سيناريوهات بقاء حكومة نتنياهو بعد انسحاب أحزاب الحريديم

يحاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إنقاذ حكومته بعد إعلان أحزاب الحريديم (المتزمتين دينياً) نيتها الانسحاب من الائتلاف الحكومي، بسبب عدم تمرير قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية. ونقلت وسائل إعلام عبرية ومنها صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء، عن مصادر في الأحزاب الحريدية، قولها إن حركة شاس قررت الانسحاب من الحكومة هذا الأسبوع بسبب أزمة قانون التجنيد، وأن الانسحاب مخطط له أن يكون يوم الخميس القادم، ولكن إذا اجتمع مجلس حكماء التوراة قبل ذلك، فقد يحدث الانسحاب غداً الأربعاء. وتنضم “شاس” بذلك إلى إعلان حزبي “ديغل هتوراه” و”أغودات يسرائيل”، اللذين يشكّلان قائمة يهدوت هتوراه، بالانسحاب من الحكومة للسبب ذاته.
وانشغلت حكومة الاحتلال بمحاولة إنقاذ نفسها وخلافاتها حول صيغة قانون التجنيد، الليلة الماضية، في وقت أعلن الجيش عن مقتل ثلاثة جنود في تفجير دبابة شمال قطاع غزة، ما أثار موجة انتقادات واسعة. ويمر جيش الاحتلال الإسرائيلي بإحدى أكثر الفترات تعقيداً منذ إقامته، وسط أزمة “خطيرة” في القوى البشرية مع استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة واستنزاف قواته.
وترى شريحة واسعة من الإسرائيليين أنه لا حق في الوجود لحكومة تفضل مصالح ائتلافها ومركباته على المصلحة العامة، خاصة مع التقديرات، كما نُشر في موقع واينت العبري اليوم، أن جيش الاحتلال يحتاج لعشرات الآلاف من الجنود، أكانوا جدداً أم متمرسين، من أجل ملء الصفوف بشكل مثالي، بما يحفظ أمن إسرائيل ويقدم أيضاً حلاً مناسباً لاستنزاف جنود الاحتياط والجنود النظاميين، الذين يتحملون العبء. واعتبر الموقع أن أي إفشال مقصود لتمرير قانون تجنيد، يضمن العدالة والمساواة في توزيع العبء وتفضيل الاحتياجات السياسية عليه، ستكون له دلالة واضحة بأن “جيش الشعب في خطر حقيقي”.
من جانبها، ذهبت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم، لاستعراض السيناريوهات المحتملة لمصير حكومة بنيامين نتنياهو، معتبرة أنه من غير المتوقّع أن يؤدي إعلان “ديغل هتوراه” و”أغودات يسرائيل”، مساء أمس، الانسحاب من الائتلاف الحكومي، إلى انهيار فوري للحكومة، حتى لو انضمت إليهما حركة “شاس”. ذلك أن رئيس حزب “يَهدوت هتوراه”، يتسحاق غولدكنوبف، انسحب بالفعل من الائتلاف في أعقاب الأزمة حول القانون ذاته عشية العدوان الإسرائيلي على إيران، وعليه فإن انسحاب حزبه “أغودات يسرائيل” سيكّلف الائتلاف مقعدين. أما مغادرة “ديغل هتوراه” فستُفقد الائتلاف أربعة مقاعد إضافية. وحتى يوم أمس، كان للائتلاف 67 نائباً في الكنيست، وبالتالي ستظل لديه أغلبية ضئيلة حتى بعد انسحاب الحزبين المكوّنين لـ”يهدوت هتوراه”. وإذا انضمت “شاس” بـ11 عضواً إلى هذه الخطوة، فستتحول الحكومة إلى حكومة أقلية.
وذكرت الصحيفة أنهم في حزب “الليكود”، يعتقدون أن الأحزاب الحريدية لن تُسقط الحكومة حتى لو انسحبت “شاس”، خشية أن تواجه صعوبة أكبر في تمرير قانون إعفاء الحريديم من التجنيد في الكنيست المقبلة. وقد تعرقل هذه الأحزاب التشريعات الائتلافية من مقاعد المعارضة، أو تمنح الحكومة شبكة أمان لمنع سقوطها وتواصل المفاوضات بشأن القانون. ويمكن للأحزاب الحريدية أن تتحالف مع المعارضة وتُصوّت لمصلحة حل الكنيست أو إسقاط الحكومة من خلال تصويت حجب ثقة بنّاء، والذي بموجبه تُقام حكومة بديلة على أساس الكنيست الحالي. ومع ذلك، يعتقدون في حزب الليكود أن هذا السيناريو غير واقعي، لأن الأحزاب لا ترغب في تفكيك الحكومة الحالية، وذلك لأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أي ائتلاف يُقام بعد الانتخابات القادمة سيكون أقل ودّية لمصالحها. كما يعتقدون في الليكود أن الأحزاب الحريدية تخشى أن تتركز الحملة الانتخابية القادمة حول قضية الإعفاء من الخدمة العسكرية. ومن شأن مثل هذا التركيز أن يزيد من المعارضة الشعبية للموضوع ويصعّب على الحكومة القادمة دفع تشريع يُوافق عليه من الحاخامات.
الخيار الثاني هو أن تجلس الأحزاب الحريدية في المعارضة، لكنها تمنح الحكومة شبكة أمان وتمنع إسقاطها. ومن المحتمل أن تبحث عن فرصة للعودة إلى الائتلاف بعد انتهاء عطلة الكنيست الصيفة المتوقّع أن تبدأ خلال أسبوعين، إذا تم التوصل حتى ذلك الحين إلى حل لقضية الإعفاء من الخدمة العسكرية. وإذا انسحبت حركة شاس أيضاً من الائتلاف، فإن الأحزاب الحريدية ستتحول إلى بيضة القبان، ويمكنها أن تقرر في أي لحظة حل الكنيست. ومع ذلك، كما ذُكر، ليس من الواضح ما إذا كان لديها مصلحة في القيام بذلك. كما أنه في حال انسحاب “شاس”، ستتحول الحكومة إلى حكومة أقلية وستجد صعوبة في العمل واستكمال التشريعات في الكنيست. ويمكن للكتل البرلمانية المنسحبة مواصلة مقاطعة عمليات التصويت التي مارستها في الأشهر الأخيرة، بل وتُصعّدها وتتعاون مع المعارضة في بعضها، مما يمنع الحكومة من دفع التشريعات. وبهذا، يمكن للأحزاب أن تخلق لنفسها وسيلة ضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتنتزع منه إنجازات لقطاعات معينة مقابل دعمها لمقترحات القوانين التي تسعى الحكومة إلى تمريرها رغم المقاطعة.
ومن المتوقع أن يحاول نتنياهو كسب الوقت خلال الأسبوعين المقبلين للوصول إلى عطلة الكنيست دون أن تسقط حكومته. وبهذا، سيتمكن من تأمين ثلاثة أشهر إضافية من الهدوء، إذ إن الكنيست لا تُقدّم تشريعات خلال العطلة، ولا يستطيع أعضاء الكنيست التصويت على حلها أو إسقاط الحكومة. وقد تكون الدورة الشتوية، التي ستبدأ في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، الدورة الأخيرة لحكومة نتنياهو الحالية، نظراً للصعوبات المتوقعة في تمرير الميزانية حتى مارس 2026.