الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 21/9/2025 العدد 1414

الصحافة الاسرائيل- الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 21/9/2025
خطاب اسبرطة ليس فيه جديد، اثينا هي التي ترتكب جرائم الحرب
بقلم: يغيل ليفي
لم يكن أي شيء مفاجيء في خطاب اسبرطة الذي القاه بنيامين نتنياهو. السير نحو اسبرطة يحدث امام انظارنا بشكل علني في السنتين الاخيرتين. اسرائيل هي دولة اختارت ان ترفع التهديد بالقوة العسكرية فقط، وخلال ذلك هي تنمي عداء جيرانها، ومواطنوها مستعدون لاستثمار موارد ضخمة في الجيش على حساب احتياجات اخرى، ايضا التسليم بمصادرة جزء من حرياتهم.
اليست هذه اسبرطة على الاقل حسب صورتها السائدة في اوساط الجمهور؟ هل المجتمع الذي يسحق ارواح شبابه بقتل المدنيين لا يعتبر مجتمع اسبرطي؟ هل غير مفهوم ضمنا ان الدولة التي تحارب جيرانها بشكل مناقض للمعايير الدولية ستجد نفسها في عزلة متزايدة، الامر الذي سيؤثر ايضا على تزويدها بالسلاح؟. “اسرائيل تعد الصناعات الامنية لقطع اعتمادها على العالم”، اعلن نتنياهو قبل سنتين تقريبا، والسماء والبورصة ايضا لم تسقط.
الخطاب ليس فيه جديد، بل هو وفر عنوان لعمليات كانت تحدث امام انظار الجميع. المعسكر الليبرالي لم يذعر من الواقع، بل من حقيقة أن شخص تجرأ على تسمية الولد باسمه. ربما ان الجمهور اصيب بالصدمة لانه ادرك فجأة بانه يقدم له الحساب عن الحرب التي جرت بصورة شبه مجانية لسنتين. كم الامر نموذجي: الخطاب العام يدور حول الصورة الجديدة وحول الشخص الذي يرسمه بشكل صحيح – بدلا من ان نسأل كيف وصلنا بالضبط الى المكان الذي فيه “اسبرطة” تصفنا فيه بصورة دقيقة جدا. وكأن المشكلة هي ان نتنياهو تجرأ على تسمية الولد باسمه، وليس ان هذا الولد نما هنا منذ سنتين امام انظارنا.
لا توجد في هذا الخطاب أي كلمة عن تحمل المسؤولية من قبل قادة الرأي العام المنفعلين من كلمة اسبرطة. أليسوا هم الذين اعتقدوا انه يمكن التجمع حول هدف تدمير حماس والموافقة على تفسير من نوع شبه الابادة لتطبيقه (اضافة الى الاستعداد لوقف اطلاق النار من اجل تحرير المخطوفين)، والتفاخر بعدم الرحمة تجاه الغزيين، وحتى الآن التصديق بأنه لم يتم تقديم الحساب. وعندما سيقدم – فان “اثينا” هي التي ستدفع نوع من الضريبة الهامشية على صورة مقاطعة هنا وهناك، وزيادة مؤقتة في العبء الامني.
ان حلم ذهابه الى اسبرطة ليس حبة الدواء المرة التي طلب منا فجأة أخذها. اثينا، حسب خياله الشخصي، هي المسؤولة عن قتل عشرات آلاف النساء والاطفال والمدنيين، وعن تدمير البنى التحتية المدنية في غزة، وعن تهجير مئات آلاف الاشخاص، وعن تقصير اعمارهم للمستقبل. اثينا هي التي باسمها نفذ طياروها وجنودها جرائم الحرب المنهجية من يوم الحرب الاول. جرائم حرب التي تتعزز حولها موافقة دولية، وبالتدريج داخلية، بانها ابادة جماعية.
اثينا هي التي ما زالت تحظى بحريات كثيرة، والتي فيها حكمت الاغلبية على نفسها ان تعارض بشكل طوعي، الاطلاع على المعلومات عن الكارثة الانسانية التي يوقعها بغزة. الاثينيون الاسرائيليون هم الذين امتنعوا حتى الآن عن النقاش العام اللاذع، الذي يطرح حلم سياسي بديل في غزة باستثناء التدمير، الاحاديث اللانهائية عن الحاجة الى مناقشة “اليوم التالي”، وهو الطقس عديم الاهمية الذي يطالب به الجمهور.
هل يهم أي لقب سيتم الصاقه بالمجتمع الذي سيضطر الى قضاء عشرات السنين في المرور بعمليات اشفاء من الجرائم التي ارتكبت بحماسة باسمه، وسيضطر الى استئصال الشر منه كي يعود الى حضن عائلة الشعوب؟.
نتنياهو فقط قال لنا الحقيقة. ربما نحن مصدومون لاننا لم نتعود على ذلك منه. ولكن بالفعل هو لم يأت بأي شيء جديد.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 21/9/2025
عملاء الموساد في قلب الضاحية
بقلم: رون بن يشاي
يقال إن التحضيرات لعملية “البيجر” كانت بسيطة مقارنةً بالتحضيرات لهذه العملية، التي نُفذت تحت نيران كثيفة ومخاطرة بحياة عملاء الموساد. حدث ذلك في أيلول من العام الماضي، في خضم قصف سلاح الجو لمعاقل حزب الله في الضاحية الجنوبية ببيروت؛ تسلل عدة أشخاص إلى حارة حريك في الحي الشيعي حاملين طرودًا مُموّهة جيدًا. كانوا يعلمون تمامًا أنه إذا قبض عليهم عناصر حزب الله، فسيُحكم عليهم بالإعدام. ولو صودرت الأجهزة الموجودة في الطرود التي بحوزتهم، للحقت أضرار أمنية جسيمة بدولة اسرائيل.
لقد تسللوا عبر الأزقة الضيقة، وتشبثوا بالجدران، آملين أن يكون عميل الموساد الذي أرسلهم في المهمة قد نسّق مع الجيش الاسرائيلي حتى لا يقصف سلاح الجو الطريق الذي سلكوه للوصول إلى المبنى السكني متعدد الطوابق الذي يقع تحته مخبأ المقر السري لحزب الله. أشارت المعلومات الاستخباراتية التي وصلت إلى 8200 وجهاز الاستخبارات والأمن (أمان) في ذلك الوقت إلى أن حسن نصر الله، الزعيم الأسطوري للمنظمة الإرهابية والمحور الشيعي بشكل عام، قد رتب للقاء هناك مع قائد فيلق القدس الإيراني في لبنان، الجنرال عباس نلفروشان، ومع قائد الجبهة الجنوبية لحزب الله، علي كركي، الذي تم تعيينه كخليفة محتمل للزعيم. كان من المفترض أن يجتمع الثلاثة في مخبأ لا يعرفه سوى عدد قليل من أفراد أمن حزب الله والمقربين السريين ولم يُسمح لهم بالاقتراب منه. كان من المفترض أن يضع الرجال الذين تسللوا إلى المبنى الموجود بالأسفل، حيث يقع المجمع السري تحت الأرض، الأجهزة على الهدف في مواقع مخططة مسبقًا. وقد قدروا أن فرص العودة بسلام من المهمة كانت 50-50، لأنه حتى لو لم يتم القبض عليهم من قبل رجال حزب الله الذين كانوا يتجولون في المنطقة، فهناك احتمال كبير أن يصابوا بشظايا من القنابل التي سيلقيها سلاح الحو.
قبل ساعات قليلة من انطلاق هؤلاء الرجال الشجعان، دار حوارٌ عصيبٌ بينهم وبين مُشغّلهم. قالوا إنهم مستعدون لتنفيذ المهمة الخطيرة والحيوية التي كلفهم بها، لكنهم طالبوا سلاح الجو بوقف القصف المكثف الذي هزّ الضاحية بأكملها وحيّ حارة حريك تحديدًا. أقنعهم المُشغّل بأنه حرصًا على سلامتهم، سيقصف سلاح الجو، بل وسيزيد من هجماته خلال العملية. وبالتالي، قال إن عناصر أمن حزب الله سيضطرون إلى الاحتماء ولن يمنعوهم من الاقتراب من المخبأ، الذي كان الوصول إليه صعبًا جسديًا ومُؤمّنًا جيدًا في الأيام العادية. فهم عملاء الموساد الأمر ووافقوا على الشروع في المهمة الخطيرة، التي نفذوها بالكامل ودون أن يُصابوا بأذى تحت غطاء القصف المكثف.
ما كان مُخبأً في المخبأ
ان المعدات التي أحضرها عملاء الموساد إلى المنطقة هي قصةٌ بحد ذاتها، وكأنها مُقتبسة من روايات الخيال العلمي. اكتمل تطويره عام 2022، أي قبل عام تقريبًا من ذلك اليوم المروع في 7 أكتوبر 2023. لقد أدرك الموساد الحاجة إلى جهاز يضمن تحقيق هدف هجوم دقيق على أعماق متفاوتة؛ ولم تنشأ الحاجة إليه بسبب لبنان فحسب، بل بشكل رئيسي لأن الموساد كان يعمل أيضًا على تدمير البرنامج النووي الإيراني. وشارك في تطوير المعدات قسم تطوير الأسلحة بوزارة الدفاع، إلى جانب كوادر الاستخبارات والتكنولوجيا. كما تعاون معهم سلاح الجو وشركتا الدفاع رافائيل وإلبيت، اللتان طورتا دقة عالية وقدرات اختراق عميقة للذخائر التي كان من المفترض أن يلقيها الجيش الاسرائيلي على المواقع التي ستُوضع فيها هذه الأجهزة.
لقد كانت الذخائر الأرضية في الضاحية بالغة الدقة، ففي الأراضي الصخرية، حتى القنبلة الثقيلة التي تزن طنًا، والتي لا تصيب مسار النفق بدقة، أو تنحرف ولو مترًا واحدًا، ستخطئ هدفها. في هذه الحالة، سيُصاب سكان النفق على الأكثر. لذلك، كان من المهم لمطوري المعدات والذخائر أن تصيب القنبلة الهدف بدقة وأن تحقق الغرض.
كان الإنذار المسبق من عملاء الموساد، في موقعٍ أشارت إليه مديرية المخابرات كمخبأٍ سيجتمع فيه نصر الله بمستشاريه، هو ما مكّن من اغتيال الأمين العام لحزب الله. في الساعة 6:20 مساءً من يوم 27 أيلول، أسقطت عشر طائرات تابعة لسلاح الجو 83 قنبلة، وزن كل منها طن واحد، على المنطقة التي يقع فيها هذا المقرّ السريّ في أعماق الأرض. وشاركت في العملية الجوية طائرات من طراز F-15I ” (الرعد”) من السرب 69 (“المطارق”)، إلى جانب طائرات من طراز F-16I ” (العاصفة”) التي أسقطت قنابل BLU-109 أمريكية الصنع، والمعروفة في سلاح الجو باسم “البرد الثقيل”. كانت هذه القنابل مزوّدة بنظام توجيه للأهداف، بالإضافة إلى نظام التوجيه القياسي بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في آليات التوجيه الخاصة بها. في البداية، كانت خطة سلاح الجو، نظرًا لدقة آليات التوجيه والاختراق، استخدام نصف عدد القنابل التي أُلقيت في النهاية – لكن وزير الدفاع آنذاك يوآف غالانت، عند موافقته على العملية، طالب بمضاعفة عدد القنابل لضمان عدم نجاة نصر الله من الحادث. إلى جانب نصر الله، قُتل أيضًا علي كركي، الجنرال الإيراني، وحوالي 300 شخص آخر، معظمهم من عناصر حزب الله الذين كانوا في المنطقة المجاورة. أدى هذا القصف واغتيال زعيم المنظمة الشيعية فعليًا إلى قرار حزب الله. وردًا على ذلك، أمطرت المنظمة اللبنانية إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة الانتحارية والصواريخ المضادة للدبابات، وأطلقت عليها اسم عملية خيبر – تيمّنًا بالهزيمة التي ألحقها المسلمون بالقبائل اليهودية في شبه الجزيرة العربية في عهد النبي محمد. في الوقت نفسه، عيّن مجلس شورى حزب الله هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي للمنظمة الإرهابية، ليحل محل نصر الله. وبعد أسبوع، في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024، تم إقصاؤه بنفس الطريقة، واستبداله بنعيم القاسم
إن الجمع بين السلوك الأمني الاستراتيجي الإسرائيلي السليم، إلى جانب الأخطاء القاتلة التي ارتكبها نصر الله منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جعل هذا الإنجاز ممكنًا. لكن الدراما التي غيّرت وجه الشرق الأوسط سبقتها العديد من المزالق، كاد كل منها في حد ذاته أن يمنع حدوثها.
ثم جاءت رسالة رئيس الموساد
إن الطريقة التي تصرف بها الجيش الاسرائيلي والموساد والقيادة السياسية للقضاء على التهديد الوجودي الذي يشكله حزب الله، بكل ما يملكه من صواريخ وطائرات مسيرة، ستُدرس بالتأكيد لسنوات عديدة قادمة في الكليات العسكرية ومعاهد الاستراتيجية. كان القرار الأول المتخذ في القدس هو رفض اقتراح غالانت ورئيس الأركان آنذاك هرتسي هاليفي، اللذين كانا قد سعيا بالفعل في 10/11/2023 إلى مهاجمة حزب الله، والقضاء على نصر الله، وإحباط أكثر من 130 ألف صاروخ وقذيفة وطائرة مسيرة انتحارية شكلت تهديدًا وجوديًا للجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وزير الدفاع ورئيس الاركان ارادا معالجة التهديد الأخطر الذي تشكله حماس والذي بحلول 11 أكتوبر/تشرين الأول، كان قد تم صده عن الأراضي الإسرائيلية، وكانت قدرتها على إطلاق الصواريخ أو غزو المنطقة المحاصرة مرة أخرى أقل بكثير من قدرة حزب الله. بالإضافة إلى ذلك، كانت خطط عملياتية مفصلة، آنذاك، مُعدّة في أدراج هيئة الأركان العامة، وخاصةً في مديرية الاستخبارات والموساد وسلاح الجو، لتوجيه ضربة قاصمة لحزب الله جوًا وبرًا، والتي كان من شأنها أن تُحيّد معظم التهديد الذي يُشكّله في غضون أسبوع أو أسبوعين. أما في غزة، فلم تكن هناك خطط تُذكر للقضاء الكامل على قوة حماس العسكرية والحكومية، وهذه كانت موضع اعداد.
ومقابل وزير الدفاع ورئيس الاركان كان رئيسا أركان الجيش الإسرائيلي السابقان، بيني غانتس وغادي آيزنكوت. الذين جادلا بأن حماس، التي كانت لا تزال تمطر إسرائيل بالصواريخ وقذائف الهاون، والتي تحتجز 251 رهينة، والمجهزة بمنظومة دفاعية فوق وتحت الأرض، يجب أن تُهاجم بكامل قوتها أولاً، بينما شن نصر الله “حملة محدودة” فقط وليس هجومًا شاملًا.
وجادل رئيسا الأركان السابقان، وأعضاء آخرون في الحكومة، بأنه بعد التغييرات التي شهدها الجيش الإسرائيلي، يجب اتخاذ إجراءات تدريجية – لأن أي هجوم كبير على حزب الله في وقت مبكر من أكتوبر 2023 سيؤدي إلى تدخل إيران في الحرب بآلاف الصواريخ الباليستية، مما سيؤدي إلى حرب كبيرة من شأنها، من بين أمور أخرى، أن تُشكل تحديًا خطيرًا لقدرات الاعتراض والدفاع الإسرائيلية. كما طالبت الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس جو بايدن آنذاك، بتجنب حرب إقليمية قد تُجبر الجيش الأمريكي علبها.
واتخذ نتنياهو قراره بالتركيز على جيش حماس الإرهابي في قطاع غزة، حتى لو لم يهزمه تمامًا. وأوضح أنه من المستحيل استمرار وضع اللاجئين لعشرات الآلاف من سكان الجليل والشمال، وأن الجيش الاسرائيلي قادر على تحقيق إنجازات استراتيجية ضد حزب الله من شأنها تحييد المنظمة بشكل فعال. كان برنياع مقتنعًا بالفعل في أغسطس بأن هذه فرصة لا ينبغي تفويتها، في حين وصلت المخابرات العسكرية والموساد في الوقت نفسه إلى حدود قدراتهما على جمع المعلومات الاستخباراتية والإبداع العملياتي. في الواقع، بعد رسالة برنياع، في 12 ايلول 2024، اتخذ نتنياهو قرارًا بإعادة توجيه القوات من غزة إلى الشمال. انكشف العالم على القدرات الإسرائيلية بدءًا من أواخر حزيران من ذلك العام، بعد مقتل 12 طفلاً يلعبون كرة القدم في مجدل شمس بصاروخ أطلقه حزب الله. بدءًا من ذلك المساء، قضى الجيش الاسرائيلي بشكل منهجي بالقصف الجوي على كل من استطاع نصر الله استشارته والثقة به. أولاً، كان فؤاد شكر، المعروف بـ”محسن”، الذراع الأيمن للأمين العام لحزب الله ومستشاره الرئيسي في استخدام القوة العسكرية. أدى اغتياله إلى فقدان نصر الله، الذي لم يكن عسكريًا بطبعه، لبوصلة العمليات، وأجبره على اتخاذ القرارات بمفرده تقريبًا .
بعد ذلك، تم القضاء على جميع قادة حزب الله تقريبًا واحدًا تلو الآخر، وبلغت العملية ذروتها في عملية “النظام الجديد” التي قُضي فيها على نصر الله. في الوقت نفسه، قصف الجيش الاسرائيلي بشكل منهجي فرق حزب الله المضادة للدبابات ومنصات إطلاق الصواريخ التي كانت ظاهرة فوق الأرض، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى في صفوف التنظيم، إلى جانب عملية “البيجر”.
لقد كانت سيطرة حزب الله شديدة لدرجة أن التنظيم بأكمله كان في حالة فرار وذعر – من صفوف المقاتلين إلى مستويات القيادة الوسطى. وما لا يقل أهمية عن ذلك، أن اغتيال القيادة نُفذ بوتيرة سريعة وبأعداد كبيرة، مما عزز تأثيره – لأن مثل هذا التنظيم، وخاصةً إذا كان دينيًا-أصوليًا-جهاديًا، يميل إلى تكوين قادة ميدانيين جدد وقيادة بديلة، كما يحدث حاليًا في غزة، على سبيل المثال.
مرة أخرى، في اللحظة الأخيرة، كادت إسرائيل أن تُضيع فرصة القضاء على زعيم حزب الله: عندما وردت تلك “الأخبار السارة” بأنه سيلتقي بمستشاريه يوم الجمعة في المخبأ السري، انقسمت الآراء في القيادة الأمنية والسياسية الإسرائيلية. قال رئيس الأركان هرتسي هاليفي ووزير الدفاع غالانت إنه من المستحسن بالفعل القضاء على نصر الله، ولكن بما أن هذا قد يؤدي إلى جبهة قوية في الشمال – تشمل سوريا والإيرانيين، ولاحقًا إلى حرب إقليمية – فيجب تنسيق الهجوم مسبقًا مع بايدن. في الواقع، كان من شأن هذا التحديث أن يستبعد إمكانية تصفية رئيس المنظمة اللبنانية، لأن الرئيس وجماعته عارضوا أي خطوة قد تؤدي إلى حرب شاملة. في المقابل، طالب رئيس الموساد وآخرون في الحكومة المصغرة بتنفيذ عملية الاغتيال، وبالتالي عدم تنسيقها مسبقًا مع بايدن وفريقه. تجاهل نتنياهو النقطتين، وتردد، وقرر عدم اتخاذ قرار. دار هذا النقاش ليلًا، وفي اليوم التالي، سافر نتنياهو جوًا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. في الصباح الباكر (بتوقيت إسرائيل)، أثناء طيرانه، اتخذ قرارًا بتصفية نصر الله، بعد معلومات استخباراتية تفيد بأن هذه الفرصة قد لا تكون سانحة بعد هذه اللحظة.
نجح القادة في تعطيل قدرات حزب الله القيادية والسيطرة بشكل كبير، إذ كان التنظيم بأكمله في حالة من الفرار والذعر – من صفوف المقاتلين إلى مستويات القيادة الوسطى. وما لا يقل أهمية عن ذلك، أن اغتيال القيادة نُفذ بوتيرة سريعة وبأعداد كبيرة، مما زاد من وطأة الأمر – لأن مثل هذا التنظيم، وخاصةً إذا كان دينيًا-أصوليًا-جهاديًا، يميل إلى تكوين قادة ميدانيين جدد وقيادة بديلة، كما يحدث حاليًا في غزة، على سبيل المثال.
الخدعة التي أسقطت نصر الله
كان من العوامل الأخرى التي ساهمت بشكل حاسم في هزيمة حزب الله الخداع الذي نفّذته إدارة عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي، والذي نجح في نصب فخ لزعيمه. لم يفهم نصر الله، حتى بعد هجوم أجهزة النداء والراديو الذي نفّذه الموساد ونفّذه الجيش الإسرائيلي يومي 17 و18 أيلول، أن إسرائيل شنّت هجومًا شاملًا عليه. واصل التمسك بـ”معادلته”، التي تنص على أنه إذا أصابت إسرائيل هدفًا عسكريًا، فإنها ستطلق النار على أهداف عسكرية؛ وإذا أصابت إسرائيل هدفًا مدنيا، في رأيه، فإنه سيستهدف المدنيين.
السبب وراء عدم الفهم لدى حزب الله هو انه بدلاً من توجيه ضربة واحدة ومواصلتها بشكل متواصل وكثيف لعدة أيام، قسّم الجيش الاسرائيلي هجومه على حزب الله إلى عدة مراحل. بدأ باغتيال فؤاد شكر في يوليو/تموز، ثم، كما ذُكر، الهجوم على أجهزة النداء والراديو في سبتمبر/أيلول. في اليوم التالي، شنّ سلاح الجو عملية “سهام الشمال” التي دمّر فيها الصواريخ التي خزّنها حزب الله وأطلقها داخل تجمعات سكانية مدنية – ظنّاً منه أن الجيش الإسرائيلي لن يتدخّل ضدّها. دُمّر معظم ترسانة حزب الله من الصواريخ والقذائف والطائرات المسيّرة، وخاصةً تلك الدقيقة التي شكّلت تهديداً للمنشآت الحيوية والجبهة الداخلية العسكرية والمدنية في إسرائيل.
في 20 سبتمبر/أيلول، وفي إطار عمليات “النظام الجديد”، قُضي على قائد قوة الرضوان، إبراهيم عقيل، مع كبار قادة وحدة النخبة. نصر الله، الذي التزم، كما ذُكر، بالمعادلات، أمر باستهداف أهداف مدنية، لا سيما باستخدام صواريخ مضادة للدبابات في المطلة وغيرها من البلدات الحدودية، حيث تم القضاء على كبار القادة أيضًا في أهداف “مدنية” وفقًا لمنهجه. كانت استراتيجية المعادلات التي اعتمدها تعبيرًا عن مفهوم “شبكة الطرق” الذي ابتكره وغرسه في جميع عناصر محور الشر منذ أيار 2000، والذي يقضي بأنه على الرغم من قوة إسرائيل العسكرية، إلا أنها عمليًا منهكة من الحرب، ويفتقر مواطنوها إلى القدرة على التحمل والإرادة للقتال. لا بد من الاعتراف بأن نصر الله لم يكن مخطئًا تمامًا: فاستراتيجية الاحتواء التي اعتمدتها إسرائيل والجيش الاسرائيلي منذ حرب لبنان الثانية وحتى قبلها، بما في ذلك في غزة، أكدت نظريته وثبتت صحتها. لكن نصر الله لم يفهم الحقيقة الجوهرية المتمثلة في أن الشعب اليهودي، بعد المحرقة، يتوحد تلقائيًا ويُظهر صمودًا وطنيًا في الحرب وعند مواجهة خطر وجودي. فوجئ نصر الله بهذه الصمود الوطني. لقد هزم نهج “كفى” الذي تبناه الشعب اليهودي نظرية “الشبكة العنكبوتية” التي تبناها نصر الله حتى قبل أن يُقضى عليه، لكن الزعيم الشيعي الذي قاد منظمته بشكل مركزي لمدة 30 عامًا كان مليئًا بالغطرسة والشعور بأنه يفهم الإسرائيليين. كان يعتقد أن إسرائيل لن تجرؤ على شن حرب إبادة ضد منظمته، وبالتأكيد لن تجرؤ على إيذائها، خوفًا من أن تُمطرنا بعشرات الآلاف من الصواريخ والطائرات المسيرة.
وما ساهم في شعور نصر الله بالغرور هو أن المحور الشيعي، بقيادة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، اعتبره “القائد العام للشرق الأوسط” – خاصة بعد اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، في 3 يناير/كانون الثاني 2020. يقول مسؤول استخبارات إسرائيلي كبير: “منذ ذلك الحين، قاد نصر الله فعليًا المحور الشيعي بأكمله في كل ما يتعلق بالحرب على إسرائيل. وهذا يشمل الحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق، وكذلك فيلق القدس الإيراني في سوريا ولبنان”.
لكن من كان يعتبر نفسه الخبير الأول في المجتمع الإسرائيلي، والسياسة الإسرائيلية، والتفكير العسكري الإسرائيلي – لم يُدرك أن إسرائيل قد تحركت لمهاجمته. لو ردّ نصر الله، على سبيل المثال، بكل ما أوتي من قوة على “السهام الشمالية” وطلب المساعدة من الإيرانيين – لربما تعرّض حزب الله لضربة موجعة وإذلال، لكن نصر الله نفسه كان سينجو ويعيد بناء التنظيم وقدراته بمساعدة حلفائه من طهران. لكانت الجبهة الداخلية الإسرائيلية قد تضررت بشدة، ولأُجبرت إسرائيل على وقف الحرب. لكن نصر الله، كما ذُكر، كان أسيرًا لفكرته الخاصة.
القصة لم تنتهي
لقد كان اغتيال نصر الله بالفعل نقطة تحول مهمة في الحرب، لكن شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيليت نصح بعدم الاستخفاف بنعيم قاسم والسخرية منه، فهو غالبًا ما يتصبب عرقًا خلال خطاباته الهجومية. يقول: “إنه قادر على قيادة التنظيم ورسم سياساته، حتى وإن لم يكن هو نصر الله”، كما يقول ضابط استخبارات كبير.
لقد فقد حزب الله حلفاءه الرئيسيين. والأسوأ من ذلك، أنه منذ أن عمل من داخل السكان المدنيين واستخدمهم كدروع بشرية، نشأ تباعد بين حزب الله والقاعدة الشيعية التي يعمل ضمنها، وعداء بين الطائفة الشيعية والطوائف الأخرى في لبنان، التي عانت أيضًا إلى حد ما من الغارات الجوية على جيرانها.
يواجه حزب الله اليوم مطالب بنزع سلاحه ويرفضها. وعلى نفس المنوال، يرفض الأمريكيون والسعوديون إخراج لبنان من المأزق الاقتصادي العميق الذي حفره لنفسه، ويرجع ذلك أساسًا إلى حزب الله. رجال الأعمال الأمريكيون وأثرياء النفط من الخليج ليسوا في عجلة من أمرهم للاستثمار في بلد لا يزال حزب الله قوته المسلحة الرئيسية، وقدرته على بدء حرب مع إسرائيل لصد مطالب الحكومة معرضة للخطر.
يبدو أن حزب الله مستعد لنزع سلاحه في جنوب لبنان، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن الجيش الاسرائيليقد طهر بالفعل – ولا يزال يطهر – معظم المنطقة من بقايا الأسلحة المخزنة هناك. لكن شمال نهر الليطاني، لا يزال حزب الله يستعد، ولديه كمية كبيرة من الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة التي يمكنه استخدامها ضد إسرائيل وفصائل أخرى في لبنان، وبالتالي لا يزال عاملاً يُحسب له حساب. انتهت قصة نصر الله، لكن قصة الحزب لم تنته بعد.
------------------------------------------
هآرتس 21/9/2025
كبير في الإدارة المدنية تمت ازاحته من منصبه عقب خلاف مع أتباع سموتريتش حول اراضٍ
بقلم: هاجر شيزاف
شخص رفيع في الادارة المدنية تم نقله من منصبه على خلفية اختلاف في الرأي بينه وبين اتباع الوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، فيما يتعلق بالمصادقة على صفقات اراضي في المناطق، هذا ما حصلت عليه “هآرتس”. هذا الشخص الرفيع، تومر كرمي، كان المسؤول عن تسجيل وتسوية الملكية على الاراضي في مناطق ج، وهي وظيفة تعتبر استراتيجية وحساسة بشكل خاص في الادارة المدنية. في اطار المنصب قام بفحص صفقات اراضي ليهود في الضفة الغربية. كرمي كان ضابط ركن العدل وتسجيل الاراضي في الادارة المدنية خلال 12 سنة، وتم نقله من منصبه في بداية الشهر الحالي. هو كان مدير وحيد، والآن تم نقله الى منصب نائب مدير في وحدة تغيير الدين وعقود الزواج في وزارة العدل.
حسب مصادر تحدثت معها “هآرتس” فان كرمي كان عامل مخلص ومهني في مجاله لسنين. ومنذ اقامة ادارة الاستيطان التي اقامها سموتريتش بدأ يتدخل في قراراته المهنية. ادارة الاستيطان اقيمت في اعقاب الاتفاقات الائتلافية بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وسموتريتش في 2022، ومهمتها الرئيسية هي الاهتمام بـ “تسوية الاستيطان”. وقد اعطيت هذه الادارة صلاحيات واسعة، التي كانت في السابق في يد وزير الدفاع، مثل تطبيق القانون على مخالفات البناء للفلسطينيين والاسرائيليين وشرعنة البؤر الاستيطانية. “هآرتس” علمت أن الخلاف الرئيسي بين كرمي وادارة الاستيطان يتعلق بصفقة رفض كرمي المصادقة عليها، والتي عقدتها شركة همنوتا التابعة للكيرن كييمت، حول الاراضي التي اقيمت عليها مستوطنة العازار في 2018. الحديث يدور عن 290 دونم اشترتها الكيرن كييمت من امرأة فلسطينية.
من يدير ملفات شراء الاراضي في الضفة لصالح الكيرن كييمت هو عوفيد اراد، الذي مثل سموتريتش ورئيس ادارة الاستيطان يهودا الياهو، عمل في السابق مع الجمعية اليمينية رغافيم. موقف كرمي فيما يتعلق بالصفقة في مستوطنة العازار هو أنه لا يجب المصادقة عليها بسبب عدم التوافق ووجود عيوب في الوثائق التي قدمت في اطارها. في اطار وظيفته يجب على كرمي فحص صفقات الاراضي وأن يقرر اذا كان سيصادق عليها، الامر الذي يسمى تصريح بالصفقة. شركة همنوتا قالت خلال السنين بان كرمي تجاوز صلاحياته، وأن من يجب عليه البت في قضية اهلية الصفقة في العازار ليس ضابط الاراضي، بل لجنة تسجيل الرخص – نوع من الهيئة القضائية في الادارة المدنية، التي تسمح بتسجيل الاصول في الطابو.
همنوتا ادعت ايضا انها لم تطلق تصريح بالصفقة، بل مصادقة اخرى، السماح بعقد الصفقة، التي يجب على المشترين الاسرائيليين الحصول عليها من رئيس الادارة المدنية عندما يريدون عقد صفقة اراضي في الضفة. اعطاء الاذن للصفقة تم تحديده على الاغلب وفقا للحساسية السياسية والامنية، وليس استنادا الى صلاحية الصفقة نفسها. في الكيرن كييمت قالوا ايضا بان كرمي يرفض الصفقة لاسباب غير موضوعية، وانهم نفذوا عملية الشراء من البداية بناء على طلب من وزارة الدفاع.
على قرار كرمي، عدم المصادقة على الصفقة، قدمت همنوتا التماس للجنة عسكرية. في بداية الاجراء طرح موقف كرمي من قبل المستشار القانوني لمنطقة يهودا والسامرة في النيابة العسكرية. وفي الرد الذي قدمه المستشار القانوني في الاجراء الذي عقد في آذار 2024 تم تفسير مبررات كرمي للرفض، من بين ذلك حقيقة أن صيغة ضريبة الشراء التي قدمت لم تشمل اسماء جميع اصحاب الارض وحجم حقوق صاحب الارض الاصلي الذي نقلها للورثة. عيب آخر اشار اليه هو حقيقة أن تفويض صاحبة الارض من العام 1982 تم تقديمه بصيغ مختلفة، ولم يتم تقديم أي دليل على أن المفوضين الاصليين، الذين هم ايضا فلسطينيون، كانوا على قيد الحياة عندما تم التوقيع على هذا التفويض.
كرمي اشار ايضا الى انه رغم توجهه الى الكيرن كييمت للحصول على رد حول هذه العيوب خلال سنين، الا انه لم يحصل على رد مقنع. اضافة الى ذلك تمت الاشارة هناك الى ان سياسة الادارة المدنية هي ان الصفقات التي تحتاج الى اذن أو تصريح للصفقة، يتم فحصها في البداية من قبل ضابط الاركان المخول من اجل رؤية هل تلبي مطالب الترخيص.
في ايلول السنة الماضية انتقل تمثيل كرمي في ملف المستشار القانوني ليهودا والسامرة في النيابة العامة العسكرية الى يد المستشار القانوني في وزارة الدفاع، طبقا للاتفاقات الائتلافية. مصادرة الاستشارة القانونية التي تحصل عليها الادارة المدنية من مكتب المستشار القانوني في يهودا والسامرة، الهيئة التي تقدم الاستشارة القانونية التي تاخذ في الحسبان القانون الدولي، كانت احد طلبات سموتريتش.
بالنسبة للمستوطنين فان المستشار القانوني في يهودا والسامرة يعتبر جسم يفشل بشكل ثابت خطواتهم. القسم الذي يقدم الاستشارة القانونية الآن في وزارة الدفاع، الذي يحل محل المستشار القانوني في يهودا والسامرة في الادارة المدنية، يترأسه موشيه فروخت، الباحث السابق في منتدى كهيلت. مصادر ذكرت لصحيفة “هآرتس” بأن نقل موضوع الاستشارة اليه احدث تغيير واضح في جودة الاستشارات القانونية المقدمة في الادارة المدنية.
“هآرتس” علمت انه بعد نقل تمثيل كرمي الى قسم المستشار القانوني في وزارة الدفاع فان ادارة الاستيطان التابعة لسموتريتش عملت على ضمان حصول الصفقة، رغم موقف كرمي، على التصريح المطلوب. وتم التلميح لكرمي بان المستشار القانوني لن يمثل موقفه في لجنة الاستئنافات. وقد ادى هذا النوع من الاختلاف في الرأي الى نقله من منصبه، الامر الذي امكن في بداية الشهر بسبب تجديد عقود الموظفين العامين كل اربع سنوات.
في آذار الماضي، رغم الموقف الذي عرض في السابق على لجنة الاستئنافات، الا ان رئيس الادارة المدنية، العميد هشام ابراهيم، اعطى الاذن للصفقة الذي طلبته الكيرن كييمت. في رد على سؤال “هآرتس” قالت المتحدثة باسم الكيرن كييمت ان الاذن اعطي بدون ان يطلب من لجنة الاستئنافات اعطاء قرار. واضافت بانه بعد الحصول على اذن للصفقة واصلت همنوتا الاجراء في لجنة التسجيل الاولي. ايضا هذه اللجنة سيتعين عليها مناقشة قضية اهلية الصفقة.
تومر كرمي لم يرد. ومن الوزير سموتريتش جاء الرد: “هذا الامر غير موجود ولا اساس له”. تومر انتقل بناء على طلب منه الى وظيفة اخرى في وزارة العدل.
من الكيرن كييمت جاء الرد: “على الفور بعد عملية الشراء قدمت همنوتا القدس الى الادارة المدنية طلب للحصول على اذن لعقد الصفقة. وقد عرض تفويضان مختلفان من كاتب عدل، واطار الاتفاق تم فحصه والمصادقة عليه من قبل وزارة العدل. بسبب تاخير الحصول على اذن للصفقة فان همنوتا القدس اضطرت الى تقديم استئناف للجنة الاستئنافات في الادارة المدنية. وفقط في اعقاب تقديم الاستئناف تم الحصول في 5/3/2025 على الاذن المامول للصفقة. بناء على الحصول على اذن للصفقة قدمت همنوتا القدس طلب لتسجيل اولي للقسيمة المسجلة باسمها، وفي 12/8/2025 تم تسلم بيان الادارة المدنية بانه تم فتح الملف. همنوتا القدس تنوي استكمال تسجيل القسيمة باسمها في الطابو في اسرع وقت ممكن”.
-------------------------------------------
هآرتس 21/9/2025
الخطوات ضد إسرائيل لا تزال رمزية لكن أوروبا تبث انها مستعدة للسير بعيدا
بقلم: ليزا روزوفسكي
لكونهم احفاد تراث متشعب من العلاقات الخارجية والتحالفات، فان الفرنسيين مؤمنين متحمسين بالدبلوماسية. الرئيس عمانويل ماكرون اثبت ذلك مرة تلو الاخرى: مستشارون وعاملون في الخارجية الفرنسية، يعملون في ظله، قالوا: ليس مهم ماذا، هو دائما معني بالتحدث”. هذا كان صحيح في بداية شباط 2022 عندما كان ماكرون الزعيم الغربي الاخير الذي وصل الى موسكو بجهد بائس لمنع الغزو الروسي لاوكرانيا، وهذا صحيح ايضا في ايلول 2025. رغم الاهانات المتكررة من قبل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومن أبناء عائلته والمقربين منه، فان ماكرون يواصل محاولة أن يصالح نظيره الاسرائيلي واقناعه بان المبادرة الفرنسية – السعودية، اعتراف الدول الغربية بالدولة الفلسطينية، ليست خطوة معادية ضد اسرائيل. الفرنسيون وماكرون على رأسهم يحاولون التوجه ايضا الى الجمهور الاسرائيلي بنفس الرسالة.
التعبير عن هذه المحاولة ظهر في يوم الجمعة عندما اعلن ماكرون عن اعتقال (وتسليم) المتهم بتورطه في العملية في مطعم يهودي في باريس في عام 1982 التي قتل فيها ستة اشخاص. حتى ان ماكرون اكد على ان المشتبه فيه، الذي حسب مصادر فرنسية، ساهم كثيرا في تخطيط العملية وتم اعتقاله على يد السلطة الفلسطينية. المصدر اكد ان جهود القنصلية الفرنسية في القدس – التي في احدى جلسات الحكومة الاخيرة ناقشوا اغلاقها – كانت في تعاون مع السلطة، وكلتاهما ساهمتا في الاعتقال. في فرنسا يؤكدون أنهم هم والسلطة الفلسطينية ليسوا اعداء لاسرائيل، بل شركاء، حتى في مكافحة الارهاب. لا يبدو ان الرسالة تجد اذن صاغية في محيط نتنياهو، لكن الفرنسيين يواصلون المحاولة.
مؤتمر حل الدولتين الذي سيبدأ بلقاء الزعماء في الجمعية العمومية للامم المتحدة في هذا الاسبوع هو الدليل على ان الدبلوماسية الفرنسية تحقق النجاحات في كل مرة. وحسب اقوال دبلوماسيين غربيين فان الوثيقة الفرنسية – السعودية تطرح تحقيق حلم الدولتين كهدف لان تحقق في “زمن محدد” كانت الوثيقة الوحيدة ذات العلاقة في هذا الشان. لذلك فقد حظيت في الاسبوع الماضي على دعم جارف في الجمعية العمومية للامم المتحدة.
ايضا الاعتراف الغربي الجماعي بالدولة الفلسطينية – الذي طرحه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتطوع ماكرون ليكون المقدم له – هو المبادرة العلنية الوحيدة التي تبدو كوزن مضاد للحرب الخالدة التي تشنها اسرائيل في غزة. في السنة الماضية اعلنت اسبانيا والنرويج وايرلندا وسلوفانيا عن اعترافها بالدولة الفلسطينية، وفي هذه السنة انضمت فرنسا واستراليا وكندا ومالطا والبرتغال. في بريطانيا طرح رئيس الحكومة كير ستارمر شروط للاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكن الـ “بي.بي.سي” نشرت بانه يتوقع ان يتم التوقيع على هذا القرار اليوم. في بلجيكا اعلن وزير الخارجية ان الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيدخل الى حيز التنفيذ فقط بعد اعادة جميع المخطوفين، وبشرط ان لا تكون حماس ذراع حاكم في غزة. نيوزيلندا ولوكسمبرغ اعلنت بأنها تفحص الانضمام.
الاعلان الفرنسي – السعودي يعد عدة خطوات في الطريق لاقامة الدولة الفلسطينية – انهاء الحرب، تحرير المخطوفين، الانسحاب الكامل للجيش الاسرائيلي، تسليم سلاح حماس للسلطة الفلسطينية، وضع قوة دولية في مناطق الدولة الفلسطينية المستقبلية، اصلاحات وانتخابات ديمقراطية في السلطة بدون حماس. في هذا البيان ذكر ايضا نقل صلاحيات الاونروا الى السلطة الفلسطينية من اجل “حل عادل” لمشكلة اللاجئين.
الكثير من الخطوات، لا سيما عندما يتم جمعها معا، لا يظهر انها قابلة للتنفيذ في القريب. ايضا اعتراف الدول الغربية بالدولة الفلسطينية لا يتوقع ان يثمر نتائج عملية – طالما ان هذا مرهون بسياسة، واسرائيل لا تتخذ أي خطوات مضادة. سفارات الدول الغربية لا يتوقع أن تفتح في رام الله في القريب. بهذا المعنى فان نجاح فرنسا هو على الاكثر نجاح رمزي. ولكن عندما تنتهي الحرب في غزة فيبدو ان المبادرة الفرنسية – السعودية، التي بالنسبة لحكومة اسرائيل هي معروضة كمعادلة حالمة، ستبقى “الوثيقة الموجودة على الطاولة”، والمدعومة بتاييد دولي شامل. ايضا الولايات المتحدة لا يمكنها ان تتجاهلها، ربما عندها، بأثر رجعي، يمكن تتويج الجهود الفرنسية باعتبارها نجاحا دبلوماسيا حقيقيا.
بأيدي فارغة
في هذه الاثناء في العالم ينتظرون الخطوات المضادة التي وعدت بها اسرائيل، بدءا بضم اجزاء في الضفة الغربية وحتى خطوات عقابية خاصة ضد الدول التي ستعترف بفلسطين. هكذا مثلا تم طرد من اسرائيل دبلوماسيون من استراليا والنرويج مسؤولون عن العلاقات مع السلطة الفلسطينية. في العالم يدركون جيدا انه حتى بدون خطوات رسمية فانه تزداد وتيرة الضم لاجزاء في الضفة الغربية. لذلك فان كثيرين لا ينوون الجلوس مكتوفي الايدي. حتى خطوة تبدو بعيدة عن الواقع مثل تقليص اتفاق التجارة الحرة مع اوروبا، المتوقع ان ينتقص مئات ملايين اليورو من خزينة الدولة، تبدو الآن اكثر من مرجحة. المانيا اعلنت بانها منفتحة على مناقشة ذلك، وايطاليا قالت انها ستكون مستعدة لذلك شريطة أن لا يضر بـ “السكان المدنيين” الاسرائيليين.
ماذا ستفعل اوروبا ودول غربية اخرى اذا ضمت اسرائيل رسميا اجزاء في الضفة؟ من المرجح الافتراض انهم في الغرب سيبتلعون جزء من حبة الدواء المرة بدون تحطيم الادوات. مثلا، ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة، لكن خطوات اخرى يمكن ان تكون مشكلة خطيرة. دبلوماسي غربي كبير سبق ووصف بـ “قنبلة نووية” تهديد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بفصل البنوك الفلسطينية عن المنظومة الاقتصادية في اسرائيل. في محادثة مع مراسلين قال هذا الدبلوماسي بان “هذه الخطوة ستدمر السلطة الفلسطينية، وهذا ستكون له تداعيات سياسية وامنية خطيرة على اسرائيل”.
مع ذلك، هنا ايضا من غير الواضح اذا كانت التداعيات هي ان اسرائيل ستسلم بالفوضى الامنية التي ستترتب على ذلك أو انها ستتضرر من العقوبات التي ستفرضها الدول الغربية. هناك شيء واحد مؤكد وهو ان فرنسا ودول اخرى لن تمر مر الكرام على خطوات “عقابية” مباشرة توجه اليها. واذا تم اغلاق القنصلية الفرنسية فستقلص الدولة الخدمات القنصلية للاسرائيليين – الفرنسيين من سكان القدس، وباحتمالية عالية ايضا سكان سكان المستوطنات.
نتنياهو يتوقع ان يلقي خطاب في الامم المتحدة في نهاية لقاء القادة، حيث يكون معظمهم قد غادروا نيويورك. في القاعة سيكون موجود بالاساس ممثلو البعثات بمستوى متدني. من المرجح ان دول مشبوهة، مثل ايران والجزائر، ستقاطع الخطاب بشكل تظاهري، لكن من غير الواضح اذا كانت دول اخرى ايضا ستتخذ نفس الخطوة. واضح ان الخطاب سيشمل توبيخ يتهم المجتمع الدولي بالنفاق والمعايير المزدوجة تجاه اسرائيل. ولكن هل سينطوي على رسالة حتى لو كانت جزئية تقدم اسرائيل كدولة مستعدة للمصالحة؟.
في الفترة الاخيرة يلمحون في اسرائيل بانه يتم بذل الجهود كي لا يأتي نتنياهو الى الامم المتحدة بأيدي فارغة تماما. اذا لم يتم وقف النار في غزة فعلى الاقل سيكون اتفاق امني مع سوريا. في هذه الاثناء هذا الاتفاق يبدو صعب على التحقق. من ناحية، يصعب تصديق ان اسرائيل ستوافق على الانسحاب من المنطقة العازلة التي قامت باحتلالها. ومن غير المعقول ايضا أن تتنازل بسهولة عن احتمالية ضرب اهداف في سوريا مقابل سحب دبابات نظام الشرع من المنطقة التي طالب نتنياهو بنزع سلاحها في جنوب دمشق.
من جهة اخرى، على فرض ان نتنياهو يستمع الى ما تفكر فيه الطائفة الدرزية في اسرائيل، الا انه في نهاية المطاف يظهرون خط متشكك، وحتى عدائي ضد نظام الشرع، وهم يريدون ان تاخذ اسرائيل الدروز في محافظة السويداء تحت جناحها كي يحصلوا على الاستقلال. حسب مصادر في محيط الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في اسرائيل، فان الشيخ السوري حكمت هاجري الذي يمثل معظم دروز السويداء، غير مستعد لتسوية مع نظام الشرع وهو يطالب بحكم ذاتي واسع للدروز. حسب بعض التقارير هاجري رفض طرح حل الازمة في المحافظة، الذي تم التوصل اليه بين الولايات المتحدة ونظام الشرع والاردن. الفترة القريبة ستنبئنا اذا كان سيواصل التمسك بموقفه.
نتنياهو سيصل الى الامم المتحدة في حضيض غير مسبوق لصورته في العالم ولصورة اسرائيل. هو سيمثل في اجتماع زعماء العالم في انفصال ذهني عميق عن الكرة الارضية. هو يعتبر نفسه المدافع عن اسرائيل، لكن المواطنين في اوروبا وفي امريكا اللاتينية وفي الدول العربية، الذين يشاهدون الصور من غزة يعتبرون مجرم حرب وحشي وساخر. ولكن بين الرأي العام العالمي وسياسة معظم الحكومات توجد فجوة كبيرة. رغم الاقوال القاسية والخطوات الرمزية الا ان النشاطات العملية بقيت محدودة وحذرة جدا. العالم ينتظر رد نتنياهو من اجل التفكير فيما سيحدث في هذا المسار – هل سيؤدي الى تحطم آخر مؤلم جدا، أو مواصلة الخوض في المياه الضحلة، أو ربما بداية التعافي. اوروبا ودول الخليج تلمح الى انها لا تحمل أي ضغينة لمن يعيشون في صهيون، بل فقط لزعيمهم.
“اتفاقات ابراهيم توجد في قسم العلاج المستعجل، وهي في وضع حرج”، قال للصحيفة المحلل البحريني عبد الله الجنيد. “لكن دول الخليج لن تفصلها عن الاجهزة”. الجنيد طلب من الاسرائيليين رؤية “اليوم التالي لنتنياهو”، والاهتمام بان دول الخليج لن تكون الوحيدة التي تحافظ على الاتفاقات. مصادر في اسرائيل اكدت على ان حكام دولة الامارات، السعودية والبحرين، يجدون صعوبة في الجسر بين البراغماتية وطموحهم الى شرق اوسط مستقر وبين ما تفكر فيه الجماهير التي تشاهد القتل في القطاع. ورغم ذلك فان الخط الاحمر الوحيد الذي تمده الامارات والسعودية يتعلق بابقاء ثغرة لاقامة دولة فلسطينية. عمليا، هذه الدول لا تستخدم كل ثقلها لوقف الحرب في غزة، وهكذا ايضا الدول الاوروبية.
في حين ان نتنياهو يقوم باعداد شعب اسرائيل ليعيش وحيدا، فان الخلاصة المفاجئة هي أنه بعد سنتين على الحرب الدموية وعديمة الافق السياسي، وقائمة طويلة من التصريحات والتجارب العنيفة والاهانة للجيران والشركاء، العالم ما زال بعيد عن احراق الجسور مع اسرائيل. الجمعية العمومية للامم المتحدة ستوفر لنتنياهو فرصة اخرى للاصلاح، لكن مشكوك فيه ان يستغلها.
------------------------------------------
إسرائيل اليوم 21/9/2025
رسالة ديرمر للسعوديين .. “حسم حماس قبل التطبيع”
بقلم: داني زاكن
السعودية قبل 7 أكتوبر كانت على مسافة خطوة عن التوقيع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل. اما السعودية عشية رأس السنة الحالي فتقف مع فرنسا في رأس المبادرة الدولية للاعتراف بدولة فلسطينية والتطبيع مع إسرائيل ابتعد جدا. ان شئتم، هذا هو احد الإنجازات السياسية الكبرى لحماس وايران من خلفها.
لهذا التغيير في موقف السعودية عدة أسباب آخرها على ما يبدو كان حديثا بين الوزير رون ديرمر ومكتب ولي العهد محمد بن سلمان. وقد أكدت محافل دبلوماسية أمريكية وعربية لـ “إسرائيل اليوم” بان المحادثة تمت قبل بضعة أسابيع، اغلب الظن بعد وقف المحادثات في الدوحة.
في الحديث بحثت مسائل أخرى أيضا، مثل صورة الوضع حيال ايران بعد حرب الـ 12 يوما، وكذ ا المحادثات بين إسرائيل وسوريا والوضع في لبنان. لكن التركيز كان على غزة. فقد طلب ولي العهد أن يعرف الاتجاه او المسار لحكومة إسرائيل لانهاء الحرب وعن الخطط ما بعدها.
وحسب تلك المصادر، فقد أوضح ديرمر بان إسرائيل مصممة على حسم المعركة مع حماس والتأكد من أنها بعد ذلك أيضا لن تتمكن من رفع الرأس. وقد رفض الاقتراحات لاجراء مباحثات حول تشكيلة الهيئة التي ستحكم في القطاع بعد ذلك وأضاف بان الحكومة في القدس غير مستعدة لان تكون السلطة الفلسطينية مشاركة في مثل هذه الهيئة. حتى هنا الموقف الإسرائيلي المعروف، لكن عندما يقال في حديث عملي ومباشر مع الزعيم العربي الأهم، فانه يكون له معنى اثقل.
غير مستعدين للتقدم
فضلا عن ذلك، حسب المصادر الدبلوماسية، تلقى ابن سلمان في الحديث الرسالة في أنه في هذه المرحلة لن تكون إسرائيل مستعدة لاي تقدم سياسي حيال السلطة الفلسطينية في شكل قول، استعدادات للمفاوضات وبالتأكيد ليس ذاك الذي يؤدي في نهايته الى دولة فلسطينية حتى لو كانت مجردة من السلاح.
ابن سلمان، حسب هذه المصادر، طرح الاشتراطات التي تقررت في خطة الجامعة العربية وفي مقترح الاعتراف بدولة فلسطينية: التجريد، نزع التطرف وغيرها. غير أن الرسالة التي نقلت هي ان إسرائيل غير مستعدة للتقدم في هذا الاتجاه في المرحلة الحالية، وليس واضحا أيضا اذا كان بعد انتهاء الحرب.
المعنى هو الرفض، الان على الأقل، للمقترح السعودي الذي له اسناد عربي واسع، والتجميد لامكانية التطبيع مع السعودية – بمعنى في هذه المرحلة على الأقل. ونذكر ان ديرمر كان ضالعا في صورة الاتصالات مع السعودية على مدى السنين، بما في ذلك قبل الحرب حين كان استعداد تصريحي علني من السعودية وإسرائيل للوصول الى تطبيع. يقول المصدر العربي لـ “إسرائيل اليوم” ان هذا يعزز الاتجاه السعودي الذي يخرج إسرائيل من معادلات الخطط المستقبلية للشرق الأوسط، والتي يعمل عليها ابن سلمان بالتعاون مع الأمريكيين.
قبل زيارة ترامب الى المنطقة في شهر أيار كتبنا عن هذه السياسة السعودية. بضغط من ترامب انتظر السعوديون واعدوا التصريحات عن المنحى الجديد مع دول عربية والسلطة الفلسطينية وبعد ذلك مع فرنسا. وحسب المصدر، فان كل هذه الخطط مجمدة بسبب ما وصف باستسلام نتنياهو للمحافل المتطرفة في حكومته.
على موقف ديرمر نفسه يمكن ان نتعرف من أقواله في حديثه الصحفي مع دوني رويتش حيث قال انه بعد 7 أكتوبر فهم بان حماس أيضا، وليس فقط ايران تشكل خطرا وجوديا على إسرائيل. وعليه يجب حسب المعركة نهائيا معها واطلاق رسالة ردع للمنطقة كلها. هذه الاقوال تؤكد ما قاله ديرمر لابن سلمان.
في مقابلة صحفية مع محمد مجادلة في راديو “ناس” الذي يبث من الناصرة اكد ذلك الجنرال السعودي المتقاعد عبدالله القحطاني. فقد قال ان السلام مع إسرائيل شطب عن جدول الاعمال لان “نتنياهو وحكومته لا يريدون السلام”. “تقدمنا لإسرائيل بمقترح يتضمن الاعتراف، الامن والمصالحة، لكن هذه الحكومة المتطرفة غير معنية بالسلام”، قال. وشدد على أن المملكة لن تتخذ أي خطوة تطبيع الا اذا اعترف بدولة فلسطينية مستقلة.
ترامب معني بصفقة كبرى
يقدر المصدر الدبلوماسي العربي ان يحتمل لموقف إسرائيل أن يتغير مع نهاية الحرب، أذ ان إدارة ترامب معنية جدا بالخطة الكبرى، الصفقة الكبرى للشرق الأوسط، بما في ذلك إعادة اعمار القطاع وتحوله الى “ريفييرا” سياحية. بل وأضاف بان نهجا إسرائيليا اكثر مرونة كان من شأنه أن يلطف الإجراءات السياسية، مثل الاعتراف بدولة فلسطينية. وحسب هذا المصدر فان “كيانا فلسطينيا مجردا من السلاح يكون في مسيرة نزع تطرف عميق، هو خطر اقل على إسرائيل من الوضع الحالي عديم الأفق السياسي”.
من الواجب الإشارة الى أن إسرائيل تشارك في اتصالات ومداولات “اليوم التالي” في المستوى العملي، والوزير ديرمر نفسه بحث في ذلك مع مسؤولي الإدارة الامريكية في واشنطن قبل أسبوعين. تشارك في هذه الاتصالات دول عربية، واساسا السعودية، الامارات ومصر. الدولتان الاوليان توافقان على ان في هذه المرحلة لا حاجة لان تكون السلطة الفلسطينية مشاركة في الهيئة السلطوية التي ستقوم في غزة.
بين السعودية، إسرائيل، الامارات والولايات المتحدة يسود توافق في الرأي عن الحاجة الى سياقات نزع التطرف في أوساط الفلسطينيين. ولهذا الغرض اعدت خطة مع منظمات دولية ودول لتنفيذها بدء بالمجالات الإنسانية في جنوب القطاع. وقد ائتمنت السعودية على المنهاج الدراسي في المدارس فيما ائتمنت الامارات على ادخال مضامين نزع التطرف وقبول الاخر.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 21/9/2025
الحقيقة مقابل الوهم
بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين
الرياضيات تحولت في الأشهر الأخيرة لتصبح أحد العوائق الأصعب في طريق الإسرائيليين لفهم الواقع بشكل دقيق. فوفقا للحسابات الرياضية، الحرب في غزة انتهت عالميا وليس فقط بل وبحسم للمعركة مع حماس. فقد سيطر الجيش الإسرائيلي على اكثر من 70 في المئة من أراضي القطاع، صفي 90 في المئة من نشطاء حماس، بما في ذلك الأغلبية الساحقة من زعماء وقادة حماس، 22 من اصل 24 كتيبة حماس فككت، ترسانة الصواريخ للمنظمة دمرت تماما تقريبا، ويتحقق تدفق هاديء للغزيين من القطاع.
عمليا، بعد نصف سنة من القرار بالعودة الى القتال (في 18 اذار) لا تزال إسرائيل توجد في فجوة عن الهدفين المركزيين اللذين حددتهما – حسم حماس وتحرير مخطوفين. بعد سنتين من تلقي المنظمة اقصى الضربات في تاريخها تواصل لتبقى الجهة السائدة في غزة والتي تحكم المجال الجماهيري والعسكري. فهي تخلق قتالا في كل المناطق، بما في ذلك تلك التي اعلن فيها انها هُزمت (والدليل: الإصابات القاسية لقواتنا في رفح، بيت حانون وخانيونس)، تواصل تجنيد النشطاء وتعيين القادة بدلا من أولئك الذين صفوا، لا ينمو بديل للمنظمة ولا مؤشرات على الانكسار، المرونة او الاستسلام مثلما وعدنا.
هذا وغيره، في النصف سنة الأخيرة علقت إسرائيل في احدى نقاط الدرك الأسفل الاستراتيجية الخطيرة منذ 7 أكتوبر. في الأسبوع القادم سيبلغ هذا الميل الذروة في ضوء تكتل بضعة عوامل سلبية: عزلة دولية متعاظمة في اعقاب الحرب في غزة، تسونامي سياسي بمستويات اعتراف عالمي واسع بدولة فلسطينية في اثناء الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومس متزايد بعلاقات إسرائيل بالعالم العربي من شأنه ان يتطور الى ازمة غير مسبوقة اذا تقرر الدفع قدما بخطوات ضم كرد على الاعتراف بدولة فلسطينية.
في ضوء الواقع المحبط تتعاظم الحاجة لعرض آمال تتحول الى أوهام، وهذه يسوقها مقررو السياسة ويكررها الناس، الاعلام والاكاديميا. للمحاولة القديمة واليائسة بهدف الاثبات بان “مزيدا من القوة سيؤدي في النهاية الى كسر حماس”، وانه يمكن “هزيمة حماس وتحرير مخطوفين في آن معا”، وانه يمكن اجبار المنظمة على نزع سلاحها (تعبيرا عن سوء فهم حماس او عدم الرغبة في انهاء القتال) تضاف في النصف سنة الأخيرة – التي تلوح كفصل هو الأكثر مرارة في الحرب – خيالات جديدة.
وهذه يروج لها كثيرا الى أن أصبحت حقائق في الخطاب الإسرائيلي: “تتقدم الاتصالات مع دول (مجهولة) لاستيعاب جموع الغزيين”؛ “توجد جهات عربية توافق على الحكم في غزة في اليوم التالي” (ويشار أساسا الى اسم اتحاد الامارات)؛ “العشائر في غزة تترسخ كبديل لحماس” (يحتمل أن تكون هذه هي الجهة “التي ليست حماس وليست عباس” التي يتحدث عنها نتنياهو)؛ وكذا “يمكن القيام بخطوات ضم “حذرة” في يهودا والسامرة بخاصة في غور الأردن دون التعريض للخطر فرص السلام مع العالم العربي، وعلى رأسها مبادرات إبراهيم”.
لا يهم كم مرة يثبت أن هذه الاقوال تقوم على اساسات واهية من الحقائق او تفتقر الى الأساس على الاطلاق (مثلا إعلانات دول مثل البانيا تقول “التقارير” انها ستستوعب غزيين ولكنها انباء ملفقة او الكشف عن ان “شركاء” مثل عصابة أبو الشباب هم مجرمون يتماثل بعضهم مع داعش او كان مشاركا في الإرهاب)، خلق هذه الانباء وتسويقها سيستمر وسيكون هناك امنيون سابقون سيروجون لها واغلبية الجمهور ذي الذاكرة القصيرة سيقبل بها كـ “حقائق”. بالطريقة ذاتها تعرض أيضا على الجمهور أفكار أيديولوجية مغلفة بمبررات استراتيجية لاجل تسويقها بسهولة اكبر، مثل “استيطان يكبح الإرهاب” و “العرب لا يفهمون الا بعد ان تؤخذ منهم الأرض”،
في ضوء غياب قسم الحقائق في الخطاب الإسرائيلي، يوجد للجمهور وبخاصة لوسائل الاعلام، دور مركزي. وباستثناء محافل تنشر بشكل مغرض وانطلاقا من فكر ما رسائل واضح لهم انفسهم بانها غير صحيحة او تأتي “من فوق” كل من يتبقى ملزمون بان يجسدوا بانهم خريجو 7 أكتوبر: التشكيك في كل قول وبالتأكيد حين يأتي ممن خلقوا المفهوم السابق المغلوط لم يحققوا مع انفسهم ويكررون الأخطاء ذاتها في ظل حفظ تشويهات فكرية قديمة وخلق جديدة.
لقد كان خطاب “سوبر اسبرطة” باعثا على الاكتئاب. لكنه على الأقل عكس بصدق للجمهور الرؤيا المستقبلية للقيادة في إسرائيل. بشكل مشابه مطلوب الايضاح، بلا إعلانات هاذية حول “واحة العقارات” ومساكن الشرطة على شاطيء بحر غزة، ما ينتظرنا قريبا حقا: قتال عسير في مدينة غزة، تكون فيها يد الجيش الإسرائيلي هي العليا لكنها ستعرض للخطر حياة المخطوفين، تعمق عزلة إسرائيل وتستوج فرض حكم عسكري في ظل توفير احتياجات جموع الفلسطينيين والبقاء لفترة زمنية غير محدودة في القطاع. إضافة الى ذلك نوصي ان تكشف اذا كانت القيادة حتى دون فحص ما هو موقف اغلبية الجمهور لتغيير صورة إسرائيل من خلال ضم مناطق في يهودا والسامرة.
الى جانب الجبهات السبعة التي تتصدى لها إسرائيل منذ 7 أكتوبر، تجري جبهة ثامنة، خفية عن العيان. هذه جبهة بلا عدو، كون الحديث يدور عن بحث إسرائيلي داخلي شرعي حتى وان كان ثاقبا، لكن مع حدث عظيم الأهمية: الاستيضاح العميق للحقيقة، الإشارة الى الفجوات ومطالبة القيادة كل الوقت حتى لو كانت هذه مهمة عابثة أجوبة واضحة عن الرؤيا، الاستراتيجية والاثمان الى جانب طلب التحقيق العميق لقصورات الماضي. في الواقع الحالي، مثل هذا السلوك ليس انهزاميا بل تعبير اصيل عن الوطنية وهذا هو السبيل الوحيد لاصلاح أخطاء الماضي التي لا تختفي.
------------------------------------------
هآرتس 21/9/2025
لنتنياهو وزمرته: إعلان نيويورك ليس “مسرحاً ولا مهرجاناً”.. بل إرادة عالمية حقيقية
بقلم: أسرة التحرير
في الأسبوع القريب القادم، سيجتمع زعماء العالم في نيويورك في قمة بمبادرة فرنسا والسعودية، هدفها المضي بحل الدولتين. حتى قبل أن تفتتح القمة، بدأنا نشعر بموجة هائلة من الاعتراف بدولة فلسطينية: كندا، أستراليا، البرتغال، بلجيكيا ودول أخرى، أعلنت بأنها ستنضم إلى الخطوة، وكذا بريطانيا ستفعل ذلك. “إعلان نيويورك” تبنته الأسبوع الماضي الجمعية العمومية للأمم المتحدة بأغلبية 142 دولة وشقت إليه الطريق.
رد إسرائيل ثابت: التنكر. سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، تحدث عن “مسرح فلسطيني” وعن “مهرجان”. لكن كلما واصلت إسرائيل الحديث على هذا النحو، تكشف قطيعتها أيضاً. العالم يتبنى حل الدولتين، ليس انطلاقاً من مناهضة لإسرائيل، بل لأنه المنحى الممكن الوحيد لإنهاء النزاع. تأييده للحل ليس “جائزة لحماس” بل ضربة شديدة للمنظمة ولكل من يريد فلسطين “من النهر إلى البحر”؛ أي دولة بدلاً من إسرائيل وليس إلى جانبها. بدلاً من أن تفهم إسرائيل بأن العالم ليس ضدها، تغلق حسها وتتهم الجميع باللاسامية، وتطلق النار في كل صوب. إلى جانب ذلك، تطور وهم خطير أن بإمكانها البقاء على قيد الحياة لتكون “إسبرطة” أو “سوبر إسبرطة”.
غير أن نتنياهو نفسه، الذي اعترف في خطابه الأخير بأن إسرائيل تدخل عزلة سياسية، يعرف بأن هذا سيخرب الاقتصاد. إسرائيل لن تستطيع الخروج إلى حرب ضد العالم بأسره. التطورات الأخيرة لا ينقطع أحدها عن الآخر: فتح إجراء في لاهاي على إبادة شعب، أوامر اعتقال ضد نتنياهو وغالانت، مقاطعات اقتصادية، حظر سلاح من ألمانيا ووقف صفقات سلاح في إسبانيا، وجملة مقاطعات وإقصاءات لإسرائيل وإسرائيليين في مجالات الحياة على أنواعها. العالم يقول كفى. صحيح أن الولايات المتحدة تصد حتى الآن المبادرات الدولة وتحمي إسرائيل بفضل الفيتو خاصتها في مجلس الأمن، لكن ولاية ترامب ستنتهي ذات يوم، وعندها؟
العالم جدي هذه المرة. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، شدد على أن لا حاجة للخوف من تهديدات الرد الإسرائيلي، وتنطلق في البلاد أصوات عن “مشكلة دعاية”، حتى على لسان نتنياهو نفسه. المشكلة في إسرائيل ليست مشكلة دعاية، بل مشكلة فهم. لا سبيل لشرح الجوع الجماعي، والقصف المتكرر، وتدمير بحجوم هائلة، وقتل أكثر من 70 ألف إنسان بينهم آلاف الأطفال – إلى جانب أقوال بأن “لا أبرياء في غزة”، وتصريحات عن طرد جماعي وترهات عن واحة عقارية.
بدلاً من تكرار محاولاتها حتى “تشرح” للعالم، يجدر بإسرائيل الإنصات له. عليها أن توقع على صفقة مخطوفين، وتخرج من القطاع، وتعيد الارتباط بالإجماع الدولي. إن اعترافاً دولياً بدولة فلسطين سيوضح للشعبين بأن الحل الشرعي الوحيد هو الحل الذي في أساسه تسوية إقليمية – الحل الذي سيضمن تقرير المصير والأمن لكليهما.
------------------------------------------
هآرتس 21/9/2025
الحاخامات في إسرائيل: قتل الأبرياء في غزة وتجويعهم “واجب مقدس”
بقلم: أفيعاد هومينر – روزبلوح وأريئيل شفارتس
مؤخراً، أجرينا ندوة في المؤتمر السنوي لليسار الديني، شارك فيها جنود ومجندات من عائلات متدينة وحريدية، خدموا مثلنا في الجيش الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول. لقد اختلفت قصة كل جندي في الاحتياط حسب الزمان والمكان الذي خدم فيه. ولكن جمعهم الموقف المتشابه الذي انبثق منهم بشأن القتال: استخفاف كبير بقيمة حياة الفلسطينيين بقطاع غزة، وهو استخفاف كانت عواقبه وخيمة ودموية. الأمر الآخر الذي تكرر في الحوار هو الفجوة بين الأفعال القاسية والسيئة التي تحدث في قطاع غزة، وبين حقيقة أن المجتمع الذي يعيشون فيه يعتبر هذه الأحداث “أحداثاً توراتية”، “فترة تنوّر”، وأحياناً “معجزة حقيقية”. المجتمع الذي توجد فيه كنس تقرر فيها قبل بضعة أسابيع تلاوة أقوال هيلل، التي عقد فيها المؤتمر السنوي للتعليم الرسمي – الديني، تحت شعار “النور الساطع”، في هذه الفترة بالتحديد.
في ظل الحرب، تجند العالم المتدين ليس فقط لتبرير الحرب، بل لتقديسها. بهذه الروحية وأثناء الحرب، بدأ الكثير من الحاخامات يقدسون المظالم والجرائم. منذ بداية الحرب الحالية، تغير الإجماع في أوساط رجال الدين بشأن المس بالأبرياء. حاخامات كبار في “الصهيونية الدينية” كتبوا أن المس بالأبرياء عمل مسموح، بل واجب. مثلاً، الحاخام أوري شارقي قال: “المدنيون الذين يؤيدون الإرهاب، والذين يعلمون الإرهاب، جزء لا يتجزأ من أهداف الحرب… لا يوجد أشخاص غير متورطين”. الحاخام الياهو زينيه، صرح بشكل مشابه عندما قال: “السلوك الأخلاقي الحقيقي لجيشنا هو المس بأكبر قدر بالعدو بدون أي اهتمام”. ليس التدمير المطلق وحده ما تحول إلى أمر ديني للحرب، بل أيضاً أفعال مثل التجويع والنهب أو التدمير بدون تمييز… كلها أصبحت مسموحة. الحاخام شموئيل الياهو مثلاً، طلب من شعب إسرائيل في كل أرجاء العالم الامتثال للمهمة الوطنية، ومنع إدخال قوافل المساعدات الإنسانية، واعتبر هذا الفعل أمراً دينياً يساعد في إصلاح العوالم العليا.
أما الحاخام دوف ليئور، فأصدر فتوى تقول بأنه نظراً لأهمية هذا الأمر، يمكن تدنيس السبت من أجله. الرؤية الدينية السائدة الآن: يهودية تقدس القوة، وتُستخدم لإسكات الضمير، وطمس الأخلاق الطبيعية، وجعل القومية قومية متطرفة، وشرعنة كل ظلم. بدلاً من أن يضع التراث اليهودي حدوداً أخلاقية للقوة، ويكبح العنف ويعمل ضد التدمير والنهب، يمر في عملية تشويه عميقة ويبرر ذلك بكل ثمن، ونسبة هالة من القدسية له.
كتبت ليئا غولدبرغ ذات مرة: “من لا يؤمن يصعب على العيش في هذا العام”. ولكن يبدو أن حياة المؤمن في هذا العام أصبحت أصعب بأضعاف. فهو يعتبر إيمانه ونمط حياته والوصايا التي يطبقها في النوم وفي اليقظة والأسلوب الذي يربي أولاده بحسبه، ويصلي كي يعيشوا طبقاً لها أيضاً عندما يكبرون، كل ذلك يتم تجنيده لشرعنة الأعمال الفظيعة.
يجب أن نعارض بشدة كل من يحاول تفسير التراث اليهودي بأنه يبرر قتل النساء والأطفال، أو المذابح والنهب الشامل. يجب رفع صوت يهودي أخلاقي يعتبر القسوة النقيض لليهودية، وأن الرحمة والحساسية الإنسانية هي رسالتها المحورية.
الدخول إلى المرحلة التالية للحرب في غزة رغم معارضة جهاز الأمن، ورغم الخطر المحدق بحياة الرهائن، وبدون أي اعتبار للأضرار الكبيرة الاضافية التي لحقت بالحياة هناك، كل ذلك يتزامن وأيام الرحمة والمغفرة قبل رأس السنة العبرية.
-----------------انتهت النشرة-----------------