ليبراسيون: الاعتراف بفلسطين.. خطوة تاريخية يجب الترحيب بها

شددت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، في افتتاحيتها، على ضرورة أن يتم الترحيب بلا تردد بالمبادرة التي اتخذها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاعتراف رسميًا بدولة فلسطين. فلولاه، لبقيت هذه الفكرة التي تطوف في الأجواء منذ عقود حبراً على ورق. وبدونه، ما كانت دول كبرى أخرى ستتبعه، مثل المملكة المتحدة وكندا وأستراليا التي اعترفت بفلسطين يوم الأحد.
لقد استغرق الرئيس وقتًا طويلًا ليدرك أهمية هذا القرار، بعدما كان في البداية مفتونًا بـ“أمة الشركات الناشئة” في إسرائيل، وراغبًا خصوصًا في كسر تقاليد وزارة الخارجية الفرنسية، تقول “ليبراسيون”، مضيفةً أن تكثيف القصف على غزة، مقترنًا بمشاريع القادة الإسرائيليين الرامية إلى الاستيلاء على جميع الأراضي الفلسطينية بعد تفريغها من سكانها، أنهى تردده.
فكان لا بد من اتخاذ خطوة حاسمة، والقيام بما لم يجرؤ أي رئيس فرنسي قبله على فعله، وقيادة الجزء من العالم المستنكر للمأساة الجارية في غزة. كان عليه أن يترك بصمته في التاريخ. وقد فعل ذلك، أو بالأحرى سيفعله رسميا اليوم الاثنين من على منبر الأمم المتحدة، وليس من المستبعد أنه يسعى من خلال ذلك أيضًا إلى استعادة صورته التي تضررت بفعل إخفاقاته الداخلية، وفق “ليبراسيون” دائمًا.
لكن، مع كل ذلك، ماذا سيتغير بالنسبة للفلسطينيين؟ تتساءل الصحيفة الفرنسية في افتتاحيتها، معتبرةً أن كلّ شيء ولا شيء في الوقت نفسه. فكل شيء، لأن الفلسطينيين اليوم لم يعد لديهم شيء، حيث تم تجويعهم وطردهم من أراضيهم، ويُقتلون بالعشرات كل يوم أو تقريبًا، وفقدوا ذكرياتهم ومدارسهم ومستشفياتهم وحقولهم. ويمنحهم هذا الاعتراف مكانة من جديد في العالم، شرعية وحقوقًا.
ولن يمنع قرار ماكرون القادة الإسرائيليين من مواصلة قصف غزة وضم الضفة الغربية، بل على العكس، قد يثير غضب المتطرفين الذين يقاتلون منذ عقود ضد قيام دولة فلسطينية، وعلى رأسهم نتنياهو الذي صرّح يوم الأحد أن هذا الاعتراف “يعرّض إسرائيل للخطر”. وبحسبه وبحسب مؤيديه، فإنه بمثابة هدية لحماس. لكن الأمر على العكس تمامًا، إذ إن هذا الاعتراف مشروط بأمرين:
استبعاد حماس وتجريدها من السلاح. كما أنه يندرج ضمن ما يُسمى بـ“حل الدولتين” الذي سيتيح لإسرائيل وفلسطين أن تعيش كل منهما على حدة، وهو ما سيكون أفضل ضمانة لأمنهما. قد يبدو هذا الحل اليوم غير واقعي، لكن سيكون مأساويًا للشعبين التخلي عنه. ومن أجل ذلك، لا ينبغي الاكتفاء بالكلمات والرموز، بل يجب الآن الانتقال إلى الأفعال، تقول “ليبراسيون”.