الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 15/12/2025 العدد 1486
|
الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
إسرائيل اليوم 15/12/2025
اغتيال رائد سعد: هل يمنح ترامب «ضوءاً أخضر» للاغتيالات في غزة؟
بقلم: يوآف ليمور
كان سعد هدفاً لإسرائيل على مدى أعوام طويلة، وفشلت في محاولات اغتياله حتى أول من أمس. وإلى جانب عز الدين الحداد، الذي يقود الجناح العسكري لـ"حماس" في غزة حالياً، يُعدّ سعد الوحيد المتبقي من بين الذين شغلوا مواقع قيادية في قمة التنظيم عشية الحرب، وواحدا من القلائل الذين كانوا شركاء في سرّ خطة الهجوم التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "جدار أريحا".
عزَت إسرائيل تصفية سعد إلى نشاطات راهنة كان يقودها بهدف إعادة بناء قدرات "حماس"، وكذلك إلى تفجير عبوة ناسفة بالقرب من جنوب القطاع، أدى إلى إصابة جنديَّين من قوات الاحتياط، أول من أمس، غير أن هذه التفسيرات تبدو موجهة أساساً إلى "القاضي في واشنطن": فالسبب الحقيقي هو حساب الدم الذي كان لإسرائيل معه، وباختصار بكلمة واحدة: الانتقام.
حتى مساء أول من أمس، لم تؤكد "حماس" مقتل سعد فعلاً، وربما يدلّ ذلك على حالة من الارتباك داخل التنظيم، وإن كان هناك شك أصلاً في قدرته على الرد بشكل مؤثر؛ فحركة حماس فقدت قدراتها العسكرية، في معظمها، وكذلك سلسلة القيادتين العسكرية والمدنية خلال الحرب، وهي في وضعٍ تنظيمي صعب. حالياً، تركز جلّ جهودها على تعزيز سيطرتها على الجزء الغربي الخاضع لنفوذها من القطاع. ويمكن الافتراض أن إسرائيل أخذت ذلك في الحسبان عندما صادقت على عملية التصفية، بدعم كامل من القيادة السياسية - الأمنية.
يبدو أن الخطر الوحيد الذي خاطرَت به إسرائيل هو علاقتها بالإدارة الأميركية في واشنطن؛ فاغتيال سعد يتيح لها اختبار ردة فعل الرئيس ترامب، الذي يُعدّ الاتفاق في غزة أهم إنجاز سياسي له في عامه الأول من ولايته الثانية. مؤخراً، طلب ترامب من إسرائيل ضبط نشاطها في غزة لإتاحة الفرصة للدفع بالاتفاق قدماً؛ وإذا لم يغضب، الآن، ففي إمكان إسرائيل أن تعتبر ذلك ضوءاً أخضر، ضمنياً، لمواصلة تصفية كبار قادة "حماس" في غزة، على غرار السياسة التي تنتهجها في لبنان.
من جهتها، ستسعى "حماس" لعرقلة ذلك، وستفعّل رعاتها في قطر وتركيا، أملاً بإقناع ترامب بكبح جماح إسرائيل. هذا الصراع على التأثير في الرئيس – وبالتالي في سياسته – سيحدد شكل الواقع في مواجهة غزة خلال الفترة المقبلة؛ إسرائيل معنية بتأجيل الانتقال إلى المرحلة الثانية قدر الإمكان، خوفاً من أن يفرض عليها انسحابات إضافية من دون تغيير جوهري في الوضع داخل القطاع، وهي تعزو التأخير، من بين أسباب أُخرى، إلى عدم إعادة جثمان الأسير القتيل، رن غيلي، الذي تدّعي "حماس" أن الخيوط الاستخباراتية التي تلقّتها من إسرائيل لم تؤدِّ إلى العثور عليه.
في هذه الأثناء، يواجه الأميركيون صعوبة في بلورة قوة متعددة الجنسيات تتولى المسؤولية الأمنية عن غزة، وتعمل على نزع سلاحها، فضلاً عن أن الجهد الرامي إلى جمع مليارات الدولارات اللازمة لإعادة إعمار القطاع يسير ببطء شديد: وعلى غرار ما كان الوضع عليه في السابق، يتكشف فارق هائل بين التعهدات الشفهية والتنفيذ الفعلي المكتوب؛ سيُطلب من ترامب استخدام كل ثقله لاستخراج الأموال التي وُعِد بها، بما في ذلك من دول غنية، وعلى رأسها السعودية، وإلّا فربما تغريه العودة إلى المال القطري.
بالنسبة إلى إسرائيل، هذه المعضلة إشكالية لأنها تفضي إلى ثلاثة بدائل سيئة: الأول، ألّا يثمر شيء من الوعود الكبيرة وتبقى "حماس" في الحكم بشكل علني. الثاني، أن يضع الأميركيون شارة "النصر" على التجربة، وإعلان نجاحها، ويكتفون بإقامة كيان حُكم شكلي تختبئ خلفه "حماس". والثالث، أن ينهار الاتفاق، وتُضطر إسرائيل إلى العودة إلى قتال واسع النطاق في غزة، بكل أثمانه البشرية والاقتصادية والسياسية.
في هذه المرحلة، من المرجّح أن تسعى إسرائيل، ولو شكلياً، لإعطاء تنفيذ الاتفاق فرصة، حسبما يطلب ترامب، وستبرّر عملية الاغتيال، مثلما ذُكر، بالحاجة العملياتية الفورية، مع مطالبة "حماس" بوقف الانتهاكات التي ترتكبها. وفي الوقت عينه، ومن أجل عدم استفزاز الإدارة الأميركية أكثر من اللازم وعدم الظهور كأنها قررت أن تجن، امتنعت إسرائيل من تنفيذ هجوم كان مقرراً، أول من أمس، على بنى تحتية لـ"حزب الله" في لبنان، وقالت إسرائيل، إن الضربة المخطط لها أُلغيت لأن الجيش اللبناني تعهّد بمعالجة الأمر بنفسه، ويمكن النظر إلى ذلك على أنه إشارة إيجابية إلى أن التهديد بتصعيد الضغط العسكري، إلى حد استئناف الحرب، يؤتي ثماره ويدفع الجيش اللبناني إلى التحرك، ومع ذلك، يُنصح بعدم التسرع في الاستنتاجات: فحتى الآن يبقى احتمال البدء بجولة جديدة مع "حزب الله" مرتفعاً، وإن كان مؤجلاً إلى وقت لاحق.
-----------------------------------------
هآرتس 15/12/2025
أعضاء “النواة التوراتية” يهاجمون حاملاً في شهرها الثامن.. وفلسطينيو يافا: “التطهير العرقي” هدفهم
بقلم: يئير بولداش
كانت تكفي حادثة منفردة لإشعال النار في العلاقة المتوترة أصلاً بين سكان يافا العرب والنواة التوراتية- البلدية والحكومة. السبت الماضي، قام عدة شباب برشّ عائلة محلية عربية بغاز الفلفل، ما تسبب بنقل امرأة حامل (30 سنة) إلى المستشفى. المرأة والجنين في حالة جيدة، ولكن سكان المدينة العرب الذي يشعرون بالاضطهاد في مدينتهم، قرروا الاحتجاج ونظموا مسيرة في شارع يافيت. بعد بضع ساعات، في ليلة السبت – الأحد، طرق رجال الشرطة باب أحد المتحدثين في المظاهرة وأبلغوه بأنه معتقل للتحقيق معه بتهمة الإخلال بالنظام العام. في وقت لاحق في اليوم نفسه، اعتقلت الشرطة 13 مشبوهاً آخر شاركوا في المظاهرة. التوتر في يافا يتعاظم بين حين وآخر.
أمس، خرجت الناشطة الاجتماعية إيناس أبو سيف مع 200 امرأة عربية ويهودية تحت شعار “تجمع طارئ – نساء يافا يطالبن بالأمن”. “نحن نعرف ما الذي يصيبنا كل يوم من النواة التوراتية. لا تقولوا لنا إن هذا نزاع على موقف سيارة”، قالت، وتطرقت إلى رواية الشرطة الأولية التي تقول إن الحادث الذي جرى السبت كان حول مكان لوقف السيارة. “نجمع شهادات أخرى عن هجمات أعضاء النواة التوراتية”. وحسب قولها، فإن البلدية والحكومة (الجسم المسؤول من قبل البلدية عن يافا)، “أصدرتا بيان تهدئة فقط: اهدأوا. هذا كل شيء”.
مرت المسيرة بهدوء ودون اعتقالات، بعد ذلك، أعلن رئيس المجلس الإسلامي في يافا وعضو مجلس بلدية تل أبيب – يافا السابق عبد أبو شحادة، عن إضراب شامل في يافا اليوم، سواء في المحلات التجارية أو المدارس. ودعا سكان المدينة اليهود للانضمام إلى الإضراب. “قد لا نتفق على أمور كثيرة، سياسية وفكرية وأيديولوجية. ولكننا نتفق على أنه رفض تعرض امرأة حامل في شهرها التاسع للهجوم في الشارع. من يعتقد أن هذا سيقتصر على المجتمع العربي فهو مخطئ”.
حسب التقديرات، ينتمي للنواة التوراتية مئات اليهود في يافا، ولديهم كنس ومدارس دينية وحتى مدرسة تمهيدية عسكرية تعمل هناك. “وجودهم ليس بالصدفة، ويتجولون بصورة استعراضية في مجموعات حاملين أسلحتهم”، قالت أبو سيف. “هذا يخلق الذعر في المنطقة”.
الناشطة الاجتماعية التي هي من مواليد المدينة، يارا غرابلة، انضمت لأقوال أبو سيف، وقالت: “هم حاضرون بكثافة، تمولهم البلدية التي تحاول الإظهار بأن هناك عالمية، “كسموبوليتانية” وليبرالية. ولكن وحسب قولها، هدف وجود هذه النواة التوراتية في المدينة هو الوصول إلى “تطهير عرقي” و”تطهير طبقي” المتشابكان ببعضهما.
الناشطة الاجتماعية خديجة سراري، أكدت أن النواة التوراتية هي لب المشكلة، لكن الأمور لا تقتصر عليها، بل ترتبط أيضاً بسلوك البلدية والسلطات. “أن تسير في يافا وتعيش هنا فهذا أمر أصبح صعباً جداً”، قالت. “في الأشهر الثلاثة الأخيرة، نشاهد موجة جنون للنواة، كونهم هاجموا امرأة حاملاً يظهر أن الخوف الذي بتنا نشعر به بات أمراً قائماً. ببساطة، أصبح ملموساً الآن”.
في المسيرة التي جرت أمس، أعربت النساء عن تخوف من تفاقم الأمور. ” لي ابنة عمرها 17 وهي محجبة”، قالت ليزا قمُع، من سكان المدينة. “اليوم أعطيتها تعليمات حول كيفية السير في الشارع، وأي الأمور يجب أن تنتبه إليها حتى تدافع عن نفسها. هذه مدينتنا، ترعرعنا هنا ونعيش هنا، في حين أنهم جاءوا للتعلم هنا لمدة سنة، فأشعلوا المدينة كلها”.
تسلسل الأمور الحالية بدأ ظهيرة السبت. حنان خيمل، المرأة الحامل، كانت تسافر بسيارتها قرب بيت والد زوجها. جلست والدة زوجها إلى جانبها، وفي الخلف أولادها أبناء 5 و7. كان زوجها يقود السيارة التي أمامها. “فجأة، شاهدنا ثلاثة مستوطنين (من أعضاء النواة التوراتية)”، قالت. “أحدهم ضرب السيارة التي كنت أقودها وقال “عربية قذرة”، وأقوال قاسية وغير لطيفة، وكل ذلك أمام الأولاد”. وقالت المرأة أيضاً إن الأمور تدهورت في لحظة.
“نزلت والدة زوجي من السيارة وحاولت التحدث معهم، لكنهم دفعوها”، قالت. “وعندما نزل زوجي من السيارة هاجموه هو أيضاً. وبعد لحظة، استل أحدهم أسطوانة غزة بحجم ليتر، وانفجرت في وجه الجار وزوجي. بدأت وجوهنا تحرقنا، ولم نشاهد شيئاً. دخلت المادة إلى السيارة واختنقنا، شعرت أنني عاجزة، ولم أتمكن من مساعدة الأولاد أو مساعدة نفسي”.
تم نقل خيمل إلى مستشفى وولفسون، لكن النفوس في المدينة لم تهدأ. الشبكات الاجتماعية امتلأت، والسبت وصل عشرات السكان إلى بيت عائلة خيمل لدعمها. من هناك، خرجوا في مظاهرة بشارع يافيت وهم يطلقون شعارات تدين النواة التوراتية. وأعضاء المجلس الإسلامي في المدينة، الذين جرى انتخابهم في مشهد احتفالي قبل أسبوعين، جاءوا إلى المكان. أحدهم نائب رئيس المجلس الشيخ عصام السطل، وقد أطلق على أعضاء النواة التوراتية “الكلاب”. “هذه الرسالة لرئيس البلدية، نحن لا نريد المستوطنين في يافا (النواة التوراتية). تدبر أمورك وأخرجهم من هنا كما جلبتهم لنا. نحن وافقنا على حديقة للكلاب، لكننا لن نوافق على بيوت لهؤلاء الكلاب”، قال.
تفرقت المسيرة بسلام، لكن توثيقات المتحدثين فيها وصلت إلى الشبكات الاجتماعية، ودعت سلسلة حسابات يمينية إلى إنفاذ القانون ضد الخطباء في المظاهرة. عند الفجر، جاءت الشرطة إلى بيت السطل واعتقلته، فهو -حسب قولها- سمع في الاحتجاج الذي شارك فيه بشعارات عنصرية “قد تؤدي إلى خرق النظام والمس بسلامة الجمهور”. إضافة إلى ذلك، حسب بيان الشرطة، في وقت لاحق ليلاً، دعا السطل في الشبكات الاجتماعية لـ “خرق النظام، مع شعارات عنصرية ضد اليهود”. وزير الأمن القومي بن غفير أثنى على الشرطة بسبب “القيام باعتقال سريع ومهني وحازم، ودعا أمس “بالدم والروح سنفدي يافا”. مع ذلك، لم يظهر السطل وهو يقول هذه الأقوال، ويؤكد ذلك توثيق الخطاب. فيلم آخر للمظاهرة أظهر متظاهرين وهم يصرخون بهذا الشعار، ولكن غير واضح فيه إذا كان السطل مشاركاً في هذه النداءات.
محكمة الصلح في تل أبيب التي ناقشت ظهر أمس تمديد اعتقال السطل، لم تتأثر من التصريحات التي يبدو أنه قالها. على سؤال القاضية شيلي كوتين إزاء التصريح الأخطر المنسوب للسطل، أجاب رجل الشرطة بأن الشيخ قال “أنا أعرف أن مجتمع يافا رجال، وليسوا جبناء، ونحن نريد قول كلمة لكل هؤلاء المستوطنين كي يعرفوا من هم أبناء يافا الذين ينتظرونكم جميعاً”. حسب أقوال ممثل الشرطة، فهذه الأقوال قد “تشعل الجمهور لارتكاب جرائم وخرق القانون”. رفضت كوتين تمديد اعتقال السطل، وأمرت بإطلاب سراحه. ولكن ممثل الشرطة عبر عن نية الشرطة تقديم التماس، من هنا تم تأخير إطلاق سراح الشيخ حتى اليوم. من هاجموا خيمل وعائلتها لم يعتقلوا حتى الآن.
------------------------------------------
هآرتس 15/12/2025
الضفة الغربية ستشهد صليبيين جدداً يقودهم اليهود: تعالوا لتودعوا مشروعكم الفاشل
بقلم: عودة بشارات
في العام 1936 قام الأمير فيصل، الذي أصبح بعد ذلك ملك السعودية، بزيارة المسجد الأقصى. الشاعر الوطني الفلسطيني إبراهيم طوقان كتب: “المسجد الأقصى أجئت تزوره/ أم جئت من قبل الضياع تودعه”. هذا البيت كان أول ما خطر ببالي عند قراءة خبر زيارة ألف شخص إفنغلستي أمريكي للضفة الغربية. لقد جاءوا لتشجيع مشروع الاستيطان الفاشل، الذي يمر بعملية التنفس الصناعي، التي تكلف مليارات الشواكل، التي يتم تبذيرها هباء، في الوقت الذي يظهر فيه ميزان الهجرة من المستوطنات سلبياً.
اقترح دافيد بن غوريون في حينه، على شخصيات فرنسية رفيعة، بما في ذلك الرئيس تشارل ديغول، هجرة مليون فرنسي إلى الجزائر. الفرنسيون الذين يئسوا من الكولونيالية رفضوا هذا الاقتراح الكولونيالي الحماسي. “أنت تريد مليون فرنسي في الجزائر؟”، قال في حينه المندوب السامي الفرنسي في الجزائر جاك سوستل. “من أين سيأتون، في الوقت الذي نضطر فيه لجلب 400 ألف عربي من الجزائر إلى فرنسا في كل سنة؟”.
يدور الحديث وبحق عن زيارة مؤثرة. ألف إفنغلستي جاءوا لزيارة أرض آباء اليهود، وليس آباء المسيحيين. لم يأتوا راكبين على الخيول والحمير كما الحال في الحملات الصليبية. في حينه، اضطر المشاركون لدفع ثمن باهظ: خسروا الأراضي وتداينوا الأموال، وكثيرون منهم، حتى أصحاب الضيعات، أصبحوا مفلسين.
كل شيء مختلف هذه المرة. ومثلما قال ماركس: “التاريخ يتكرر مرتين؛ مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة”. هذه رحلة تثير الضحك، لا سيما أن المشاركين في هذه الحملة الصليبية، المليئين بحب إخوانهم المستوطنين، وصلوا بطائرات حديثة وفرتها لهم وزارة الخارجية الإسرائيلية. وربما تكون نفقات هذه الرحلة على حساب دافع الضرائب في إسرائيل، بما في ذلك العرب.
القس مايك ايفنس، الذي هو الروح المحرك لهذه الزيارة الجماعية، ذكر الزائرين بأن “هذه هي كلمات الله” (“هآرتس”، 11/12). حقاً؟ أي إله هذا الذي يبارك المستوطنين الذين يطلقون النار في كل الاتجاهات، وبدعم الجيش يقتلعون أشجار الزيتون المباركة في كل الديانات، الذين يحرقون البيوت أمام أنظار أصحابها الفلسطينيين بل ويضربونهم، ويصاب بعضهم وبعضهم يقتل. وحتى الحمار الذي لا دور له في هذا الواقع الإنساني، لم يسلم من هذه الحملة الدموية، فقد ذبحوه أمام أعين الأولاد الفلسطينيين. عائلة كورلي يونا في أبشع صورها.
كل سبت له منتهى. هذه الزيارة ترمز إلى منتهى السبت. جيد، يسرنا مجيئكم، أيها السادة، من وراء البحار. من المناسب أن يحترم من يمولون الأحداث هنا في الضفة الغربية هذه النهاية. في حين يغضب المرء من الذين يأتون من أقاصي الأرض لتنظيم حياتنا، يمكن رؤية تجسيد للمثل “كلما اشتد الظلام اقترب الفجر”. يبدو أن الأصدقاء من وراء البحار جاءوا لتوديع وصمة العار التي تسمى مشروع الاستيطان، مشروع النهب والوحشية.
البروفيسور ليئور سترنفيلد ذكر في كتابه “إيران – الحياة نفسها” تصريح الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، أن إيران “جزيرة استقرار في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية”، وبعد سنة، اندلعت الثورة هناك.
“رئيس الحكومة طلب التقاط صورة. لذلك، سنعطيه الصورة التي طلبها”، قال القس ايفنس. حسناً، لا توجد ذكرى أفضل من الصورة، على الإقليم من أجل الأحفاد، كي يتذكروا أنهم خططوا ذات مرة هنا لمشروع فاشل ومتوحش اسمه “أرض إسرائيل الكاملة”.
في الحقيقة، ما المشكلة بأن تكون إسرائيل صغيرة، متماسكة، تفيد كل مواطنيها وتحافظ على علاقات جيرة حسنة مع جيرانها؟
-------------------------------------------
هآرتس 15/12/2025
سنغتال سعداً أو “المتاح” وننشد “الموت للعرب” ونأكل الحمص الدمشقي في “بلادنا الكبرى”.. ونهتف: دولتنا ذكية!
بقلم: روغل الفر
تصفية القيادي رائد سعد لم يكن البشرى التي كنا نأملها. كنا نأمل أحداثاً أكبر. ربما غاي بيلغ، أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأوروبية التي انسحبت من مسابقة اليوروفيجن احتجاجاً على مشاركة إسرائيل، مثل سلوفانيا وأيرلندا وبولندا. من يريد علاقات دبلوماسية مع دول، لا تشارك في اليوروفيجن. ما الذي سنجنيه منها؟ كيف تكون دولة ثم ترفض المشاركة في هذه المسابقة؟ أين احترامها لنفسها؟ إن انسحابها اعتراف بضعف مشاعرها الوطنية. ليس لديها سردية الضحية المؤثرة. نحن نفضل الانتحار قبل إلغاء مشاركتنا في اليوروفيجن.
كانت لدينا حتى آمال في حرب جديدة في لبنان بمناسبة عيد الأنوار. لماذا نؤجل الأمر المحتوم؟ لكن رائد سعد هو ما كان أمامنا. إذا لم تتمكن من تصفية من يجب عليك تصفيته، فعليك أن تصفي من يمكنك تصفيته. المرأة وأنا نظر أحدنا إلى الآخر، وفي لحظة واحدة قررنا: هيا إلى الكنيس. هم يحتفلون بتصفية رائد سعد. لم نعرف من هو، وللحقيقة لم نسمع عنه حتى وقت تصفيته، ولكنا كرهناه رغم ذلك، بكل قوتنا. لقد صلينا كي يموت، وأن يتم محو اسمه من الذاكرة. يجب أن نعرف كيف نفرح حتى بالنجاح الصغير. لقد أخرجنا الشمبانيا التي وفرناها في للمذبحة التي كان الأولاد يخططون لها في عيد المساخر. لم لا؟
لقد دعونا الأصدقاء. الجميع تحمسوا من بيتنا الجديد. أنشوطة كبيرة تتدلى من سقف غرفة المعيشة. مصنوعة من مصابيح ملونة تضيء مثل كرة الديسكو، وتخلق وهماً بنقط الدم المتساقطة بفضل مصابيح اللد الحمراء التي تضيء على شكل قطرات. مكبر الصوت يطلق موسيقى فيلم “روكي” بصوت عال، ثم تتحول إلى أغنية دعاية لشركة مكافحة صراصير. قفزنا ورقصنا فرحاً مثل فرح اليهود في عيدهم. أنشدنا بصوت واحد “الموت للعرب” وامتلأنا بالامتنان لله عز وجل.
اقترح أحد ما الذهاب إلى غزة، وربما غرس الأشجار على الحدود الشمالية، ووضع حجر الأساس لمستوطنة. قد يكون هذا نشاطاً ممتعاً للأولاد. ذهبنا وأعطينا الجنود الأبطال السكاكر، ثم غنى الأولاد أغنيات فرح عندما قلنا لهم بأن أقرانهم في غزة ينامون في برك المياه الباردة والمليئة بالوحل. وبعدها، وزعنا السكاكر في مركز الشرطة، حيث نقلنا رجال الشرطة إلى هناك بعد أن تعب الأولاد، وحتى لأستاذة الجامعة العارية التي كانت معروضة في قاعة الاستقبال. رجعنا إلى البيت، وفي الطريق تخيلنا مثلما نفعل عادة في نهاية يوم حافل، بأننا نأكل الحمص في دمشق.
في سن المراهقة، عندما كنا صغاراً وساذجين، كان هذا قمة طموحاتنا، أكل الحمص في مدينة عربية تبدو معادية، نابلس أو بيروت، ولا يهم من يقدم الحمص، سأكون سعيداً مثلما علمونا في الروضة. عندها كنا ساذجين عندما اعتقدنا أن العرب سيقدمون لنا الحمص بمحبة. أما الآن، فالدولة كلها ذكية ورصينة. توضح لنا قنوات التلفزيون صبح مساء بأنه لا حمص في دمشق ينتظرنا. لأنه لا محبة لنا.
لسنا بحاجة إلى ذلك. فلدينا ما يكفي من الحب من أجل أنفسنا. الحب الغريب يدمر. حتى لو لم ينتظرنا حمص دمشق، فإننا في الطريق إليه، جئنا لأكله مع الأولاد. لا نقول لهم: ذات يوم، كل هذا الحمص سيكون لكم. ونقول لهم: هذا الحمص أصبح لكم، هكذا كان وهذا ما سيكون. دمشق جزء من أرض إسرائيل، وستعطيكم الحمص بوفرة عندما تعرفون أن هذا تستحقونه. صحتين.
-------------------------------------------
هآرتس 15/12/2025
“وصفة مؤكدة للانفجار”.. لترامب: يعملون ضدك أم جعلوك مستوطناً في الضفة الغربية؟
بقلم: أسرة التحرير
حكومة “اليمين بالكامل” تواصل خرق القانون الدولي، واستفزاز حلفائها، وتخريب كل احتمال لتسوية مستقبلية مع الفلسطينيين بشكل ممنهج. وإذا كان ترامب يسعى إلى الدفع قدماً بخطوة إقليمية – في قطاع غزة، مع السعودية وبمشاركة أوروبية – فعليه أن يفهم بأن حكومة نتنياهو تعمل ضده.
الخميس، بحث الكابنيت تسوية 19 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، بما فيها “كديم” و”غنيم” في شمالها. المعنى واضح: إنهاء إلغاء قانون فك الارتباط في شمال “السامرة”، واستئناف الاستيطان في المناطق التي أخليت في 2005، ما يعزز وجود الجيش في مجال يعرف معظمه بأنه تحت سيطرة فلسطينية. هذه خطوة أحادية الجانب وقابلة للانفجار. وهي تعمق سيطرة إسرائيل في مجال فلسطيني مكتظ وحساس، وقد تسبب التصعيد.
على ترامب أن يفهم ما لن يعترف به نتنياهو أمامه أبداً: مشروع الاستيطان ليس شذوذاً من مجموعة متطرفة، بل آلية سلطوية ذكية ومتعددة الأذرع. منذ عشرات السنين والدولة ومشروع الاستيطان و”فتيان التلال” في تعاون دائم، وإن لم يكن بشكل رسمي. “فتيان التلال” يسيطرون على الأراضي، يهجّرون الفلسطينيين ويبنون بؤراً استيطانية، فيما الدولة تقر كل ذلك بأثر رجعي من خلال التسوية والمصادرة أو جملة أعمال موجودة في الترسانة القانونية المفبركة التي اختلقوها من أجل مشروع الاستيطان. هكذا أحبطت إقامة دولة فلسطينية، وهكذا أقاموا بؤراً غير قانونية أصبحت قانونية مع الزمن، وهكذا عززوا كتلاً استيطانية لا تعتزم دولة إسرائيل إخلاءها.
الحكومة الحالية حلت كل لجام. في آذار 2023، أقرت العودة إلى شمال الضفة الغربية في تعديل “إلغاء قانون فك الارتباط”، رغم احتجاج الولايات المتحدة وأوروبا. إدارة بايدن حذرت ووصفت القانون بـأنه “استفزازي على نحو خاص”، والاتحاد الأوروبي دعا إلى إلغائه. بقي تعديل القانون على حاله، لكن الانطباع كان أن واشنطن، بمساعدة وزير الدفاع السابق يوآف غالنت، نجحت في منع تنفيذه. أما الآن، حين تبدي إدارة ترامب محبة للمستوطنين والمستوطنات، فها هي إسرائيل تسير دون لجام.
منذ أقيمت الحكومة، أقرت تسوية بؤر استيطانية المرة تلو الأخرى. أما الآن، فيتجهون إلى شمال الضفة، في محيط مكتظ بالفلسطينيين، قرب جنين، المفعمة باحتكاك أمني. هذه وصفة مؤكدة بالاشتعال، لكنها تثير حماسة محبي إشعال النار في الحكومة. في الوقت الذي يحاول فيه ترامب إطفاء حريقة في قطاع غزة، تشعل الحكومة الضفة بخطوات من طرف واحد، غايتها توسيع السيطرة على الأرض والاحتكاك مع الفلسطينيين، وسلب الأراضي والسيطرة عليها وإحباط مبادرات سياسية في المستقبل. إذا كان ترامب جدياً في نيته فرض الاستقرار في المنطقة والمضي بتسوية، فعليه أن يفهم: حكومة نتنياهو والمستوطنين يخربون عليه.
------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 15/12/2025
عقب تصفية سعد.. مصدر مطلع: شتائم ترامب لنتنياهو تخجل أي صحيفة من نشرها
بقلم: ناحوم برنياع
لم تنزل دمعة من عيني حين صفى الجيش الإسرائيلي مسؤول حماس الكبير رائد سعد في غزة.. ثمة ملاحظة صغيرة: الألقاب الأكاديمية التي تحرص قواتنا على إلصاقها بأهداف التصفية أولئك – مرة مهندس، والآن معماري – تستدعي ابتسامة مريرة. من لم يعرف كيف يتعاطى بجدية مع الخطة العسكرية التي وضعها سعد في الماضي، لا ينبغي له تضخيم أهميته بعد موته. ليس معمارياً، بل إخفاق.
عُللت تصفية سعد باعتبارين: الأول، عبوة زرعتها حماس أصابت جنديين في ذاك اليوم: على خرق وقف النار رددنا بخرق؛ الثاني، كان لإسرائيل حساب طويل مع الرجل. وعندما وقعت الفرصة استغللناها.
غير أن من هم في محيط ترامب نظروا إلى التصفية بمنظار آخر. مصدر مطلع روى لي بأن وابلاً من الشتائم أنزلت في ذاك اليوم على رأس رئيس وزراء إسرائيل. قيلت كلمات تمتنع صحيفة شريفة عن تكرارها طباعة. لا ينبغي استبعاد إمكانية قول شيء من هذا قيل لنتنياهو مباشرة في نهاية الأسبوع.
محيط ترامب مقتنع بأن التصفية لم تكن جزءاً من حوار إسرائيل مع حماس: كانت جزءاً من حوارها مع ترامب. عندما يقرأ البيت الأبيض الجملة التي أطلقها نتنياهو أمس للإعلام من أقواله في جلسة الحكومة، فهو اشتباه سيتعزز. “كل من يحاول إرسال إرهاب، وتوجيه إرهاب، وتنظيم إرهاب، سيكون على بؤرة الاستهداف”، قال نتنياهو. “سياستنا ستبقى حازمة جداً، ومستقلة”، انتبهوا للكلمة الأخيرة للجملة: فهي معدة أيضاً للتصدير.
توقع ترامب الانتقال إلى المرحلة الثانية في هذه الأيام. لا تهمه التفاصيل: الأساس هو الزخم، التقدم. الرؤيا التي وضعها صهره جاريد كوشنر نيابة عنه، تغيرت في اللقاء مع الواقع. القرار في هذه اللحظة هو أن القوة متعددة الجنسيات، إذا ما قامت، لن تعمل إلا في أراضي القطاع التي تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، أي من الخط الأصفر إلى الخط الأخضر. وستكون قوة تمثيلية هزيلة، شيئاً ما مثل “اليونيفيل”. يفهم البيت الأبيض اليوم بأن أي جندي إيطالي أو إندونيسي لن يخاطر بحياته لنزع سلاح حماس. شعبان فقط يمكنهما توفير جنود للمهمة: الإسرائيليون والفلسطينيون. الإسرائيليون مرفوضون: الوعد الأساس لخطة ترامب كان طرد إسرائيل من غزة. سيبقى الفلسطينيون.
لقد عرف نتنياهو مسبقاً بأن هذا ما سيحصل؛ فهو ليس غبياً. على الرغم من ذلك، أعطى موافقته على الخطة. هكذا تصرف في صفقتي مخطوفين سابقتين، في كانون الثاني 2024 وفي شباط 2025: وافق على الصفقة وتراجع عنها عشية المرحلة الثانية؛ هكذا تصرف، مع الفرق، في اتفاقه للتناوب مع غانتس أيضاً، وكذا سيحاول التصرف في اتفاق العفو عنه مع هرتسوغ.
لعنة المرحلة الثانية: كل من اختص بشؤون نتنياهو يعرف بأن الاتفاقات التي توقع معه يجب أن تبدأ بمرحلتها الثانية – وإلا فلن تصل إلى المرحلة الثانية.
لقد سجل رجال ترامب حادثة 28 تشرين الثاني أمامهم: قوة من الجيش الإسرائيلي أرسلت إلى عمق الأراضي السورية، إلى مزرعة بيت جن، لاعتقال مشبوهين من منظمة إسلامية مقربة من النظام. القوة تورطت: قتل بين تسعة وعشرين مخرباً وأصيب ستة مقاتلين من الجيش الإسرائيلي. ادعت الحكومة السورية بأن العملية استهدفت ضعضعة استقرار نظام الشرع. وهذا كان هدفها الحقيقي. وصف الجيش الإسرائيلي العملية كمناورة سياسية بأدوات عسكرية، مثل القصف الفاشل في قطر. فهم البيت الأبيض بأن نتنياهو يطلق لهم رسالة: هو يرفض التقدم نحو اتفاق أمني مع سوريا يلزم الانسحاب من المناطق التي احتلها الجيش الإسرائيلي في الحرب. المرحلة التالية تنطوي على مخاطر: هو لا يريد الانتقال.
ترامب تدخل في الحرب في أوكرانيا وفي الحرب في الشرق الأوسط بخلاف غريزته الانعزالية، وبخلاف رؤيا “لنجعل أمريكا عظيمة مجددا”. وكان الهدف تعظيم اسمه في العالم وإثبات نجاح في الأماكن التي فشل فيها أسلافه. في هذه الأثناء، حقق القليل – ادعاؤه بأنه أحل السلام في ثماني حروب أقرب إلى النكتة – ودفع أثماناً داخلية لا بأس بها. عطشه لإنجازات فورية يقوده بالضرورة إلى مواجهة مع حكومة إسرائيل الحالية.
هو واثق أن كل حكام المنطقة يعملون لديه، كلهم حمير وهو المسيح. أحياناً يصدق حتى بتملقاتهم. لكن في موعد ما، سيدرك أنه يعمل عندهم. كل منهم مسيح لنفسه.
سيكتشف بأن الأحلام كبيرة في الشرق الأوسط، لكن الأرجل في الأرض. اردوغان مثالاً؛ والسيسي مثالاً؛ ونتنياهو مثالاً. يعد نتنياهو في خطاباته بشرق أوسط جديد، وبفرص لا أحد يتخيلها، جنة عدن إقليمية، كل ما يتطابق ومدينة ترامب الفاضلة. أما عملياً، فهو يدفع نحو حرب أبدية، ويوقف القتال (في لبنان وإيران وغزة) فقط عندما يفرض ترامب عليه التوقف.
لقد كان لدى الكثيرين فضول لمعرفة سبب طلب ترامب العفو عن نتنياهو. ولا يقل تشويقاً الجواب على سؤال لماذا أبلغ ترامب نتنياهو فجأة بأنه قرر التوقف. كانت دعوة للعفو ولم تعد. وامتنع ترامب عن بيان السبب.
هل توشك قصة الغرام بين الرجلين على الانتهاء؟ لا أدرى. لكننا في مدخل سنة انتخابات، هنا وفي الولايات المتحدة. وسيكون من الصعب التسوية بين تطلع ترامب بأن يكون ملك العالم، الرجل الذي تتقرر الأمور وفقاً لإرادته، وبين تطلع نتنياهو ليكون شرطياً إقليمياً، يخوض حروباً بخلاف مصالح حلفاء ترامب، ويغلف سياسة كدية من التملق والأمل ألا تقف النتيجة في حلق ترامب.
يجدر بنتنياهو التزود بمعطف دافئ قبيل سفره إلى واشنطن: الجو هناك بارد في الخارج.
------------------------------------------
هآرتس 15/12/2025
تعقيباً على “حادثة سيدني”.. لحكومة نتنياهو: وأنتم تتهمون الدول.. ماذا عن 7 أكتوبر؟
بقلم: عاموس هرئيل
لقد سبقت عملية إطلاق النار القاتلة على شاطئ سيدني في أستراليا تحذيرات استخبارية كثيرة من إسرائيل للحكومة المحلية. منذ 7 أكتوبر، شوهد في شوارع أستراليا تصاعد كبير في حجم أحداث العنف، اللاسامية والمناوئة لإسرائيل. السلطات في الواقع اتخذت خطوات حماية وحذر مختلفة، لكن الانطباع في إسرائيل أن هذه الخطوات تتم في إطار محدود، وحتى من رغبة في عدم مواجهة المجتمع المسلم الكبير في الدولة.
المذبحة التي استهدفت تجمعاً حاشداً لممثلي حركة حباد الحسيدية للاحتفال بعيد الأنوار على شاطئ بوندي في سيدني، شارك فيها مسلحان. وأفادت شرطة سيدني بقتل 15 شخصاً على الإقليم وإصابة 30 شخصاً آخر بسبب إطلاق النار. وذكرت التقارير بأن المنفذين أب وابنه من أصل باكستاني، وقتل أحدهما وأصيب الآخر، وتجري الشرطة تحقيقاً لمعرفة ما إذا كان هناك شخص ثالث متورط. وأفاد شهود عيان بأن استجابة الشرطة في موقع الحادث كانت بطيئة، وأن عدداً قليلاً فقط حاول إصابة المسلحين. وشهد الموقع تبادلاً مطولاً لإطلاق النار، ويظهر مقطع فيديو شخصاً مدنياً وهو يهاجم أحد المنفذين من الخلف ويأخذ سلاحه منه. وقد أشاد نتنياهو بالبطل اليهودي الذي تغلب على المسلح، ولكن تبين لاحقاً بأن الشخص هو أحمد الأحمد.
وزراء إسرائيليون ألقوا المسؤولية على حكومة أستراليا، وادعوا بأنها لم تكبح العنف اللاسامي في الدولة. في هذه الادعاءات درجة من المنطق، لكن يجب التساؤل عن السهولة التي تتهم فيها حكومة إسرائيل دولاً أخرى بالمسؤولية عن الإرهاب، في الوقت الذي هي نفسها تتخلى منذ سنتين وثلاثة أشهر عن أي مسؤولية عن مذبحة 7 أكتوبر. الائتلاف في إسرائيل يتناول اليوم وبحماسة المضي بمشروع قانون هدفه منع تشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر.
ارتفاع عدد الأحداث اللاسامية في أستراليا تم الشعور به بعد فترة قصيرة من بداية الحرب في قطاع غزة. كُتب على جدران المحلات التجارية والمباني العامة والبيوت التي يمتلكها اليهود شعارات تنم عن الكراهية. علاوة على ذلك، جرت مظاهرات عنيفة كثيرة سُمعت خلالها شعارات لاسامية فظة، وعانى اليهود من المضايقة والإزعاج في الجامعات والشوارع.
ثمة تحليل استخباري أجرته إسرائيل أظهر توجهين بارزين: يتعلق الأول بمشاركة نشطاء يؤيدون الفلسطينيين، بعضهم مهاجرون مسلمون وبعضهم يساريون أستراليون، وهذا التدخل تم بتشجيع منظمات إرهابية مختلفة مثل “داعش” و”القاعدة”. أما التوجه الثاني فيرتبط بتوجيه خارجي من قبل أعضاء قوة “القدس” التابعة لحرس الثورة الإيراني. في آب الماضي، على خلفية أدلة نقلتها إسرائيل عن تدخل إيران في هذه الأحداث، طردت أستراليا السفير الإيراني بخطوة استثنائية. في الوقت نفسه، وصفت الحكومة الأسترالية حرس الثورة بأنها منظمة إرهابية، حدث هذا بعد وجود علاقة لحرس الثورة في هجومين لاساميين في أستراليا.
مع ذلك، تولد انطباع في إسرائيل بأن حكومة أستراليا ما زالت تخشى مواجهة هذه الظاهرة بشكل مباشر، وبالأساس مواجهة ظواهر احتجاج تمتعت بحماية حرية التعبير. البيان الرسمي الأول لرئيس حكومة أستراليا، أنتوني البانيزي، بعد عملية أمس، لم يذكر قط بأن هدف الإرهابيين كان المس باليهود في احتفال بمناسبة عيد الأنوار. في وقت لاحق، أطلق البانيزي تصريحاً مفصلاً تطرق فيه إلى هذه الأمور بعد أن وجهت منظمات يهودية انتقادات شديدة له.
الحرب في غزة والادعاءات بشأن جرائم حرب ارتكبها الجيش الإسرائيلي في القطاع، أطلقت في أرجاء العالم موجة شديدة من الكراهية لإسرائيل، ومن اللاسامية أيضاً في حالات كثيرة. إن خفوت الحرب في قطاع غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي فرضه ترامب في منتصف تشرين الأول، لم يؤد إلى هدنة مشابهة في الخطوات المناوئة لإسرائيل، التي شمل جزء غير قليل منها نشاطات إرهابية حقيقية. يفترض جهاز الأمن أن مواقع متماهية مع إسرائيل واليهودية في أرجاء العالم، من بينها كنس ومقرات لحركة “حباد” ومدارس، ستظل أماكن مستهدفة. الموساد و”الشاباك” يقدمان الاستشارة والنصائح للتجمعات اليهودية في أرجاء العالم، وفي قضية الحماية وتحليل التوجهات وتقديم التحذيرات الاستخبارية. ولكن إسرائيل تعتقد أن المطلوب هو تعاون أكبر من قبل الحكومات في محاولة لمواجهة هذه المشكلة المتوقع أن تتعمق وتتسع.
------------------------------------------
الإعلام متأخر عن الركب: انتقاد إسرائيل لم يعد عبئا سياسيا
جيمس زغبي* - (كومون دريمز) 2025/12/10
حرب إسرائيل على الفلسطينيين تركت آثارًا واضحة، سواء على شعبية تلك الدولة لدى الناخبين الأميركيين أو على السياسات التي يرغب هؤلاء الناخبون في أن تتخذها حكومتهم للحد من سلوكيات إسرائيل العدوانية.
وتظهر استطلاعات الرأي الآن أن الناخبين أصبحوا أقل ميلًا إلى التصويت للمرشحين الذين يرفضون انتقاد إسرائيل أو يتلقون أموالًا من لجان العمل السياسي المؤيدة لها.
***
تغيرت مواقف الناخبين الأميركيين تجاه الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، لكن المعلقين الإعلاميين والاستشاريين السياسيين لم يدركوا ذلك بعد. إنهم عالقون في الماضي ويحتفظون بافتراضات قديمة عن الناخبين، وما يزالون يتصرفون وفق كُتيّب إرشادي قديم.
ثمة مقالة مميزة نُشرت في صحيفة "الواشنطن بوست" الأسبوع الماضي بعنوان: "أسماء يجب مراقبتها مع انطلاق سباقات منتصف المدة للعام 2026"، والتي تقدم أفضل دليل على مدى انقطاع المحللين عن الواقع. وقد تناولت المقالة ستة سباقات اعتبرها كُتاب "البوست" جديرة بالمراقبة في العام المقبل.
أحد هذه السباقات البارزة كان ترشح الأميركي-العربي الدكتور عبد السعيد عن الحزب الديمقراطي لمقعد مجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان. بعد أن وصف المقال "تقدميته الصريحة" -دعمه لبرنامج الرعاية الصحية "ميديكير للجميع" ولزيادة الضرائب على المليارديرات، وحصوله على تأييد السيناتور بيرني ساندرز (المستقل عن ولاية فيرمونت)- يوجه الكاتب إليه الانتقاد التالي:
"ربما تكون آراؤه حول السياسة الخارجية هي الأكثر إثارة للجدل. فقد وصف أعمال إسرائيل في غزة بالإبادة الجماعية، وهو يدعو إلى قطع المساعدات العسكرية عن الدولة اليهودية".
ثمة ما يثبت انفصال الكاتب عن الواقع هو ادعاؤه أن اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية أو الدعوة إلى قطع المساعدات العسكرية عنها هي مقترحات سياسية مثيرة للجدل. ربما كان هذا صحيحًا قبل بضع سنوات، لكن حرب إسرائيل على الفلسطينيين تركت آثارًا مهمة على شعبية هذه الدولة بين الناخبين الأميركيين، وعلى السياسات التي يرغب هؤلاء الناخبون في أن تتخذها حكومتهم لضبط سلوك إسرائيل والحد من عدوانيتها. وينطبق هذا التحول بشكل خاص على الديمقراطيين، وهم الناخبون الذين سيحتاج عبد السعيد إلى دعمهم للفوز في الانتخابات التمهيدية المقبلة.
أثبتت مجموعة واسعة من استطلاعات الرأي مدى اتساع التغيرات في مواقف الناخبين الأميركيين. وكان أحدثها وأكثرها شمولًا هو الاستطلاع الذي أجرته مجلة "الإيكونوميست" في آب (أغسطس) 2025، والذي أظهرت نتائجه ما يلي:
• يؤيد 43 في المائة من الناخبين خفض المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، مقابل 13 في المائة فقط يرغبون في زيادتها. وكانت النسبة بين الديمقراطيين تأييد 58 في المائة للخفض مقابل 4 في المائة يعارضونه، وكانت النسبة بين المستقلين متقاربة جدًا.
• هل ترتكب إسرائيل إبادة جماعية؟ من بين جميع الناخبين، يقول 44 في المائة "نعم"، و28 في المائة يقولون "لا". وبين الديمقراطيين، كانت النسبة 68 في المائة قالوا "نعم" و8 في المائة فقط قالوا "لا"، وكانت النسبة بين المستقلين 45 في المائة قالوا "نعم" مقابل 19 في المائة مع "لا".
كما أظهرت استطلاعات رأي أخرى أن الناخبين الأميركيين هم أكثر ميلًا إلى دعم المرشحين الذين يتبنون مثل هذه المواقف وأقل ميلًا إلى التصويت للمرشحين المدافعين عن السياسات الإسرائيلية أو الراغبين في الحفاظ على المستويات الحالية من المساعدات العسكرية.
الاستنتاج الواضح من هذه البيانات هو أن المرشحين الذين يتخذون مواقف مثل التي يدعمها عبد السعيد لم يعودوا مثيرين للجدل -بل إنهم أصبحوا جزءًا من التيار الرئيس الجديد في الولايات المتحدة.
وثمة أدلة إضافية على هذا التحول. مع اقتراب الانتخابات النصفية وبقاء أقل من عام على إجرائها، يُلاحَظ أن أكثر من عشرين مرشحًا للكونغرس أعلنوا مسبقًا نيتهم رفض المساهمات التي تقدمها لجان العمل السياسي المؤيدة لإسرائيل للحملات الانتخابية، بمن فيهم ثلاثة أعضاء حاليين في الكونغرس كانوا سابقًا من أكبر الداعمين لإسرائيل وتلقوا ملايين الدولارات من هذه المصادر، ومنها لجان العمل السياسي والمصروفات المستقلة. وقد تحدث أحد هؤلاء الأعضاء مؤخرًا في "متحف الهولوكوست" الأميركي واعتبر أعمال إسرائيل في غزة إبادة جماعية، وأعلن دعمه للتوقف عن إرسال الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل.
هذه التغيرات في المواقف تجاه إسرائيل كانت تتبلور منذ سنوات عدة، لكنها تسارعت بشكل كبير بسبب الهجوم الإسرائيلي الذي استمر أكثر من عامين على الفلسطينيين في غزة. صحيح أن الفظائع المصاحبة لهجوم "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) ولّدت في البداية دعمًا لإسرائيل، لكنّ هذا الدعم سرعان ما انهار مع تزايد عدد الضحايا المدنيين الفلسطينيين واتضاح حجم الدمار الواسع والمتعمد الذي أحدثته العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة.
كان هذا الاتجاه واضحًا بشكل خاص في الانتخابات الرئاسية للعام 2024، حيث أظهرت التحليلات التي ظهرت بعد الانتخابات أن نائبة الرئيس، كامالا هاريس، فقدت دعم مجموعة واسعة من الناخبين الديمقراطيين والمستقلين لأنها رفضت الانفصال بحزم عن دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل. وبدلاً من الاستماع إلى حدسها وتوجيه نقد أكثر صراحة للممارسات الإسرائيلية والدفاع عن حقوق الفلسطينيين، استمعت هاريس إلى استشاريي المؤسسة الذين حذروها من "إثارة الموضوع" في هذه القضية الحساسة.
لم يكن المستشارون وطواقم الحملات والمحللون الإعلاميون يفهمون التغيرات التي طرأت على المشهد آنذاك -وما يزالون عاجزين عن فهمها الآن أيضًا. إنهم عالقون في وهم النظر إلى السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط وكأن حرب إسرائيل الإبادية على الفلسطينيين لم تحدث. لكنها حدثت، وكانت محورية.
في السابق، كان يُقال إن انتقاد إسرائيل يشبه المساس بـ"الخط الثالث" في السياسة الأميركية - تجنبه أو احترق. وفي الواقع، ما يزال الأمر كذلك، وإنما بالاتجاه المعاكس. كان دعم إسرائيل شرطًا أساسيًا لنجاح المرشحين للكونغرس. والآن تظهر الاستطلاعات أن الناخبين أصبحوا أقل ميلًا إلى التصويت للمرشحين الذين يرفضون انتقاد إسرائيل أو يتلقون أموالًا من لجان العمل السياسي المؤيدة لها.
مع اقتراب انتخابات منتصف المدة المقررة في العام 2026، يمكن توقع رؤية المزيد من المرشحين الذين يعلنون النأي بأنفسهم عن السياسات الإسرائيلية. كما يمكن توقع الذعر الذي سيصيب مجموعات الدعم لإسرائيل التي ستعمد إلى زيادة إنفاقها بملايين الدولارات لهزيمة المرشحين المنتقدين لإسرائيل. وشعوري أن هذا قد يأتي بنتائج عكسية، لأن ما سيكون مثيرًا للجدل في العام 2026 هو السياسات الإسرائيلية والمساهمات المؤيدة لإسرائيل، وليس العكس. ولذلك، كلما أسرع المحللون والاستشاريون والإعلاميون في إدراك ذلك، كانت السياسة أفضل.
*د. جيمس ج. زغبي James Zogby: مؤلف كتاب "أصوات عربية" Arab Voices (2010) ومؤسس ورئيس "المعهد الأميركي العربي" في واشنطن، وهو منظمة تعمل كذراع بحثي وسياسي للمجتمع الأميركي العربي. منذ العام 1985، قاد مع المعهد جهود الأميركيين العرب لتحقيق التمكين السياسي في الولايات المتحدة من خلال تسجيل الناخبين والتعليم والتحفيز، مما جعل الأميركيين العرب جزءًا من التيار السياسي الرئيسي. كما شارك زغبي شخصيًا في السياسة الأميركية لسنوات عديدة؛ في 1984 و1988 شغل منصب نائب مدير الحملة ومستشار أول لحملة جيسي جاكسون الرئاسية. وفي 1988 قاد أول مناظرة حول الدولة الفلسطينية في مؤتمر الحزب الديمقراطي في أتلانتا، وفي الأعوام 2000 و2008 و2016 كان مستشارًا للحملات الرئاسية لكل من غور وأوباما وساندرز.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Media Is Behind the Times: Criticizing Israel Is No Longer a Political Liability
-----------------انتهت النشرة-----------------