوته كعقاب “مشروط” لإسرائيل لرفع العتب. إذا تصرفت إسرائيل بشكل جيد، وعد، فسيتم إلغاء هذه الخطوة. ما هذا العقاب، يا رئيس الوزراء؟ إذا كان الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيدفع قدماً بالحل حسب رأيك، فلماذا تصنفه عقاباً؟ وإذا رأيته عقاباً، فأين هو؟ هذا ما يحدث عندما ينزل رعب ترامب على أوروبا ويشلها، وعندما يتضح أن من سيفرض عقوبات على إسرائيل سيدفع ثمن ذلك. العالم الآن يفضل ابتهاجاً لفظياً. عقوبات جيدة على غزوات روسيا وليس على غزوات إسرائيل.
خطوة ستارمر هذه جرت دولاً كثيرة أخرى، وهو ما تعرضه إسرائيل كسقوط سياسي وتسونامي. هذه الخطوة لن توقف الإبادة الجماعية. لن يحدث هذا بدون اتخاذ خطوات دولية جدية، وقد أصبحت ملحة جداً. لأن القتل والتجويع يزدادان شدة في غزة. وكما قالت ذات مرة دانييلا فايس بعد موجة سابقة من الاعترافات: “أفتح نافذة بيتي ولا أرى أي دولة فلسطينية”، ولن تراها في القريب.
خطوة ستارمر جرت دولاً كثيرة أخرى، وهو ما تعرضه إسرائيل كسقوط سياسي وتسونامي
في الوقت الحالي، إسرائيل تكسب من موجة الاعترافات هذه لأنها تعتبر البديل لعقابها المستحق. وعلى المدى البعيد، ستكون فائدة من الاعتراف بدولة وهمية، لأنها تطرح الحاجة إلى حل، لكننا بحاجة إلى درجة كبيرة من التفاؤل والسذاجة للاعتقاد بأن الاعتراف ذو صلة. لم يكن التوقيت أسوأ من ذلك ذات يوم. الاعتراف الآن ليس سوى صرخة في الصحراء.
الفلسطينيون بدون قيادة، وللإسرائيليين قيادة فعلت كل ما في استطاعتها لإفشال إقامة الدولة الفلسطينية بنجاح. وإذا كانوا في شارع داونينغ 10 يريدون دولة فلسطينية فهذا جيد. ولكن ما دامت قيادة إسرائيل وقادة مستوطنيها لا يريدون ذلك، وما دامت واشنطن تؤيد إسرائيل بعمى، فلن تقوم هذه الدولة.
عندما يكون اليمين الإسرائيلي في ذروة قوته، ويصوت الوسط الإسرائيلي في الكنيست لصالح الضم وضد إقامة الدولة الفلسطينية، وعندما تكون حماس هي الجسم السياسي الأقوى في الطرف الفلسطيني، والمستوطنون هم الجسم السياسي الأقوى في إسرائيل، فعن أي دولة فلسطينية يدور الحديث وأين؟ هذه عاصفة في فنجان. العالم يرفع العتب عن نفسه، بينما تستمر إسرائيل في التدمير والتجويع والذبح وخطة الحكومة في التطهير العرقي، تطبيقها في “غزة أولاً”. لن يخطر بالبال ظروف أسوأ من هذه الظروف لوضع أحلام عن الدولة. أين ستقام؟ في نفق يُحفر بين “يتسهار” و”إيتمار”؟ هل هناك قوة ستخلي مئات آلاف المستوطنين ذات يوم؟ من هي؟ هل يوجد معسكر سيناضل من أجل ذلك؟ في البداية، من الأفضل اتخاذ خطوات عقاب فعلية تجعل إسرائيل تنهي الحرب. وأوروبا تمتلك الوسائل. وبعد ذلك، طرح الحل الوحيد على جدول الأعمال، وهو دولة ديمقراطية بين البحر والنهر؛ صوت واحد لكل شخص؛ فإما الأبرتهايد أو الديمقراطية، ولا طريق ثالثة.
------------------------------------------
معاريف 3/8/2025
زامير: الجيش في تآكل هائل.. ولا نعرف خطاً إلا خط سموتريتش وستروك وبن غفير
بقلم: آفي أشكنازي
صور المخطوفين افيتار دافيد وروم برسلفسكي القادمة من “محرقة غزة”، هزت الدولة كلها. بعد 667 يوماً من القتال، يمكن القول إن إسرائيل على مفترق طرق إزاء استمرار الأعمال في قطاع غزة. المشكلة الآن أن رئيس الأركان الفريق أيال زامير، يطالب منذ أيام بعقد الكابنت السياسي الأمني لرض الخطط اللاحقة، غير أن نتنياهو يمنع ذلك ولا يسمح بعرض الخطط وإقرارها.
جهاز الأمن يهاجم سلوك المستوى السياسي. “لا نعرف ما يريدون”، قال مصدر أمني كبير، أمس. “نقلنا للمستوى السياسي صورة الوضع – أنهينا مهام “عربات جدعون”. قلنا للمستوى السياسي: “هذا زمنكم للاجتهاد”. نفهم بأن الموقف تغير الآن، وبات هناك استعداد للتوجه إلى صفقة واحدة وليس على مراحل، لكن المشكلة أننا لا نعرف ما يجري في المحادثات. كنا شركاء ذات مرة، وعرفنا ما يجري. أما الآن فهذا يجري بين اثنين – رئيس الوزراء والوزير رون ديرمر. نتلقى المعلومات حول ما يجرى من الجانب الآخر “عبر القنوات الاستخبارية”.
“أوضحنا للمستوى السياسي تداعيات مواصلة القتال على الجيش”، أضاف المصدر. “شرحنا بأن امتداد المهمة يخلق نتائج غير جيدة للجيش الإسرائيلي. هناك قادة سرايا لم يجروا تدريباً منذ أنهوا دورة الضباط. لا يعرفون كيف يعدون ملف تدريب. ثمة تآكل هائل في الوحدات المتقدمة. وهناك جنود وقادة لا يعرفون إلا نوعاً واحداً من القتال – وهو غزة. اتخذنا قراراً بأن كل لواء نظامي لن يبقى من الآن فصاعداً لأكثر من ثلاثة أشهر من القتال داخل القطاع. بعدها – شهر على الأقل هدنة في الخارج”.
اليوم يفترض بقائد المنطقة الجنوبية ينيف عاشور، أن يعرض الخطة العسكرية المفصلة على رئيس الأركان. “هنا حرب عصابات. وعليه، فستكون القوات منتشرة بشكل لا يكون فيها المقاتلون أهدافاً للهجوم، بل نصيد المخربين”، أضاف المصدر.
إحدى إمكانيات الجيش الإسرائيلي هي التموضع في بضع نقاط مشرفة. القوات تحاصر مدينة غزة والتجمعات السكانية، وتضرب المخربين من الجو، وتفرض حصاراً مشدداً، بما في ذلك إغلاق ما تحت الأرض. إضافة إلى ذلك، ثمة اجتياحات لضرب منظومات حماس والمخربين.
قادة الجيش الإسرائيلي محبطون من سلوك كبار رجالات المستوى السياسي، ويقولون: “في هذه اللحظة، لا يسمحون لنا بعرض الخطة لإقرار الكابنت. لا نعرف ما يريده المستوى السياسي. لا نعرف ما يريده رئيس الوزراء ووزير الدفاع. إلى أين يقودان استمرار القتال في غزة. الأمر الوحيد الذي نعرفه هو خط ثلاثة وزراء في الكابنت: سموتريتش، أوريت ستروك، وبن غفير. هم يتحدثون بوضوح، ويقولون يجب احتلال القطاع كله، وإقامة استيطان إسرائيلي. ما هو موقف أعضاء الكابنت؟ ليس واضحاً لنا”.
-------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 3/8/2025
إسرائيل و”تسونامي أيلول”: هل سيكون للسعودية دور يجبر ترامب على تغيير سياسته تجاهنا؟
بقلم: ميخائيل ميلشتاين
حول فشل 7 أكتوبر، كان المستوى السياسي في إسرائيل قد طور “حجة غبية”، مزعومة، لم يحذر جهاز الأمن بموجبها من الهجوم المرتقب، وذلك رغم أن القصور، مزعومة، وبموجبها لم يحذر جهاز الأمن من الهجوم المرتقب، وذلك رغم أن القصور تطور قبل ذلك بسنوات وبمشاركة عميقة من السياسيين. هذه الذريعة لا تسري في ضوء تسونامي دولي يحل على إسرائيل وربما يكون البداية. ثمة إخطار بالتحدي كان مصدره كثيرون (بمن فيهم كاتب هذه السطور) على مدى الأشهر الأخيرة، ويبدو أن جهاز الأمن طرحه هو الآخر، لكن الحكومة رفضت التأثر بالتهديد المرتقب.
لقد طرح الإخطار قبل بضعة أشهر، عندما أعلنت فرنسا والسعودية عن مبادرة لاعتراف دولي واسع بدولة فلسطينية في أثناء انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة في أيلول القريب القادم. واصطدمت التحذيرات في الغالب بأن الخطوة تنبع من أزمة سياسية داخلية لدى الرئيس ماكرون، وأنه لا معنى عملياً للإعلان، وأن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل وستأذن لها عمل كل ما يروقها، وأساساً على الصعيد العسكري.
ما اعتبر رذاذاً لا يضر أصبح في الأسبوع الماضي طوفاناً مع إعلان بريطانيا وكندا نيتهما الاعتراف بدولة فلسطينية في أيلول، وثمة إشارات مشابهة من دول أخرى (بما في ذلك دول صديقة، وعلى رأسها ألمانيا)، وكذا حظر فرضته هولندا على دخول الوزيرين سموتريتش وبن غفير إلى نطاقهما. هذا تعبير خطير عن تسونامي متصاعد ينطوي في إشارات أوروبية على فحص تقليص التعاون في مجالات التجارة والعلوم.
رد إسرائيل يعكس عدم فهم عميقا لجوهر التحدي، وانعدام وسيلة. تقر الغالبية بأن المشكلة تكمن في إعلام رسمي فاشل، خصوصاً إزاء الأزمة الإنسانية في غزة
رد إسرائيل يعكس عدم فهم عميقا لجوهر التحدي، وانعدام وسيلة. تقر الغالبية بأن المشكلة تكمن في إعلام رسمي فاشل، خصوصاً إزاء الأزمة الإنسانية في غزة. وآخرون في قيادة الدولة يسيرون شوطاً أبعد: يتهمون دول الغرب بتعزيز حماس، بما في ذلك المسؤولية عن تصليب مواقفها في المفاوضات على الصفقة؛ ويدعون إلى إقامة دولة فلسطينية في أراضيها: يحذرون من أنها تعزز الإسلام في أراضيها. وكالمعتاد، الأكثر فظاظة هو بن غفير الذي “شخص” عودة ألمانيا إلى تأييد النازية.
إسرائيل لا تعي بأن معظم العالم لم يعد يرى في مذبحة 7 أكتوبر مبرراً لما تفعله في غزة، وبالمقابل يبدأ بوصف إسرائيل كعنصر مشاغب يقوم على أساسين: الأول، استخدام القوة في كل ساحة وكل وضع، بدون غلاف استراتيجي أو فعل سياسي؛ والثاني رؤية أيديولوجية تستند إلى إيمان عميق وتطلع لتغيير راديكالي للواقع ينعكس من دعوات لضم مناطق في غزة والضفة، وتشجيع الهجرة (دون أن يعرف العالم إلى أين “سيهاجر” الغزيون)، وإعادة تنمية الاستيطان في غزة وتكثيف الاستيطان في الضفة.
المشكلة هي بالفعل إعلام (هسبرا)، لكن ليس بمفهوم كشف الصورة الحقيقية بل إيضاح وجهة إسرائيل. الفجوة لا تدور فقط حول الأزمة الإنسانية في غزة، التي تعكس فشل الجهد الإسرائيلي الذريع لتغيير الوضع في المنطقة من الأساس، بل تتعلق أيضاً بالضفة، حيث تتصاعد إمكانية انفجار على خلفية تكاثر الاحتكاكات بين المستوطنين والفلسطينيين، ما دفع حتى الأمريكيين للمطالبة مؤخرا بإيضاحات عقب قتل فلسطيني يحمل جنسية أمريكية قرب رام الله.
إن نهج الحكومة في ضوء التسونامي يعكس خليطاً بين فكر قسم كبير فيها (لكن ليس لنتنياهو) بروح “لا تراعي الأغيار” ولا يولي أهمية كبيرة للساحة الدولية، وبين الإيمان الذي بموجبه بقي ترامب إلى جانب إسرائيل، ولا يسمح بوقوع أي ضرر لها، وهو تقدير عززه توجيه ترامب انتقاده لدول الغرب بعد إعلان نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية. لقد قررت إسرائيل عملياً المراهنة على كل الصندوق. التعويل على رئيس معروف كغير مرتقب، رغم تعاظم التحفظات إزاء سلوك إسرائيل؛ ففي حزبه بخاصة وفي الجمهور الأمريكي بعامة، ثمة إمكانية لأن يبدأ العالم العربي، وبخاصة السعودية، الحليف الهام لواشنطن، قريباً ممارسة ضغط شديد على ترامب، مطالبة بتغيير النهج تجاه إسرائيل.
إن عناد أصحاب القرار السياسي بعدم عرض استراتيجية ودون بحث الموضوع الفلسطيني –وهو نهج ساد في أوساطهم عشية 7 أكتوبر وحمل “مساهمة” مهمة لنشوء المفهوم المغلوط- هو عناد يوقع إسرائيل في عزلة متزايدة، ويمس صورتها بشدة، فضلاً عن ضرر جسيم لحقها بسبب حرب استنزاف تترافق ومصابين، وخلافاً داخلياً صعباً، وابتعاداً عن هدف تحرير المخطوفين، واقتراباً من احتلال كل القطاع، وهو سيناريو تدفعه به قدماً أقلية لا تتكبد عناء توضيح المعاني العميقة لمثل هذه الخطوة.
وكي لا يدعي أحد بأن التهديد المقترب لم يرفع إلى السطح – في إعادة صياغة لادعاءات سموتريتش عن عدم سماع تهديد من حماس قبل 7 أكتوبر، وعن الطوق الإيراني– فإننا نشدد: الموجة التالية والقوية في التسونامي السياسي ستكون في أيلول المقبل. التهديد المحدود نسبياً (والرمزي) المرتقب هو اعتراف دولي واسع بدولة فلسطينية، والأخطر من ذلك – اتساع الخطاب حول فرض عقوبات غير مسبوقة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، ما سيؤثر دراماتيكياً على حياة كل الإسرائيليين وعلى مكانة إسرائيل في أسرة الشعوب. قبل لحظة من دخول إسرائيل لتحل مكان روسيا بقيادة بوتين، وصربيا في عهد ميلوسوفيتش، أو جنوب إفريقيا في عهد الأبرتهايد، فقد بات المطلوب من الحكومة وأساساً رئيسها، صحوة سريعة لملاحظة الهوة التي تقاد إليها الدولة، ورصد تهديد ينشأ من السياسة المتخذة إزاء الموضوع الفلسطيني.
-------------------------------------------
هآرتس (عن الغارديان) 3/8/2025
الكاتب الإسرائيلي غروسمان: ما يحصل في غزة إبادة جماعية.. ولعنة الاحتلال ستلاحقنا
بقلم: دافيد غروسمان
قال الكاتب دافيد غروسمان في مقابلة مع الصحيفة الإيطالية “لا ريبوبليكا” إن إبادة جماعية تجري في قطاع غزة، وشرح الحائز على جائزة إسرائيل في الأدب بأنه لم يكن مستعداً لاستخدام هذه الكلمة، “لكن لا بد من استخدامها الآن، خصوصاً بعد ما قرأته في الصحف، وبعد الصور التي رأيتها، وبعد أن تحدثت مع أناس كانوا هناك. بألم شديد وقلب متفطر، ملزم أن أرى ما يجري أمام عيني”.
“كيف وصلنا إلى نقطة نتهم فيه بإبادة جماعية؟”، وأضاف غروسمان: “إن مجرد استخدام هذه الكلمة بالنسبة لإسرائيل، وللشعب اليهودي، حقيقة يمكن إقامة هذا الرابط – كافٍ بأن يقال إن شيئاً سيئاً يحصل لنا”. وعلى حد قوله، فإن “عبارة “إسرائيل” و “الجوع” صادمة إذا أخذنا بالحسبان تاريخ الشعب اليهودي. وكتب: “علينا أن نسأل أنفسنا: هل نحن قادرون على الوقوف أمام بذور الإبادة الجماعية والكراهية والقتل الجماعي؟”.
اقتبس غروسمان القول بأن القوة مفسدة، والقوة المطلقة مفسدة بشكل مطلق. “وها هو ذا يحصل– الاحتلال يفسدنا”، وواصل القول: “أنا مقتنع تماماً بأن لعنة إسرائيل ولدت مع احتلال المناطق الفلسطينية في 1967. أغرتنا قوتنا المطلقة والفكرة بأننا قادرون على فعل كل شيء”.
ووجه غروسمان إصبع اتهام للفلسطينيين أيضاً، الذين “كان يمكنهم جعل غزة مكاناً مزدهراً، ولكنهم بدلاً من هذا استسلموا للتزمت واستخدموها قاعدة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل”. ورحب بإعلانات بضع دول غربية عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، وأضاف بأنه متمسك بحل الدولتين “أساساً لأني لا أرى بديلاً”. في الأسبوع الماضي، نشرت “بتسيلم” و”أطباء لحقوق الإنسان” تقريرين منفصلين قضيا فيهما لأول مرة بأن إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في غزة، حسب القانون الدولي، ودعيا الأسرة الدولية للعمل.
-------------------------------------------
هآرتس 3/8/2025
بعد ضم الضفة الغربية “على أرض الواقع”: هل كان إعلان الكنيست ضرورياً؟
بقلم: تمار مجيدو، رونيت لفين شانور وياعيل بردا
صوتت الكنيست الأسبوع الماضي، لصالح إعلان دراماتيكي كما يبدو، وهو الاعتراف بحق الشعب اليهودي في “يهودا والسامرة” والدفع قدماً بفرض سيادة إسرائيل على مناطق “ج”. وسائل الإعلام الإسرائيلية اعتبرت هذا الإعلان “بداية ضم” مناطق “يهودا والسامرة” لدولة إسرائيل، لكن الحقيقة معاكسة. فهذا الإعلان ليس البداية، بل هو ستارة من الدخان استهدفت طمس حقيقة أن الضم حدث – ليس بدراما قانونية، بل من خلال نشاطات هادئة وثابتة ورمادية من الإجراءات البيروقراطية.
عرضت الأمور وكأن المطلوب هو إعلان رسمي لاستكمال الضم، هو لب ستارة الدخان. هذا التضليل يسمح للحكومة اليمينية بالعمل في الضفة الغربية كسيد دون دفع ثمن دولي عن ذلك، ويسمح للمعارضة بـ “معارضة” الضم لفظياً ضد فشل الائتلاف في الدفع قدماً بالضم – هذا يتعلق بمن نسأل.
الافتراض الأساسي في الخطاب العام الإسرائيلي، الذي يشارك فيه رجال اليمين وسياسيون من الوسط – يسار، هو أن الضم يحتاج إلى إعلان رسمي – عملية تشريع أو إعلان علني بشأن تغيير مكانة “المناطق” [الضفة الغربية]
الافتراض الأساسي في الخطاب العام الإسرائيلي، الذي يشارك فيه رجال اليمين وسياسيون من الوسط – يسار، هو أن الضم يحتاج إلى إعلان رسمي – عملية تشريع أو إعلان علني بشأن تغيير مكانة “المناطق” [الضفة الغربية]. ولكنه افتراض خاطئ قانونياً. عملياً، ضم منطقة جغرافية لا يحتاج إلى إعلان أو خطوة تشريعية.
للاعتراف بحدوث الضم “الكامل”، كان يكفي النظر إلى أجهزة الحكم العاملة على الأرض والمنظومة الرمزية والإطار التنظيمي. واعتمدت محكمة العدل الدولية في رأيها الصادر في تموز 2024 على الموقف القائل بأن الضم لا يحتاج إلى إعلان رسمي، وقضت بأن إسرائيل ضمت أجزاء على الأقل من المناطق “ج”. بمعنى آخر، الضم غير المعلن الذي ينفذ بوسائل بيروقراطية، يعتبر ضماً.
خطوات الحكومة الإسرائيلية في السنتين الأخيرتين أدت بإسرائيل إلى استكمال ضم المناطق بدون خارطة سياسية وبدون تشريع. وقد فعلت ذلك من خلال تغيير شامل لصلاحيات سلطات الدولة التي تعمل في “المناطق” وفي البنية، وفي طبيعة سيطرتها في “المناطق”، بطريقة يتم فيها استغلال الميزانيات المخصصة لترسيخ وتعميق السيطرة الإسرائيلية.
الجهاز العسكري الذي أدار الضفة الغربية في العقود الأخيرة، والذي اعتبر نفسه خاضعاً للقانون الدولي لم يعد موجوداً. إذا اعتبرت الضفة حتى السنتين الأخيرتين كمنطقة تحت الحكم العسكري، فهي تدار الآن بالوزارات الحكومية المدنية في دولة إسرائيل. “الإدارة المدنية التي تخضع لسموتريتش بصفته وزيراً في وزارة الدفاع، ولوزارة المواصلات ووزارة التعليم ووزارة الزراعة وغيرها، تستخدم الجيش على الأكثر كمقاول ثانوي لمشاريع السيطرة على المناطق “ج”، وحتى على أجزاء في المناطق “ب”. في موازاة ذلك، تم تعيين أشخاص ذوي مناصب تعزز وتسرع عملية الضم، مثل نائب رئيس الإدارة المدنية من قبل الاستيطان الذي يخضع للوزير وليس للجيش. أما مكتب الاستشارة القانونية المستقل في الجيش فقد حلته الحكومة وأخضع للمستوى السياسي. وبتحطيم سلسلة القيادة، يكون سموتريتش قد خطا خطوة حاسمة بشأن الضم: نقل الصلاحيات العسكرية على إدارة المجالات المدنية في “المناطق” من قائد المنطقة الوسطى، الذي اعتبر كبديل السيد في الضفة الغربية، إلى معالجة سلطة مدنية إسرائيلية.
هذا ضم يحدث ليس على صفحة الصحيفة (رغم أننا حذرنا منه منذ لحظة توقيع الاتفاقات الائتلافية)، بل عبر صياغة وثائق إدارية، ونقل بنود في الميزانية وتغيير مبادئ التخطيط، وتسريع إجراءات الترخيص، ونقل صلاحيات فيما يتعلق بالأراضي، وتطوير بنى تحتية لصالح المستوطنات ودمجها في منظومة البنى التحتية والقانون المدني الإسرائيلي. هذه الخطوات تخلق سيادة مدنية – إسرائيلية في “المناطق” [الضفة الغربية].
على خلفية هذا الوضع، لم يكن إعلان الكنيست الأسبوع الماضي انعطافة، بل بالعكس؛ هو جزء من عملية هندسة الوعي، ويوفر للوسط السياسي رواية مريحة وكأنه لا ضم إلا بإعلان، وهكذا يسمح له بمواصلة إنكار الواقع، وكأن عدم الإعلان ينفي الضم. والأخطر أنه يطهر أيدي المنظومات القضائية والإدارية والسياسية التي تمكن من روتين الضم.
ما المشكلة؟ إضافة إلى أن الضم محظور أصلاً في القانون الدولي، فإن البنى التحتية وهياكل الحكومة التي شكلت على يد الحكومة في “المناطق”، مؤسسة على تمييز ممأسس بدون إعطاء حقوق مدنية للسكان الفلسطينيين ومع التمييز ضدهم بشكل ممنهج في الميزانيات والموارد.
هذه أيضاً مشكلة ديمقراطية: الضم بدون حقوق يعد أبرتهايد. عندما تعيش مجموعتان سكانيتان في المنطقة نفسها وتحت الحكم نفسه، مع وجود منظومات قانون مختلفة وحقوق مختلفة وتمثيل مختلف في المؤسسات السياسية، فإن الأمر يتعلق بسلطة تميز بصورة هيكلية وممنهجة. وإنكار هذا الواقع من قبل منتخبي الجمهور الذين يرفضون الاعتراف بأن الضم حقيقة واضحة، يساعد على خرق القانون والاستخفاف بقيم الديمقراطية الموجودة في أساس النظام السياسي في إسرائيل.
لكن الأبرتهايد غير موجه فقط للمجموعة السكانية التي تم إضعافها، بل يتغلغل إلى الداخل ويحطم أسس الدولة. الارتفاع الواضح في أعمال العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وسلسلة الاعتداءات والإحراق من قبل مجموعات المستوطنين، وبعضها بدعم من الجيش، تبشر بالانتقال من نظام الأبرتهايد الذي يضم قوانين مختلفة لمجموعتين سكانيتين، إلى نظام تبدو فيه سلطة القانون مفهوماً وهمياً، وللسلطة التنفيذية أو جهات من قبلها لها قوة وإمكانية عمل لا يتم تقييدها إلا إذا رفض موظف أو جندي تنفيذ أوامرها. التنكر لسلطة القانون في “المناطق” يؤدي إلى تنكر مشابه داخل “الخط الأخضر” وفي أي منطقة أخرى تعمل فيها إسرائيل.
لقد حان الوقت للاعتراف بأن أحد أهداف الانقلاب النظامي هو إزالة العوائق من أمام الضم، وهو ما تم تحقيقه منذ زمن. وكدائرة تغذي نفسها، فإن الضم يسمح أيضاً باستمرار تعميق الانقلاب النظامي.
------------------------------------------
هآرتس 3/8/2025
مفاوضات في 3 مسارات متوازية.. هل ستجبر غزة الرئيس الأمريكي على مسار رابع؟
بقلم: تسفي برئيل
جهود الوساطة لعقد صفقة تبادل تتحرك الآن في ثلاثة مسارات متوازية، بدون خلية تربط بينها لتثمر نتائج. في المسار الأول، تواصل مصر وقطر إجراء المفاوضات مع حماس، وانضمت إليهما تركيا التي استضاف وزير خارجيتها هاكان فيدان الجمعة الماضي، بعثة لحماس برئاسة رئيس مجلس القيادة محمد درويش.
في المسار الثاني الذي استأنفه ستيف ويتكوف، تحاول الولايات المتحدة تحسين موقف إسرائيل وصياغة اقتراحات، التي قد توافق عليها حماس. أما ترامب فساهم بنصيبه من خلال تغريدة هجومية كتب فيها: “الطريقة الأسرع لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة هي استسلام حماس وإطلاق سراح المخطوفين”. ولكن يجب الاعتراف بأن هذه التغريدة مائعة بدرجة ما مقارنة مع تحذيراته لحماس في الشهر الماضي عندما قال “عليكم الاختيار بين تحرير جميع المخطوفين الآن وإعادة الجثامين على الفور، وبين نهايتكم. أرسل إلى إسرائيل كل ما تحتاجه لإنهاء المهمة”. بعد ذلك، ظهر أن مسار الضغط الوحيد الذي بقي للولايات المتحدة يؤدي إلى القدس، حيث تتطور غزة كتهديد أمريكي داخلي على ترامب.
في المسار الثالث، تعمل دول الخليج برئاسة السعودية مع فرنسا ودول أوروبية أخرى، على بلورة حل سياسي يتضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقبل ذلك إقامة جسم لإدارة غزة، لا تكون حماس شريكة فيه. هذه المسارات الثلاثة يواجهها موقف متصلب من حماس، الذي عبر عنه خليل الحية، نائب يحيى السنوار. “لا فائدة من إجراء المفاوضات في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل حرب إبادة وتجويع في غزة”، قال الحية، وأوضح بأنه لن يوافق على العودة إلى طاولة المفاوضات إلا إذا تم إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع “بشكل محترم”. ولكن العودة إلى طاولة المفاوضات لا تضمن الصفقة أيضاً، حيث طلبات حماس الأساسية لم تتغير. وليس واضحاً أيضاً إذا كان الحية يقصد التفاوض على صفقة جزئية أم صفقة شاملة كالتي يتحدث عنها الآن “مصدر أمني إسرائيلي”.
تعمل دول الخليج برئاسة السعودية مع فرنسا ودول أوروبية أخرى، على بلورة حل سياسي يتضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية
الصفقة الجزئية التي تم عبر المفاوضات حولها تحقيق تقدم، ربما لها احتمالية أكبر مع فتح مسارات تزويد المساعدات الإنسانية، لكن بقيت فيها نقاط مختلف عليها، مثل عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم، وحجم انسحاب الجيش الإسرائيلي. بخصوص الصفقة الشاملة، الأمر أصعب بكثير؛ لأنها تحتاج إلى قرار إسرائيلي بإنهاء الحرب والانسحاب من معظم مناطق القطاع، وإقامة جسم فلسطيني فيه أو على الأقل فلسطيني – عربي. مقابل هذه الخطوات، تطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس، ونفي قيادتها من غزة، وعدم مشاركتها في إدارة القطاع كمنظمة. وأعلنت حماس في السابق عن استعدادها للتنازل عن دورها في حكم غزة إذا أقيم جسم إداري متفق عليه. ولكن النفي ليس جزءاً من المعادلة التي تطرحها، والمتحدثون بلسانها أوضحوا بأنهم لن يسلموا سلاحهم “إلا إذا أقيمت الدولة الفلسطينية المستقلة”.
في هذه الأثناء، أثار الحية عاصفة كبيرة في مصر عندما توجه إلى الشعب المصري وزعماء مصر والجيش المصري والعائلات والمثقفين والكنائس والنخب، قائلاً: “إخوتكم في غزة يموتون جوعاً وهم على حدودكم، قريبون منكم، أسمعوا صوتكم كي لا تموت غزة جوعاً، وفتحوا معبر رفح”.
النظام المصري الذي يسيطر كلياً على وسائل الإعلام ويمنع مظاهرات الدعم لغزة، اعتبرها دعوة اتهام مباشر للقاهرة بالتجويع، بل ومحاولة لإثارة العصيان المدني، وكانت الردود طبقاً لذلك. كاتب المقالات محمد السيد صالح، كتب رداً على ذلك: “نشاطات القمع الإسرائيلية وتوسيع المستوطنات التي تستهدف إفشال حل الدولتين توسعت في العقود الثلاثة الأخيرة، لكن ما تسببت به حماس في “طوفان الأقصى” يشكل خطراً بعشرة أضعاف هذه النشاطات. في البيان الذي نشرته صحيفة “المصري اليوم”، كتب أنه يعتقد أن جزءاً كبيراً من الرأي العام المصري والعربي يتفق معه في رأيه. مصر الرسمية أوضحت بأنه رغم تصريحات الحية، فإنها ستواصل بذل جهود الدفع بالمفاوضات قدماً، حتى لو كانت أدوات ضغطها على حماس محدودة.
يبدو أن مبادرة السعودية وفرنسا، التي انضمت إليها دول غربية، التي أعلنت عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية (بشروط مقيدة)، ربما توفر لحماس السلم الذي يمكنها من نزع سلاحها. نظرياً، قد تدعي حماس بأنها هي التي حققت الحلم الوطني الفلسطيني وليس م.ت.ف أو السلطة الفلسطينية. ولكن هذه المبادرة تنقصها الأرجل التي تعطيها الأفق الواقعي. إسرائيل تعتبرها تهديداً و”هدية للإرهاب”، والولايات المتحدة التي تقف من ورائها أوضحت موقفها عندما فرض ترامب عقوبات ضبابية على قيادة م.ت.ف وشخصيات رفيعة في السلطة الفلسطينية.
حماس شريكة فكرية في موقف إسرائيل والولايات المتحدة، لأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيجبرها على الاعتراف بإسرائيل والتنازل عن الكفاح المسلح، وبالأساس فقدان دورها في إدارة هذه الدولة وتشكيل صورتها. جهات في حماس تقول إنه لا أحد سأل حماس عن رأيها، ولم يحاول الاستيضاح عن موقفها إذا اعترف المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية.
مصدر فلسطيني في الضفة الغربية، مقرب من حماس، قال للصحيفة بأنه في السابق، في محادثات المصالحة بين فتح وحماس التي أدت إلى الإعلان عن حكومة فلسطينية مشتركة، تمت مناقشة قضية طابع الدولة الفلسطينية المستقبلية، بل وكانت هناك تصريحات علنية بشأن التزام حماس بتبني جميع الاتفاقات التي وقعت عليها م.ت.ف، بما في ذلك اتفاق أوسلو، والسعي إلى الدولة الفلسطينية، لكن “هذه التفاهمات تحطمت، وتم نفي التصريحات أو تم تعديلها خلال فترة قصيرة”.
حسب أقوال المصدر نفسه، إن حماس الآن في مكان آخر، وليس فيها من يتخذ قرارات سياسية مبدئية. البنية الهرمية التي ميزت حماس في السابق انهارت، ومجلس الشورى (الجسم الذي يصوغ ويملي المواقف الايديولوجية، التي تنبثق منها استراتيجية حماس) ضعيف ومنقسم ولا سيطرة له على الأرض. ومثله أيضاً وضع مجلس القيادة، المسؤول عن معالجة شؤون حماس الذي تشكل عقب اغتيال إسماعيل هنية في تموز 2024، الذي يشارك في عضويته من بين آخرين: خالد مشعل، والحية، والمسؤول عن الضفة زاهر جبارين، والأمين العام نزار عوض الله، ودرويش الذي يترأس أيضاً مجلس الشورى. الصداقة والاتفاق لا تميز هذه المجموعة، سواء على الصعيد الشخصي أو الأيديولوجي أو السياسي. ويكفي التذكير بأن نزار عوض الله كان خصماً سياسياً ليحيى السنوار، وتنافس أمامه على منصب رئيس المكتب السياسي في غزة. أما مشعل، الذي فصل المنظمة عن سوريا عقب المذبحة التي نفذها بشار الأسد ضد مواطنيه وتسبب بمقاطعة طويلة بين حماس وإيران، فيعتبر الآن عنصراً “معتدلاً”، يدفع نحو تسويات ستضع نهاية للحرب. ودرويش يعتبر مقرباً من بلاط خامنئي.
الخلافات الشخصية والفكرية هذه يضاف إليها حقيقة أن حماس الآن لا تملك شخصاً قوياً وكاريزماتياً يمكنه اتخاذ قرار وفرضه على أعضاء القيادة. وحسب أقوال مصادر اقتبست في صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، فإن الأمر انعكس مؤخراً بأن حماس تتشاور مع التنظيمات الفلسطينية الأخرى، مثل “الجهاد الإسلامي” والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في كل مرة يقدم لها الوسطاء اقتراحاً، في حين أن حماس لم تكن تهتم لمواقفهم من قبل تقريباً.
يصعب التقدير كيف سيؤثر توسيع دائرة التشاور على المفاوضات، وليس واضحاً أيضاً مستوى خضوع الذين يسيطرون بالفعل على المخطوفين لقيادة حماس. الافتراض هو أن النقاش المفصل في قضايا عملية تتعلق بصيغة الصفقة، قد يشير إلى حماس تملك قدرة على تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه، ولكن لا ضمانة لذلك.
-------------------------------------------
إسرائيل هيوم 3/8/2025
من فك الارتباط إلى 7 أكتوبر
بقلم: ايال زيسر
شكل فك ارتباط إسرائيل عن قطاع غزة في 2005، وقبل ذلك، الانسحاب أحادي الجانب من الحزام الأمني في جنوب لبنان في أيار 2000، نقطة انعطافة في تاريخ النزاع الإسرائيلي – العربي، وهما رفعانا إلى الطريق التي أدت إلى هجمة في 7 أكتوبر.
يمكن الجدال في المنطق الذي قبع خلف هاتين الخطوتين، اللتين في أساسها الإيمان الهزيل بأن حماس وحزب الله معنيان بالهدوء ولن يلاحقانا بعد الانسحاب. لكن لا شك بأن الشكل الذي أخرجتا فيه هاتين الخطوتين إلى حيز التنفيذ، هروب بلا اتفاق وتحت النار بث رسالة انثناء واستسلام بل وأخطر من هذا – أقنع أعداءنا بأنه يمكن كسر قوة إرادتنا، وإنه تحت ضغط هجمات الإرهاب فاننا نحن سنكون من نتراجع أولا.
حتى ذلك الحين كان دارجا بالذات الافتراض بان النزاع الإسرائيلي – العربي يتقدم نحو حله، والدليل – في التسعينيات خاضت إسرائيل مفاوضات للسلام مع كل أعدائها، بل إنها وقعت مع بعض منهم اتفاقات سلام. نقطة منطلق الطرف العربي في النزاع كانت رفض مصمم للاعتراف بحقنا في الوجود وإيمان عميق بأن تصفية إسرائيل هي "ضرورة تاريخية" بل هدف قابل للتحقيق. غير أنه بمرور السنين، وحتى وإن كان بلا مفر، بدأ العرب يسلمون بوجود إسرائيل.
حرب الأيام الستة، وبعدها حرب يوم الغفران، هما اللتان شقتا الطريق للسلام لأنهما قوضتا إيمان العرب بأن نصرهم في المعركة مضمون. فقد تبين لحكام العرب بأنهم إذا كانوا يريدون أن يستعيدوا الأراضي التي فقدوها في أثناء الحربين، وإذا كانوا يريدون الوصول إلى قلب بل وإلى جيب الولايات المتحدة لأجل التصدي للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية الداخلية، فإن عليهم أن يتوصلوا إلى تسوية سلمية مع إسرائيل.
غير أن الإيمان بأن ليس للعرب مفر غير إقامة سلام مع إسرائيل تعرض لضربة قاسية في العام 2000، عندما انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان بعد أن فشلت في محاولاتها إنزال الهزيمة بحزب الله وفرض تسوية سلمية على لبنان. بعد خمس سنوات من ذلك، في آب 2005 عادت إسرائيل ورفعت علما أبيض، عندما انسحبت من قطاع غزة في ضوء هجمات لا تتوقف من حماس.
لا غرو ان زعماء حزب الله وحماس سارعوا إلى عرض الانسحابات الإسرائيلية كنقطة انعطافة تاريخية في تاريخ الصراع الإسرائيلي – العربي، إذ افلحوا في أن يحققوا ما لم تفلح فيه أي دولة أو أي جيش عربي في الماضي – طرد إسرائيل من أرض استولت عليها دون أي شرط أو مقابل، فما بالك دون أن يتعهد الطرف العربي بالتوقيع معنا على اتفاق سلام. العكس هو الصحيح: منظمات في غزة وفي لبنان أوضحت لنا بأنها ستواصل الصراع ضد إسرائيل حتى بعد الانسحاب. بل إنهم تباهوا في أنهم أفلحوا في إيجاد المفتاح لهزيمة إسرائيل – كون المجتمع الإسرائيلي شعبا مدللا، مجتمع لم يعد يمكنه أن يتحمل ثمن خسائره، ومطالب بأن يحمي أمنه.
-------------------------------------------
هآرتس 3/8/2025
عملية انتحارية صناع القرار تبنوا نظرية: “لتمت نفسي مع الفلسطينيين”
بقلم: ايريس ليعال
الظواهر العرضية للكارثة التي لا يمكن استيعابها، والتي تسببت بها اسرائيل في غزة، مقلقة جدا. جسور اسرائيل مع دول العالم الحرب تم احراقها واحدا تلو الآخر، وكل من ادار الحرب أو شارك في القرارات، بدأ يسلم بحقيقة انه لا يمكن ان تطأ قدميه عواصم العالم بدون المخاطرة بنفسه. ضد بنيامين نتنياهو ويوآف غالنت توجد مذكرات اعتقال اصدرتها محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وهولندا حظرت دخول اليها بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. ولكن من المؤكد ان هذه الدائرة ستتسع. يتجول بيننا اشخاص كانوا وما زالوا يشاركون في قرارات ادت الى قتل 60 ألف شخص في غزة، بينهم 18500 طفل. “الواشنطن بوست” نشرت بانه حسب اليونسيف فانه منذ بداية الحرب الاطفال ماتوا بوتيرة مخيفة تبلغ اكثر من طفل واحد في الساعة بالمتوسط. الصحيفة التي نشرت اسماء عشرات الاطفال اضافة: “بعضهم قتلوا اثناء النوم، وآخرون اثناء اللعب، وكثيرون دفنوا قبل ان يتعلموا المشي”.
هذه حرب ابادة لمن يجد صعوبة في التوفيق بين اليهودية وبين التعريف القانوني للابادة الجماعية. كل “تسوية” للمباني، التي يحبون الاحتفال بها هنا، تدفن تحتها مئات الاشخاص، نساء واطفال رضع واولاد وشيوخ. الادعاء بان الحرب هي امر وحشي وخطير ويزهق حياة الناس لا يسري على عدة وقائع قاطعة، مثل ان اسرائيل قررت في آذار الماضي وقف ادخال الطعام الى غزة، وهي تدرك معنى هذا القرار بالضبط. في شهر نيسان وصلت تحذيرات من ان غزة توجد على شفا الجوع، لكن لم يتم فعل أي شيء لمنع ذلك.
اضافة الى ذلك الحكومة عرفت ان “جي.اتش.اف”، الجسم المسؤول عن توزيع المساعدات الانسانية في غزة، لا يوفر المواد الغذائية للاطفال الرضع، وانه اذا لم تدخل هي نفسها وبشكل مستعجل هذه المواد الى القطاع فان الاطفال الرضع سيموتون بسبب الجوع. اسرائيل عرفت عن الوضع الصعب في المستشفيات القليلة التي بقيت بعد تدميرها للمستشفيات الاخرى، وكان يجب عليها ان تعرف بان الطواقم الطبية نفسها جائعة وضعيفة. ايضا في التفسير المخفف لخطواتها فان الامر لا يتعلق بالتجاهل والاهمال الاجرامي والاخطاء التكتيكية. يمكن ان تكون ايضا امور كهذه، لكن الافتراض الذي وجه بنيامين نتنياهو وحكومته هو ان العالم سيبتلع ويهضم بشكل معين تجويع آلاف الاطفال، وانه لن يكون للقتل الجماعي ثمن دبلوماسي باهظ.
بعد مواجهة موجة الغثيان التي تهاجم أي عقلاني يقرأ عن هذه الامور، وفي خضم اشد ازمة دبلوماسية في تاريخ اسرائيل، هناك سؤال يجب مواجهته وهو كيف نحكم على اداء الوزراء ورؤساء جهاز الامن ورئيس الاركان وكبار قادة الجيش والشباك ورئيس الموساد الذي قام بالصلاة مؤخرا على قبر الحاخام ميلوفيفيتش، يصعب لومه. يمكن الافتراض بان كل من شارك في اتخاذ القرارات من اليوم الاول للحرب، واسوأ من ذلك الذين ما زالوا يتخذون القرارات، يدركون انهم متورطون في جرائم حرب والتطهير العرقي والابادة الجماعية. ويبدو أن ارجلهم لن يكون لها موطيء قدم في اوروبا وكندا واستراليا. ويحتمل ان الولايات المتحدة غير مضمونة لهم ايضا، بالتأكيد بعد ترامب.
لم تعد هناك أي اهداف عسكرية اخرى لتحقيقها في غزة. كل هيئة الاركان تعرف ذلك. وقتل النازحين الباقين والمخطوفين، هذا لا يعتبر هدف عسكري. اذا كانت رغبة الانتقام في اعقاب الفشل الذريع في 7 اكتوبر قد اشعلت كل الآخرين، الى جانب الحاجة الى تطهير النفس بواسطة التدمير والتخريب، فما هو المزاج السائد الآن؟ كيف يؤثر ادراكهم للوضع الذي يوجدون فيه على قراراتهم؟ هل هم مؤهلون للبت في مصيرنا؟ هذه الاسئلة يجب ان تقلقنا جميعنا، لأن عمليات الانتحار ليست غريبة على الديانة اليهودية ويجب عدم استبعاد ان متخذي القرارات قد تبنوا نظرية “لتمت نفسي مع الفلسطينيين”، نحن في دور الفلسطينيين في هذه المرة.
-----------------انتهت النشرة-----------------