الهدم الذاتي في القدس الشرقية.. مسار إجباري!

في خضم التحديات التي يواجهها الفلسطينيين، تحت حصر الاحتلال الإسرائيلي، يبرز مشهد متكرر لأعمال الهدم الذاتي للمنازل في أحياء القدس الشرقية، خاصة حي سلوان، في ظاهرة تعكس عمق الأزمة الاقتصادية والقانونية التي يعيشها السكان الفلسطينيون في المدينة، بالتأكيد الأمر لم يكن سهلا على السكان، الذين قرروا اتخاذ القرار الصعب، لتفادي غرامات مالية ضخمة تفرضها السلطات الإسرائيلية، حال تم تنفيذ عملية الهدم من قبل الجهات المختصة.
القرار الصعب رغم قسوته، لكن غالبًا هو الخيار الوحيد المتاح أمام السكان الذين قاموا بتشييد المنازل دون الحصول على التراخيص اللازمة، إما بسبب التعقيدات البيروقراطية، أو لأن إصدار التراخيص في القدس الشرقية يكاد يكون مستحيلًا للفلسطينيين، مما يدفعهم للبناء وفق الحاجة، لا وفق القانون، ولذلك تصبح منازلهم مهددة بالهدم في أي لحظة.
- أبعاد قانونية واجتماعية
ومن المؤكد أن أعمال الهدم الذاتي، لا تعني فقط خسارة مسكن، بل هي خسارة للاستقرار، والشعور بالأمان، وتبديد للجهود التي بذلها السكان على مدار سنوات طويلة، لذلك يُفضل الكثير من السكان هذا الخيار الصعب، على تحمل أعباء مالية إضافية، والتي تفرض كغرامات وأجور لعمليات الهدم القسري.
الأزمة لا تقف عند حدود الخسائر المادية، بل تتداخل فيها أبعاد قانونية واجتماعية ونفسية، فكل هدم ذاتي هو ضربة جديدة للهوية الحضارية للفلسطينيين في المدينة، ومحاولة لإعادة تشكيل المشهد السكاني والسياسي لصالح مشروعات التهويد والاستيطان، التي تقوم بها إسرائيل.
- ارتفاع معدل البطالة
الهدم الذاتي لا يمكن اعتباره حلًا عادلًا، فهو يعكس غياب العدالة في توزيع الحقوق العمرانية، وفي ظل هذه الظروف المعقدة، تبدو الحاجة ملحة لإعادة النظر في السياسات التخطيطية في القدس الشرقية، وإيجاد حلول قانونية وإنسانية تسمح للفلسطينيين بالبناء الآمن والمستقر في أرضهم، دون أن يُجبروا على هدم منازلهم بأيديهم.
بعض العائلات تضطر للعيش في مساكن مؤقتة بعد الهدم، مما يزيد من العبء النفسي والاجتماعي عليهم، في ظل معاناة السكان من ارتفاع معدل البطالة وغلاء المعيشة، الناتج عن الحصار الإسرائيلي لحافلات البضائع ومنع وصولها للمتاجر، مما يجعل من الصعب توفير تكاليف الغرامات أو الترميم.
- سياسة القمع
مواجهة الأزمة الصعبة، يتطلب إصلاح نظام تراخيص البناء، ليتناسب مع الواقع السكاني والاحتياجات الإنسانية في القدس الشرقية، بالإضافة إلى توفير دعم قانوني واقتصادي للسكان، لتمكينهم من تحسين مساكنهم دون خوف من الهدم، وتشجيع المؤسسات الدولية على مراقبة عمليات الهدم والمطالبة بسياسات عمرانية عادلة، ودعم مبادرات إسكان جماعي تراعي الخصوصية الفلسطينية وتُعزز صمود السكان.
سياسة القمع التي تمارسها إسرائيل تجاه الفلسطينيين، في مختلف المجالات، تسببت في أزمات متلاحقة، وحصار على كافة المستويات الحياتية، إلى جانب عدم وجود آلية قانونية يستند إليها السكان، لتجنب هذا الحل المرير، ولكن الأمر يتطلب أيضا السعي من جانب الأجهزة الفلسطينية المختصة، لإيجاد صيغة قانونية تهدف في المقام الأول، إلى إعلاء مصلحة السكان، دون وضع أعباء وعراقيل، تزيد من حجم المعاناة المفروضة عليهم.هم.